مدير المكتب السياسي لإئتلاف ثورة 14 فبراير الدكتور ابراهيم العرادي من لندن للوفاق:

حرية المعتقلين والسجناء حق لهم، وملف سجناء الرأي ملف ثقيل على النظام

خاص الوفاق: تعمّد النظام الخليفي أن يحدث صدمة من صدماته عند الشعب، دون تبرير ودون معرفة الأسباب والأهداف، وهو الذي قطع كل أساليب الحوار والوصال مع المعارضة ورموزها

2024-05-08

أمل محمد شبيب

 

فجأة وبدون أية مقدمات وقُبيل عيد الفطر المبارك أصدر ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة قرار عفو شمل أكثر من 1500 معتقل من السجناء السياسيين وغير السياسيين بعد أن مضت أكثر من 13 عاماً على الثورة في البحرين في الرابع عشر من شهر فبراير عام 2011. توقعات وتأملات مختلفة رافقت الشريحة الأكبر من الشعب البحريني لا سيما عوائل المعتقلين والرموز والسياسيين والقياديين في المعارضة البحرينية تأمل أن يتم الإفراج عن الرموز النخبة الذين يستبدّ بهم النظام داخل السجون ظنّاً منه أنه سيحبس أصواتهم ويكمّم أفواههم عن المطالبات الحقّة العادلة، لكن أصواتهم ومطالبهم تعدّت حدود البحرين ووصل صداها الى الشعوب الحرّة الرافضة للظلم والاستبداد.

موجة الإعفاء هذه قد تكون أولى خطوات إنفراج الأزمة الوطنية، هكذا ينظر من يطّلع على خبر الإفراج، لكن لا تبدو أن هذه الإنفراجات طريقاً لحلّ الأزمة في البحرين، أصغر دول الخليج الفارسي وأكبرها أزمات وأعقدها، رغم ما تختزنه دول الجوار من ملفات حقوق الإنسان وسياسات كمّ الأفواه عند بعض دول الجوار.

إذن، تعمّد النظام الخليفي أن يحدث صدمة من صدماته عند الشعب، دون تبرير ودون معرفة الأسباب والأهداف، وهو الذي قطع كل أساليب الحوار والوصال مع المعارضة ورموزها، من اسقاط جنسية آية الله الشيخ عيسى قاسم إلى وضع الرموز وعلماء الدين وعلى رأسهم فضيلة الشيخ علي سلمان داخل السجون وإبعاد القيادات المؤثرة من الوطن واسقاط جنسية الكثير منهم.

أمام هذه الصدمة التي تترك الكثير من التساؤلات أجرت جريدة الوفاق لقاءاً مع مدير المكتب السياسي لإئتلاف ثورة 14 فبراير الدكتور ابراهيم العرادي تناولت فيه نقاطا مهمة كموقف المعارضة في البحرين من هذا الإعفاء وإمكانية حلّ محنة وطن تشكّل فيه الطائفة الشيعية القسم الأكبر، وسبب هذه القرار دون الرجوع للحوار مع المعارضة وغيرها الكثير من الإسئلة وعلامات الإستفهام.

 

 

ملف سجناء الرأي أصبح ملفاً ثقيلاً على النظام والإفراج عن السجناء للتخفيف من هذا الملف

من قرار العفو المفاجئ بدأنا اللقاء، حيث قال العرادي بأن النظام كعادته هو الذي يختار التوقيت، توقيت الإعتقال، توقيت الفصل من العمل، توقيت اسقاط الجنسية وكذلك توقيت الإعتقالات والإفراجات، طبعاً لا يشك أحد أن ملف سجناء الرأي في البحرين أصبح ملفاً ثقيلاً جداً على النظام وشوّه صورة هذا النظام بل كشفه على حقيقته، هذا القرار هو قرار آحادي الجانب، قرار الإفراج عن تقريباً ما يقارب نصف عدد سجناء الرأي، هدفه أن يجعل للنظام نفسه هالة إعلامية ورسالة للمجتمع الدولي “أني أقوم بالإفراج عن “الإرهابيين” بحسب قوله. لكنه أخطأ في كل هذه الحسابات واعتقد أن ما يٌسمى بـ “عيد اليوبيل الفضي” أي مرور 25 عاماً على حكمه، بأن هذه الإفراجات تزامنت مع هذا التاريخ، ومن هذه الإفراجات اراد إيصال رسالة أنني لا أحتاج الى المعارضة ولا أرضخ للضغط الشعبي ولا لضغط المنظمات الدولية إنما أنا إخترت التوقيت بهذه المناسبة بإسم “مكرمة” أو “عفو ملكي” مني. وطبعاً هذه الفرحة التي حدثت هي فرحة منقوصة حيث اختار أن يُبقي قسماً كبيراً من السجناء وقسماً كبيراً من الرموز داخل السجون، حيث أن هؤلاء موجودين على الإشارة الخليفية الحمراء أي أشارة “الإرهاب الحمراء” التي لا يريد لهم أن يخرجوا من السجن إلاّ جثثاً أو أمواتاً.

 

النظام الخليفي لا يعترف بالمعارضة والمطالب الشعبية مستمرة

الى قرار العفو وما إذا كان هذا القرار قد شكّل مفاجأة بعد هذه الأزمة خلال السنوات التي مضت إنتقلنا بالحوار، حيث أكّد العرادي إننا كمعارضة “لم نتفاجأ، فنحن نعلم جيداً أنه سيأتي يوم ويُفرّج به عن هؤلاء، لكن النظام أحبّ اليوم ان يُزيل قليلاً عن عاتقه بعضاً من الملفات الثقيلة، خاصة أن سجون آل خليفة وسجن جو المركزي بالتحديد هي بيئة غير صالحة حتى للإعتقال، بيئة غير صحية وسيئة جداً، فالإكتظاظ الموجود فيه يشابه الإكتظاظات الموجودة في سجون الكيان الصهيوني، ولهذا أحب النظام ان يخفف من هذا العدد، ليس بنية صادقة وليست رسالة للمعارضة لأنه هو من الأساس يقول “أنا لا أعترف بالمعارضة” ، والدليل على عدم الإعتراف هذا هو استمرار الإعتقالات وحالات الهجوم الدائمة على السجناء وخاصة ما حصل في “عنبر 5″ أكبر دليل على أن النظام يبيّت نية سيئة ويريد أن يقول للناس أن سقف اهتماماكم لا يجب أن يتعدى الإفراجات عن قسم من هؤلاء المعتقلين، لكن اليوم بفضل الله سبحانه وتعالى وبفضل عوائل الشهداء وعوائل المعتقلين والذين هم في مقدمة الصفوف، اليوم الشارع يحفل يومياً بالمظاهرات بل لم يتركوا التظاهرات اليومية، والإحتجاجات أمام مراكز الإحتجاز لم تهدأ ولن تهدأ حتى الإفراج عن آخر سجين سياسي في البحرين”.

 

 

السجناء والمعتقلون داخل السجون من خيرة أبناء الشعب البحريني والمفرّج عنهم أقوياء

وحول ردود الأفعال بعد إطلاق حرية هذا العدد الكبير من المعتقلين ظلماً وتعسّفاً، قال الدكتور ابراهيم العرادي بأنّ حكام آل خليفة أنفسهم صُدموا بمنطق هؤلاء المعتقلين، فقد اعتقد الحكّام أنه عندما يتم الإفراج عن هؤلاء السجناء فإنهم سيخرجون ضعفاء، وقد حاول الملك أن يروّج في الإعلام أنهم هكذا، لا بل والأهم أنه أرغم قسماً كبيراً منهم مع أسرهم أن يشكروا هذا الطاغية المجرم حمد وأنه هو صاحب العفو وعليهم أن يتوبوا وغيره.

 

 

مرحلة تبييض السجون في البحرين بالنسبة لحكام آل خليفة مرحلة رعب

وفي الحديث عن أبعاد الخطوة التي تمثّلت بالإفراج وما إذا كان من الممكن أن تتبعها خطوات أخرى ومنها تبييض السجون داخل البحرين، يرى العرادي أن جميع هؤلاء المعتقلين لم يتم اعتقالهم إلاّ لمجرد مطالبتهم بالحقوق والعدالة، هؤلاء المحتجزون سواء من تمّ الإفراج عنهم أو من بقي، هم من خيرة ونخبة أبناء شعب البحرين الطامعين بالحياة السياسية المستقرة والديمقراطية والحياة الكريمة، نحن نرى، كمعارضة، أن هذه الإفراجات اليوم هي خطوة ربما هدأت جزءاً من الشارع قليلاً، لكنها لم تهدأ كل الشارع وكل الملفات، لأن النظام يخاف من مرحلة ما بعد تبييض السجون، فهذه المرحلة، مرحلة تبييض السجون في البحرين، بالنسبة لحكام آل خليفة هي مرحلة رعب لأنه يعتقد في قرارة نفسه أنه اذا بُيّضت السجون وأُفرج عن الرموز سوف تعود الثورة والمطالب من جديد خاصة أنه لم يحلّ أي ملف من ملفات الثورة في البحرين والمطالبات الشعبية، الحكومة والنظام يرفضان، ولا فصل بينهما، لا يعترفان بالمعارضة ويصرحان بهذا الأمر وينعتان المعارضة بأشدّ النعوت وأسوأها، ويعطوها سمة “الإرهاب”، هم لا يعترفون بالمعارضة لأنهم لا يعترفون بالشعب أساساً.

 

 

آية الله الشيخ عيسى قاسم ومن خلفه المعارضة منفتحون على أية حلحلة تفضي تأسيس حياة سياسية

لماذا اخذ الملك هذا القرار دون الرجوع للحوار مع المعارضة او المرجعيات في البحرين وعلى رأسهم آية الله الشيخ عيسى قاسم؟ سؤال يطرحه كل متابع لملف البحرين بكل تفاصيله، وفي الإجابة يقول العرادي أن النظام يريد أن يستفزّ ويقهر الناس، ويريد ان يبيّن لهم أنني انا من أقرر ومتى أشاء الإفراج عن المعتقلين بذكرى اليوبيل الفضي، انا أقرر من افرج عنه ومن أبقيه لأن قرار الإعتقال هو قرار سياسي والإفراج قرار سياسي بإمتياز، جميع المطالبين بالحرية والعدالة وحتى عوائل باقي المعتقلين يؤكدون على وجوب النظام بالإفراج عن جميع المعتقلين بما أنه اتخذ هذا القرار السياسي، وما يلفت الإنتباه اليوم أن قسماً كبيراً من المعتقلين المفرّج عنه يتظاهرون مع عوائل المعتقلين الذين لا يزالون داخل السجون الخليفية، فهم يرون أن الكرامة والحرية يجب أن تكون للجميع، ونحن نتمنى أن تكون هناك إفراجات قريبة وأن تبرّد الساحة وتبرّد ملفاتها، آية الله الشيخ عيسى قاسم ومن خلفه المعارضة منفتحون على أية حلحلة تفضي الى الإفراجات وارجاع المبعدين وتأسيس متكامل لحياة سياسية يؤخذ فيها الحق السياسي الكامل الذي من أجله استشهد من استشهد واعتقل من اعتقل وأبعد من أبعد وهجّر من هجر… هذه هي ملفات الثورة، حرية وعدالة، ولم يتحقق منها شيء، النظّام حاول أن يصعّب ويعقّد ملفات الثورة لكي ييئس الناس دون الوصول الى اي حلّ، نحن كمعارضة متّحدون على أننا نريد حلّا سياسيا شاملا واقعيا ينصف شعب البحرين ويحقق مطالب ثورة 14 فبراير، وهي كلها مطالب حقوقية سياسية بإمتياز، الذي ينهي جميع الملفات هو الحل السياسي الشامل: الإعتراف بالمعارضة، الحوار على اساس ان يختار شعب البحرين نظامه السياسي وحكومته المنتخبة لا مثل حكومة اليوم، حكومة كرتونية مزيّفة ونواب معيّنون هم اشبه بالمهزلة والمتسلقة… طبعاً لا بد أن ترجع كل الأمور الى مضامينها الصحيحة لأن شعب البحرين لن يتنازل عن حقوقه السياسية.

 

 

شعب البحرين ورموزه خلف راية آية الله الشيخ عيسى قاسم

نكمل الحديث في قرار الإعفاء والمعارضة، ويكمل العرادي مؤكداً أن حكام آل خليفة وحمد آل خليفة عندما اتخذ قرار الإفراج عن قسم من هؤلاء المعتقلين لم يرجع الى الوالد الشيخ عيسى أحمد قاسم لأنه اساساً اسقط جنسية هذا المرجع الكبير، وهو يعرف أن قرار الشعب بيد الشيخ عيسى قاسم وكل شعب البحرين ورموزه خلف راية آية الله الشيخ الفقيه قاسم، وفي النهاية الشعب مستمر في طريقه ومطالبه والمعارضة مصرّة على حلّ سياسي شامل ولن تتنازل المعارضة عن حقوقها واهدافها.

 

 

النظام في البحرين أقصى الطائفة الشيعية من الحياة السياسية والثورة مستمرة بمضمونها الحقوقي

وحول ما إذا كانت هناك بعض المعايير التي تم اختيار المحررين على أساسها، يضيف العرادي بأنه لا توجد معايير معينة اتخذها النظام ليفرج عن المعتقلين، فقط إختار قسم منهم، أما القسم الآخر فهو يظن أنهم لن يخرجوا أما بسبب إنتقام شخصي منهم أو لشعبيته وعلى رأسهم الرموز، لأن حكام آل خليفة وتحديداً حمد ووزير داخليته راشد آل خليفة يعرفون ماذا يعني الإفراج ن الرموز، لأن هؤلاء الرموز هم اصحاب الشعبية الحقيقية والمصداقية في البحرين التي لا ينعم بها حكام آل خليفة، وهو يعرف ماذا يعني أن يسجن كل هؤلاء الرموز، فقد استثنى كل هؤلاء الرموز لأنه يعرف أن شعب البحرين يتبع الرموز ولا يتبع هذا النظام المارق، نحن نرى أنه لا بد ان تأخذ الأمور مسارها الصحيح ويعود النظام الى رشده ويغيّر عقليته لأن في كل عقد من الزمان يقوم الشعب بثورة تحمل عناوين مختلفة وبمضمون واحد وهو “الوقوف ضد الظلم وضد التمييز وضد الاضطهاد وضد إقصاء مكوّن كامل”، النظام في البحرين أقصى الطائفة الشيعية من الحياة السياسية ومن الحق السياسي بل نكّل فيها اشدّ انواع التنكيل.

 

 

النظام البحريني مضطر أن يتعامل مع إيران لأنها جمهورية قوية

 

رغم ما يحمله هذا الملف، ملف الإنسان البحريني وحقوقه، من نقاط مهمة تستوجب الوقوف عندها، لا سيما أن عمر هذا الملف بعمر الثورة وأكثر، نختتم هذا اللقاء مع مدير المكتب السياسي لإئتلاف ثورة 14 فبراير بسؤال لكل من اعتبر أن ايران هي الجهة التي ضغطت على السعودية في ملف السجناء السياسيين في البحرين، هنا رأى العرادي انهم كمعارضة لا يعتقدون أن النظام يريد ان يرسل رسالة ايجابية الى الجمهورية الإسلامية، بالعكس هو مضطر أن يتعامل مع الجمهورية الإسلامية لأنها جمهورية قوية وواقعية، ولا بد أن نذكر بأن ما قام به حمد في الزيارات الأخيرة عندما ذهب ليواسي ويبارك عبدالله الثاني ملك الأردن لأنه اسقط المسيرات الإيرانية المتوجهة نحو تل أبيب، فهذا النظام دائماً يرسل رسائل سيئة ولا يحترم دول المنطقة، لكن اليوم التغيرات الدولية لا تصب في مصلحة حكّام آل خليفة بل أنها ضد مساره، ولعلّ هذه الخطوة تأتي ضمن بعض التغييرات الدولية لأنه يعرف أنه في النهاية أميركا لن تحميه وستتخلى عن حمايته حتى البريطانيين لن يقدموا الحماية له، فهم يبحثون معه على مصالحهم، لذلك هذا النظام ليس له حلّ سوى أن يرجع الى الشعب ويكون الشعب هو مصدر السلطات.

 

أ.ش

المصدر: الوفاق/ خاص