في ظلّ الإحتجاجات الطلابية في الجامعات الأميركية، محللون من لبنان وفلسطين للوفاق:

طوفان الأقصى قسّم الداخل الأميركي والكيان الصهيوني خسر الجامعات فيه

خاص الوفاق: تطور ملفت تشهده الولايات المتحدة الأميركية فيما يخص القضية الفلسطينية سواء على المستوى الشعبي أو الحكومي، وهنا نطرح تساؤلات عديدة منها كيف قسّمت ”طوفان الأقصى” الداخل الأميركي؟ وأين مفاهيم حريات الرأي والتعبير التي تدّعيها أميركا أمام ما نشاهده من حالات قمع وإعتقال وتهديد بالسجون؟

2024-05-01

أمل محمد شبيب

 

”طوفان الأقصى” الحدث الذي غّير بوصلة العالم بإتجاه فلسطين، وترأست القضية الفلسطينية أمّ القضايا عند شعوب العالم ولو حاولت بعض الحكومات في العالم تجاهل هذا التطور. والذي لم يكن متوقعاً هو الأحداث التي نشهدها يومياً في حرم الجامعات في الولايات المتحدة من إحتجاجات طلابية واسعة تنديداً بالابادة الجماعية التي يرتكبها كيان الاحتلال الصهيوني ومطالبة بوقف الحرب، فيما تُواجه هذه التحركات والمواقف بالقمع والإعتقال في محاولة لإسكات الصوت ومنعها من أن تصبح قوة ضغط ذات شعبية أوسع ساهمت بشكل أو بآخر من تقسيم الداخل الأميركي، ورغم أنها ليست المرة الأولى التي توضع فيها قوات الأمن والشرطة بكامل عتادها بوجه الطلبة المحتجين، لكنها الأوسع والأهم والأكثر تطوراً داخل المجتمع الأميركي، وقد اقترح رئيس مجلس النواب مايك جونسون والسيناتور الجمهوري توم كوتون وجوش هاولي اللجوء إلى الحرس الوطني للسيطرة على احتجاجات الحرم الجامعي في جميع أنحاء الولايات الأميركية. من جهة اخرى، كتبت جريدة هآرتس الصهيونية أن ” إسرائيل خسرت الجامعات الاميركية” وأبدت قلقها من الوتيرة المتصاعدة للاحتجاجات التي تشهدها الجامعات الأميركية المناهضة للكيان الصهيوني والداعمة لوقف الحرب على قطاع غزة. إذاً تطور ملفت تشهده الولايات المتحدة الأميركية فيما يخص القضية الفلسطينية سواء على المستوى الشعبي أو الحكومي، وهنا نطرح تساؤلات عديدة منها كيف قسّمت ”طوفان الأقصى” الداخل الأميركي؟ وأين مفاهيم حريات الرأي والتعبير التي تدّعيها أميركا أمام ما نشاهده من حالات قمع وإعتقال وتهديد بالسجون؟ وكيف يرى الجانب الفلسطيني هذا التقدّم داخل الجامعات الأميركية؟ وهل يحمي القانون هؤلاء المتظاهرين؟ جريدة الوفاق أجرت تحقيقاً خاصاً حول طوفان الجامعات الأميركية مع مجموعة من المختصين تناولت فيه العديد من النقاط المهمّة في هذه القضية وفيما يلي نصّه:

 

 

 

طوفان الأقصى فضح السردية الصهيونية في حق الدفاع عن النفس

 

بداية اللقاء كانت من لبنان مع المحلل السياسي والأستاذ في العلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية الدكتور علي بيضون والحديث عن مواقف الطلاب في الجامعات في اميركا فيما يخص القضية الفلسطينية، حيث رأى بيضون أن هذه المواقف الطلابية الأميركية تجاه القضية الفلسطينية هي مسألة مهمة ومفصلية من خلال ما يقوم به الطلاب اليوم الذين يعبّرون عن الجانب الإنساني والأخلاقي في دعم القضية الفلسطينية والحرب التي يمارسها العدو الصهيوني وخصوصاً في غزة في المرحلة الأخيرة، رغم أن هذه الحرب دائرة منذ احتلاله لفلسطين في العام 1948 الى اليوم، ولكن اليوم معركة “طوفان الأقصى” والعدوان على غزة فضح الرواية والسردية الصهيونية وفضح ايضاً الرواية والسردية الأميركية في دعم الكيان الصهيوني واعطائه حق الدفاع عن النفس، وهنا النقطة المهمة، أن يخرج المثقفون في الجامعات والطلاب والنخب الثقافية والفكرية بالرغم من التضييق والضغط والحصار والتهديد بالسجن ودفع الغرامات وما الى ذلك، فالحكومة تريد من خلال كل هذه الممارسات التي لا تمتّ بصلة بحقوق الإنسان الى وقف هذا التحرّك المنقطع النظير، خصوصاً ان هناك أكثر من 29 جامعة في أميركا تُعتبر منطقة داعمة لليهود وداعمة للّوبي الصهيوني الذي يتحرك بقوة وبسهولة في هذا الإطار، لكن أن يقوم الطلاب اليوم بالإنقلاب على الرواية الأميركية وعلى الموقف السياسي الأميركي الرسمي، سيّما أن القادة في الحزب الجمهوري وفي الحزب الديمقراطي يدعمون الكيان الصهيوني بكل انواع الدعم وبشتى الوسائل، وهنا نقول أن إنكشاف هذه الدعاية الأميركية والإنقلاب عليها من قبل الطلاب ورفض الدعم لهذا الكيان والمطالبة بوقف الإبادة الجماعية يشكل فارقاً نوعياً، وهذا يعني الإختلاف في التفكير بين الطبقة السياسية والطبقة الشعبية، فالطبقة السياسية تفكر في جهة والشعب والطلاب والنخب الثقافية تفكر في جهة أخرى وهذه مسألة مهمة جديدة. كما أن تحرّر الطلاب من القيود السياسية التي كان يتمّ فرضها عليهم طيلة فترات طويلة ومحاولة تعطيل العقول والمفكرين في الولايات المتحدة الأميركية ومحاولة توجيه كل الأمور والمسائل بإتجاه دعم الصهاينة والكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة، كلها تصبّ في صالح أن يتحرك الطلاب وبالتالي أخذ وتوجيه الأمور نحو الضغط على القيادة السياسية وعلى الأحزاب مما سيفرض على الإدارة الأميركية أن تغيّر مواقفها تجاه القضية الفلسطينية في ايجاد حلول سريعة أو وقف الدعم لهذا الكيان الصهيوني.

 

تجاوز الكيان الصهيوني لكل القوانين الدولية أسّس لحراك طلابي أميركي

أما كيف قسمت القضية الفلسطينية الداخل الأميركي يرى الدكتور علي بيضون ان فلسطين كقضية خاصة في الجانب الإنساني والأخلاقي ومنع الإبادة الجماعية وتجاوز الكيان الصهيوني لكل القوانين الدولية أسّست لهذا التحرك اليوم في الداخل الأميركي الذي قسّم هذا الداخل، فداخل الولايات المتحدة الأميركية يوجد قسم يدافع عن المصالح الدولية ومصالح الكيان الصهيوني ومصالح دعم هذا الكيان بإستمرار، ويقابله مجتمع تحرّر من هذه المصالح، والطلاب اليوم من خلال الوعي السياسي والفكري والثقافي والإنساني، يرفضون هذا التدخل الأميركي ونراهم يقفون أمام دعم هذا الكيان الصهيوني وأمام منع إقامة دولة فلسطينية، والنتيجة من هذا التقسيم هو الذهاب الى تآكل المبادئ والقيم الأميركية التي بُنيت عليها الولايات المتحدة الأميركية، هذه المسألة بطبيعة الحال تؤكّد على أن هناك انقسامات جديدة في الداخل والمجتمع الأميركي، فضلاً عن أن المجتمع الأميركي منقسم على عناوين سياسية متعددة، منها الإقتصاد والضرائب والتغطية الصحية والإنتخابات الرئاسية السابقة، والتي افرزت انقساما عاموديا كبيرا جداً في الداخل، وايضاً اليوم على مستوى العناوين الخارجية هناك انقسامات كان أولها الموقف الأميركي من دعم الكيان الصهيوني وتغطية الإبادات الجماعية، وهذه مسألة بطبيعة الحال إحتلت مساحة مهمة عند جزء كبير من الشعب الأميركي بكل أحزابه وطوائفه والأديان الموجودة فيها والذي يرفض هذا التدخل الأميركي والتغطية على الإبادات الجماعية من منطلقات إنسانية وأخلاقية وايضاً هناك مصلحة للولايات المتحدة بأن لا تنغمس بمشاكل جديدة في العالم.

 

الولايات المتحدة الأميركية سقطت في إختبار حرية الرأي والتعبير

هي أميركا التي كانت تدّعي الديمقراطية وحرية الرأي والتعبير وحريات الإنسان، باتت كل هذه الشعارات اليوم لا تسمن ولا تغني من جوع، فالاعتقالات والقمع الذي تقوم به الشرطة وازدواجية المعايير أعطى للعالم كله الصورة الحقيقية لكل هذه الإدعاءات، وفي هذا المجال يقول الدكتور بيضون بأن الولايات المتحدة الأميركية اليوم سقطت في الإختبار الذي كانت تدّعيه بأنها هي حامية للديمقراطية وانها تصدر الديمقراطية وأنها كانت تحتل الدول لكي تنشئ فيها ديمقراطيات على صعيد الإنتخابات وحريات التعبير ومنع التعسّف والقمع وما الى ذلك من عناوين مزيّفة، لذلك نجد اليوم أزدواجية كبيرة جداً في هذه المعايير، فاميركا تحمي من يؤّيد السياسة الرسمية للإدارة الأميركية وترفض وتعتقل وتضرب وتزج في السجون كل من يرفض هذه السياسات الرسمية لا سيما الداعمة للكيان الصهيوني، وشهدنا تعاطي الشرطة بالقسوة وبعدم إحترام لحرية التعبير وحتى كبار السن وأصحاب المستويات العلمية والأساتذة والطلاب وكل الشرائح نزلت الى الشوارع رافضة هذه السياسة، لذلك نقول أن أميركا سقطت في هذا الإمتحان ولا يمكنها بعد اليوم أن تحاول إعطاء دروس في هذا الإطار ولا أن ترفض اي حالة ممكن أن تحدث في اي دولة من دول العالم.

 

المشاعر الإنسانية تجاه غزّة حرّكت الوعي السياسي في الجامعات الأميركية

مظاهرات وإحتجاجات ومواقف مشرّفة يقوم بها طلاب الجامعات في أميركا، وفي هذا الإطار نكمل حديثنا مع الدكتور علي بيضون مؤكداً أن الأسباب وراء هذه التحركات الطلابية والوقوف الى جانب القضية الفلسطينية كانت بالدرجة الأولى بسبب وضوح الصورة والمعلومات والصور والمجازر والعدوان الواسع الذي تبثّه وسائل الإعلام لحظة بلحظة وبشكل مباشر، ودور الصحافة من داخل مناطق ومدن وأحياء غزة، كل هذه الصور الحقيقية والواقعية التي شاهدها العالم حرّك المشاعر الإنسانية لدى الطلاب الذين باتوا يملكون اليوم الوعي السياسي والجرأة في إتخاذ مواقف منددة بهذه الجرائم وخصوصاً أن هذه السياسات الأميركية الظالمة لن تجدي نفعاً في حماية الكيان الصهيوني، إنما ستعود بالضرر على الولايات المتحدة الأميركية وعلى مصالحها وسوف تحرّك الشعب الأميركي من الداخل، فبهذا الإنقسام بين مؤيد ومعارض من الممكن أن تنتقل المشاكل والإضطرابات الى الداخل الأميركي بشكل أوسع، وكل هذا يضرّ بالمصالح الأميركية ليس فقط على المستوى الخارجي بل أيضاً على المستوى الداخلي وعلى مستوى وحدة الشعب الأميركي، فهذه مسألة أساسية أن تطالب مجموعة من الطلاب من النخب السياسية والإعلامية والثقافية والفكرية الذين يعلمون جيداً بطبيعة السياسات الأميركية وسياسات الإدارة الأميركية بوقف كل ما يدعم الكيان المحتل، وهؤلاء يجب أن يضغطوا أكثر لأنهم هم خط الدفاع الأول والأساسي عن المصالح العليا لأميركا وهم من يستطيعون تغيير سياسات هذه الإدارة من خلال المظاهرات والتجمّع واطلاق المواقف والتحركات المدنية والتحركات الشعبية السلمية في هذا الإطار، وشهدنا أن أميركا ضاقت ذرعاً من هذه التحركات ورفضت بأن يكون داخلها تحركات ترفض هذه السياسات لدعم الكيان الصهيوني.

 

الإستقالات في الداخل الأميركي دليل بأن السياسة الأميركية ليست على قلب واحد

ولم تتوقف ردودة الأفعال عند طلاب الجامعات الأميركية فقط، بل تبعه سلسلة استقالات من قبل بعض المسؤولين والموظفين في الولايات المتحدة الأميركية اعتراضاً على سياسة بايدن وسياسة الإدارة الأميركية بشكل عام فيما يتعلق بقضية غزة والحرب على غزة والغطاء الأميركي لهذه الحرب، وفي هذا السؤال يقول الدكتور بيضون أنّ كل ذلك يعبّرعن تململ من هذه السياسة الأميركية الظالمة، وعدم وجود وحدة او توحيد للمواقف السياسية والإعلامية في هذا الإطار، وما استقالة المتحدثة الناطقة باللغة العربية في وزارة الخارجية هالا قريط إلاّ تعبير عن رفض السياسة التي تتبعها أميركا في هذا الملف، وايضاً هناك استقالات حصلت سابقاً كإستقالة ألين شلين من مكتب حقوق الإنسان في الخارجية الأميركية وغيرها من الإستقالات وجميع هذه الإستقالات تعبّر عن اعتراض وعن كشف لما تقوم به الولايات المتحدة الأميركية في هذا الغطاء، وهذا بطبيعة الحال له دلالات ومؤشرات أنه ليس كل ما يقوم به بايدن وبعض وزرائه من دعم لأميركا في هذه الحرب مقبولا عند الكثيرين من المسؤولين، وهذا يدلّ على أن أميركا ليست على قلب واحد في هذه السياسة، وأن هناك من ينظر بطريقة مستقلة وشفافة وواضحة بأن ما يجري هي ابادة جماعية هي عملية حرب عدوانية يجب أن تتوقف، ومن الممكن أن تشهد أميركا استقالات جديدة ومتكررة لكي تضغط على الإدارة الأميركية لإتخاذ سبل معينة للخروج من هذا الدعم وايقاف الحرب بشتى الوسائل لأنهم يعلمون أن أميركا هي من تقف وراء قرار استمرار الحرب على غزة واستمرار معاناة النازحين والشعب الفلسطيني وتغطية جرائم الحرب وتغطية الإبادة الجماعية.

 

الجامعات في أميركا تؤثر على الرأي العام والمواقف الطلابية ستنسحب على الجمهور الأميركي

رغم كل المشاهدات الحية التي يشاهدها العالم من مواقف طلاب الجامعات في أميركا، إلاّ أن البعض يدّعي ان هذه المظاهرات والمواقف هي ازمة ثقافة عند الطلاب مقابل اعتقاد البعض الاخر انها ازمة سياسية عميقة، وفي هذا يرى بيضون أن الإنقسام في الشارع الأميركي أصبح واضحاً، والإدعاء أن هذه المظاهرات والمواقف هي أزمة ثقافة عند الطلاب ليست دقيقة لأن الطلاب لديهم وعي سياسي ويعرفون تماماً ما يقومون به وخصوصاً في ظلّ تواجدهم في داخل الأراضي الأميركية وإطلاقهم بجرأة عالية المواقف والشعارات ضد سياسات إداراتهم بالرغم من الضغوط وبالرغم من النتائج والأثمان في السجن والقمع والضرب وعملية القسوة التي تمارسها الشرطة وهم لا يزالون مصرّين على أن عملية اتخاذ مواقف مغايرة للإدارة ومواقف مؤيدة للقضية الفلسطينية ومواقف لقضايا التحرر في العالم، هناك انقسام سياسي صحيح وهناك أزمة سياسية في اميركا، والشعب اليوم من خلال هذه المظاهرات والمواقف والتجمعات يعبر عن أن اميركا لم تعد متوحدة حول قضايا سياسية في الداخل وفي الخارج، وهذا الإنقسام السياسي سيضغط في الإنتخابات المقبلة وستترك هذه التجمعات والمظاهرات والمواقف لدى الطلاب والنخب وستنسحب الى بقية الجمهور الأميركي والشعب الأميركي سيلحق بالطلاب وبالجامعات نظراً لتأثير الجامعات في الرأي العام، وان هذه الأزمة السياسية سوف تفضي الى مشاكل كبيرة جداً في داخل أميركا ومن الممكن أن ينفجر الوضع على المستويين الإقتصادي والأمني كما يوجد تهديد كبير في الإستحقاقات وخصوصاً إستحقاقات الإنتخابات المقبلة لأن ما يجري من مظاهرات قد يكون مؤشرا على أن التحرك الشعبي سوف يستمر ويزداد وسوف يرفض السياسات الأميركية السائدة التي ترجع بالضرر على الشعوب على المستوى الإقتصادي من خلال النفقات العسكرية والمالية والإقتصادية وزيادة الضرائب والمديونية والأعباء في أميركا فضلاً عن افتعال الحروب الذي سيزيد بالإتيان بالنعوش والأموات والقتلى الأميركيين، لذلك هي مسألة اساسية بأن الولايات المتحدة الأميركية تعاني من أزمة سياسية كبيرة قد تفجّر الأوضاع على المستوى الإقتصادي والأمني.

 

 

رفع علم حزب الله في الجامعات الأميركية تعبير عن ايمان دفاع حزب الله عن القضية الفلسطينية

إذاً، ما يحصل في أميركا وداخل حرم الجامعات ليس أمراً عادياً، فأن يُرفع علم المقاومة الإسلامية في لبنان “حزب الله” داخل الجامعات، هذا يعني أن الطلاب باتوا يدركون أهمية حركات المقاومة والتحرّر في العالم والتي ترفض القهر والإستبداد، ويضيف الدكتور علي بيضون في هذه النقطة أن مسألة رفع علم حزب الله في داخل الولايات المتحدة الأميركية يعبّر عن ايمان الكثيرين من الشعب الأميركي أن حزب الله يقاتل ويدافع عن القضية الفلسطينية ويدعم غزة ويمثّل حركات التحرر في العالم، ويريدون أن يضغطوا على الإدارة الأميركية بأنهم سوف يطورون آدائهم ويدعمون حزب الله إعلامياً ويحاولون تبرئته من تهمة إدارة الولايات المتحدة الأميركية بان حزب الله “منظمة إرهابية” وبأنه يقوم بالإعتداء على “اسرائيل”… كل هذا يعبّر عن موقف اساسي بأن جزءاً كبيراً من الشعب الأميركي يؤّيد ما يقوم به حزب الله في لبنان ضد الكيان الصهيوني وأن الولايات المتحدة الأميركية هي من يجب أن تتراجع وان توقف الحرب وهذه ورقة ضغط كبيرة جداً من قبل الشعب الأميركي لا سيما الطلاب الذين يفهمون الكثير من المواقف الإيجابية التي تقوم بها حركات التحرر في العالم، ويعلمون جيداً كيف تقوم الولايات المتحدة الأميركية بممارسة الهيمنة والغطرسة وسلب حقوق الشعوب في موضوع اقامة الدول وتحرير الأراضي، وهذا تحوّل كبير داخل المجتمع الأميركي ونظرته لحزب الله والمقاومة بشكل عام، وهذه مسألة ستؤسس لمراحل جديدة في التعاطي مع الحزب والضغط على الإدارة الأميركية من أجل تقبل مواقف الطلاب في قضية ايقاف الحرب في غزة والتعاطي مع قوى التحرر في العالم.

 

 

حراك النخبة تجاوز ساحة النخبة في أمريكا

في موضوعنا ننتقل الى الحديث مع الإعلامي الفلسطيني والأستاذ المحاضر السابق في جامعات فلسطين مراد السبع، لنتعرف على الرأي الفلسطيني من كل ما يجري ويحدث داخل الجامعات الأميركية، والمواقف المشرّفة من الطلاب التي فاجأت العالم بالدعم القوي والإحتجاجات ضد الإبادة الجماعية التي يمارسها الكيان الصهيوني في غزة، إذ يرى السبع أن ما يحدث في الجامعات الأمريكية هو حراك النخبة بل يمكن أن نسميه تجاوز ساحة النخبة في أمريكا، هؤلاء الذين بدأوا بالإنتباه والإلتفات الى السياسات الأمريكية الخارجية من خلال أدوات السوشيال ميديا التي أبدع الفلسطينيون في ايصالها بالرغم من الحصار الشديد على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث نشروا وشاهد الجميع صور الأطفال الذين استشهدوا وصور النساء اللواتي تم قتلهن وصور الدمار والحرب والابادة الجماعية خاصة ان امريكا تدعم الكيان الصهيوني بالسلاح، وهؤلاء الطلاب وغيرهم من الشعب الأميركي هم الذين يدفعون الضرائب ويرفضون الدعم الأميركي لهذا الكيان المحتل من أموال الشعب ويشاركون بعمليات القتل، ولا بد من الإشارة أن هذه الفئة هي فئة نخبوية وهي فئة من الجيل الجديد الذي بات يدرك ابعاد السياسة الأميركية الخارجية، وهذه الفئة بحدّ ذاتها تزعج أمريكا لأنه في النهاية ستصبح هذه الفئة قادة رأي في المجتمع الأميركي، بمعنى أنهم ليسوا مشرّدين ويجلسون على جوانب الطرق كغيرهم في أمريكا وأوروبا، وهذه الثورة الجامعية التي يقوم بها الطلاب تزعج بلا شكّ كل من أمريكا والكيان الصهيوني لا سيما التعاطف والوقوف الى جانب القضية الفلسطينية ضد الجرائم الإسرائيلية في غزة.

 

طوفان الجامعات “لوقف الإبادة الجماعية ووقف الدعم الأميركي للكيان الإسرائيلي”

 

وفيما إذا كان طوفان الجامعات وبركان الغضب الذي يتفجر اليوم في هذه الجامعات هو فقط لوقف الابادة الجماعية التي يمارسها الكيان او يشمل دعم اميركا للكيان الاسرائيلي، يقول السبع أن هذا الطوفان في الجامعات يأتي بدرجة رئيسية نتيجة حراك الجاليات العربية المتواجدة هناك ومنها الجالية الفلسطينية المتواجدة في اميركا التي وقفت وطالبت بوقف الإبادة الجماعية التي يمارسها الكيان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والتي لم ولن تكون جميع المجازر والابادة الجماعية لولا دعم ومباركة أمريكية وتواطؤ عربي،وهذا ما حرّك الضمير الإنساني عند الشعب والطلاب، كما أننا شاهدنا متظاهرين كوريين وهنود وباكستانيين ومن كافة الجنسيات الذين يلتحقون بركب هذا الحراك الجامعي، وبالتالي هو حراك ذو حدين لوقف هذه الابادة الجماعية ووقف الاسناد الامريكي للكيان الصهيوني.

 

الحراك العالمي أعاد فلسطين الى خارطة العالم

وفي سؤال حول ما إذا كانت الحرب الصهيونية اليوم على غزة ايقظت الضمائر الانسانية حول العالم لا سيما الشعب الاميركي، قال السبع أن الحرب الصهيونية على غزة ومعركة طوفان الاقصى أعادت على خارطة العالم ان هناك ارضاً فلسطينية محتلة بدأت بتنبيه من قيادات النخبة في المجتمعات، وبالتالي استطاعت ارجاع القضية الفلسطينية على سلّم اهتمامات ذوي النخبة لدراستها والتعرف عليها، وبالتالي هذا الأمر سيُبقي فلسطين الان في اطار الحلول السلمية الشاملة والتي لن يرضى الشعب الفلسطيني بغير حل التحرير الكامل، لأن الرواية الفلسطينية بدأت تنتشر ليست من خلال القيادة الفلسطينية المتواجدة في الضفة، لأنها ضعيفة وغير آبهة لكل ما يجري، إنما من خلال الحراكات الطلابية في أميركا وفي غيرها .

 

مواقف طلاب الجامعات أقوى من مواقف الجامعات نفسها

نكمل حديثنا مع الإعلامي مراد السبع حول موقف كل من طلاب الجامعات، وفي هذا قال أن مواقف الطلبة اقوى من مواقف الجامعات نفسها، لأن الجامعات تهدف الى استقطاب الطلبة لتعزيز استثماراتها من ناحيتها المالية، وهذا هو موقف ادارة الجامعات في اي احتجاجات خوفا على مصالح خاصة لرئاسة الجامعة أو ادراتها بشكل كبير، لكن من المعروف انه يوجد حرم للجامعة يُعرف بـ “كامبس الحرم” ويسمح بفعل ما تراه مناسبا وفقاً للقوانين الداخلية من إحتجاج وإعتصام سواء نقابياً او سياسياً، كما يتوجب على ادارة الجامعة ان تسمح لهؤلاء الطلبة بالاعتصام والاحتجاج لأن الهدف ليس ادارة الجامعة في هذه الاثناء، بمعنى أنه أي ليس هناك مطالب نقابية او سياسية، لذا كان يتوجب على ادارة الجامعة السماح بالاحتجاج لأن الهدف مطالبة حكومتهم لوقف دعم الكيان الصهيوني ووقف تمويله بالسلاح، ورغم هذا نقول أن موقف ادارة الجامعات هو موقف متخاذل لأنهم اعتبروا أن الحفاظ على مصالحهم ومناصبهم أهم من إنسانية الإنسان في غزة، كما اعتبروا أن هذا الحراك سينتهي وبالتالي يجب عليهم ان يتخذوا موقفاً ليحافظوا على مناصبهم، وكما نعرف فإن جامعة كولومبيا يسيطر عليها اللّوبي الصهيوني وكل جامعة تكون تحت سيطرة اللوبي الصهيوني فالنتيجة اي استاذ جامعي أو أي قيادة جامعية هي مهددة بالانقراض وليس فقط بالفصل في حال دعمهم هذا الحراك، رغم ما شاهدناه من مواقف رائعة ومشرفة عند بعض الأساتذة الجامعيين في دعم الطلبة.

 

الرئيس الامريكي أمام هذه المظاهرات يتخوف كالذي يحكم في السياسة الخلفية في أميركا

حراك الطلاب وإحتجاجاتهم وضع الإدارة الأميركية أمام عجز في كيفية التعامل مع هذه الإحتجاجات، لا سيما أن المجتمع الأميركي يستعد لإنتخابات مصيرية كالعادة، وفي سؤالنا عن موقف الرئيس الأميركي بايدن العاجز عن كيفية التعاطي مع القاعدة الشعبية الاساسية في المجتمع الاميركي فيما يخص القضية الفلسطينية، أكّد السبع أن الرئيس الامريكي بايدن وامام هذه المظاهرات اصبح يتخوف مثله مثل الذي يحكم في السياسة الخلفية في أميركا لأن هذه النخبة التي خرجت اليوم هي التي ستتولى بعد عشر سنوات او عشرين سنة قيادة المجتمع الاميركي ومنهم من سيكون أعضاء كونغرس ايضاً. وهذه القاعدة الشعبية اليوم لديها رئيس ولديه الان توجهات ضد السياسة الامريكية الخارجية الامريكة في دعم الكيان الصهيوني ، فبالتالي سيقومون بتطبيق هذه السياسات في حال استلموا زمام المبادرة والحكم في فترة من الفترات.

 

“معاداة السامية” شماعة بلا مفاصل ومخلوعة

إذاً، انكشفت حقيقة أميركا أمام جميع شعوب العالم، وهي الدولة التي كانت قيّم معاداة السامية، هذه الشمّاعة التي حملها الكيان الغاصب منذ العام 1948 وحتى اليوم، وفي هذا أشار السبع بأن هذه الشماعة معاداة السامية ستبقى معلقة الى أبد الآبدين، لكن على شعوب العالم اجمع أن تعرف أننا نحن ايضا “ساميون”، وما يدّعيه الكيان الغاصب من “معاداة السامية” لن تكون كما كانت في السابق ضمن الانظمة القانونية لأميركا وغيرها من الدول، الجميع اليوم سيقفون عند هذه الشماعة وستبقى شماعة بلا مفاصل ومخلوعة وغير جذابة رغم أنها حتى هذه اللحظة لا زالت تطرق اذان الكثيرين الذين يرون في معاداة السامية معاداة لليهود، لكن نحن لا نعادي اليهود نحن نعادي الصهيونية وما يُسمى “إسرائيل” لأنه كيان محتل للأراضي الفلسطينية.

 

مظاهرات النخبة تظهر للعالم كذب وخداع الرواية الصهيونية

تضامن عالمي واسع الى جانب القضية الفلسطينية لفّ جميع دول العالم دون استثناء، كما أنها ليست المظاهرات الاولى للطلاب في الجامعات الأميركية وإن كانت هي الموجة الأوسع، وهنا سألنا الإعلامي مراد السبع كيف سترخي هذه المظاهرات بظلالها على الداخل الأميركي، يرى السبع بأن هذه المظاهرات للنخبة في المجتمع الأمريكي ستعمل على تنبيه المواطن الاميركي بأن الرواية الصهيونية هي رواية مغلوطة، بينما الرواية الفلسطينية هي الرواية الحقة وهذه هي الوقائع والحقائق من خلال ما يتم نشره في الإعلام الداعم للقضية في فلسطين، وأن هذا الكيان المحتل يمارس ابادة جماعية بحق شعب أعزل ويتذرع بأنه يريد القضاء على حركة حماس، لكن حماس في النهاية هي أحد أذرع المقاومة الفلسطينية من أجل التحرر والاستقلال، وسيكون هناك من يدافع عن هذه الحركة في أميركا وسيكون هناك قيادات ترفض ما يقوم به الكيان في فلسطين.

 

الكيان الصهيوني متخوف من ردود فعل سلبية تجاهه

اما على صعيد الداخل الصهيوني وموقفه من خطوات الطلاب في الجامعات الاميركية ومع اعتراف الكيان الصهيوني نفسه بأنه خسر الجامعات في الداخل الأميركي، أكّد السبع أن الكيان الصهيوني منزعج جداً وهذا بناء على تصريحات سياسيين كبار داخل الكيان الغاصب، والسبب الأكبر للإنزعاج هو هذا الحراك الطلابي في الجامعات وكيف إستطاعت الارادة الفلسطينية من الوصول الى مجتمع النخبة في اميركا، ومن الطبيعي لهذا التطور على مستوى الجامعات الأميركية أن يجعل الكيان الصهيوني متخوفاً من ردود فعل سلبية تجاهها فيما يتعلق بدعم الاسلحة، ورغم ما نتوقعه من خبث ودهاء اكثر من الجانب الاميركي للإلتفاف على ارادة هذه النخبة من طلبة الجامعات.

 

صورة الكيان الصهيوني بدأت تهتز: فلسطين حرة” و “من البحر الى النهر”

ورغم هذا التخوف الصهيوني من هذه الإحتجاجات، إلاّ أن هذه المواقف الطلابية حملت معها آثاراً سياسية على صورة الكيان الصهيوني في الغرب، وهذا ما أكّد عليه السبع بأن صورة هذا الكيان بدأت تهتز، لكن حتى الاهتزاز يتحول إلى إنحدار او إنهيار يجب ان يكون هنالك مواقف سياسية ومواقف عسكرية من دول مجاورة ومن دول أخرى لمنع الكيان الصهيوني من مواصلة احتلاله للأرض الفلسطينية، والذي يميز هذا الحراك أنه يرفع شعارات “فلسطين حرة” و “من البحر الى النهر” وهو الشعار الوطني الحقيقي وليس فقط غزة، فغزة هي جزء من فلسطين المحتلة منذ العام 48 ، هذا الكيان الغاصب هو فلسطين من البحر الابيض المتوسط وحتى نهر الاردن، هذه هي فلسطين، هذه الشعارات التي يرفعها النخبة الان ستعيد أمجاد القضية الفلسطينية منذ أن بدأت قبل عام 1948م الى مجدها الخالد.
إذاً استطاع الطلاب في أميركا والمظاهرات في دول العالم أن تعيد المجد للقضية الفلسطينية التي تجاهلتها الكثير من حكومات العالم، لكن الحق يُقال أن النخبة الثقافية وبكل كلمة وشعار دعماً للقضية الفلسطينية ترك بصمته عند الجميع.

 

 

التظاهر حق دستوري مكفول للطلاب ولجميع المواطنين

ومن الجانب القانوني، كان لنا وقفة مع شخصية قانونية تمنّت عدم ذكر اسمها لأسباب أمنية، قال بأن المحامين في فلسطين وغيرها من الدول ينظرون الى هذه المتظاهرات على انها وسيلة فرعية للتعبير عن الاراء والمطالبة واحداث التغيير، فالتظاهر او الحق التجمعي السلمي هو بمثالة حق دستوري مكفول لجميع المواطنين، طبعا نحن نتكلم عن مواصيف واتفاقيات دولية اكدت على هذا الحق بما فيها الاعلان العالمي لحقوق الانسان عام 1948 لمادة 19 التي تحدثت عن الحق في التعبير عن الاراء سواء قول او كتابة.
المظاهرات التي تحدث حالياً في الجامعات الامريكية او الغربية بشكل عام سواء كمحامين او طلاب حق سلمي دستوري هدفه مشروع وهو المطالبة بالضغط على صناّع القرار، منها مثلا وقف التضليل او ما الى ذلك او المطالبة بوقف الحرب الجارية حالياً في غزة. إذاً نحن نتحدث عن مواثيق دولية ايضا، كما أننا نتحدث عن الاعلان العربي لحقوق الانسان هناك ايضا العهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية العام 1966 المادة 21 من هذا العهد وقررت على انها حق المواطنين في التظاهر التجمعي السلمي ولا يجوز فرض اي قيود لهذه الحقوق، والطريقة السلمية يعني ان لا يكون هناك اعتداء على المرافق العامة أو على المرافق الجامعية او انه يصل الى درجة التحريك او الضرب او ما الى ذلك من وسائل العنف، المهم في الموضوع ان هناك حرية في التعبير عن الرأي، وكل هذه الاحتجاجات هي هدفها مشروع فيما يخص دعم القضية الفلسطينة وغزة، وشاهدنا في المحافل الدولية كيف وصلت القضية الفلسطينية وكيف اصبحت على مربع اولويات المجتمع الدولي.

 

الإحتجاجات الجامعية ستضغط على صنّاع القرار وستحدث التغيير

اذن، لو قمنا بضمّ هذه الاحتجاجات الى بداية الاحداث فإن حجم التضامن الدولي سيزداد، والمظاهرات التي خرجت مطالبة بوقف الحرب أوصلتنا الى نقاط ايجابية كبيرة اهمها الاعتراف بالدور الفلسطيني ، لهذا فإن الضغط على صنّاع القرار من اجل احداث التغير يندرج ضمن كيفية الدعم الخارجي للقضية الفلسطينية، وهذه ليست المرة الأولى التي نشهد فيها مظاهرات في الجامعات الأميركية، هذه الإحتجاجات اليوم ستحصل على نتجيتها وهي وقف الحرب ووقف التمويل او ما الى ذلك وكله سيصب في مصلحة القضية الفلسطينية.

 

 

قمع الطلاب في التظاهرات تعدّ على الحقوق المدنية للطلاب

وحول تعامل الشرطة مع الطلاب والموقف القانوني من هذا التعامل، نذكر أن الحق السلمي وحق التظاهر هي بالتاكيد حقوق دستورية قانونية اكدت عليها الاتفاقات الدولية، لذا يجب على اجهزة الأمن او الشرطة المدنية احترام هذه الحقوق، بل يجب حماية المتظاهرين بالطرق المشروعة ولا يجوز ان يكون هناك قمع واعتقالات بطريقة غير مشروعة لمثل هذه الاحتجاجات او تصل الى حد العنف والإعتداء على الحقوق المدنية والسياسية التي يمارسها الطلبة المحتجين امام الجامعات او امام مراكز صنع القرار، بل يجب ان المعاقبة على اي اعتداء على هذه الحقوق، ومن حق الطلبة التقدم بالشكاوى ضد اجهزة الامن والمطالبة في التعويض عن اي ضرر قد لحق بهم سواء مادي او نفسي وما الى ذلك.

 

أ.ش

المصدر: الوفاق/ خاص