كما رواها للصحافيين أنطوان فرنسيس وسركيس أبو زيد:

المطران إيلاريون كبوجي.. “ذكرياتي في السجن”

عندما احتلت إسرائيل الضفة الغربية في الخامس من حزيران 1967 أسّس مطران القدس ايلاريون كبوجي أول خلية فدائية في المدينة المقدسة، جاعلاً من عباءته الكهنوتية درعاً لمقاومة سلطات الاحتلال.

2023-01-02

وتحوّل راعي الأبرشية إلى همزة وصلٍ سرية بين المقاومين في الداخل وقيادتهم في الخارج، فراح ينقل من الخارج كل ما يحتاج إليه الداخل، متسلّحاً بإيمانه، وشجاعته، وحصانته الدبلوماسية. وطوال ست سنوات استمرت رحلاته المكوكية بين لبنان وفلسطين غير عابىء بالخطر على حياته، مزدرياً الإسرائيليين الذين اعتقلوه في 18 آب 1974، وضبطوا كمية من الأسلحة والمتفجرات في سيارته. وبعد استجواب طويل، ومحاكمة مضنية، حُكِم عليه بالسجن 12 سنة، قضى منها أربع سنوات في سجون الاحتلال، ذاق خلالها مرّ العذاب، وظلم القهر، وجور السجّان الطاغية، فكاد يلفظ أنفاسه على أرض زنزانة نتِنة لولا تدخُّل الفاتيكان لإطلاق سراحه… يجمع هذا الكتاب ذكريات مطران القدس، ومواقفه السياسية، ويروي مراحل من حياته، وحقبات نضاله في سبيل القضية الفلسطينية، ويوثّق ظروف اعتقاله ومحاكمته ورحلة عذابه الشّاقة في داخل سجنه… كما رواها للكاتبين أنطوان فرنسيس وسركيس أبوزيد، وسجّلها بصوته في منفاه في روما عام 1979، معزّزةً بمجموعة من الرسائل والمعلومات والشهادات والصور.

يروي المطران في مذكراته عن انخراطه في القضية الفلسطينية: “كان بداية انخراطي في القضية الفلسطينية”، منذ بدأ الإجرام الإسرائيلي ما قبل النكبة عام 1948، وتكرّس اقتناعي بـ”أن المسيح كان الفدائي الفلسطيني الأول”.

وعلى إثر احتلال الصهاينة للضفة الغربية قدم المطران كبوجي الإعانات للمنكوبين، وتعاون مع الرهبان والراهبات وبعض السكان على دفن جثث الشهداء “كنت أصلي على أرواح الشهداء مع أحد المشايخ في آن واحد قبل دفنهم”.

يكفي إعلان المطران كبوجي في مذكراته قوله: “أسّست أولى خلايا الداخل في مدينة القدس، وقررت أن أنقل أسلحة فعّالة من الخارج إلى الداخل لتنشيط العمليات الداخلية، وقد قامت الخلية التي أسّستها بعمليات عدة قبل اعتقالي، وكنت على علم بها”، ليتوج مؤسساً لمدرسة “لاهوت التحرير القومي” التي تستحق بجدارة أن تدرس وتنمى في فلسطين المحتلة، كما نجحت في أميركا اللاتينية.