هدى مسلماني متخصصة بعلم النفس للوفاق:

البحث عن الإطمئنان هو البحث عن الله عز وجل

مصدر الاطمئنان ان تتيقن بأن الله يحبك وبأنه بجانبك وبأنه يرعاك ولن يترك قلبك يزوغ بعد الايمان .

2023-01-08

الوفاق/ خاص

سهامه مجلسي

الطُّمَأْنِينَة لغة الثقة وعدم القلق. وطمأنينة النفس راحتها وسكونها وثباتها. الطمأنينة أعم من السعادة، السعادة ترتبط بالمسرات. الطمأنينة ترتبط بالقناعات والسلوكيات السعادة مؤقتة والطمأنينة دائمة، الطمأنينة هي الحياة الحقيقة السعيدة التي ينشدها كل الناس ولكن لا يهتدون إليها. السعادة غاية كل إنسان في هذه الحياة، والطمأنينة هي العامل الأهم في تحصيل تلك السعادة، والركن الأبرز من أركان الحياة الهانئة الرغيدة الطمأنينة: زيادة سكون القلب، وذلك بحصول العلم اليقين الناشئ عن الرؤية، والطمأنينة أقوى من الأمن.

والسعادة وراحة البال غاية كلّ إنسان في هذه الحياة، والطمأنينة هي العامل الأهم في تحصيل تلك السعادة والركن الأبرز من أركان الحياة الهانئة الرغيدة، وبينما تفضَّل الله تعالى على عباده المؤمنين بإخبارهم بمصدر تلك الطمأنينة ومعينها الأوحد، وما زال الإنسان غير المؤمن منذ فجر التاريخ وحتّى الآن يبحث عن تلك الطمأنينة الّتي تنقذه من آفات وويلات القلق الّذي يفتك به، ويحاول أن يتلمّس أسبابها ويعرف مصدرها ومنبعها بعيداً عن الوحي الإلهي والهدى النّبويّ دون أن يصل إلى نتيجة تشفي غليله أو يتحصل على دواء يعالج به أمراضه النفسية،  في هذا الصدد اجرت صحيفة الوفاق حوارا مع الدكتورة المتخصصة بعلم النفس هدى مسلماني:

كيف تعرّفين الطمأنينة في علم النفس؟

يبدأ الانسان البحث عن الطمأنينة عندما يعيش وحدته في شدة حاجته للآخرين وبأن من يسانده في الحياة لا يكفيه ليشعره بالامان والاطمئنان…

فتكون بداية رحلة الابحار الذاتية بحثا عن الاطمئنان… مدركا بفطرته ان هناك يدا تمتد اليه لتساعده، يد يشعر بدفئها، ليتغلغل الاطمئنان الى قلبه رويداً رويداً. وعندما يصل لهذه المشاعر يريد اثباتها لنفسه اولا ليعرف ماذا حصل وكيف حصل والتعرف على ماهية تلك اليد التي وضعت بقلبه مشاعر الاطمئنان، مدركاً انها يد الرحمن ولكن كيف حصلت؟ فيغوص بأفكاره بشكل عميق ليبين معاني وصفات اسماء الله الحسنى، حتى ترسو به سفينة أفكاره وبحثه الى هدف الحياة، وماذا يريد الله منا…. فتتخذ الآية الكريمة نقطة التحليل للوصول الى نتائج مشاعره بالاطمئنان (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ).

اذا كان الهدف الاساسي من الحياة هي العبادة،اذن كيف تكون العبادة وما هي؟

لننتقل في البحث الى الآية “إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِم”، تغيير النفس، فالمجتمع لا يُقوَّم الا عندما يقوّْم الانسان نفسه، وهذا التقويم يحتاج الى تصحيح مفاهيم الذات والشخصية، لكن كيف يصل الانسان الى هذه المرتبة من الوعي وما هي الوسيلة؟ يتخذ الشخص الاطمئنان الذي وصل اليه سلماً لأفكاره، فيسلسلها كالاتي:

1- الشعور بالوحدة رغم وجود مسانده معنوية في الازمة او البلاء. لماذا لم يشعر الشخص بالاطمئنان النفسي والسكينة ولماذا الغضب على الاحداث وملامة النفس وكره الحياة يرافقونه بكل اوقاته.

2 – النقطة التالية كانت قرار التخلي عن الآخرين ومساعدتهم فهم لم يكونوا عنصر الأطمئنان .

3-  البحث عن الأطمئنان الداخلي: لتبدأ المسيرة الحقيقية فليجأ الشخص بشكل غير مباشر الى الايمان وتنشط لديه عملية التفكّر بالله حتى يشعر بيد امتدت الى قلبه وهدأت من قلقه، فتصبح نتائج بحثه اقرب الى حقيقة تفكيره،

كيف وصل لهذه المرحلة ولماذا؟

ليأخذ الجواب من الآيات الكريمة التي تقول :(هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً)،

إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ، إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ

اذاً فالبحث عن الأطمئنان هو البحث عن الله عز وجل والبحث عن الله نعمة لا يفقهها الا من دعاه الله سبحانه وتعالى اليه، هذه القناعة تجعل من الشخص يشعر بالاطمئنان فلولا سلامة قلبه لما وصل الى هذه المراحل من التسليم لقضاء الله وقدره والاستغناء عن البشر والاعتماد عليهم او على افكارهم وخدماتهم ولمن وصل لقناعة انهم ليسوا مصدر الاطمئنان .

هل الوصول للاطمئنان يذلل الازمات الحياتية؟

مصدر الاطمئنان ان تتيقن بأن الله يحبك وبأنه بجانبك وبأنه يرعاك ولن يترك قلبك يزوغ بعد الايمان .

فمجرد الوصول لهذه القناعة تتذلل جميع الازمات الحياتية ومصاعبها وتصبح متطلبات الحياة مسلّمة ليد الرحمن. فما يريده الله سيكون وهو لصالح المؤمن وما لا يريده لن يكون.. هذه الخلاصة مصدر للاطمئنان المطلق للقدر انه بيد الله وما على الانسان الا السعي وما التوفيق الا من عند الله .

التوصل لهذه النتيجة تجعل الشخص يطفو في سماء التسامي والتعالي عن ملذات الحياة من جاه ومال ومراكز وتعلق بالآخرين التي تعتبر جميعها بلاءات الدنيا .

ليتحول بعدها بكل جوارحه وافكاره وطاقاته نحو الابداع والانتاج والتطور ومساعدة الآخرين، مشاعر الاطمئنان التي توصل جعلته متيقناً اكثر من وجود الله وعظمته ومعرفته وجعلته امام مستحقات جديدة اتجاه الآخرين وتحمل مسؤولية مساندتهم ودعمهم للوصول الى مرحلة الاطمئنان وبالتالي الى مرحلة الاستغناء عن الاتكال ودعم الآخرين.

متبعا الآية الكريمة (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً).

فهذه النعمة التي توصل اليها وضعته موضع مرتفع بايمانه بانه جندي من جنود الله ليساعد الاخرين .