في ذكرى استشهاد امير المؤمنين (ع)

الإمام علي (ع).. بطل الإسلام

الوفاق: من أراد أن يعرف الإسـلام الحقيقي فلينظر إلى شخصية وسيرة أمير المؤمنين (ع).

2024-04-01

تمرّ علينا ذكرى من أقسى ما مرّت على المسلمين من الذكريات بعد وفاة رسول الله (ص)، وهي ذكرى استشهاد أمير المؤمنين الإمام عليّ بن أبي طالب (ع)، مولى المتّقين، ووارث علم النبيّين، وخليفة رسول ربّ العالمين. حيث برز إليه عبد الرّحمن بن ملجم، وهو يؤدي الصلاة في محراب مسجد الكوفة، وضربه على رأسه وهو بين يدي ربّه، وصاح الإمام علي (ع): «بسم الله وبالله، وعلى ملّة رسول الله، فزت وربّ الكعبة».

وكما أطلق آخر صوتٍ بين يدي الله في المسجد، كذلك كانت حياته كلّها سجوداً لله في مواقع السّجود على الأرض، وسجوداً لله في جهاده وعطائه، وفي مواقفه، وفي رعايته للإسلام والمسلمين، وفي تحمّله كلّ الصّعاب من أجل الإسلام والمسلمين.
ففي ذكرى استشهاد بطل العروبة والإسلام وحامل سيف ذو الفقار الإمام عليّ (ع) والذي استشهد وهو ساجداً في محراب الصلاة في مسجد الكوفة، لتكون بذلك نهاية حياته الدنيوية في أطهر بقعة مباركة وأفضل وضع يكون عليه الإنسان ألا وهو وضع السجود وفي أفضل وأكرم شهر عند الله سبحانه وتعالى وهو شهر رمضان المبارك وفي بداية العشر الأواخر من رمضان التي تتضاعف بها طاعات الإنسان وعباداته لأنّ فيها ليلة القدر التي هي خير من الف شهر، وانتقل إلى حياة الآخرة والنعيم الموعود الذي وعده بها رسولنا الأعظم محمّد بن عبدالله (ص) لتكون بذلك أروع خاتمة لأشرف حياة قضاها أمير المؤمنين (ع) في البر والتقوى والعبادة والجهاد في سبيل الله ومبادىء الإسلام الحنيف وإعلاء شأن الرسالة المحمدية هادية الإنسانية في كلّ زمان ومكان .

حياة أمير المؤمنين الإمام علي (ع)

لقد مثلت حياة أمير المؤمنين الإمام علي (ع) أسمى معاني التضحية والفداء والشجاعة والبطولة والصبر والإيثار والحقّ، التي تجسدت في شخصيته الفذة التي قل نظيرها.

لقد اُختزل الإسلام برمته في شخصية عليّ بن أبي طالب (ع)، فمن أراد أن يعرف الإسـلام الحقيقي كما هو دون زيف وتحريف فلينظر إلى شخصية وسيرة أمير المؤمنين (ع).

وليد الكعبة

ويكفي فخراً بأنّه وليد الكعبة الوحيد على مر التاريخ، حيث أراد الله سبحانه وتعالى أن يكرّم الإمام عليّ (ع) بصورة لايكرّم بها أي شخصية أخرى من البشر عدا الأنبياء (عليهم السلام) وبذلك جعله وليد الكعبة المشرفة والتي تشرف بها وافتخرت به، وأن يأتي النداء من الله العلي القدير على لسان جبريل: «لافتى إلّا عليّ لاسيف إلّا ذو الفقار».

فعلي هو سيف الإسلام والمدافع عـنه والفدائي الأول فيه، لم يتردد يوماً عن قول الحقّ والدفاع عنه مهما كان، ولم تهتز مبادؤه التي آمن بها ونشأ وتربى عليها في حضن الرسول الأعظم محمّد بن عبدالله (ص) مهما تكالبت عليه الأعداء وحاصرته عاديات الزمن وخذله المقربون منه قبل الأعداء .

لقد كان عليّ ومازال وسيبقى نوراً ساطعاً يضيء الدرب لكلّ المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.

فلقد كان الإمام عليّ (عليه السلام) جبلاً شامخاً تتحطم عنده كلّ المحاولات الرامية إلى إضعاف الإسلام المحمدي الحقيقي والنيل منه والالتفاف على مبادئه السامية التي جاءت لنصرة الضعفاء والمظلومين والترفع بالإنسانية لتعيش في حياة طاهرة نقية يتساوى فيها الغني مع الفقير والقوي مع الضعيف ليكون العالم أشبه بالمدينة الفاضلة التي يترفع ساكنيها عن الملذات الدنيوية قصيرة الأمد والزائلة حتماً في يوم ما لتصبو أنظارهم.

إلى حلم جميل وأبدي لاينتهي ألا وهو جنان الخلد والنعيم التي وعد بها الله سبحانه وتعالى عباده المؤمنين حقاً والذي يمثل الإمام علي (ع) قائدهم إلى تلك الجنان والنعيم.

إنّنا عندما نستذكر شخصية الإمام علي (ع) علينا أن نضع نصب أعيننا المبادئ والقيم التي استشهد من أجلها أمير المؤمنين (ع)، ولتكن مناسبة متجددة للوقوف على واقع الدين الإسلامي.

 

 

وصية أمير المؤمنين (ع)

ذكرها أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في تاريخه و أبو الفرج الأصبهاني في مقاتل الطالبيين .

بسم الله الرحمن الرحيم

هذا ما أوصى به أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أوصى أنه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أن محمدا عبده و رسوله أرسله بالهدى و دين الحق ليظهره على الدين كله و لو كره المشركون ثم إن صلاتي و نسكي و محياي و مماتي لله رب العالمين لا شريك له و بذلك أمرت و أنا أول المسلمين أوصيكما بتقوى الله و أن لا تبغيا الدنيا و أن بغتكما و لا تأسفا على شي‏ء منها زوي عنكما و قولا بالحق و اعملا للأجر (للآخرة) و كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا.

أوصيكما و جميع ولدي و أهل بيتي و من بلغهم كتابي هذا من المؤمنين بتقوى الله و نظم أمركم و صلاح ذات بينكم فإني سمعت رسول الله (ص) يقول صلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة و الصيام و إن البغضة حالقة الدين و لا قوة إلا بالله انظروا ذوي أرحامكم فصلوهم يهون الله عليكم الحساب.

و الله الله في الأيتام لا تغيروا أفواههم و لا يضيعوا بحضرتكم فإني سمعت رسول الله (ص) يقول من عال يتيما حتى يستغني أوجب الله له الجنة كما أوجب لآكل مال اليتيم النار.

و الله الله في القرآن فلا يسبقكم إلى العمل به غيركم و الله الله في جيرانكم فإنهم وصية نبيكم ما زال يوصينا بهم حتى ظننا أنه سيورثهم.

و الله الله في بيت ربكم فلا يخلون منكم ما بقيتم فإنه إن ترك لم تناظروا و إن أدنى ما يرجع به من أمه أن يغفر له ما سلف من ذنبه و الله الله في الصلاة فإنها خير العمل و إنها عمود دينكم.

و الله الله في الزكاة فإنها تطفئ غضب ربكم و الله الله في صيام شهر رمضان فإن صيامه جنة من النار.

و الله الله في الجهاد في سبيل الله بأموالكم و أنفسكم فإنما يجاهد في سبيل الله رجلان إمام هدى و مطيع له مقتد بهداه.

و الله الله في ذرية نبيكم فلا يظلمن بين أظهركم و الله الله في أصحاب نبيكم الذين لم يحدثوا حدثا و لم يؤووا محدثا فإن رسول الله (ص) وصى بهم و لعن المحدث منهم و من غيرهم و المؤوي للمحدث.

والله الله في الفقراء و المساكين فأشركوهم في معايشكم.

و الله الله في النساء و ما ملكت أيمانكم فإن آخر ما تكلم به رسول الله (ص) أن قال أوصيكم بالضعيفين نسائكم و ما ملكت أيمانكم ثم قال الصلاة الصلاة و لا تخافن في الله لومة لائم يكفكم من أرادكم و بغى عليكم قولوا للناس حسنا كما أمركم الله عز و جل و لا تتركوا الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر فيولي الله الأمر شراركم ثم تدعون فلا يستجاب لكم عليكم بالتواصل و التباذل و التبار و إياكم و التقاطع و التدابر و التفرق و تعاونوا على البر و التقوى و لا تعاونوا على الإثم و العدوان و اتقوا الله إن الله شديد العقاب حفظكم الله من أهل بيت و حفظ فيكم نبيكم و استودعكم الله خير مستودع و أقرأ عليكم السلام و رحمة الله و بركاته.

وقال ابن الأثير إنه دعا الحسن و الحسين عليهماالسلام فقال لهما أوصيكما بتقوى الله و لا تبغيا الدنيا و أن بغتكما و لا تبكيا على شي‏ء زوي عنكما منها و قولا الحق و ارحما اليتيم و كونا للظالم خصما و للمظلوم ناصرا و اعملا بما في كتاب الله و لا تأخذكما في الله لومة لائم.

 

قصيدة في رحاب استشهاد الإمام علي (ع)

قصيدة رثاء للكاتب حميد حلمي البغدادي بمناسبة ذكرى استشهاد يعسوب الدين الامام علي (ع) وهو في محراب العبادة والخشوع بين يدي الله تعالى في شهر رمضان المبارك.

فيا أبانا أجِرْنا إننا أرَقٌ

إلى مقامِكَ يسعى العالَمُ الفطِنُ         عطشانَ اُنموذجٍ يحيا به الزمَنُ

فَاْرأَفْ حنانَيكَ يامولايَ مكرُمةً             يا ملهِمَ الخيرِ فالآفاقُ تحتزِنُ

عليكَ منّا سلامُ اللهِ مُنسحِباً              مِمَّنْ أضاعُوكَ والأيامُ مُمتحَنُ

فيا أبانا أجِرْنا إننا أرَقٌ                       طولَ الحياةِ وإنّا اُمّةٌ تَهِنُ

واطلُبْ لنا العَفوَ والإحسانَ مغفِرةً       مِن قبلِ أنْ تنضبَ الأمصارُ والمدُنُ

إغفرْ لنا الذَّنبَ ذنباً دامَ يُرهِقنا            وامنُنْ علينا بأَمْنٍ إنّكَ السَكَنُ

ويا أبانا أنِرْ ظَلماءَ شِقوَتِنا                   بمُستضيءٍ بهِ يُستنصَرُ الوطَنُ

إسْقِ الأنامَ رُواءً يزدهي ظَفَراً            على الشياطينِ مَنْ أهدافُهمْ فِتنُ

فقد سئِمنا مِن الإذلالِ مَظلُمةً            وحانَ ميعادُ مقدامينَ لم يهِنوا

أبناكَ هُم يا أبا الحَسَنينِ قاطبةً           وما سبيلُكَ إلّا المنهجُ الحسَنُ

 

أ.ش

المصدر: الوفاق + وكالات