يحظى “يوم القدس العالمي” هذا العام بأهمية كبرى وحماسة عالية تحت شعار “طوفان الأحرار”، ليأخذ مسارا استراتيجيا تصاعديا في طريق تحرير القدس، والتي تجلت أحدى محطاته تنفيذ عملية “طوفان الاقصى” في 7 أكتوبر 2023، والتي أظهرت قدرات وبطولات المقاومة الفلسطينية ومحور المقاومة الذي بات يتمتع بمفاعيل القوة والاقتدار والخبرات والطاقات، وتفعيل أستراتيجية التنسيق ووحدة الساحات وتوحيد الجبهات.. مما أضاف إليه قوة مضافة تبشر بوعد النصر وقرب التحرير.. وخير دليل نتائج “طوفان الاقصى” التي أنزلت بالكيان الصهيوني هزيمة كبرى سياسيا وعسكريا وأمنيا واقتصاديا.. وانقساما داخليا وتهديدا وجوديا.. ووضعه على سكة الانهيار وبداية الانحدار نحو الزوال.
وفي هذا اليوم المجيد نجدد العهد والولاء ونعلن عن تضامننا ودعمنا لنضال الشعب الفلسطيني المشروع لاسترداد حقوقه المسلوبة وتحرير أرضه المحتلة من قبل الكيان الصهيوني الغاصب، وإنشاء دولته الحرّة والمستقلة من النهر الى البحر وعاصمتها الـقدس الشريف.
فقد أطلق الإمام الراحل الخميني (قده) نداء “يوم القدس العالمي” عام 1979، ليحتفل به المسلمون كل عام في أخر جمعة من شهر رمضان شهر الجهاد والنصر والفتح.. والذي أنبثق من رحم الثورة الاسلامية في إيران.. تلك الثورة المباركة التي أدت الى قيام الجمهورية اٍلاسلامية والتي بدورها جعلت أولى مبادئها قضية تحرير القدس وفلسطين من براثن الاحتلال الصهيوني، ودعم الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة في تحرير مقدساته وأرضه.. ودعم محور المقاومة بكل أشكال الدعم في الحرب المفصلية الوجودية مع العدو الصهيوني.
“يوم القدس العالمي” هو محطة مهمة لحثّ الامة بتحمل مسؤوليتها تجاه قضية فلسطين، ومناسبة متجددة لإشراك القادة والشعوب واحرار العالم من أصحاب الضمائر الحية في مسيرات وفعاليات ونشاطات هذا اليوم. لذلك أعتبر الامام الخميني (قده) “يوم القدس العالمي” هو يوم المستضعفين ضد المستكبرين، ويوم إحياء السلام، ويوم التوعية الثقافية والتعبئة الثورية للمسلمين واستنهاض الهمم وحشد الطاقات للشباب المقاوم من أجل مواجهة الاحتلال الصهيوني.
ومع ظهور الجمهورية الإسلامية في إيران كقوة إقليمية عظمى في مواحهة هذا الكيان الصهيوني المحتل الغاصب، أعلنت رسميا عدم الاعتراف به كدولة، وأقفلت سفارته في طهران واستبدلتها بسفارة فلسطين إنتصارا لمظلومية الشعب الفلسطيني، كما غيّر الامام الخميني وجهة الصراع وأعطاه بعدا إسلاميا وإقليميا وعالميا.. تجاوز حدود فلسطين المحتلة الى مساحة العالم أجمع.. وقد أصبغ الامام الخميني على هذا الصراع مفهوما أعم وأشمل حيث أعتبره صراعا عقائديا دينيا حضاريا فكريا قوميا ثقافيا وجوديا.. وأنه صراع بين الإسلام والكفر، وبين الحق والباطل، بين الخير والشرّ، وبين العدل والظلم ، وبين النور والظلام، وبين التحرر والاستعمار، وبين الالتزام بالقيم والرياء والنفاق الغربي، وبين قيم الانسانية وبين الوحشية الغربية.
وقد أعتبر الامام الخميني أيضا بان “إسرائيل” غدة سرطانية وجرثومة الفساد والإجرام، ورأس حربة في المشروع الامريكي الاستعماري الإحلالي التوسعي.. وقاعدة عسكرية متقدمة للقوى الاستكبارية والاستعمارية لتنفيذ مصالحهم ومخططاتهم من خلالها والذين يسعون جميعا للقضاء على الإسلام والمسلمين باستهداف وجودهم وهويتهم وثقافتهم وقيمهم ومقدساتهم وسرقة ثرواتهم واحتلال اراضيهم وأمتلاك قرارهم السيادي.. ودعا الى ضرورة إجتثاثها من جسد الامة العربية والاسلامية، واوصى بوجوب ان تزول “إسرائيل” من الوجود، إعتمادا على عدالة السنن الإلهية والكونية والتاريخية التي تحتم يقينا زوال انظمة الظلم والإجرام والاستبداد والاستعباد والاحتلال والطغيان الى غير رجعة باذن الله.
د. احمد الزين منسق التجمع العالمي لدعم خيار المقاومة في لندن.
أ.ش