الغزّيون بين شماليّ القطاع وجنوبيّه يخوضون مآسٍ في موجات نزوح متجددة

مئات الآلاف من مخيم جباليا وحي الزيتون شمالاً ومدينة رفح جنوباً، والتي ظل الاحتلال الإسرائيلي يزعم بأنها منطقة آمنة، اضطروا إلى النزوح من تلك المناطق ومراكز الإيواء إلى مناطق جديدة، على إثر تهديدات جيش الاحتلال باستهدافهم.

2024-05-15

يُعيد اشتداد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بعد 221 يوماً إلى مشاهد الأيام الأولى من الحرب، فجيش الاحتلال يُسعر هجماته الجوية والبرية، ويحرك مدرعاته وعتاده العسكري نحو المدنيين الآمنين من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب.

 

موجة نزوح جديدة لسكان شمال وجنوب القطاع، تسبب بها جيش الاحتلال المدجج بالأسلحة الأميركية والغربية، والتي يوجهها صوب السكان الآمنين.

 

مئات الآلاف من مخيم جباليا وحي الزيتون شمالاً ومدينة رفح جنوباً، والتي ظل الاحتلال الإسرائيلي يزعم بأنها منطقة آمنة، اضطروا إلى النزوح من تلك المناطق ومراكز الإيواء إلى مناطق جديدة، على إثر تهديدات جيش الاحتلال باستهدافهم.

 

ويبلغ عدد النازحين في قطاع غزة اليوم نحو مليونين، يتوزعون على مناطق لا يزال الاحتلال يستهدفها بالرغم من زعمه بأنها آمنة، أبرزها منطقة المواصي الواقعة غربي القطاع ما بين مدينتي دير البلح ورفح.

 

أمين عابد، شاب فلسطيني، رفض النزوح من مخيم جباليا شمال القطاع، وأصر على الصمود وتحدي تهديدات الاحتلال الإسرائيلي، يقول إنه رأى خلال الأيام الماضية مشاهد كارثية لنزوح السكان من مخيم جباليا نحو مناطق أخرى بعد استئناف جيش الاحتلال القتال بالمخيم.

 

ويفيد عابد، بأنه وبعد أشهر قليلة من توقف القتال وانسحاب جيش الاحتلال من المخيم، فوجئ السكان بحملة عسكرية جديدة تهدف بالدرجة الأولى لتهجيرهم من منازلهم وإجبارهم على النزوح إلى منطقة المواصي وسط وجنوب القطاع.

 

ومثل هذا المخطط، وفق عابد، لن ينجح الاحتلال في تنفيذه، خاصة وأن أعداد كبيرة من سكان شمال القطاع يرفضون النزوح من منازلهم، وإن كانوا مضطرين لتركها لفترة محدودة من الزمن، خاصة وأن السكان يقاومون جيش الاحتلال بطريقة خاصة واستثنائية.

 

ويشير إلى أن “جيش الاحتلال لم ينجح على مدار سبعة أشهر في تنفيذ مخططه إفراغ غزة وشمالها من السكان”.

 

وفي الجانب الآخر من القطاع، صدم مشهد نزوح مئات الآلاف من العائلات -النازحة أصلاً من مناطق متفرقة من غزة – من رفح إلى منطقة المواصي ومدينة خان يونس المدمرة العالم بأسره، بعد زعم الاحتلال بأن رفح (لا تمثل إلا 3% من مساحة القطاع) تحديداً منطقة آمنة قبل أن يعلن بدء عملية شبه محدودة في المدينة.

 

وعلى عجلة من أمرهم، حزم النازحون قسراً إلى رفح أمتعتهم وخيامهم وما يصلح لممارسة حياتهم اليومية من أجل النجاة بأرواحهم وأرواح عائلاتهم.

 

ويؤكد النازحون أنهم يعيشون، بسبب النزوح من مكان إلى آخر والتكدس في أصغر بقعة جغرافية على مستوى العالم، أهوالاً لا يمكن لإنسان تحملها، وفق النازح جلال أبو عساكر، والتي “تهدف بالدرجة الأولى للدفع الناس نحو الهجرة لخارج فلسطين”.

 

ويفيد أبو عساكر، بأنّ النازحين يعيشون أصعب حياة بسبب نقص الخدمات والبنى التحتية، واضطرارهم كل فترة للنزوح إلى مكان جديد.

 

ووفق أبو عساكر، فإنّ “موجة النزوح الأخيرة من رفح كانت الأصعب على الجميع، خاصة وأنهم لأشهر حاولوا التأقلم مع الأوضاع الصعبة في المدينة التي استقبلت مئات الآلاف، وزعم الاحتلال أنها المنطقة التي لن يُمسوا فيها بسوء”.

 

ويؤكد أنه “من غير المستبعد أن يقدم جيش الاحتلال على إجبار النازحين للنزوح مجدداً من المواصي تحت مزاعم جديدة، وأنه يريد أن يترك قطاع غزة بأكمله مدمراً ولا يصلح للحياة، ما يجبر سكانه على الهجرة إلى مناطق أخرى”.

 

وحسب المنظمات الدولية، فإنّ أكثر من مليون نازح من مدينة رفح اضطروا للنزوح إلى منطقة المواصي ذات المساحة الجغرافية الصغيرة جداً، والتي تفتقر إلى أدنى الاحتياجات الإنسانية، إضافة إلى نزوح الآلاف من مخيم جباليا بسبب حرب جيش الاحتلال على تلك المناطق.

 

ويقول خالد مرتجى، النازح من رفح إلى خان يونس المدمرة، إنه اضطر للنزوح أكثر من مرة خلال الحرب الإسرائيلية على غزة؛ إلا أن هذه المرة هي الأصعب بالنسبة له ولعائلته، مؤكداً أن الاحتلال يُصعّب حياة السكان ويحاصرهم في كل مكان.

 

ويفيد مرتجى، بأن فقد الكثير من الأمتعة وخيمته التي حصل عليها منذ النزوح الأخير بسبب عدم قدرته على نقلها من رفح إلى خان يونس.

 

ويضيف: “لا نمتلك أدنى مقومات الحياة ونضطر للنزوح داخل غزة؛ إلا أن ذلك لا يعني بالمطلق الهجرة إلى خارجها وتسليمها للاحتلال الإسرائيلي”، مؤكداً أن حديث الاحتلال عن مناطق آمنة في غزة “كذبة كبيرة”.

 

أ.ش

المصدر: الميادين