منشآت التعليم في غزة مدمّرة أو مراكز للإيواء..

ما مستقبل عشرات آلاف الطلاب؟

على مدار سنوات دراسته الاثنتي عشرة، رسم الطالب الفلسطيني من قطاع غزة، محمد أبو ناموس، أحلاماً وردية لتجاوزه مرحلة الثانوية العامة (التوجيهي)، وتحقيق حلمه بالالتحاق بكلية الطب؛ بيد أن هذا الحلم ذهب أدراج الرياح عقب العدوان الإسرائيلي المتواصل.

2024-04-23

كان أبو ناموس قد استعدّ مع بداية العام الدراسي الذي شارف على نهايته، لمرحلة التوجيهي التي تعد أصعب المراحل التعليمية لدى الفلسطينيين، ودأب قبل السابع من أكتوبر على شراء الكتب والمستلزمات الدراسية من أجل تحقيق أعلى الدرجات.

 

لكن، بعد أيام من السابع من أكتوبر، قصف الاحتلال الإسرائيلي منزل عائلته وسط مدينة غزة، الأمر الذي أدى إلى تدميره بالكامل، وفقدانه مستلزماته الدراسية كافة.

 

ويوضح أبو ناموس، أنه اضطر لاحقاً إلى النزوح من غزة إلى مدينة دير البلح وسط القطاع من دون أي كتب دراسية، وتسبب توقف الدراسة منذ بداية الحرب، بضياع الخطوة الأخيرة التي كانت تفصله عن تحقيق حلمه بدراسة الطب.

 

ومثل أبو ناموس، حُرم آلاف الطلاب والطالبات في قطاع غزة حقهم في التعليم في العام الجاري، ما تركهم أمام مستقبل قاتم، خاصة في ظل غياب أي حلول أو خطط من جانب الجهات الرسمية الفلسطينية من جراء العدوان الوحشي المستمر، وتجاهل المجتمع الدولي معاناة الطلاب.

 

نصف مليون طالب حرموا من التعليم

 

ووفق وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، فإن 39 ألفاً من طلاب التوجيهي في قطاع غزة حرموا هذا العام من تقديم الامتحانات بسبب الحرب الإسرائيلية، كذلك حرم نصف مليون طالب وطالبة من استكمال مراحلهم التعليمية، علاوة على أن قرابة مئة ألف طالب جامعي لم يكملوا دراستهم الجامعية.

 

وإلى جانب المصير المجهول لطلبة التوجيهي، يواجه أيضاً طلبة المراحل الدراسية الأخيرة وتحديداً المرحلة التعليمية الأولى مصيراً مجهولاً وخطر حرب التجهيل التي يخوضها الاحتلال الإسرائيلي ضد سكان القطاع، إذ لم يحصل الآلاف من طلاب المرحلة الابتدائية على أدنى متطلبات التعليم.

 

ويفيد خالد الجمل بأنه انتظر بفارغ الصبر ست سنوات لإلحاق طفله الأول بمقاعد الدراسة؛ إلى أن جاءت الحرب الإسرائيلية وحرمت طفله من التعليم في المرحلة الابتدائية الأولى، والتي تعدّ المرحلة التأسيسية في الدراسة.

 

ويوضح الجمل، أنّ “توقّف العملية التعليمية تسبب بتجهيل الآلاف، خاصة صغار السن الذين حرموا من رياض الأطفال والمرحلة الابتدائية”، مشدداً على أن ذلك ستكون له تداعيات كارثية. ويقدّر أن العملية التعليمية في غزة حالها كحال إعادة إعمار القطاع، ستحتاج إلى سنوات من أجل استئنافهما مجدداً، خاصة في ظل تجاهل المجتمع الدولي لهذه الكارثة، مطالباً بضرورة العمل من أجل تأمين ظروف عودة العملية التعليمية، ووضع خطط من أجل وقف حرب التجهيل الإسرائيلية.

 

ووفق وزارة التربية والتعليم، فإن الحرب الإسرائيلية تسببت باستشهاد 5994 طالباً وطالبة، علاوة على إصابة نحو 10 آلاف آخرين، فيما اعتقل “جيش” الاحتلال 105 طلاب، وبلغ عدد الشهداء بصفوف المعلمين 266 معلماً، وأصيب 973 منهم.

 

ويلفت الناطق باسم الوزارة، صادق الخضوري،  إلى أن “الآلاف من الطلبة بمختلف المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية وحتى الجامعات تضرروا من توقف المسيرة التعليمية في غزة”، مفيداً بأن أكثر المتضررين هم من المرحلتين الثانوية والابتدائية.

 

الاحتلال دمّر مئات المدارس والمنشآت التعليمية

 

وفي إطار استكمال جريمته، دمّر الاحتلال الإسرائيلي مئات المدارس والمنشآت التعليمية، كما هدم جميع مباني الجامعات في القطاع، فيما تحولت المدارس إلى مراكز إيواء، وهو ما يحول دون استئناف التعليم في غزة، وفق الخضوري.

 

وبسبب تواصل الحرب، فإنّ المسيرة التعليمية في غزة مشلولة تماماً، فيما يعيش آلاف الطلبة ظروفاً سيئة للغاية تحول دون التحاقهم بالدراسة في حال وجود خطط لذلك، ويضيف الخضوري: “الحكومة الفلسطينية تعكف على إيجاد حلول ملائمة للطلاب لكن حتى اللحظة لا يوجد خطط بديلة”.

 

ويشير إلى أنه وبسبب استمرار الحرب، لا تمتلك وزارته أي خطط بديلة لاستئناف المسيرة التعليمية في غزة، وأن الأولوية في الوقت الحالي هي وقف الحرب، قائلاً: “نعمل بكل جهد من أجل وقف الحرب وإصلاح الضرر الذي لحق بالمسيرة التعليمية”.

 

ووفق الوزارة، فإن 286 مدرسة حكومية تعرضت للاستهداف المباشر من قوات الاحتلال الإسرائيلي، إضافة إلى ـ65 مدرسة تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا)، وتستخدم 133 مدرسة كمركز إيواء، كما أنّ معظم الطلبة يعانون من صدمات نفسيّة.

 

ويفيد مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي، إسماعيل الثوابتة، بأن “جيش الاحتلال وفي إطار حرب الإبادة الجماعية استهدف أكثر من عشرة آلاف طالب، وأنه يركز بشكل أساسي على تدمير البنية التحتية لقطاع التعليم”.

 

ويوضح الثوابتة ، أنّ “الاحتلال الإسرائيلي دمّر أكثر من مئة مدرسة وجامعة بشكل كلّي بالطائرات والدبابات، كما دمر بشكل جزئي نحو 305 مدرسة وجامعة”، لافتاً إلى أن جميعها أصبحت غير صالحة للدراسة.

 

د.ح

 

المصدر: الميادين