شعر عن على بن أبي طالب (ع)

كانَ عليٌّ قَدَرًا من أقدارِ التَّاريخِ وصُنَّاعِهْ

محمود حسن: أشهدُ أنَّ عليّا أيقونةُ تاريخِ الإسلامِ‘ وأفقَهُ أهلِ الأرضِ، وسيِّدُ ساداتِ التَّقوى وإمامُ النُّبلاءْ..

2024-04-26

 

محمود حسن

شاعر مصري

 

هذا العالمُ تحمِلُهُ أكْتافٌ مثل جبالِ الأرضِ رسوخًا
لا تَهْتَزُّ .. يساوي الكتفُ الواحدُ فيها أُمَّةْ
تَتَبَنَّى كلَّ طموحاتِ الإنسانِ وتحملُ هَمَّهْ

الناسُ سواسيةٌ لا شكَّ ولكنْ
لا يتساوى منْ تعلو هِمَّتُهُ نحوَ سماواتِ الرِّفعةِ ، والخاملُ من دونِ الهمَّةْ

كانَ عليٌّ قَدَرًا من أقدارِ التَّاريخِ وصُنَّاعِهْ
مثلَ حماماتِ الغارِ، وكانَ حَواريَّ رسولِ اللهْ
حاملَ أختامِ الدَّولةِ مُذُ كانَ صَبِيّا، يُنْفِقُ دَمَهُ في ساعاتِ الهجرةِ حتَّى
لا تعلَمَ يَدُهُ اليُسْرى ما بَذَلَتْ يُمْناهْ
لم يَتَزَعْزَعْ أو تَفتِنْهُ الدنيا ،…. أوليسَ القائلَ غُرِّي غيْري
حتَّى استَحْيَتْ من عِفَّتِهِ دُنْياهْ

أعداءُ رسولِ اللهِ وُقوفٌ عندَ البابِ وكلُّ سيوفِ الحقدِ مُسمَّمَةٌ
ما إنْ نظرتْ في وجهِ عليٍّ إلَّا مُلِئتْ رعبا
رجلٌ لا يخشى الموت ولكن الموت جبانٌ يخشاهْ
قومٌ بَذلوا أنفسهمْ طاهرةً
حتَّى عزَّتْ بالإسلام نفوسٌ شامخةٌ
وارْتَفَعَتْ من بعدِ سجودِ الشُّكرِ جِباهْ

في بدرٍ.. والبطشُ الأعمى، وغُرورُ القوَّةِ والسيفِ، وخيلُ قريشٍ
تخْلَعُ قلبَ الصحراءْ
لمْ يهتز الدِّرعُ بصدرِ عليٍّ ، لمْ تُرْهِبْهُ النَّعرةُ والخُيلاءْ
فَتَقدَّمَ أولَ جُنْديٍّ في المعركةِ الأولى
لم يتخاذلْ أو يتخفَّى بين صفوفِ الجُبَناءْ
لِيَرُدَّ غرورَ أبي جهلٍ والجهلاءْ
حتَّى إن جندلَ ( وُدّا ) في الخندقِ ؛ لم يغنمْ دِرعًا كان يواري سوءَتَهُ
فَعليٌ لا يكشفُ حتَّى عوراتِ الأعداءْ

أشهدُ أنَّ عليّا أيقونةُ تاريخِ الإسلامِ‘ وأفقَهُ أهلِ الأرضِ، وسيِّدُ ساداتِ التَّقوى
وإمامُ النُّبلاءْ
كانَ شهيدَ الفتنةِ لكنْ لم يُشعْلَها أبدا
فعليٌّ يعلمُ؛ أنَّ الحُكْمَ أمانةُ عُنقِ القائدِ، ليسَ الحُكْمُ مُغامَرةً ومُقامرةً
لِيَضيعَ الشَّعْبُ الأعزلُ في مذبحةٍ خاسرةٍ
وتَطيرَ بِفَوْضاهُ رِقابُ الشُّهداءْ
هذا يقتلُ هذا وفَصائلُ تَذْبَحُ أُخرى
ولِواءٌ يَقْصِفُ بعدَ التَّكبيرْ لواءْ
ويموتُ الأطفالُ بعُرضِ البحرِ وَمَنْفِيِّينَ بلا سَقْفٍ يَسْتُرُهُمْ
أوْ كَفَنٍ أوْ قَبْرٍ
ليسَ بعالمِنا هذا مقبرةٌ للغُرَباءْ
حينَ يضيقُ ترابُ الأوطانِ ويَلْفِظُ جُثَّتنا والأشلاءْ
ويُهَجَّرُ عن طينِ الآباءِ الأبناءْ
لا خبزٌ أو أرضٌ أو دارٌ وغِطاءْ
تَنْكَسرُ نفوسٌ كانتْ شامخةً
وَتُعَفَّرُ شَيْبَةُ آباءٍ وتُذَلُّ نساءْ
________
# من عرض نور النبوة _ المسرح القومي المصري

محمود حسن

 

أ.ش

المصدر: الوفاق/ خاص