ايران وباكستان.. فصل جديد من العلاقات الاستراتيجية

الوفاق- استقبلت إسلام آباد يوم الاثنين رئيس الجمهورية آية الله السيد إبراهيم رئيسي والوفد المرافق له، بمراسم رسمية مهيبة، عكست عمق العلاقات بين البلدين ومناعتها أمام فتن الأعداء التي لم تنفك تحاول زرع الخلافات بينهما.

2024-04-22

وتعتبر زيارة الرئيس رئيسي إلى إسلام آباد والتي ستعقبها زيارة الى سيريلانكا، زيارة بالغة الأهمية باعتبارها الزيارة الأولى للرئيس الإيراني منذ عقود، وكذلك الزيارة لا تقتصر على جانب واحد من التعاون بل في عدة مجالات، وذلك من خلال الوفد المرافق.

 

الزيارة ستستمر ثلاثة أيام، حيث سيلتقي السيد رئيسي القادة العسكريين والسياسيين في إسلام آباد ومن ثم ينتقل إلى مدينة كراتشي لإجراء لقاءات اقتصادية مهمة جدا.

 

*إستقبال مُهيب

وتزينت العاصمة الباكستانية إسلام آباد، منذ أيام، بصور الرئيس رئيسي مع رئيس الجمهورية ورئيس حكومة باكستان، وأيضا اليافطات المعبرة عن البهجة والترحيب، استعدادا لاستقبال السيد رئيسي. وانتشرت مئات الصور للرئيس الإيراني في الساحات الرئيسية للعاصمة الباكستانية، وأمام القصر الرئاسي ومقر رئيس الحكومة، وأيضا على طريق المطار الدولي وصولا إلى الفندق الذي يقيم به السيد رئيسي خلال زيارته التي تستغرق يومين لهذا البلد. كما انتشرت الأعلام الايرانية والباكستانية في معظم الطرقات والأماكن العامة والساحات داخل إسلام آباد، تجسيدا للعلاقات الوطيدة التي تجمع بين البلدين الجارين.

 

وتشير زيارة السيد رئيسي الى باكستان الى دخول البلدين في فصل جديد من العلاقات الاستراتيجية.

 

وفيما ستركز زيارة السيد رئيسي الى اسلام آباد على قضايا الأمن والتجارة والنفط والغاز والطاقة والتنمية الاقتصادية. أبرم البلدان اتفاقيات تجارية واقتصادية بقيمة عشرة مليارات دولار.

 

* الصهاينة يستغلون الخلافات

 

ولدى وصوله إلى باكستان، ولقائه بوزير الخارجية الباكستاني محمد إسحاق دار الذي تواجد في فندق رئيس الجمهورية لاستقباله، أكد آية الله رئيسي، أن الصهاينة يستغلون الخلافات بين الدول الإسلامية. وفي هذا اللقاء وصف الرئيس الإيراني العلاقات بين البلدين بأنها تتجاوز مجرد حسن الجوار وتقوم على الأخوة والعلاقات القلبية العميقة والتاريخية التي تربط الشعبين وقال: على الرغم من أن تعزيز العلاقات الإيرانية الباكستانية لا يناسب بعض الغرباء، ولكن بالنظر إلى القدرات المتنوعة والمتعددة والمتبادلة للعلاقات بين البلدين الإسلاميين، فإنه ينبغي توسيعها بشكل أكبر من أجل تأمين مصالح البلدين.

 

*الدعم الايراني للشعب الفلسطيني

 

وذكر السيد رئيسي أنه لو اتحدت جميع الدول والشعوب الإسلامية مع بعضها البعض، لما تمكن الكيان الصهيوني من ظلم الفلسطينيين الأبرياء والعزل في غزة إلى هذا الحد، وذكر أن الصهاينة يستغلون الخلافات بين الدول الإسلامية، لذلك وفي مواجهة استراتيجية العدو الرامية إلى استمرار الخلافات بين الأمة الإسلامية، فإن استراتيجيتنا هي الوحدة. بدوره أكد اسحاق دار أن العالم الإسلامي يقدر الدور الذي تلعبه الجمهورية الإسلامية الإيرانية في مواجهة التحديات المشتركة، مؤكدا على ان الدعم الايراني للشعب الفلسطيني يستحق الثناء. كما هنأ وزير الخارجية الباكستاني بنجاح الانتخابات الأخيرة لمجلس الشورى الاسلامي ومجلس خبراء القيادة في إيران.

 

*طهران وإسلام آباد عازمتان على محاربة الإرهاب

 

وبعد مراسم الاستقبال الرسمي لرئيس الجمهورية والوفد المرافق له في إسلام آباد، عقد الاجتماع الثنائي بين رئيس الوزراء الباكستاني “محمد شهباز شريف” وآية الله رئيسي ثم ترأس الجانبان لقاء الوفدين الايراني والباكستاني.

 

واعلن قصر رئاسة الوزراء الباكستاني في بيان له، ان شهباز شريف واية الله رئيسي بحثا خلال لقاء السبل الكفيلة بتعزيز العلاقات الثنائية في مجال التجارة والاتصالات.

 

واعرب شريف خلال اللقاء عن ارتياحه وارتياح الشعب الباكستاني لزيارة آية الله رئيسي والوفد المرافق له لباكستان. وقام آية الله رئيسي بغرس شتلة في قصر رئاسة الوزراء الباكستاني رمزا للصداقة بين البلدين.

 

*تطوير العلاقات الإيرانية الباكستانية

 

الى ذلك، قال الرئيس رئيسي خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس وزراء باكستان: “نفتخر بشعب باكستان الذي يدافع دائمًا عن الحق والعدالة.” وقال السيد إبراهيم رئيسي: “أود في البداية أن أتقدم بالشكر لرئيس وزراء باكستان وحكومته على حفاوة استقبالهم للوفد الإيراني. نحن اليوم في مدينة إسلام آباد الجميلة، ومن هذا المنبر أوجه تحياتي واحترامي للشعب الباكستاني الطيب والمتدين.” وأضاف الرئيس الإيراني: “أود أن أبلغ تحيات سماحة قائد الثورة الإسلامية والشعب الإيراني العظيم إلى جميع العائلات الباكستانية في كل مكان في هذا البلد.”

 

*الإرتقاء بالعلاقات الثنائية

 

وتابع آية الله رئيسي: “نفتخر بشعب باكستان الذي يدافع دائمًا عن الإسلام والقيم الإسلامية، والمظلومين في فلسطين وغزة، والحق والعدالة، كما نعتز بهذا الشعب الذي خرج في الشوارع مردداً هتافات الحرية للقدس الشريف.”

 

وقال رئيسي: “قد لا يرحب البعض بالتعاون بين إيران وباكستان، لكن هذا لا يهم، لأن المهم هو استمرار التعاون بين البلدين والشعبين بما يتماشى مع مصالحهما، ونحن عازمون على الارتقاء بالعلاقات الثنائية بين البلدين إلى مستويات عليا.” وتطرق آية الله رئيسي إلى مستوى العلاقات التجارية بين إيران وباكستان، قائلاً: “إن مستوى العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين ليس بالمستوى المطلوب، لكننا قررنا رفع هذا المستوى من التبادل التجاري في المرحلة الأولى إلى 10 مليارات دولار.”

 

*العقوبات الظالمة المفروضة

 

وأشار السيد رئيسي إلى الحدود المشتركة بين إيران وباكستان، قائلاً: نعتبر الحدود المشتركة بين البلدين بمثابة فرصة جيدة، ونعتقد أنه يمكن توظيف هذه الحدود لصالح رفاهية البلدين، وخاصة حرس الحدود.” وأكد آية الله رئيسي: “خلال الزيارة القصيرة التي قمت بها مع رئيس وزراء باكستان إلى المنطقة الحدودية، رأينا تجسيدًا للعمل والتجارة في الأسواق الحدودية، والتي يمكن بالتأكيد توسيعها، فما تم تحقيقه غير كافٍ، ويجب تكثيف الجهود لتحقيق مزيد من الرفاهية والأمن للشعبين.” وأشار إلى العقوبات الظالمة المفروضة على الشعب الإيراني، قائلاً: “لقد حول الشعب الإيراني العظيم العقوبات الظالمة إلى فرص لتحقيق النمو والتقدم في البلاد.”

 

وخلال هذه المناسبة، قال رئيس وزراء باكستان شهباز شريف: “أجرينا محادثات مثمرة مع الرئيس الإيراني والوفد المرافق له. إن علاقاتنا لها تاريخ يمتد إلى 76 عاماً، ويجب القول إن إيران كانت أول دولة تعترف بباكستان في عام 1947.” وتابع رئيس وزراء باكستان: “سنتعاون مع إيران في كل من المجالات الاقتصادية والاستثمارية والطاقة”.

 

*منعطف في التعاون الإقليمي

 

وتأتي زيارة مدينتي لاهور القلب الثقافي لباكستان وكراتشي القلب الاقتصادي لها ضمن جدول اعمال رئيس الجمهورية خلال هذه الزيارة. وقبيل مغادرته طهران، اعتبر الرئيس الايراني زيارته لباكستان منعطفا في التعاون الإقليمي والخارجي بين البلدين حيث تهدف زيارته إلى ابرام ثمانية عقود تجارية واقتصادية على الاقل بقيمة عشرة مليارات دولار بين طهران واسلام اباد. كما سيتم بحث موضوعات في مجال الأمن والتجارة والنفط والغاز والطاقة والتنمية الاقتصادية. وقال الرئيس الايراني رئيسي: ان ” لدى ايران وباكستان وجهات نظر مشتركة وتعاون جيد للغالية في قضايا حقوق الانسان والدفاع عن غزة وفلسطين ومكافحة الارهاب، نعتقد انه ينبغي تحسين هذه العلاقات بما يتماشى مع سياسة حسن الجوار وإرادة البلدين تركز على تعزيز العلاقات الثنائية لكن مستوى العلاقات الاقتصادية بين الجانبين ليست بمستوى العلاقات السياسية، ومن المقرر في هذه الزيارة النظر في تعزيز التفاعلات الاقتصادية لتصل الى مستوى 10 مليارات دولار”.

 

ووصل رئيسي الى اسلام آباد على رأس وفد رفيع المستوى تلبية لدعوة من نظيره الباكستاني آصف علي زرداري وكان في استقباله رئيس الوزارء محمد شهباز شريف كما التقى وزير الخارجية محمد إسحاق دار. ووصفت وزارة الخارجية الباكستانية، زيارة إبراهيم رئيسي بأنها فرصة مهمة لتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين وتأكيدا على أهمية القواسم المشتركة الثقافية والدينية والتاريخية العديدة بينهما. وخلال هذه الزيارة الرسمية، يناقش الطرفان جدول أعمال واسعا لمواصلة تعزيز العلاقات الثنائية والتعاون بين إيران وباكستان في مختلف المجالات، بما في ذلك التجارة. ويعتبر مراقبون باكستانيون الزيارة هامة حيث تحمل مناقشات عديدة بين الجانبين منها قضايا اقليمية على رأسها القضية الفلسطينية.

 

* 8 وثائق للتعاون المشترك

 

وتم التوقيع على 8 وثائق للتعاون بين إيران وباكستان بحضور آية الله رئيسي ومحمد شهباز شريف.

 

ووقع مسؤولو البلدين على 8 وثائق للتعاون واتفاقيات ومذكرات تفاهم بحضور الرئيس رئيسي ورئيس الوزراء الباكستاني محمد شهباز شريف. الاتفاقية الأولى التي وقعها الجانبان تشمل التعاون الأمني ​​بين البلدين.

 

أما الاتفاقية الثانية فتشمل التعاون القضائي في المسائل المدنية والتجارية بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية وجمهورية باكستان، وبقية الاتفاقيات تشمل المجالات الإقتصادية والتجارية.

 

*تسمية شارع باسم “ايران” في اسلام آباد

 

وتزامنا مع الزيارة الرسمية للرئيس رئيسي، ودلالة على الصداقة وحسن الجوار بين البلدين، ستتم تسمية شارع في العاصمة الباكستانية اسلام آباد باسم “ايران”. وتمت إزاحة الستار عن لوحة تحمل اسم “ايران” لشارع في إسلام آباد بعد المحادثات الرسمية بين رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف والرئيس الإيراني السيد ابراهيم رئيسي.

 

وأطلق على هذا الشارع، الذي كان يعرف سابقا باسم الشارع 11 في مدينة إسلام آباد، اسم “إيران” الاثنين، بالتزامن مع زيارة وفد إيراني رفيع المستوى برئاسة الرئيس آية الله رئيسي إلى باكستان. وتعتبر تسمية الشوارع بأسماء مشاهير وشخصيات إيران وباكستان جزءًا من العلاقات الثقافية بين البلدين. وتماشياً مع علاقاتها الثقافية العميقة مع باكستان، قامت جمهورية إيران الإسلامية بتسمية شوارع وطرق سريعة في طهران بأسماء “باكستان و”إقبال” و”محمد علي جناح”.

 

المصدر: الوفاق/وكالات