في ذكرى تأسيسهما

الحرس الثوري والجيش.. «التحالف المقدس لقوى الإسلام»

الوفاق: قام النظام الصدامي البائد في العام 1980م بمساندة مجموعة من المؤيدين الغربيين والشرقيين، بشن هجوم جوي وبري واسع النطاق على الجمهورية الإسلامية الإيرانية. مستهدفاً تلك الثورة التي تخلصت للتو من الاستبداد الداخلي، فهاجمها بمؤازرة القوى العالمية العظمى، وواجهته وانتصرت عليهم وكان سبب الانتصار على العدو وحدة القوات العسكرية بقيادة الإمام الخميني (قدس) ودعم الشعب الثابت

2024-04-21

في الأيام الأولى لغزو النظام الصدامي البائد لإيران، سعت مجموعات مختلفة إلى الانقسام عن الدولة المركزية ومحاولة خلق مسافة بين الجيش والحرس الثوري الإسلامي، إلاّ أن تعاون هاتين القوتين العسكريتين مع بعضهما البعض في الحرب المفروضة أفسد هذه المؤمرات وجعلها غير فاعلة، في هذه المقالة وبمناسبة ذكرى تأسيس الحرس الثوري الإسلامي المصادف الواحد والعشرين من شهر نيسان/ أبريل وذكرى يوم الجيش الإيراني في الأسبوع الفائت سنعرض أمثلة على التعاون بل الوحدة بين جيش الجمهورية الإسلامية الإيرانية والحرس الثوري الإسلامي في سنوات الدفاع المقدس الثماني.

 

الجيش والحرس في جبهة واحدة

 

 

لقد أكد الإمام الخميني (قدس) دائماً على التعاون والوحدة بين الجيش والحرس الثوري الإسلامي، فهو يعلم مخططات العدو الهادفة لضرب الجمهورية الإسلامية عن طريق تقسيم القوات العسكرية.

 

وفي هذا السياق يذكر السيد يحيى (رحيم) صفوي ذكرى، فقال: «ذهبت مع أحد قادة الجيش لخدمة حضرة الإمام (قدس)، عندما أردنا مغادرة الغرفة، أخذ  الإمام يد العقيد الشهيد صياد شيرازي الذي كان قائداً القوات البرية للجيش في ذلك الوقت، ويد السيد محسن رضائي، ووضعهما فوق بعض ووضع يديه على أيديهما. وبشكلٍ عام، كانت حركة الإمام (قدس) حركة رمزية  للدلالة على الوحدة بينهم ورسم سماحته بهذه الحركة مسار العلاقة بين الطرفين».

 

والجدير ذكره، فقد تم التأكيد في المادة 7 من الفصل الثاني من دستور الحرس الثوري الإسلامي على «التعاون مع جيش جمهورية إيران الإسلامية عند الضرورة من أجل حماية استقلال الجمهورية الإسلامية وسلامة أراضيها ونظامها».

 

تحالف الحرس الثوري والجيش قبل الحرب المفروضة

 

 

جمعت العلاقة بين الجيش والحرس الثوري قبل غزو النظام الصدامي البائد للعراق، في مواجهة النشاط المضاد للثورة في المناطق الغربية من البلاد، إلاّ أن تعاون هاتين القوتين برز بشكلٍ كبير في  فترة الدفاع المقدس، خاصةً بعد إقالة رئيس الجمهوريةالسابق «بني صدر»، ومع اشتداد الحرب زادت العمليات المشتركة بينهما مما نقل الحرب إلى مرحلة جديدة.

 

ومن الحالات التي أظهرت التحالف المتين بينهما قبل بدء الحرب، هجوم الحركات المناهضة للثورة على الحرس الثوري الإسلامي في أجزاء مختلفة من غرب البلاد، وخاصةً كردستان، فأعلن الجيش تحذيراً لهذه الجماعات معتبراً فيه أن أي اعتداء على الحرس الثوري الإسلامي بمثابة اعتداء عليه.

 

وجاء في نص هذا الإعلان ما يلي: «في الآونة الأخيرة، تناهى إلى مسامعنا أن بعض الجهلة، تحت تأثير عملاء مرتزقة أجانب، يعلنون ويطالبون بانسحاب الحرس الثوري من منطقتهم. وبالإضافة إلى كونه أحد المؤسسات الرئيسية للثورة، فإن الحرس الثوري منظم وفقًا للدستور، وهو يتألف من أشخاص مخلصين مستعدين للخدمة في طريق حراسة الثورة، ومحبوبين من قبل الشعب الإيراني. ولذا نُعلن لأعداء الثورة أولئك الحمقى الذين يتبعون إرادة الغرباء أن جيش الجمهورية الإسلامية الإيرانية يعتبر أي هجوم على الحرس الثوري بمثابة اعتداء عليه ولن يتهاون في ذلك أبداً».

 

التحالف المقدس لقوى الاسلام

 

 

تُبين الإحصائيات التي قدمها مركز الدراسات والبحوث الحربية التابع للحرس الثوري الإسلامي في كتاب «دليل العمليات لحرب الثماني سنوات»، تنفيذ 13 عملية مشتركة بين الجيش والحرس الثوري الإسلامي في حرب الدفاع المقدس.

 

كان مستوى التعاون بينهما في هذه الفترة كبيرًا لدرجة أن الشهيد القائد صياد شيرازي قال: «نحن أي الجيش والحرس الثوري الإسلامي مندمجان معًا تمامًا»، كما وصف تعاونهم بأنه «التحالف المقدس لقوى الإسلام».

 

خطة «القائد المشترك» للحرس الثوري والجيش في الحرب المفروضة

 

يقول الشهيد  صياد شيرازي عن هذا التعاون : «منذ الأيام الأولى، تواصلنا بشكلٍ مباشر مع الإخوة في الحرس الثوري الإسلامي، وعقدنا اجتماعات متكررة مع قيادته وعناصره الميدانية  ومستشاريهم في الثكنات في «أهواز». أول ما تبادر إلى ذهني هو ضرورة إنشاء معسكر مشترك رسميًا. ولذلك فإن التاريخ الرسمي لإنشاء المعسكر المشترك للجيش والحرس الثوري الإسلامي بدأ من هناك، ولقد نقلنا تجربة كردستان إلى المعسكر الجديد».

 

يتحدث السيد محسن رضائي عن هذه الخطة بالقول: «بعد أن تولى الشهيد صياد شيرازي قيادة الجيش، قدمنا ​​معاً خطة جديدة أخرى أطلقنا عليها اسم «القائد المشترك». ووفق هذه الخطة، كان لكل معسكر قائدان، أحدهما من الحرس والآخر من الجيش؛ وبذلك يتم التوقيع على الخطط العملياتية من قبل قادة الجيش والحرس. على سبيل المثال، كان الإجراء هو نفسه في مقرات كربلاء والنجف، وفي الواقع كان هذا النموذج نموذجاً جديداً. وطبعاً تعامل البعض مع هذه الخطة بالشك والريبة وقالوا هل من الممكن أن يكون هناك قائدان؟! حتى الآن، لم تكن هناك سابقة في العالم كله لقيادة شخصين حربًا معًا، لكننا نجحنا في ذلك».

 

وجاء في مذكرات الشهيد صياد  شيرازي أيضًا عن هذا الموضوع: «إن اندماج قوتي الحرس الثوري الإسلامي والجيش في معسكر مشترك وعلى الخط أمرٌ لافت للنظر. في المعسكر، قمنا بتشكيل مقرنا الرئيسي في مقر عمليات واحد. كل من دخلها شعر بوحدة القيادة. لقد كنا أنا وشقيقي رضائي نعتبر شخصاً واحداً.. كنا جسدين، ولكن روحنا وفكرنا واحد، وكان لدينا وحدة الكلمة وكنا جسدا واحدًا» وتكرر العمل في هذا النموذج في السنة الثانية من الحرب(1981م)، إذ نُفذت فيه أربع عمليات مشتركة ناجحة وهي(ثامن الأئمه(ع)، الفتح ‌المبین وبیت ‌المقدس) وخلال هذه الفترة، كانت العمليات القتالية تتم تحت إشراف «المقر المركزي في كربلاء» الذي يتبع في القيادة والتوجيه للجيش والحرس الثوري الإسلامي، كذلك شمل التعاون فيما بينهما تبادل الذخائر والأسلحة».

 

أحد الأمثلة الناجحة للتعاون بين الحرس الثوري الإسلامي والجيش كان فك حصار آبادان خلال عملية «ثامن الأئمة» في عام 1981 م، إن إفشال هذا الحصار حصل  بالتعاون  والتنسيق بين الحرس والجيش، الذي أشاد وبارك به الإمام الخميني (قدس)، فقال في رسالة موجهة إلى قادة الجيش والحرس الثوري الإسلامي ، العميد فلاحي، والعميد ظاهر نجاد، ومحسن رضائي: «أحيي وأشكر باسم الأمة الإيرانية العظيمة، المحاربين الشجعان في الجيش والحرس الثوري الإسلامي والقوات المسلحة الأخرى ، سائلاً الله (عزّ وجل) التوفيق والنصر والعظمة للإسلام والمسلمين وخاصةً القوات المسلحة الإسلامية».

 

تدريب قوات الحرس الثوري على يد الجيش

 

بعد تسليم مسؤولية القوات البرية للجيش إلى الشهيد صياد شيرازي، والذي تزامن مع خلع «بني صدر»، ازداد التعاون بين الطرفين وخاصةً قي مجال التدريب العسكري.

 

فمع توسع نطاق الحرب، ظهرت الحاجة إلى وجود وحدات الدعم الناري في الحرس؛ لذلك تم تشكيل صفوف للتدرب على المدفعية لدى قوات الجيش . وكما يقول «أمير أبو القاسم جواداني» الذي كان قائداً لمدفعية «عسكر طيبة 77» في «ثامن الأئمة»  آنذاك: «في ذلك الوقت طلب قائد القوات البرية للجيش العقيد صياد شيرازي في مذكرة أن  تتولى مدفعية عسكر طيبة 77 تدريب عدد من الإخوة في الحرس الثوري الإسلامي، وتم تنظيم فصول تدريبية في «هفت  تبه شوش»، وخلال فترة قصيرة، قام الإخوان بتنشيط وحدات مدفعية الحرس الثوري الإسلامي عمليًا.»

 

عملية الفتح المبين

 

 

تم تنفيذ عملية «الفتح المبين»  الهادفة لتحرير جزء كبير من المناطق المحتلة في غرب شوش ومنطقة دزفول.

وأصدر المقر المركزي في كربلاء، والذي كان يخضع لقيادة مشتركة من قادة الحرس الثوري الإسلامي والجيش، الأمر بتنفيذ عملية الفتح المبين.

 

ووفق التقارير العملياتية للوحدات والقواعد، في المرحلة الأولى من عملية الفتح المبين، فإن العملية المشتركة للقوات البرية للجيش والحرس الثوري أدت إلى سيطرة القوات الإيرانية على مواقع عین‌ خوش وعلی‌گره‌ زد ، بالإضافة إلى عدد من الجسور والمناطق الحساسة.

 

تحرير مدينة خرمشهر

 

في الرابع والعشرين من شهر أيار/ مايو من العام 1982م، تحررت مدينة خرمشهر بالكامل، بفضل التعاون بين الطرفين، وأعلن العقيد الشهيد صياد شيرازي أن «هذا المزيج المقدس، أي مزيج الجيش والحرس الثوري الإسلامي، الذي يحاول سحق كفر العالم لا بد من الحفاظ عليه، وإذا تم الحفاظ عليه فإن تحرير القدس أمامه.”

 

كان التنسيق بين الحرس الثوري الإسلامي والجيش في تحرير خرمشهر مثيرًا للإعجاب لدرجة أن وكالات الأنباء الأجنبية غطته أيضًا. على سبيل المثال، أبدت وكالة الأنباء الفرنسية، نقلاً عن خبراء عسكريين أجانب يعيشون في طهران، استغرابهم من تنسيق القوات المسلحة الإيرانية (الجيش والحرس) في تنفيذ العمليات من حيث الزمان والمكان، قائلةً: «القوات المسلحة الإيرانية (الجيش والحرس الثوري) أثبتا أنهما يتمتعان بتماسك مذهل وغير متوقع».

 

واستمر التنسيق والتعاون بل الوحدة بين القوات المسلحة الإيرانية دفاعاًعن الشعب الإيراني وحمايةً لأرضه مما أدى إلى خلق مشاهد فريدة ورائعة، وآخر هذه المشاهد هو التنفيذ الكامل والمثالي لعملية «الوعد الصادق» الإيرانية ضد الكيان الصهيوني الغاصب.

 

أ.ش

المصدر: الوفاق