لا شيء يمنع العيد في غزة

التكبيرات والتهليلات ترتفع من خيام النازحين

لا تغيب طقوس عيد الفطر في قطاع غزة، على الرغم من ويلات الحرب الوحشية.

2024-04-10

صمّم الغزّيون على أن تعلوا التكبيرات على أصوات الصواريخ والمدافع، وأصرّوا على ترديدها من فوق ركام المساجد التي دمر الاحتلال الصهيوني معظمها، بالإضافة إلى التكبير والتهليل من داخل خيام النزوح.

لا تغيب طقوس عيد الفطر في قطاع غزة، على الرغم من ويلات الحرب الوحشية التي يخوضها جيش الاحتلال الصهيوني ضد أهالي غزة للشهر السابع على التوالي، في رسالة صمود وتحدي من الغزيين للاحتلال وشركائه.

اعتاد الفلسطينيون على استقبال عيد الفطر بالأكلات الشعبية والزينة والملابس الجديدة، محافظين على عادة الأجداد بزيارة الأرحام وتقديم العيديات للنساء والأطفال، وعلى الرغم من غياب غالبية طقوس العيد بسبب الحرب؛ إلا أن سكان القطاع ما زالوا متمسكين بما تبقى منها.

ومن الطقوس الرئيسية التي حافظ عليها سكان القطاع إعداد الكعك الذي يعتبر بالنسبة إليهم طبق الضيافة الرئيسي للمهنئين بالعيد، حيث فاحت من خيام النازحين رائحة إعداده المميزة، بالرغم من التكاليف الباهظة وندرة مكوناته على إثر الحصار الإسرائيلي.

وحافظ النازحون أيضاً على إعداد “السماقية”، وهي الوجبة الرئيسية لإفطار العيد، إلى جانب السمك المملح “الفسيخ” والمدخن “الرنجا”، واللذين غيبتهما الحرب قسراً، فيما تزينت حوافي الشوارع بالألعاب للأطفال الترفيهية وأعيد ترتيب الخيام كما كان يُعاد ترتيب المنازل.
وفي اليوم الأول للعيد، صمّم الغزّيون على أن تعلوا التكبيرات على أصوات الصواريخ والمدافع، وأصرّوا على ترديدها من فوق ركام المساجد التي دمر الاحتلال الإسرائيلي معظمها، بالإضافة إلى التكبير والتهليل من داخل خيام النزوح، فصدحت حناجرهم بما سعى الاحتلال لكتمه طوال أشهر الحرب.

فصلاة العيد مختلفة هذا العام عن الأعوام السابقة، حيث اعتاد الغزيون تأديتها في الساحات العامة والمساجد الكبيرة؛ إلا أنه ومع تدمير كل ذلك من قبل الاحتلال فإن مراكز الإيواء وخيام النزوح كانت ساحات لشعائر عيد الفطر.

ولا يقتصر العيد لدى الغزيين على كونه شعيرة من شعائر الإسلام، وإنما يوماً أساسياً لاجتماع العائلات، إلا أن الاحتلال حرم آلاف العائلات من ذلك، خاصة وأن حربه أدت لمسح عدد منهم من السجل المدني بشكل كامل.

وتعد الزيارات ركن أساسي لدى سكان غزة في الأعياد؛ إلا أنه اليوم مع تباعد المسافات وقطع الطرق وخطورة التنقل بين المحافظات والمدن، سيكتفي السكان بتهنئة من تبقى من أفراد عائلاتهم عبر الاتصالات الهاتفية والرسائل النصية.

ولم يحظ جميع الأطفال بفرصة شراء الملابس الجديدة، والتي اعتاد الآباء على شرائها لهم في العيد، سواء بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة، أو لعدم توفرها في الأسواق، أو فقدان الآباء؛ إلا أن عدداً قليلاً نجح في توفير ما تيسر لأطفاله بهدف إدخال الفرحة لقلوبهم، في رسالة إصرار على الفرحة والصمود.
ويستذكر أحمد الشيخ خليل، وهو نازح من حي الشجاعية في غزة إلى وسط القطاع، أعياد الفطر السابقة، ويؤكد أن وحشية الاحتلال حرمت السكان من أبسط حقوقهم في العيد، لافتاً إلى أنه فقد العشرات من أفراد عائلته، فيما ينزح من تبقى في أماكن مختلفة في وسط وجنوب القطاع.

ويفيد الشيخ خليل، بأنه “اعتاد في عيد الفطر على تأدية صلاة العيد، ثم المشاركة مع أفراد العائلة في وجبة الإفطار، والذهاب لزيارة الأقارب والأصدقاء والجيران”، مبيناً أن هذه الطقوس لا يمكن تنفيذها بسبب الحرب والنزوح.

ويضيف: “بالرغم من الحرب الصهيونية، إلا أننا مصممون على الاحتفال بأجواء عيد الفطر، واتفقنا مع الجيران على تأدية شعائره وسط الخيام”، مؤكداً أن سكان القطاع لن يسمحوا للاحتلال بحرمانهم من أجواء الفرحة.

أما سهر مسعود، وهي سيدة فلسطينية فقدت 70 شخصاً من أفراد عائلتها في الحرب الصهيونية، تؤكد أن “عيد الفطر وإن كان فقد بهجته بسبب الحرب وفقدان الأحبة؛ إلا أن الفرحة فيه وبأجوائه تمثل رسالة تحدي للاحتلال الصهيوني”.

وتفيد مسعود، بأنها “أعدّت بعض الكعك، واشترت حلوى العيد على الرغم من ثمنها الباهظ، كما أنها تستعد لإعداد طبق السماقية لمائدة إفطار رمضان”، مضيفة: “حزننا كبير على من فقدناهم ونتألم لعدم قدرة أحبائنا على زيارتنا بسبب النزوح والأوضاع الصعبة؛ إلا أننا سنعيش أجواء العيد وفرحته”.

وتستذكر مسعود، آخر عيد لها في منزلها بشمال قطاع غزة، قائلةً: “دائماً ما أرتّب المنزل وأشتري الحلوى وأنتظر مع أطفالي أخوتي وأبناء العمومة والجيران، والآن أنا أرتب الخيمة، ومعظم الأحبة غابوا عن العيد، وسنزورهم في المقابر”.

وتسببت الحرب بنزوح معظم سكان غزة وشمالها إلى مناطق الوسط والجنوب، حيث بلغ عدد النازحين من منازلهم حوالى مليوني نسمة، معظمهم موجود في مراكز الإيواء وخيام النزوح التي شيدت بالطرقات والشوارع.

 أحمد بركات

 

 

أ.ش

المصدر: الوفاق - وكالات