بعد أيام على قتله..

توقيع رواية الأسير “وليد دقة” في بيروت

تتحدث رواية "حكاية سر الزيت" الموجهة لفئة اليافعين، عن الطفل جود الذي يستعين بأصدقائه الحيوانات وبشجرة الزيتون لزيارة أبيه السجين.

2024-04-19

بدعوة من جمعية “ممكن” تحتفل بيروت بالأسير الشهيد وليد دقة، وتشهد على توقيع كتابه “حكاية سر الزيت” بيد رفيق زنزانته الأسير المحرر أنور ياسين.
في بيروت، يتم تطويع المستحيل ليصير ممكناً على اسم فلسطين، ويتداعى الناس إلى توقيع كتاب لعميد أسراها، فلا تحول بينه وبينهم جدران السجن، ثم يستشهد في الفترة الفاصلة بين الدعوة والتوقيع، فلا يحول بينه وبينهم الموت نفسه.

هكذا احتفلت بيروت، بدعوة من جمعية “ممكن” بالأسير وليد دقة (1962 – 2024)، بعد أيام قليلة من استشهاده داخل سجون الاحتلال، وفي “يوم الأسير الفلسطيني”، اجتمع محبو دقة في فندق “سيرينادا” في الحمرا، ليشهدوا توقيع كتابه “حكاية سر الزيت”، بيد رفيق زنزانته الأسير المحرر أنور ياسين.

الحفل الذي لم يتأثر موعده بإعلان استشهاد وليد دقة، وتحول إلى مناسبة لتجديد العهد لوليد ورفاقه بحمل قضيتهم، رعاه وزير الثقافة اللبناني محمد وسام المرتضى ممثلاً بالكاتب روني ألفا، وتخلله كلمات لكل من الكاتب والناشر سليمان بختي، والأسير المحرر أنور ياسين، والكاتب مروان عبد العال، وتولت إدارته هالة سبيتي.

 

 

الكاتب سليمان بختي أكد في كلمته أن وليد دقة انتصر على عدوه 3 مرات، مرة بالخيال، ومرة بتهريب الأحلام من الزنزانة، ومرة بالصمود، لافتاً إلى أنه في كتابه الساحر “حكاية سر الزيت” يكتب حكايتنا وحكاية بلادنا، وكيف نحررها.

ورأى بختي أنّ الأدب يحقق إنسانية الإنسان، والحرية تعمده، وتمنحنا الوجود في هذا العالم، مضيفاً أن وباء العصر هو فقدان الحرية، وفي باطن هذا الوباء فقدان العقل وفقدان الأخلاق وفقدان الهوية.

ووجّه بختي تحية لكل من الشهيد وليد دقة والأسير باسم خندقجي ورفاقهما من الأسرى الذين قرروا أن يكتبوا الكتب لتشهد بالحقيقة وتطلق الأسرى وتخلد الشهداء وتحرر البلاد.

من جانبه، ذكر الأسير المحرر ياسين بالسياسة الإجرامية التي ترتكبها مصلحة السجون الإسرائيلية بحق الحركة الأسيرة، برعاية وتوجيه من حكومة الاحتلال، مستغلةً انشغال العالم وإعلامه بالجريمة الكبرى التي يرتكبها الاحتلال على أرض غزة والضفة الغربية.

وأكد ياسين استشهاد أكثر من 10 أسرى بفعل التعذيب منذ 7 أكتوبر الماضي، لافتاً إلى وجود معتقلات سرية في النقب الفلسطيني المحتل يعيش فيها الأسرى في ظل ظروف قاسية ووحشية عن طريق تكبيلهم عراة وتقليص المواد الغذائية ووجبات الطعام ومواد التنظيف ومنع زيارات الأهل والمحامين وتغييب الصليب الأحمر الدولي والمؤسسات الإنسانية.

وخاطب ياسين الشهيد دقة بالقول: “خافوا من بقية عمر كان سيأتي وإن تأخر، طوفاناً على أكف المقاومين، بقية عمر كنت مستعداً للتخلي عنه مقابل لحظة عناق لميلادك الصغيرة التي قلت لها يوماً أنتِ أجمل تهريب لذاكرتي.. أنتِ رسالتي للمستقبل”.

أما الكاتب مروان عبد العال فأكد أن ما قتل وليد دقة هو الإهمال الطبي المتعمد، متحدثاً عن سيرة الشهيد الذي صدمه اجتياح لبنان عام 1982 ومجزرة صبرا وشاتيلا، فغادر إلى اليونان ومنها إلى سوريا حيث تلقى تدريباته العسكرية، قبل أن يعود إلى فلسطين ليثأر من عدوه.

وأكد عبد العال أن كل ما خرج من الأسرى من “أدب السجون” هو أكثر مصداقيةً من كثير من النتاجات الفكرية التي نعرفها خارج السجون، مشدداً على أن هذه المؤلفات في رؤيتها للمسائل الوطنية أكثر تجريديةً واستقلاليةً وحريةً.
وتحدث عبد العال عن تجارب باسم خندقجي والمناضل أحمد سعدات، والمفكر منير الجغبوب، ومنذر خلف، وكميل أبو حنيش، وأمير الظل المهندس عبد الله البرغوثي، وسائر سلامة وغيرهم، في هذا الإطار.

وألقت هالة سبيتي كلمة باسم “جمعية ممكن”، قالت فيها إن يوم الأسير الفلسطيني “أردناه هذه السنة موعداً نحتفي فيه بأسرانا المبدعين، وقد حل علينا في ظل متغيرات هائلة. حرب إبادة كبرى في غزة، حملة اعتقالات غير مسبوقة في الضفة أدت إلى الزج بالآلاف من أبناء شعبنا في المعتقلات، وتدابير قمعية قاسية تمارس بحقهم مما أدى إلى استشهاد العديد منهم تحت آلة التعذيب الهمجية”.

من جهته، قال ممثل وزير الثقافة، روني ألفا، إن: “أكثر ما يخيف العدو هما العقل والروح، لأن العقل هو الذي يخطط ولأن الروح هي التي تقاتل، ولذلك كان لزاماً على العدو أن يخترع مكواة باستطاعتها كي الإرادة”.

وذكر ألفا أن “وليد دقة حدثنا عن محاولة العدو صهر الوعي وتذويبه بثاني أوكسيد التعذيب واستبداله بوعي آخر مفاده بأن اقبلوا بوعي هجين، وعي خاضع لأبشع أنواع الاحتلال في التاريخ”.

وفي الختام وقّع أنور ياسين للحاضرين نسخاً من الرواية التي طُبِعَت النسخة الأولى منها بعد تهريبها من سجن جلبوع في العام 2017.

وتتحدث رواية “حكاية سر الزيت” الموجهة لفئة اليافعين، عن الطفل جود الذي يستعين بأصدقائه الحيوانات وبشجرة الزيتون لزيارة أبيه السجين، وهي نموذج لأدب المغامرات الذي يعيش أبطاله في ظل الاحتلال، وما تستدعيه الظروف من ضرورة التخفي من دون مغادرة عالم الخيال والطفولة.

 

أ.ش

المصدر: الوفاق/ وكالات