الربع الساعة الأخيرة.. “إسرائيل” تتخبط

لم تشهد "إسرائيل" في ذروة تراجعها خلال سنوات خلت تخبطًا سياسيًّا وأمنيًّا وعسكريًّا لحسم قرار، كما تشهده الآن.

2024-05-05

مع وصول وفد حركة حماس إلى القاهرة، تزامنًا مع وجود مدير السي أي اي وليام بيرنز، والذي لا يغلق هاتفه مع بايدن، كما يوحي الأخير، لإنجاز صفقة وقف إطلاق نار في غزّة، تسرب “إسرائيل” عبر مصدرها “الملك” تراجعها عن إرسال وفد إلى القاهرة، وتردف ذلك بحديث ذات المصدر “الملك” برفض وقف الحرب وضرورة الدخول إلى رفح.

 

المصدر الملك هو بنيامين نتنياهو نفسه، الذي فضحته وسائل إعلام “إسرائيلية” متعددة عن لعب هذا الدور لتعطيل “الصفقة” نتيجة حسابات سياسية تخصه، في إشارة إلى حكومته التي تضمّ متطرّفين كسيمورتش وبن غافير الذي قال إنه يرفض الصفقة ويريد دخول رفح، وهو ما وعده نتنياهو به، وهو الذي سبق وهدّد الأخير بالانسحاب من الحكومة حال توقيع صفقة تشمل وقفًا لإطلاق النار.

 

معارضو نتنياهو وحكومته، على رأسهم لابيد، يدفعون نحو الصفقة. وما يسرب عن رأي مجلس الوزراء يعكس ما يتحدث به نتنياهو وعمادا ائتلافه بن غافير وسيموريتش، إذ ثمة آراء متعددة، بين من يريد الصفقة، وبين من لا يريدها، وبين من يريد جزءًا منها، وكلّ  لحساباته.

 

ما يجري داخليًا، وفي ظلّ  الضغوط الخارجية، الأميركية تحديدًا ولو بنسب معينة، يشي بتخبط كبير، وقد يكون للأمر مبرراته.

 

تشير الوقائع إلى أنه إلى جانب حاسابات نتنياهو السياسية، ثمة تحديات أمنية وما يتعلق بالردع قد تعاظمت، ولم تجد الحرب على غزّة لها حلولًا، بل زادت من تعقيداتها، سواء في ما خص أهداف الحرب واستعادة الردع، أو المأزق المتعاظم شمالًا حيث يطبق حزب الله على جيش الاحتلال فارضًا إرادته ومتحكمًا بزمام المبادرة، كذلك قدرة الحزب على فرض ردع يمنع “إسرائيل” من توسيع الحرب، إلا إذا قررت الجنون أو الانتحار.

 

هذه التحديات القريبة، مضافًا إليها التحدّي اليمني، وكذاك تمكّن طهران من فرض قواعد اشتباك جديدة بعد الضربة التي وجهتها للعمق “الإسرائيلي”، تدفع نحو التخبط في اتّخاذ القرار، خصوصًا أن لكل قرار تداعياته سواء بوقف الحرب، أو إكمالها وتوسعتها أو حتّى البقاء صمن الحالة القائمة من الاستنزاف مع ما يعنيه ذلك من خسائر على المدى القريب والمتوسط والبعيد دون وضوح لماهية الحلول.

 

المشكلة “الإسرائيلية”، زادت تعمقًا، بسبب ما تعانيه واشنطن أيضًا، فالأخيرة تخشى على مصالحها إن توسعت المواجهة، خصوصًا أنها لمست تهشمًا في قوة الردع لديها، إذ فشلت في منع جبهات الإسناد من التوقف، بل إن الجبهات هي من تتحكم بالأمور، وعند تدخلها لم تتمكّن من وقف “التهديد” – وفق منظورها – بل إنه زاد وتفاقم لحد وسع فيه اليمن من ضرباته متخطيًا الدفاعات الأميركية وضاربًا قوة الردع لديها بقسوة.

 

وعليه، إن التخبط في “تل أبيب” قد يكون مفهومًا، لذا يجب مراقبة خطواتهم، فاحتمال ارتكاب خطأ في التقدير أمر وارد، لكن الثابت هو أن قوى المقاومة وعلى رأسها الفلسطينية ثابتة على موقفها، وهو ما يفهم من الموقف المعلن لحماس والقاضي بأنه “لا اتفاق دون وقف النار”.

 

أ.ش

المصدر: العهد