الوفاق خاص/ مصطفى خرم آبادي
عدم توفّر الأدویة، وإنتشار الأمراض والأوبئة، وحالة الفقر الشدید تعتبر جزءاً من الآلام التی یعانی منها المواطنون فی غزة منذ سنوات هذا فیما لم تقدّم المنظمات الدولیة دعماً یشفی قلیلاً من آلامها بل هناک حواجز صهیونیة تمنع إیصال أیّ إغاثة إنسانیة إلى الناس فی غزة وهذا الأمر یشکّل تهدیداً إنسانیاً هناک. أجرت صحیفة الوفاق حواراً خاصاً مع الأکادیمی الفلسطینی والمختص فی الشأن الإجتماعی والأمنی الدکتور إسلام شهوان والذی شَغّل سابقاً منصب المتحدث بإسم وزارة الداخلیة فی غزة وتم تناول مواضیع إجتماعیة عدیدة وإلیکم نص الحوار:
ما هو أهم التحدّیات الإجتماعیة فی غزّة؟
هناک جملة تحدّیات إجتماعیة تواجه السکان فی غزة وأهمّ تحدّ إجتماعی هو مسألة الحصار الذی یُلقی بظلاله على کلّ المناحی الإجتماعیة فطبعاً المناحی الإقتصادیة مرتبطة بها بشکل کبیر جداً، فالحصار یُلقی بظلاله على حیاة الناس ممّا أدّى إلى ضعف الدخل الفردی لکلّ أسرة. الیوم، خط الفقر فی فلسطین یبدأ مما یقارب 500 دولار، هذا ان وجد ولکن قد یمرّ شهر أو شهران على الأُسر ولا تحصل حتى على دولار واحد وهذا قد یلقی بظلاله على الحالات والعلاقات الإجتماعیة فطبعاً تزداد نسبة الطلاق للأسف بسبب الحصار الخانق وفی ظل عدم وجود دخل مالی والحصار الظالم الذی یفکّک الأُسر والأزمة المالیة التی یعانی منه سکّان غزة.
کذلک من التحدیات الإجتماعیة التی تواجه قطاع غزّة، الحالة الصحیة والضعف فی النظام الصحی وهذه حقیقة ترسل هواجس کثیرة جداً على المناحی الإجتماعیة فی قطاع غزة خاصة فی ظل إنتشار الأوبئة والأمراض والفایروسات لم نسمع بها سابقاً خاصة فی ظل خروج بعض العمال إلى داخل الأراضی المحتلّة وهناک فایروسات وأوبئة وأمراض تلقی بظلالها الکبیرة على المناحی الإجتماعیة فی ظل ضعف النظام الصحی وقلة الموارد المالیة للمواطن الذی قد لایستطیع أن یجد علاجاً أو یقوم بإجراء بعض الفحوصات الطبیة الهامّة نتیجة ضعف المورد المالی.
هناک أیضاً تحدی إجتماعی و هو مسألة الإغاثة الإنسانیة من خلال کفالة بعض الأُسر ومن خلال ضعف التمویل الخارجی لإنقاذ حیاة أسر کثیرة جداً وهذا حقیقة أثّر بشکل کبیر جداً على حیاة الغزیین وتجد أُسر تعیش ظروفاً صعبة للغایة لعدم وجود تمویل خارجی لترمیم البیوت وکفالة الایتام ومشاریع تنمویة لبعض الأُسر وکفالة العمال داخل غزّة.
هل المؤسسات غیرالحکومیة تؤدّی دوراً لتخفیف الآلام الإجتماعیة فی غزة؟
المؤسسات غیر الحکومیة سابقاً کانت تنشط بشکل کبیر جداً ولکن للأسف کانت تقوم بعمل فردی من دون تنسیق جماعی أو حتى تنسیق مع المؤسسات الحکومیة کوزارة العمل أو حتى المنظومة الصحیة الإجتماعیة فی ظل الحصار الظالم الخانق الذی یقضی على مصادر تمویل قطاع غزة تحدیداً فالمؤسسات غیرالحکومیة سواء کانت الخیریة أو شبه الاهلیة ،حقیقة هی تنحت فی الصخر ولاتجد إلا مصادر تمویل نادرة جداً وقد تجد صعوبة فی إدخال الأموال إلى قطاع غزة إذا کانت هناک مشاریع تنمویة أو ما شابه ذلک، وحتى موضوع المنحة القطریة وُضع علیها عشرات الملاحظات والفحوصات الأمنیة للأسماء وهذه الأمور کلها عن طریق الإحتلال الصهیونی لذلک أنا أعتقد أنّ المؤسسات غیرالحکومیة فی الوقت الحالی قد لاتجدها فی مسارات واضحة وسهلة فی عملها داخل قطاع غزة وذلک فی ظلّ محاربة مثل هذه المؤسسات من قبل الإحتلال والتی تمّ تصنیفها کمؤسسات داعمة للمقاومة وبالتالی المؤسسات الداعمة لاتتعدى أصابع الید الواحدة.
کم ساعة تتوفّر الکهرباء ومیاه الشرب فی البیوت؟
الکهرباء کانت مهددة بشکل کبیر جداً ولکن بفضل الله فی ظل محاربة ومعالجة هذه الظاهرة التی أرهقت حیاة الناس التی کانت فی السابق أربع ساعات ثم ستّ ساعات ثم إستقرت الآن ثمانی ساعات وأحیاناً قد تنفصل إلى أربع ساعات خاصة الخطوط المغذیة لقطاع غزة من طرف الإحتلال الصهیونی. هناک خطان یأتیان من أراضینا المحتلّة وأحیاناً العدو یقوم بقطعها بحجة الصیانة ولکن حقیقة القول أنّ شرکة تولید الکهرباء وسلطة الطاقة فی قطاع غزة عملت على تخفیف حدّة إستهلاک ومراعاة حیاة الناس خصوصاً أنّ هناک بیوتاً کثیرة لا تسطیع أن تدفع فاتورة الکهرباء فأعتقد الآن تمّ ترکیب عدّادات ذکیّة، هناک قبول من قبل الناس فی قطاع غزة بالنسبة إلى توفّر الکهرباء من ستّ إلى ثمانی
ساعات .
الماء مهدّد خطیر وحقیقی فی مناطق کاملة تتکون من آلاف المواطنین قد لا تصلها المیاه الصالحة للشرب والمیاه التی تصلها أکثر ملوحة من میاه البحر وعملت بعض المؤسسات الخیریة والأهلیة على توفیر آبار المیاه وتوزیعها ولکن ووجهت بقلة الموارد للصیانة وما شابه ذلک أو عجز فی توفیر المرکبات والآن تُباع المیاه بأسعار غالیة جداً خاصة المیاه الصالحة للشرب والتی یتمّ توزیعها عبر العربات المتنقّلة . المیاه المعدنیة الصحیة التی تُستَورد من الخارج قد لا یستطیع المواطن شراءها إلا ما ندر جداً. هناک تقریر لمنظمات دولیة تشیر إلى أنّ میاه غزة لن تکون صالحة للشرب فی عام 2023 ، هذا فیما أصبح معظم الآبار مالحة جداً ومعالجة هذه الظاهرة صعبة ومکلفة جداً.
شاهدنا حملة فی کل حیّ یتمّ حفر بئر فی المساجد وهذا المسجد یقوم بتورید المیاه عن طریق محطة تحلیة صغیرة لاتنتج کمیة کبیرة تستوعب الطاقة السکانیة لکنها حقیقة تعالج هذا الأمر وإن کان بشکل محدود. الآن فی کل حیّ و فی کلّ مسجد من مساجد غزة أُنشئ بئر ووضعت محطات تحلیة الماء تُفتَح ساعتین صباحاً وساعتین عصراً وهذا یکفی الناس ولایفی بالحد المطلوب لحیاة الناس فیما یتعلق بماء الشرب.
هل المدارس والجامعات ناشطة فی غزة؟
نعم، الجامعات والمدارس فی قطاع غزة ناشطة ولکن الیوم المشاکل التی تواجه المدارس کثیرة جداً وهی بیئة مدرسیة غیرآمنة بمعنى الکلمة لا توجد فیها میاه صالحة للشرب للطلاب. المرافق الصحیة والخدمات العامّة غیرمتوفّرة ولایوجد فی المدارس نظام غذائی ولا نظام صحّی على الإطلاق. وأیضاً المدارس بصفة عامّة یوجد فیها نظام تعلیمی وان وجد فهو بحاجة إلى معالجة الکثیر من القضایا والقیم ومنظومة المبادئ.
هناک أخبارمخیفة فی وسائل الإعلام عن الوضع الصحی فی غزة نسمعها یومیاً کیف ترون الوضع الصحی هناک؟
الوضع الصحی فی غزة کارثی جداً وهناک إنهیار فی منظومة العمل الصحی ولاتتوفّر الأدویة. إذا ما ذهبت إلى المستشفیات یقال لک إذهب إلى الخارج على حسابک الشخصی وقم بإجراء فحوصات وفی ظلّ انتشار الأوبئة والفایروسات قد لاتتوفّر الأدویة حتى فی المستشفیات وأحیاناً النظام الصحی یتکتّم على بعض هذه التفاصیل کما إنتشرت کورونا والآن تنتشر فایروسات متطوّرة جدّاً ونسمع عن فایروسات خطیرة قد لا تضطر وزارة الصحة للإعلان عنها خوفاً من إنتشار الإشاعات بین الناس. هناک بعض الوفیات نشاهدها نتیجة عجز النظام الصحی ناهیک عن عدم مقدرة النظام الصحی فی قطاع غزة لإجراء عملیات خاصّة جراحیة ویتمّ تحویلها إلى مناطق الضفة الغربیة أو إلى مناطق الإحتلالى وهذا أیضا فیه کلفة ومشقة خاصة فی ظلّ الحواجز الصهیونیة وبالتالی النظام الصحی منهار. هناک مرض فقر الدم أنتشر بشکل واسع فی قطاع غزة و أمراض أخرى مثل التوحد وأمراض الدماغ أو ما شابه ذلک ناهیک عن أمراض سرطانیة والفایروسات المؤذیة جداً.
ماهو معدّل رواتب ودخل الناس فی غزة ؟
تصنیف مرکز الإحصاء الفلسطینی أعلن أنّ خط الفقر فی فلسطین یبدأ من 500 دولار فیما الموظفون الحکومیون لا یتسلمون مثل هذا المبلغ فتخیّلوا ما هو الوضع الإقتصادی للمواطنین العادیین الذین دخلهم عادة أقلّ من الموظفین. الآن نسبة البطالة فی غزة أکثر من 75% وهذه الأرقام حقیقیة.
یُشکّل الشباب أغلبیة هذه النسبة منهم حالات کثیرة فطبعاً أغلب الأسر لیس لدیها دخل أکثر من مئة دولار وهذا المبلغ لایکفی أبداً حتى لشراء أساسیات الحیاة من شراب وأکل وملبس وحتى لاتستطیع الأسرة دفع فاتورة الکهرباء والماء وبالتالی هناک حالة صعبة جداً. یمکننی أن أقول لایوجد أصلاً دخل فی قطاع غزة حتى الإخوة الموظفین یتسلمون نسبة 40% من الراتب والذی لایکفی حتى لشراء الأکل والشرب لأولادهم.
