بمناسبة اليوم الوطني له

الخليج الفارسي.. مهد الحضارة ورمز الهوية الإيرانية

ويعتبر الخليج الفارسي بأنه منهَض السلام والحضارة الايرانية وأحد أهم مناطق العالم الاستراتيجية حساسيةً، ذو الدور المصيري في التبادل الاقتصادي على صعيد الشرق الاوسط، وجعل موقعه ومكانته الهامة، ايران إحدى القوى العظمى في المنطقة

 

 

تمت تسمية يوم 30 ابريل في التقويم الرسمي الایراني باليوم الوطني للخليج الفارسي وذلك بمناسبة طرد المحتل البرتغالي من جزيرة هرمز وتحرير الخليج الفارسي على يد القوات الايرانية عام 1622 ميلادي. ان اسم الخليج الفارسي الذي تمتد جذوره في أعماق التاريخ البشري هو رمز للهوية الإيرانية ومجد للمنطقة.

تتأثر شواطئ هذه الحدود الزرقاء من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب بالثقافة العميقة والأصيلة الناشئة في هذه المنطقة، فهناك العديد من القواسم الثقافية المشتركة في التجارة والتبادل التجاري، بالإضافة إلى مجالات فنية متنوعة من الهندسة المعمارية إلى الموسيقى، السياحة والطعام والملابس كلها مبنية على هذه الحقيقة.

وفي الوقت نفسه، فإن الجانب البارز والقيّم لمضيق هرمز والخليج الفارسي هو الحياة الثقافية والفنية لشعب هذه المنطقة، والتي تجتمع مع قوتهم الاستراتيجية وتفكيرهم الحدودي لإظهار آثار الحضارة طويلة الأمد بشكل رائع. وتجلياتها الجديدة بحلة أكثر ثراءً وتقديمها للعالم.

 

اليوم الوطني للخليج الفارسي

 

اليوم الوطني للخليج الفارسي هو يوم الفخر والسلطة والبهجة والشجاعة للإيرانيين، يعد 30 نيسان يوماً مهماً في تاريخ إيران. يوم يُذكِّر بتضحيات شعب إيران الأبي وهروب الغزاة البرتغاليين بعد 117 عاماً من السيطرة القمعية على الساحل الجنوبي للبلاد.

 

وقد قام المجلس الأعلى للثورة الثقافية عام 2006 بتسمية 30 نيسان /ابريل من كل سنة (الذكرى السنوية لطرد البرتغاليين من مضيق هرمز) باليوم الوطني للخليج الفارسي نظراً الى استهداف بعض الدول للهوية الثقافية والتاريخية للشعب الايراني وبناء على توصية تقدم بها مجلس الثقافة العامة.

 

ويُوصف الخليج الفارسي بأنه منهَض السلام والحضارة الايرانية وأحد أهم مناطق العالم الاستراتيجية حساسيةً ذو دور مصيري في التبادل الاقتصادي على صعيد الشرق الاوسط، مما جعل موقعه ومكانته الهامة، ايران إحدى القوى العظمى في المنطقة.

 

ويُعتبر الخليج الفارسي ضمن البحار الاربعة التي كان اليونانيون القدامى يعتقدون بأنها تنبع من أكبر محيط في العالم وكان الجميع آنذاك يسميه بخليج “فارس”.

 

هذا ويتخذ الخليج الفارسي موقعاً هاماً بإعتباره ممراً نفطياً عالمياً ذا صلة وثيقة بالحضارة الايرانية وهو من الأسماء التي وردت منذ القدم في الوثائق والمراسلات والعقود بين الأقوام والشعوب الدانية والقاصية.

 

ويبدو ضرورياً للغاية صيانة تسمية الخليج الفارسي كخطوة وطنية نواجه بها نفوذ الأجانب ويجب أن يشارك في ذلك جميع الاجهزة والمؤسسات المعنية لصيانة هذه التسمية المتجذرة في المعتقدات والقناعات الوطنية والدينية والنفسية للايرانيين.

 

ووفق ما ورد في المستندات والوثائق التاريخية والجغرافية الوطنية منها والدولية فإن الخليج الفارسي هو تقاطع وممر مائي دولي وميراث يمتد الى 2500سنة، كان تحت اختيار ايران والحكومات التي تولت زمام أمورها.

 

“لوحة داريوش في قناة السويس” تحمل اسمه

 

وقد أشار المؤرخون والوثائق القديمة إلى الخليج الفارسي على أنه “فارسي” منذ قيام الإمبراطورية الأخمينية (550 قبل الميلاد) في “بلاد فارس “.

 

وهنالك وثيقة يعود تاريخها الى 25 قرناً محفوظة في متحف لوفر الفرنسي تدل على وجود الخليج الفارسي وتاريخه إضافة الى “لوحة داريوش في قناة السويس” والمحفوظة حالياً في نفس هذا المتحف الفرنسي، تُعتبران من أقدم المصادر التاريخية التي حملت تسمية الخليج الفارسي وحفظتها الى الأبد.

 

هذا يصور الخليج الفارسي نموذجاً تاماً لخليج فارسي حصل على اسمه من تاريخه ولا يمكن محو تسميته هذه من الوثائق أو الأدمغة قط.

 

وجاء عنوان الخليج الفارسي في الكتب والمصادر التي لا تحصى التاريخية منها والجغرافية في العصور الاسلامية والعربية فضلاً عن استفادة هذا العنوان في عقود منظمة الامم المتحدة والمنظمات الدولية وإقرار خبراء القانون وخبراء الجغرافيا واصحاب الفكر من العرب والغرب بأحقية تسمية الخليج الفارسي.

 

ويوجد العديد من الوثائق حول التاريخ القديم للخليج الفارسي باعتباره الجوهرة الزرقاء لأرض بلاد فارس وان ترجمة مخطوطة “مسالك وممالك” والتي كتبه استخري عام 726 هـ (القرن الثامن الهجري) بخريطة للخليج الفارسي، تعتبر إحدى هذه الأعمال القيمة.

 

وتم تسجيل هذا الكتاب القيم في قائمة اللجنة الوطنية للذاكرة العالمية لليونسكو في ايران. رقم 1005 في 23 ديسمبر 1999 ويوجد في متحف الآثار والفنون في العصر الإسلامي التابع لمتحف إيران الوطني.

 

ووفقاً لما جاء في كتاب “وثائق عن تسمية الخليج الفارسي؛ تراث خالد من العهد القديم “فقد تم استخدام مصطلح الخليج الفارسي وما يعادله بشكل مستمر فعلى سبيل المثال اشار ابن بطوطة في كتابه “رحلة” الى اسم “بحر فارس”.

 

ويُعرف هذا المسطح المائي باسم “الخليج الفارسي” على جميع الخرائط المطبوعة قبل عام 1960، وفي معظم المعاهدات والوثائق والخرائط الدولية الحديثة.

 

کما تحلت جميع الخرائط الرسمية العالمية في الماضي والحاضر بتسمية الخليج الفارسي وجاءت في موقع ويكي بيديا بجميع لغاته – سوى اللغة العربية – أسماء معادلة تفيد “الخليج الفارسي”.

 

ويمكن ملاحظة ذلك في الاتصالات البحرية والملتقيات التي تقيمها سنوياً منظمة الامم المتحدة والمنظمات الدولية ودلالتها على الطابع الفارسي لعنوان هذا الممر المائي.

 

 

الامم المتحدة تؤكد أصالة عنوان الخليج الفارسي

 

وأكدت منظمة الامم المتحدة عبر البيانات التي تصدرها وعبر الخرائط الرسمية التي تنشرها أصالة عنوان الخليج الفارسي فضلاً عن دعوتها الهيئات الدولية للاستفادة من هذه التسمية في مراسلاتها الرسمية وفي وثيقة الامم المتحدة.

 

لكن البعض بسبب عدم إطلاعهم على هذه الوثائق وعبر إنفاقهم تكاليف باهضة يأتون على ذكر تسمية مزيفة عن الخليج الفارسي غايتهم منها لفت انتباه الايرانيين وإثارة غضبهم وهذا بالتحديد ما جعل الشعب الايراني يُبدي حساسية أكثر حيال الموضوع.

 

واعتبر محمد عجم أن قضية تبديل تسمية الخليج الفارسي بدأت منذ عقود ومازالت مستمرة وكان العرب وبعض الدول الغربية يظنون بأن عنوان الخليج الفارسي والخليج (العربي) المزيف كانا كلاهما متداولَين على مر التاريخ إلا أن موجة الاحتجاجات الإيرانية الشعبية والإعلامية بينت للجميع بأن التسمية الوحيدة لهذا البحر هي “الخليج الفارسي” حيث العرب أنفسهم في الماضي كانوا يوظفونها لتسمية هذا الخليج الفارسي وإطلاق صفة (العربي) على هذا الخليج الفارسي بدأت بعد عهد جمال عبد الناصر.

 

ورأى هذا الباحث بأن السبب وراء إطلاق بعض الدول العربية عنوان (العربي) على الخليج الفارسي منذ الستينيات كان نتيجة قضايا سياسية سايرتها في ذلك بعض الدول الغربية ناهيكم عن وصف مجلة أمريكية، ثلاث جزر ايرانية واقعة وسط الخليج الفارسي بأنها جزر مختلف عليها ما أثار ضجة وموجة احتجاج وغضب شعبي ايراني أرغم المجلة على الاعتذار وعلى حذف خريطتها المزيفة من صفحة موقعها الإلكتروني.

 

وأشار هذا الباحث في شؤون الخليج الفارسي وغرب آسيا الى أن تسمية “الخليج الفارسي” تم توثيقها عبر منظمة التراث الثقافي الايراني ويجب أن تماثلها خطوة لتوثيقها في منظمة اليونسكو وتوثيق العديد من الخرائط واللوحات الأثرية ذات الصلة عالمياً، واصفاً الخليج الفارسي بأنه كان ومازال مصدراً للاستقرار وباعثاً للسلام والثقافة الى باقي دول العالم.

 

أ.ش