الدكتور طراد حمادة للوفاق:

وصية الشهيد سليماني ايقونة حبه وصدقة وفكره الاستراتيجي

وصية الشهيد سليماني خطة مواجهة طويلة الأمد مع الاعداء ومستمرة حتى النصر

2023-01-03

أمل محمد شبيب

هي كلمات من جذر الوصال والتواصل بين الحياة الدنيا وبين الحياة الاخرى، بل هي جسر الحاضر الى المستقبل،

فمن يقرأ وصية الشهيد قاسم سليماني يدرك معاني الجهاد والتضحية التي عاشها وعايشها خلال مراحل حياته المختلفة، وتنقلاته وجولاته في ساحات وميادين الجهاد المختلفة في دول المحور حتى الشهادة، من ايران والعراق الى سوريا ولبنان واليمن وأفغانستان وفلسطين والقدس، حتى أصبح رجلاً بأمة، وهو الذي اربك الاعداء على الجبهات، واقتلع جذور داعش في الجبهات، وهو من عاهد الله وما بدّل تبديلا…

في لقاء خاص في ذكرى استشهاده الثالثة، وقفة عند وصيته الروحية والمعنوية ، والمعاني والدلالات التي تضمنتها أقسام الوصية، كان لجريدة الوفاق لقاء مع الوزير اللبناني السابق والسياسي والكاتب والأديب الدكتور طراد حمادة.

وصية الشهيد القائد قاسم سليماني صورة مفاضة عن تواصل حياته وميثاقه وعهده ورؤيته للمستقبل

في البداية توقفنا عند أهمية الوصية كوصية والعناوين التي تضمنتها، وفي هذا قال الدكتور طراد حمادة بأن الوصية سواء في معناها اللفظي اللغوي او الاصطلاحي تاخذ اهمية اساسية في مدار الحياة الانسانية وقديمة قدم قيام الشعور بالصلة بين الحياة الاولى في الدنيا والحياة الثانية بعد الموت. وذلك اخذنا حذرها اللغوي من الوصل او اوصى في معنى عهد اي من العهد. وقد اكتسبت قوتها المعنوية من اصولها القرانية ومن ابعادها الفقهية والمالية الارثية والسياسية. حيث يمكن ان تمثل رابط بين  الحاضر في حياة الانسان ورؤيته للمستقبل ما بعد  الموت وهو يوصي من يحب خيرا فيما يجد فيه مصلحة وصلاحاً واصلاحاً، مستفيداً من تجاربه في الحياة ومن مقامه وما حصله واكتسبه.

وقد تكون الوصية لأقرب المقربين اليه مثل  اولاده او لكل الناس مثل امته وشعبه وللانسانية جمعاء. حتى تصبح الوصية  الايقونة التي تركها وجمع فيها كل معارفه وخبرات تجاربه. وكل حبه وخلقه وصدقه واخلاصه. وما يجد فيه على ما ذكرت خيرا. واصلاحا وصلاحا

وتربط الوصية بصاحبها وتجربته في الحياة. كأنها هي نفسه الناطقة بعد الموت. النفس التي تبقى لا  كذكرى بل كوجود ظل وصورة معنوية. وذكرى باقية قوية الحضور والاثر  في الاخرين الذين اتصلوا به في الحياة او تعرفوا عليه بعد الموت، والوصية وردت في القران الكريم  في وصايا الانبياء وعرفها تاريخ الاديان في وصايا الاولياء وعرفها الاجتماع الانساني في وصايا الحكماء والقادة العظماء.

ومن هؤلاء تبرز وصية الشهيد القائد قاسم سليماني، صورة مفاضة عن تواصل حياته وعن ميثاقه وعهده ورؤيته للمستقبل ووصيته لكل من جاء بعده في  الاصلاح  وصالح الاعمال للانسان والامة والانسانية جمعاء، في هذا المعنى الاثير الوصية والمتجدد في كل ان وصلتها بشخص صاحبها ننظر الى وصية الشهيد القائد الحاج قاسم سليماني لنقطف منها الثمار الطيبة من هذه الشجرة المباركة.

على ما ذكرنا ترتبط الوصية بشخصية صاحبها الموصي ومكانته من الموصى اليهم الذين وجهت الوصية اليهم لتنفيذ ما جاءت به وتحقيقه، وهي امانة وعهد وميثاق، وهنا نستذكر الوصية وما اوصى سيد المقاومة الاسلامية الشهيد عباس الموسوي بقوله: ” الوصية الاساس حفظ المقاومة”، واصبحت شعار يحفظه ابناء المقاومة الاسلامية في عقولهم وقلوبهم.

لذا كانت وصيته من موقع التمني والطلب من جندي قضى اربعين عاماً في الميدان، كما يبدأ  كلامه في موضعه الى الذين ينشرون النور في المجتمع ويمحقون الظلمات، تشعر ان وصيته صادرة عن حب وخبرة وثقة انها ستكون مسموعة ومؤثرة في العقول والقلوب وفي الافكار والمواقف.

“خيمة الولاية” هي عباءة عرفان الحكم الاسلامي الحقيقي في زمن الغيبة على قاعدة ولاية الفقيه

“خيمة الولاية”  هي خيمة رسول الله (ص)، أساس معاداة العالم للجمهوريّة الإسلاميّة يهدف إلى إحراق وتدمير هذه الخيمة. فلتطوفوا حولها، بهذه الكلمات عبّر الشهيد الحاج قاسم سليماني عن خيمة الولاية وأهميتها، ومع الدكتور طراد حمادة توقفنا للحديث عند الحرص الذي اظهره الشهيد سليماني لحفظ خيمة ولاية الفقيه وما يتبعها من حفظ الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وفي هذا قال الدكتور حمادة بأنه من خلال ايمانه المؤيد بيقين العقل والمصدق بأمان القلب، رأى الحاج قاسم ان ولاية الفقية من اسس بناء الفعل السياسي في زمن الغيبة لإمام العصر والزمان الذي له الولاية المحمدية الخاصة، لذلك فان خيمة الولاية تتضمن نظرية ولاية الفقيه في قيادة الامة في زمن غيبة امام الزمان والامر له بولاية الفقيه عنه ولاية عامة تبرء ذمة الكلف وتحرر فعله السياسي، وهي الناظم لدستور الجمهورية الاسلامية وقانونها العام، واسس الحكم والحكومة الاسلامية في مفهوم الولاية والحكومة والقيادة.

يمكن القول أنها وصية في حفظ الاسس التي يقوم عليها كامل البناء في النظام الاسلامي، عامود خيمة الولاية واسس بنائها، ويُلفت ان تجربة الشهيد القائد قاسم سليماني في قيادة فيلق القدس في الحري الثوري، وفي ما كلف به من مهام سياسية وعسكرية وامنية وثقافية ومعرفيه  عليمة وتنموية ومعنوية نفسية وتدريبية وعسكرية واستراتيجية في تعيين الاصدقاء والاعداء، ومعرفة نقاط القوة والضعف ودراسة الموقف والمعرفة الدقيقة في تحديد ميزان القوى، كلها مبنية على ادراك عميق وايمان صادق بأن خيمة الولاية تظلّل كل هذه التجارب وتجعل منها مقبولة الفعل عند الله وفيها صلاح الامة ومصلحتها وتحقيق اهداف الاسلام واعلاء كلمة الله في الارض، لذا فإن خيمة الولاية هي  عباءة عرفان الحكم الاسلامي الحقيقي في زمن الغيبة على قاعدة ولاية الفقيه واحكام الحكم والحكومة في الاسلام على مذهب اهل بيت النبوية عليهم السلام.

 

خطاب وصية الحاج قاسم مقالة في العشق الإلهي واتباع النبي وآله الاطهار دليل هذا العشق

 

كيف تعكس “خيمة الولاية” الأبعاد الإيمانية والولائية في شخصية سليماني وفي حياته الجهادية؟ حول هذا السؤال اعتبر الدكتور حمادة بان نص الوصيّة يكشف عن ايمان صادق متين بأصول الدين في التوحيد والنبوة والمعاد والامامة والعدل، ايماناً في يقين العقل وامان القلب في القول والعمل والسير والسلوك، وفي البيان والبرهان والعرفان، ويجعل الخيمة المحمدية في رسول الله وآل بيته كساء السالكين الى الله، والمدافعين عن حرم الاسلام ودياره، والنظر الى الخلق بعين الحق، ومعرفة تكليف الخلافة لآدم الذي تعلم الاسماء وكان عبداً صالحاً، وكان محمد بن عبد الله خاتم النبيين، نبياً وآدماً بين الماء والطين.

خطاب وصية الحاج قاسم مقالة في العشق الإلهي واتباع النبي وآله الاطهار دليل هذا العشق، والشكر لله على خلقه في عالم الوجود، عبداً صالحاً وساعياً في التمسك بالثقلين كتاب الله وعترة رسوله في القران الصامت وامام الزمان (عج)  القران الناطق وطريق ونهج عقيدة ولاية الفقية في زمن الغيبة، عشقا وولاية، وتعبناً وسيراً وسلوكاً وطلباً للشهادة في سبيل الله والنصر على الاعداء واعلاء كلمة الله في الارض والتحضير في  الجمهورية الاسلامية  في ايران لدولة القسط والعدل، حيث الخيمة المحمدية  منصوبة في ارض ايران، وتغطي العالم الاسلامي من كل البلدان، وهي حصن الاسلام في اصوله،  وفي خطاب الوصية نفس مذهل للآنية، والسؤال من موقع العبودية والعشق والتمسك بنهج الاسلام  في خط الامام الخميني قده سره وفي نهج السيد القائد الخامنئي دام ظله.

 

المرجعية عند المسلمين الشيعة هي قيادة واقعية، وتشكل دعامة لقيادة ولاية الفقيه

وفي قراءة وصية الشهيد سليماني الى المراجع والدفاع عن الحق ومعنى الحق الذي تحدّث عنه الشهيد، قال حمادة بأن لمرجعية تلعب دوراً بارزاً في التبليغ الديني والتعليم وادارة الحوزات العلمية وادارة شؤون المسلمين الذين يوجب عليهم نظام تقليد المكلف مرجع ثقة في علمه وعدله وحكمته وتقرأه ومعرفته في امور السياسة والحكم وظروف عصره في حركة  العقل الانساني في التاريخ، معرفة امام زمانه واحوال المكان والزمان.

والمرجعية عند المسلمين الشيعة هي قيادة واقعية، وتشكل دعامة لقيادة ولاية الفقيه، ذلك لأن ولاية الفقيه لا تعني ولاية الفقهاء كمؤسسة بقدر ما تعني ان هذه المؤسسة تنتج الولي الفقيه في عملية اجماع تشبه الشيوع في العلم والاقامة والعدالة والحكمة ومعرفة الادارة وشؤون الحكم، لذلك توجّه في وصيته الى مراجع التقليد العظام، موصياً بالتمسك بولاية الفقيه ومساعدة الفقيه المتصدر وهو الامام الخامنئ (دام ظله) في مساندته ودعمه والوقوف معه وطاعته في ولاية الامر، ويأتي هذا الموقف عن دراية وخبرة في امور ثلاث هي: أولها: التمسك بعقيدة ولاية الفقيه في زمن الغيبة الكبرى، ثانيها: الدور الفاعل للمرجعية وللجوازات العلمية، ثالثها: اهمية تعاون المرجعية والحوزات العلمية مع الولي الفقيه ومساندته، وهذا يزيدها قوة ومنعة ولا يصادر فعاليتها ومكانتها، ورابعها: الدفاع عن الجمهورية الاسلامية وحفظها من كيد الاعداء.

 

المجاهد مشروع شهيد ينتظر الشهادة ويراها من حوله في ميدان الجهاد

عرف الحاج قاسم سليماني بعلاقاته الخاصة مع المجاهدين والشهداء نظراً لما يعنيه هذا المفهوم “الشهادة” في فكره وسلوكه، لذا توقفنا مع الدكتور حمادة لنتعرف على خصوصية الشهادة والشهداء في فكر وسلوك الشهيد سليماني، وفي هذا قال: “المجاهد مشروع شهيد ينتظر الشهادة ويراها من حوله في ميدان الجهاد ومواجهة الاعداء وفي استشهاد اخوانه من المجاهدين، ويراها من حوله في اسر وعائلات الشهداء، ركب عظيم، يطلب النصر على الاعداء متمنياً ان يكون من الشهداء ومع الشهداء في اعلى عليين، فالموت لنا عادة وكرامتنا من الله الشهادة، والله يصطفي الشهداء في سبيله، ذلك هو نهج الإمام الحسين وشيعته في مواجهة خطر القتل في ميدان الحرب.” ويضيف: يقول الشهيد قاسم سليماني في وصيته بما يشبه الحسرة والشوق: “لقد تاخرت كثيرا عن الركب”، يطلب من الله أن يصطفيه من بين  الشهداء الابرار  قائداً ورمزاً لأمة ولقافلة من الركب المحمدي الحسيني، كان الشهيد سليماني يعرف انه سيلقى ربه كما اخوانه من قبله وامامه، الذي علمه العشق الالهي ولقنه رسالة الشهداء في هذا العالم، فدماء الشهداء هي التي تحقق النصر على الاعداء، وهي التي تحقق العدالة في العالم بوجه الطغاة الظالمين، بل وتحفظ الدين وتمنع الفتن  والانحراف، وتكافح الارهاب والاستبداد، وتعلم الحب في الله  واتباع  محمد وال محمد الأطهار.

وأضاف: موقف الشهيد سليماني من الشهادة يرد في موارد عدة وفي اكثر من عنوان داخل وصيته، وكأنه يريد ان يحصل الوصال ويتم توقيع العهد والميثاق، حتى كتب الله له ان يكون شهيداً وسيد شهداء محور المقاومة حشره الله مع من احب ومع محمد وال محمد عليهم السلام.

معرفة العدو مقدمة اساسية في معرفة ادارة الصراع والانتصار عليه

من الشهداء وميادين الشهادة إنتقلنا للحديث عن وصيته الى الحرس والقوات المسلحة لا سيما في قوله ان معرفة العدو جزء من الدفاع، وفي هذا قدّم حمادة  دراسة مقارنة بين ما ورد في وصيته حول الشهادة والشهادات وبين ما ورد عن وصايا الشهداء في قصص الابرار والاخيار في حرب الدفاع المقدس والمقاومة ضد العدو الصهيوني وضد الارهاب التكفيري، تبين لنا ان ثمة ملحمة كبرى تكتب بحبر الدماء على صفحات التاريخ  من كربلاء الى يوم الظهور، فكيف يمكن لقائد ان يوصي اخوانه في الجهاد، رفاق سلاحه، ورفاق عمره، وجهاده، ومعشر صحبته واخوانه؟ انه خطاب العقل والقلب والعزيمة والارادة والحزم  والثبات والشجاعة والحكمة واليقظة والخبرة، وادارة الحرب في اوقاتها الصعبة، وقد اختار في هذا المحل التوصية بطرق اختيار القيادة في الأزمنة الصعبة بالشجاعة والقدرة على تحمل المسؤولية، وذلك تحت عين الولاية وقياداتها واشار الى ضرورة معرفة العدو، في معني نقاط ضعفه وقوته وادارة الصراع معه بقوة واقتدار مبنية على معرفة وبنك معلومات، ذلك أن معرفة العدو مقدمة اساسية في معرفة ادارة الصراع معه والانتصار عليه، وكل حدث وامر مرهون بوقته في زمانه ومكانه وظروفه واحواله لتقدير الموقف ومعرفة موازين القوى وتحقيق الاهداف.

وصية الشهيد مسكونة بحاضر ايران ومستقبلها وحاضر العالم الاسلامي

وعن وصيته فيما يخص ايران والحرم  المحمدي ونظرة الشهيد سليماني إلى الثورة الاسلامية وإيران اليوم، قال حمادة بان الحاج قاسم سليماني كان  قائداً استراتيجياً من الطراز الاول، وفكره الاستراتيجي ينظر الى ما بعد زمانه، ويتحقق من وقائع واحداث زمانه، ولذلك نجد فيه كل الاشارات لما واجهته ايران من الاعداء وما يمكن ان تواجهه في المستقبل. ان وصية الشهيد مسكونة بحاضر ايران ومستقبلها وحاضر العالم الاسلامي ومستقبله، لذا نجد فيها خطة مواجهة طويلة الأمد مع الاعداء، ومستمرة حتى النصر، وجاءت الاحداث بعد استشهاده لتثبت صحة رؤية الوصية في بعدها السياسي والامني الاستراتيجي وهي محلّ وعد منا ان نحافظ على تراثه وعلى خطه ونهجه الحسيني  وتعلقه بالولاية ومصالح الامة. وما يسميه الحرم المحمدي وخيمة الولاية.

 

الشهيد قاسم سليماني قد جعل من الحرم المحمدي مصطلحاً في معنى الوطن والارض

وحول ما هي مبررات الدفاع عن الحرم المحمدي من الجوانب الإسلامية والسياسية من وجهة نظر الحاج قاسم سليماني، أشار حمادة الى أن الحرم هو الواجب الذي لا يمكن تركة والمكان الذي يدافع عنه الانسان ويحميه، ويمنع مسه والاعتداء عليه، ومشهور الحرم المكي وحرم يثرب مدينة الرسول وله معان اصطلاحية في الفقه والقانون وفي الدفاع والصون، وعليه يكون الشهيد قاسم سليماني قد جعل من الحرم المحمدي مصطلحاً في معنى الوطن والارض ودار الاسلام المدافع عنها واجباً، والممنوعة على المس والضرر والعدوان من الاعداء، ونقول هنا بأن حرم الانسان أرضه ووطنه وداره ، حرم الرجل زوجه التي وصل الله بينها وبينه بالحلال ومنع الحرام، وهذا يعني وجوب الحلال ووجوب الدفاع وعدم المس بالحرم.

الشهيد الحاج قاسم سلماني ثائراً عالمياً من اتباع مدرسة النهج الحسيني

وفي سؤال حول ما اذا كان المعنى الأساسي للحرم المحمدي هو العالم الإسلامي كله، ومن هنا كان الحاج قاسم سليماني محارباً  لتنظيم داعش والسياسات العدوانية الأميركية والعدوان الإسرائيلي؟ اعتبر حمادة بأن المصطلح في محله رائع، بعيد المعنى والمنال وحدوده مطلقة لتشمل الى جانب ايران دار الاسلام والعالم، محل خلافة ادم، وفيه يتحول الشهيد الحاج قاسم سليماني من شهيد ورمز لإيران الاسلام الى شهيد للحرية الانسانية ومكافحة الظلم والارهاب والاحتلال والعدوان، فهو من خلال هذه الكلمات في وصيته أصبح ثائراً عالمياً من اتباع مدرسة النهج الحسيني والعشق المحمدي، فالحرم المحمدي مصطلح يحمل ويدفع الانسان المسلم على تحمل اعباء الجهاد للدفاع عن البلاد وعن الاوطان والانسان والدين والايمان بقوة وصبر وعزيمة لا تلين.

من العراق الى ايران ففلسطين ولبنان وأفغانستان كان سليماني جندياً وقائداً  

وفي وقفة خاصة من محطات جهاد الشهيد سليماني ضد الأعداء، أضاف الدكتور طراد حمادة:  لقد امضى الشهيد قاسم سليماني حياته في الدفاع عن ايران والجمهورية الاسلامية وعن دار الاسلام في وجه كل انواع العدوان، من حرب صدام العدوانية والمفروضة على ايران، تلك الحرب المفروضة التي كان ميدانها مواجهة صريحة بين الحق والباطل، والتي قلبت الموازين في نهاية القرن العشرين، وخاض الشهيد سليماني ايضاً من خلال قوة القدس في الحرس الثوري مقاومة باسلة ضد العدو الصهيوني المحتل من أجل فلسطين والقدس، وشارك من موقع القيادة المباشرة في جهاد المقاومة الاسلامية في لبنان، وكان من دائرة الولاية القيادية في حرب تموز، وتحقيق الانتصار الإلهي في الحرب، كما قاد المقاومة في وجه الارهاب التكفيري المدعوم من قوى الاستكبار العالمي، وكذلك دعم الشعب العراقي كما الافغاني في مقاومة الغزو الاميركي وآثاره الرهيبة على البلدين، وقد حاولت أميركا تطويق العالم الاسلامي من الاطراف في غزوها المباشر بداية الالفية الثالثة، وكان في كل هذه المواقع والملاحم في مقاومة الاعداء جندياً وقائداً، ومسلماً يدافع عن الاسلام والحرم المحمدي واعلاء كلمة الله في الارض.

 

خطابه لأهل كرمان صورة للعشق والاخلاص والصحبة وحقوق الارض والناس في الجيرة والعشرة

خص الشهيد القائد قاسم سليماني اهل كرمان الاعزاء والاهل والاحبة وفق تعبيره بمقطع من وصيته، وفي هذا قال حمادة بأن كرمان مسقط رأس الشهيد سليماني ومرابع فتوته ومهوى فؤاده، ولد فيها في اسرة مؤمنة متواضعة، ونمى في ربوعها مع فتيان شجعان من جيله، ثم قاتل معهم في مواجهة العدوان الصدامي الغاشم دفاعاً عن ايران والاسلام، واكتسب من كرمان كل صفاتها، وأضاف الى تاريخه مجداً اتسع على مساحة ايران والعالم الاسلامي، حتى  اصبح  الحاج قاسم سليماني الكرماني الايراني القمي النجفي  ابن الحرم المحمدي المتسع سعة الارض، خطابه لأهل كرمان لفتة رائعة وصورة للعشق والاخلاص والصحبة وحقوق  الارض والناس في الجيرة والعشرة، ورفقة الدرب والسلاح، يمكن لنا ان نكتب عن حياته في كرمان شعراً ونثراً بديعاً  عبرت عنه الوصية في صورة مذهلة “احبكم اكثر من امي وابي“، يعني انكم اهلي وانني ابنكم، خطاب فيه كل البر والحب والوفاء ويصلح ان يكون صورة مفاضة لحب الانسان للمكان وللسكان.

 

الشهيد سليماني هو القائد الرمز والشخصية الجاذبة التي تجمع حوله كل الناس والتيارات السياسية

ونظراً لأهمية الوضع السياسي في ايران، خصّص الشهيد الحاج قاسم سليماني جزءاً من وصيته للسياسيين، وفي سؤال مع الدكتور طراد حمادة حول أهمية هذا الخطاب، اكّد حمادة بأنه في خطاب الوصية الى السياسين في البلاد تتضح صورة القائد الرمز والشخصية الجاذبة التي تجمع حوله كل الناس والتيارات السياسية، رمز لوحدة وطنية على أسس اسلامية صريحة.

ثم شرح الدكتور حمادة النقاط الخمسة التي ذكرها الشهيد الحاج قاسم سليماني في خطابه للسياسيين، وكيف يمكن الاسترشاد بهذه النقاط الخمس في العمل السياسي، رأى الدكتور حمادة بأن وصية السياسيين في نقاطها الخمس المستفادة من تجربته الفريدة كأنه يقدم للسياسيين في البلاد خلاصة هذه التجربة، من الاعتقاد العملي بولاية الفقيه الى الايمان الحقيقي بالجمهورية الاسلامية، الى النزاهة والاخلاص والشفافية والعدالة في خدمة الشعب وفي تحمل المسؤولية وفق القواعد الاسلامية للمسوؤلية في الادارة والحكم الى رفع راية الاصلاح الحسيني في الامة والتصدي للفساد والانحراف والاستكبار والى ممارسة السياسة وفق قواعد السفر الرابع من اسفار العرفاء السفر من الحق الى الحق كما يتجلى في الخلق، في معنى النظر الى الخلق بعين الحق وهو من دأب العرفاء في ممارسة الحكم وقد ظهر مصداقه في نهج الامام الخميني(قده)، ونهج السيد القائد الامام الخامنئي (دام ظله)، نقاط مستفادة من تجربته في العمل السياسي تحت قيادة الولي الفقية، والممارسة العملية لهذه الولاية في الادارة وفي السير والسلوك، نقاط تصلح في السياسة بأن تكون نموذجاً لهذا السفر من اسفار العرفاء.

 

وصية الحاج قاسم مقولة في عشق الشهداء لله

وختم الدكتور طراد حماد اللقاء:

وصية الحاج قاسم مقولة في عشق الشهداء لله ووصل بين حياتهم في الدنيا وجهادهم واجتهادهم وبين سيرهم الميمون الآمن على السراط الى جنان النعيم، صورة للنفس المطمئنة التي لا قلق يدور حولها، وحين نكتب الوصية بقلم النفس المطمئنة تتمثل النفس مواقف علي والحسين وفاطمة وزينب عليهم السلام، فزت ورب الكعبة، الموت لنا عادة وكرامتنا من الله الشهادة، هيهات منا الذلة وما رايت إلاّ جميلاً، أما شعور من يقرا الوصية، فكأنه يدخل في اتصال مع روح الحاج قاسم سليماني الآمنة المطمئنة العائدة، العاشقة، الزاهدة والمجاهدة، وروح امة في قلب رجل عظيم.

رحم الله الشهيد السعيد القائد الحاج  قاسم سليماني رمز ايرن  وبطل الاسلام المحمدي الاصيل واسكنه فسيح جناته.

 

 

المصدر: خاص