الوفاق / خاص / موناسادات خواسته
المقاومة وأدب المقاومة موضوع دائماً حي، كلماته كرصاصة تستهدف العدو، وكالنسيم الرائع تدخل في نفوس أحرار العالم، أدب المقاومة بمختلف أقسامه من الرواية والشعر وغيره، موضوع خالد دائماً، فتقام له المهرجانات، ومن أهم وأشهر القضايا هو موضوع فلسطين، فقبل فترة أقيم مهرجان جائزة فلسطين العالمية للآداب، حيث تم الإعلان عن أسماء الفائزين بأقسامه الأربعة، فكانت الكاتبة الإيرانية القديرة “مريم مقاني” من ضمن الفائزين بقسم الرواية، فهي أديبة وناشطة اجتماعية وفنية وكاتبة سيناريو، ولها نشاطات عديدة في مجال الأنيميشن والتأليف، حيث فازت بعدة جوائز أدبية، فبهذه المناسبة اغتنمنا الفرصة وأجرينا معها حوراً، وفيما يلي نص الحوار:
بداية تفضلي ما هو دافعك وحافزك لبدء الكتابة وخاصة كتابة الرواية عن فلسطين؟
بدأت الكتابة بموضوع عن فلسطين، كتابي الأول، وهو المجلد الأول من رواية أعيني في القدس، نُشر عام 2009 وحصل على تقدير مستحق في مهرجان “بروين إعتصامي” الأدبي.
حتى اليوم، تم نشر سبعة كتب أخرى من تأليفي، والتي تتناول مواضيع أخرى، لكن اهتمامي بالكتابة عن أرض فلسطين جعلني أكتب عملين في هذا المجال حتى الآن.
وقد كتبت رواية “أعيني في القدس” عام 2010، والتي كانت تتمة للعمل السابق، لكنني أعدت كتابتها وطبعها العام الماضي، لم أحصل على أمر من أي مكان لتأليف هذا الكتاب، لكنني كتبته حسب اعتقادي وفي الحقيقة كان أمر الكتابة من نفسي.
بالنسبة لنا، نحن الشعب الإيراني، فلسطين هي رمز ضد الاستبداد لمحاربة الظلم ومقارعة الإستكبار، القضية الفلسطينية إحدى الركائز الأساسية للثورة الإيرانية عام 1978. ولا تزال من الموضوعات الساخنة والمهمة في بلدنا.
يحتمل أن يكون العالم العربي يتابع القضية الفلسطينية لأسباب قومية، لكن في إيران، نحن حساسون تجاه فلسطين فقط وفقط لأن القدس قبلتنا الأولى كمسلمين، وأيضاً بسبب مقارعة الإستكبار العالمي، ولها كرامة أيديولوجية بالنسبة لنا.
ما رأيك بمهرجان جائزة فلسطين العالمية وما هو أثر إقامة مثل هذه المهرجانات؟
إلتقيت ببعض الفلسطينيين خلال الحفل في بيروت، ورأيت السعادة والسرور في أعينهم.
وكانوا سعداء للغاية لأن كان من المقرر أن يصل صوت مظلوميتهم إلى آذان شعوب العالم وأن أخبار فلسطين ستنقل في مقدمة الأخبار في المنطقة والعالم. يمكن تلخيص كل تأثير جائزة فلسطين العالمية في عنوانها، وهي عولمة قضية فلسطين.
إذا فهم محبو الحرية في العالم ما يفعله الكيان الصهيوني المغتصب بالنسبة لفلسطين، فسوف يكرهون الكيان الصهيوني، لأن جوهر الصهيونية هو الهيمنة وتريد فرض هذه الهيمنة على كل العالم.
إذا عُرف الجوهر الحقيقي للكيان الصهيوني، فسيتم عزله ومن ثم تدميره، ولا يمكن لشيء مثل أدب المقاومة ان ينتشر في العالم ويبقى خالداً.
كيف نشأت فكرة تأليف كتابك الجذاب والخالد الحائز على الجائزة وما هو الغرض من كتابته وما هي مشاعرك عندما فزت؟
كما قلت، تعود الفكرة الأولية لكتابة هذا العمل إلى عام 2009، عندما كتبت المجلد الأول من هذا الكتاب. تدور قصة هذا الكتاب في عام 2031. الوقت الحالي لرواية أعيني في القدس هو أيضاً في عام 2035 وأربع سنوات بعد ذلك.
سبب هذا النظرة للمستقبل هو أنني متأكدة من أن الكيان الصهيوني لن يرى عام 2040.
أكتب هذا لأقول إنني متأكدة من تدمير الكيان الصهيوني قريباً. لا يوجد أي سبب منطقي لإمكانية بقاء الكيان الصهيوني لسنوات أكثر.
عندما عرفت أن هذا الكتاب شوهد على مستوى أدب العالم الإسلامي، سجدت لله بامتنان، لأنني كنت على يقين دائماً من أن كلمة الحق ستصل إلى آذان الصالحين الطالبين بالحق وأن الأنهار المتدفقة ستنضم بالتأكيد إلى البحر يوماً ما.
برأيك كيف ندعم قضية فلسطين والأمة الفلسطينية وننشر ثقافة المقاومة بالأدب؟
كما ذكرت فإن جائزة فلسطين العالمية هي جائزة شعبية، هذا يعني أنه لم يتم عقدها مع التسهيلات الخاصة للحكومات وبطريقة مبهرجة ومسرحية، إنها مقولة شهيرة مفادها أن كل كلمة تأتي من القلب ستدخل الى القلب دون شك.
يجب على كتّاب العالم الأحرار أن يتعرفوا على قضية فلسطين. بعد ذلك يتم تكوين أدب يخرج من قلب الإنسان الذي يحارب الظلم.
خلال هذه الفترة من جائزة فلسطين، إلتقيت بأشخاص قدموا من أمريكا وأستراليا ومناطق أخرى من العالم التي ليس لدى تلك البلدان هموم المسلمين.
وهذا يدل على أن تقاعس وقلة عمل الحكومات عن نشر أدب المقاومة أو حتى جهود بعض الدول لتطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني المغتصب، لا يمكن أن يمنع هذه الأنهار الصغيرة من التدفق وتحوّلها إلى بحار. لكن دعمهم يمكن أن يزيد من سرعة هذا الاتحاد.
نحن نشهد جهود الصهاينة لتطبيع العلاقات الثقافية من أجل إظهار وجه أفضل لكيانهم المحتل، كيف نحارب هذا الاتجاه؟
عندما كنت أبحث لكتابة هذه الرواية، أدركت أن الصهاينة يؤمنون بشدة أن أي شخص آخر غير اليهود له شأن على مستوى الماشية.
أي أنهم يعتبرون أنفسهم أشخاصاً متفوقين وينظرون إلى بقية الناس على أنهم حيوانات. لديهم حقاً مثل هذا الاعتقاد وكل أحلامهم هي السيطرة على العالم بأسره يوماً ما.
بالطبع، إلى حد ما، حققوا رغبتهم الشريرة. لكن إذا فهم الناس هذه الجملة الوحيدة عن معتقداتهم ، فلن يكونوا مستعدين لتحملهم وحضورهم إلى جنبهم حتى ليوم واحد.
مع الأسف، فإن وسائل الإعلام الأكثر شعبية في العالم كلها في خدمة الفكر الصهيوني وتؤمن بتطبيق النظام العالمي الجديد بأسلوبه الصهيوني.
بصفتي كاتبة تكتب القصص والسيناريوهات، أبذل قصارى جهدي لتقديم وتبيين وجهة النظر المتغطرسة هذه لجمهوري، من خلال الفن.
يمكن لجميع الفنانين الأحرار إظهار ذلك للآخرين عن طريق فنهم. يمكن تكوين الوحدة ونسيان الإختلافات الخطوة الأولى.
كيف يمكن مواجهة الحرب الناعمة التي تستهدف العالم الإسلامي اليوم وما هي الإستراتيجية المفيدة في هذا الاتجاه؟
هناك قول مأثور مفاده أنه إذا قدمنا إجابة قديمة على سؤال جديد، فستظهر أزمة. هذا هو أحد الأسباب التي جعلتني أضع الوقت الحالي لروايتي عام 2035.
كنت أرغب في الإتصال بالجيل الجديد من قرّاء الكتب المنغمسين في نمط الحياة الأمريكية وقصص “هاري بوتر” و “سيد الخواتم” وأجتذبهم لقراءة روايتي، هم الذين سيشهدون تدمير الكيان الصهيوني.
نحن المسلمين لدينا أسلوب حياة ينافس بسهولة أسلوب الحياة الأمريكية، لماذا لا نجعل هذا النمط من الحياة عالمياً؟
بالمناسبة، الكيان الصهيوني يخاف من هذا. قد يسأل جمهور هذا الحوار ما علاقة أسلوب الحياة الأمريكية بالكيان الصهيوني؟
الجواب هو أن صانعي السياسة الأمريكيين في كل مجال، سواء كان ثقافياً أو اقتصادياً أو سياسياً، لديهم طريقة تفكير صهيونية ويعتقدون جميعاً أنهم سيكونون منتصرين مطلقاً في حرب آخر الزمان.
لكنني، ككاتبة مسلمة، يمكنني أن مع أعمالي وقلمي إبطال سحر أسلوب هذه الحياة الملونة.
إذا قام الكتّاب بتجهيز أنفسهم بالعلوم الحديثة ولديهم إجابات جديدة ومقنعة لأسئلة الناشئين والشباب، فيمكنهم الإنتصار في هذه الحرب الناعمة، ما أقوله صعب ولكنه ليس مستحيلاً وبعون الله سيتحقق قريباً.
كيف يمكن لأحرار العالم أن يتحدوا ضد الكيان الصهيوني والغطرسة العالمية؟
الجواب على هذا السؤال جملة واحدة. يجب أن تصبح قضية فلسطين قضية كل شعوب العالم. رأينا هذا العام في مونديال قطر كيف رفع فريق كرة القدم المغربي ومشجعوه العلم الفلسطيني أمام ملايين المشاهدين وحوّلوه بسهولة إلى قضية عالمية.
في الدوحة، ابتعد الكثير من الناس عن الصحفيين الصهاينة عندما كانوا يرونهم، فرأوا أنهم لا يحظون بشعبية بين الناس على الإطلاق.
يمكن للفنان أن يظهر بفنه أن الصهاينة هم من بين أكثر الشعوب كراهية، أنا نفسي ككاتبة، بصرف النظر عن كتابة القصص، أيضاً ناشطة في كتابة السيناريو للرسوم المتحركة وعملت في العديد من المشاريع المعادية للصهيونية.
هذه هي خطواتي الصغيرة. لكن إذا قرر كل فنان الذي يسمع هذا الصوت، أن يأخذ خطوة صغيرة ويلعب دوره في تعريف وتقديم الكيان الصهيوني للعالم، فسوف تتشكل تلك الوحدة.
ما الذي تبحثين عنه في كتاباتك الجميلة والجذابة وبرأيك ما هو السبب الذي جعل اختيار عملك وفوزه بالمهرجان؟
في رواية “أعيني في القدس”، إجتمع الناس من جميع أنحاء العالم وشكّلوا حركة تحرير القدس. ربما كانت هذه النظرة العالمية للقضية الفلسطينية أهم سبب لرؤية عملي.
برأيك كيف يمكن للمرأة المسلمة المحجبة أن تكون ناجحة وفاعلة في المجتمع وأيضاً تستطيع تحقق شؤونها؟ هل الحجاب معوّق أمام النشاط والنجاح كما يقول البعض؟
بالنسبة لي، الحجاب جعلني ناجحة! يمكن للمرأة أن تشتري الكثير من الوقت لنفسها عندما تختار الحجاب. أي، باختيارها الحجاب، تظهر لمن حولها أنها تركّز فقط على هدفها الرئيسي وعملها.
بقية الأمور، مثل أي شخص ناجح، تنبع من وجود خطة مفصلة وبالطبع عائلة جيدة تساعد على ذلك. أستغرب أن البعض يعتقد أن الحجاب عقبة أمام المرأة في المجتمع.
بالطبع، أقول دائماً أن وراء هذه الطريقة في التفكير هو ظل عرافة ذكر. يقال إن حرية المرأة هي لمصلحتها الخاصة، وهذا يعني في الغالب أن حرية المرأة هي لصالح الرجل.
أنا أخالف تماماً المفهوم القائل بأن عدم وجود الحجاب يعني الحرية. ولكن حتى في هذا المعنى المصطلح، الذي تقبله العديد من النساء في المجتمع، هناك خطأ كبير. حرية المرأة في الأمن، والحجاب أقوى وسائل الأمن.
الشرق الأوسط وطن عظيم
واختتمت الكاتبة الإيرانية القديرة “مريم مقاني” كلامها: أحيي جميع المواطنين من أبناء بلدي في كل منطقة من إيران. عندما أقول “المواطن”، أعني بالضبط “المواطن”، لأنني أعتبر الشرق الأوسط وطناً عظيماً.
لا أحب استخدام كلمة الشرق الأوسط. لأن هذا هو الاسم الذي اختاره الغربيون لهذا الجزء من الكرة الأرضية. لكن في الوقت الحالي هذه الكلمة هي مصطلح.
قبل مائة عام، وضع الإنجليزي السير هارفورد ماكيندر يده على الخريطة وقال إن الشرق الأوسط هو قلب الأرض. من وجهة نظر جيوستراتيجية، من يهيمن على قلب الأرض يسيطر على العالم.
أنا أقول هذا لكل من يعيش في هذا الجزء من العالم، المعروف باسم هارتلند بين الغربيين، وآمل أن يصل صوتي إليهم.
نحن نعيش في قلب الأرض ويريد العالم السيطرة على هذا الجزء من الكرة الأرضية. وسوف يفعل أي شيء من أجله. لذا اتخذوا خطوة لإنقاذ قلب الأرض. حتى لو كنتم تعتقدون أنكم تفعلون شيئاً صغيراً.