تخرجوا من مدرسة عاشوراء

الصمود اليماني… ها هنا كربلاء

خاص الوفاق: رغم كل ما مر به أحفاد الأنصار من تخاذل وصمت عالمي عن مظلوميتهم إلا قلة قليلة ناصرته ووقفت إلى جانبه،لكنهم مازالوا صامدين شامخين ومناصرين لغزة.

أمة الرحمن عبدالله علي

 

في مساء 26 مارس ” 2015 م “وعندما كنا نيام، إذا بنا نسمع صوتاً مرعباً ونباح كلاب قد ملأ الانحاء، فقلت: أي مطرِ هذا الذي ارتعبت له حتى الحيوانات؟!

ظننتها رعوداً شديدة وومضات برق متتالية فلم يحدث أن سمعت بها من قبل، استيقضت وفتحت النافذة لأرى ما الذي يحدث ولكن لم أرَ آثاراً للمطر!

إذن ما هذا؟

خرجت لأرى من النافذة المطلة على المطار علِّي أفهم شيئاً فوجدت مطار مدينتي یحترق فأوجست خيفة…

وقفت لبرهة أخذت هاتفي النقال علّي أجد خبراً يفسر لي ما يحدث، تفاجأت حين وجدت الجميع متصلاً في مواقع التواصل الإجتماعي في هذا الوقت المتأخر من الليل سألت صديقة لي: هل تسمعين ما نسمع؟!

قالت: نعم.. قلت: وكيف ذلك وهناك الكثير من كيلومترات تفصل بينكم وبيننا؟!.. قالت: صنعاء تحترق.. ثمة مؤامرة حيكت لبلدنا ونحن في سبات!.. ماذا ولماذا؟

وجدت أخريات يقلن بدأت عاصفة الحزم.. علقت: عاصفة ماذا؟!.. حزم ماذا؟!… ضد من؟!… وهل على أحفاد الأنصار يحزمون!!!.. ماذا جنينا يا صهاينة العرب؟!

فتشت أكثر فإذا بي أجد البعض يبارك هذا و البعض يقول لا شأن لنا، فنحن مع السلام والبعض مثلي لم يستوعب بعد ما الذي يحصل؟!

البعض القليل كان يدرك جيدا أي مؤامرة قد حاكها على بلدنا إخوان الشياطين ويبررون أنهم إنما يسهتدفون المطار كي يقطعوا يد إيران في اليمن وأتباعها في الداخل!

تذكرت حينها حديث النبي(ص) عندما قال: “كيف بكم بزمان يوشك أن يأتي يغربل الناس فيه غربلة وتبقى فيه حثالة من الناس قد مرجت عهودهم وأماناتهم واختلفوا وكانوا هكذا ـ وشبك بين أصابعه.

– قالوا: كيف بنا يا رسول الله(ص) إذا كان ذلك؟

قال: تأخذون ما تعرفون وتدعون ما تنكرون وتقبلون على أمر خاصتكم وتذرون أمر عامتكم” (مسند ابو داوود 1/123).

وقوله تعالى: “ليمز الله الخبيث من الطيب”.

ثم قلت: عجباً ماذا يصنع الحقد بحامليه؟! أنسوا أن إيران هناك على حدودهم وأقرب إليهم؟! إن أرادوا الحرب معها وقطع يدها فليذهبوا إليها لكنهم أجبن من ذلك!

لابأس هم لا يعرفون مدى حماقة فعلهم، لكن سيأتي اليوم الذي نجعلكم تأتون إلينا راكعين صاغرين ناكسي رؤوسكم  راجين ودنا يا إخوة يوسف!

سيأتي اليوم الذي فيه ننتصر.. وسيأتي اليوم الذي نسمع فيه استغاثات العالم كله يا يماني انقذني!

مرت الأيام والأسابيع والأشهر والسنوات رأينا فيها من الألم والظلم ما لم يخطر على قلب بشر.

نعم فها هنا كربلاء ها.. هنا الحسين(ع).. هنا إنما حاصروا النبي(ص) وأهل بيته في أنصارهم من ها هنا أرادوا قطع نفس الرحمن وهيهات لهم ذلك.

فوجدت نفسي أقول بكل جوانحي: “اللهم إنا نشكو إليك فقد نبينا محمد(ص)، وقلة عددنا وكثرة عدونا وتظاهر الزمان علينا فصل على محمد وآله… وأعنا على ذلك بفتح منك تعجله وبضر تكشفه ونصر نعز به وسلطان حق تظهره ورحمة منك تجللناها وعافية منك تلبسناها برحمتك يا أرحم الراحمين”.

فوجدت نفسي بكل جوارحي أبكي ووجدت صنعاء أيضاً تبكي بل اليمن بكل ما فيها من ذرات وأحجار وأشجار و كائنات حية تبكي وتلوذ بربها منتحبة شاكية وتقول لدعائي: “اللهم استجب”… ثم سمعتها تلعن عاصفة الحزم وأصحابها فرداً فرداً…

ليتهم يعلمون أن ها هنا كربلاء… كربلاء بحسينها.. بزينبها.. بأطفالها ورجالها ونسائها بكربها وبلائها فمن أراد نصرة الحسين(ع) فلينصر اليمن ومن أراد أن يشاهد كربلاء فليأتِ اليمن وليقرأ عن الصمود اليماني.

وإليكم مشاهد من تلك الأحداث:

المدفون حيّاً

حدث في أحد سنوات العدوان الغاشم على بلدنا اليمن أن وقع فتى مجاهد في الحدود السعودية في يد مجموعة من مرتزقة أمريكا و “إسرائيل” ولأنهم ينتمون لتلك المدرسة الأموية بوضاعة أخلاقها واهتزاز مبادئها وقبح فعالها وانعدام إنسانيتها اتصلوا بوالدته ليخبروها أن فلذة كبدها بين يديهم وأنهم “سيئدونه” حيّاً كما كانت تئد قريش بناتها فردت عليهم والدته بكل بسالة: إني نذرته في سبيل الله فلا فرق عندي إن دفنتموه أو ذبحتموه..

فقاموا بتسجيل فيديو لجريمتهم هذه ودفنوه حيّاً وهو يهتف بشعار الحق:

الله أكبر.. الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل.. اللعنة على اليهود.. النصر للإسلام.. حتى غاب صوته بين التراب “رضوان الله عليه”.

فهذا مستوى من الثبات لا يأتي إلا من قبل أناس تخرجوا من مدرسة عاشوراء، فما نقول في هذا إلا كما قالت زينب فوالله ما فريتم إلا جلدكم وما حززتم إلا لحمكم، فوَ الله لا تمحوا ذكرنا، ولا تميتوا وحينا، ولا تدركوا أمدنا، ولا تدحضوا عنكم  عار ما فعلتم، وهل رأيكم إلا فند، وأيامكم إلا عدد، وجمعكم إلا بدد، يوم ينادي المنادي: ألا لعنة الله على الظالمين.

الشهيد طومر

كان طومر في ضفة جبل ورفاقه الآخرون في الضفة الأخرى قد جرحوا ونفدت مؤونتهم والموت يأتيهم من كل حدب وصوب.

وقد طوق العدو عليهم وأحكم الحصار، لكن طومر لم يأبه فأخذ الذخيرة اللازمة وركب مدرعته واتجه لينقذ رفاقه، فكانت رصاصاتهم ورشاشاتهم تنهال عليه من كل اتجاه، لكنها عمياء لم تبصره فكان يحمل رفاقه الجرحى إلى الضفة الأخرى ويضع لرفاقه الآخرين ذخيرة وهكذا ذهاباً وإياباً حتى تعطلت مدرعته تماما، فركب سيارة حربية من نوع “شاص” وواصل انقاذ حياة رفاقه الجرحى حتى نالت رشاشات العدوان منها فثقبت إطاراتها فلم تعد تتحرك باتزان.

فاستمر يدور بها ويدور كي لا يقع أسيراً ولا تنال منه أيادٍ نجسة، حتى ارتقى شهيداً.. فسلام الله على طومر، وما أشبهه بالعباس(ع).

وهكذا رغم كل ما مر به أحفاد الأنصار من تخاذل وصمت عالمي عن مظلوميتهم إلا قلة قليلة ناصرته ووقفت إلى جانبه، لكنهم مازالوا صامدين شامخين بل ومناصرين للمظلومين في هذا العالم بل ومناصرين لغزة، منكلين بأعداء الأمة، محققين ما لم يحققه المتخمون بالطعام أبناء القصور المدللون، مستعينين بالله متوكلين عليه وهو حسبنا ونعم الوكيل والعاقبة للمتقین.

 

أ.ش

 

 

المصدر: الوفاق/ خاص