تخوف السلطات الفرنسية من تقارب الحكومة التونسية مع إيران

في ظل التوتر والبرود الذي تشهده علاقات قيس سعيد مع الغربيين، وميل تونس نحو روسيا، تثير زيارة الرئيس التونسي إلى طهران تساؤلات كثيرة حول توجهات تونس الاستراتيجية.

2024-06-01

كتبت صحيفة لوموند في مقال بعنوان “إغراءات قيس سعيد الإيرانية”، متسائلةً “ما هو دافع قيس سعيد رئيس تونس للمسارعة إلی المشارکة في مراسم تأبين الشهید رئيسي؟”: من وجهة نظر الدبلوماسية التونسية، لم تكن رحلة قيس سعيد إلى طهران واضحةً إلى هذا الحد، حيث توجّه إلى إيران للمشاركة في مراسم تأبين إبراهيم رئيسي، والتقى بقائد الجمهورية الإسلامية.

 

 

ويشير وجود قيس سعيد في طهران، إلى جانب شخصيات مثل القادة السياسيين لطاجيكستان وقطر، أو رؤساء وزراء باكستان والعراق وسوريا وفنزويلا وبيلاروسيا، إلى تحول كبير في مسار الدبلوماسية التونسية، الذي لم يشهد أي تغيير، حيث لم يقم أي زعيم تونسي بزيارة إيران منذ ما يقرب من 60 عاماً، ففي آخر مرة، ذهب فيها الحبيب بورقيبة إلى طهران عام 1965، والتقى بمحمد رضا شاه بهلوي.

 

 

في ظل التوتر والبرود الذي تشهده علاقات قيس سعيد مع الغربيين، وميل تونس نحو روسيا، تثير زيارة الرئيس التونسي إلى طهران تساؤلات كثيرة حول توجهات تونس الاستراتيجية.

 

 

قبل نحو ثلاثة أشهر، التقى قيس سعيد برئيسي للمرة الأولى في الجزيرة، في إطار قمة الدول المصدرة للغاز.

 

كما أشارت وكالات الأنباء الإيرانية إلى هذا اللقاء، وكتبت أن سعيد ذكر في لقائه مع المرشد الإيراني أن “آخر لقاء لنا مع الرئيس الإيراني الراحل كان في الجزائر منذ فترة، وهناك اتفقنا على أن آتي إلى طهران، لكنني لم أتخيل قط أن آتي إلى طهران لتقديم التعازي برحيله”.

 

قيس سعيد، وهو ابن مدرسة القومية العربية ويشكو باستمرار من “الغطرسة الأجنبية” (من قبل الغربيين)، اختار الطريق الدبلوماسي من خلال السفر إلى طهران، حيث تتوافق الأيديولوجية المناهضة للإمبريالية مع متطلبات الحصول على المساعدة.

 

 

وحسب حمزة المدب، الباحث من أصل تونسي، فإن “قيس سعيد يحذّر الأمريكيين والأوروبيين باستمرار من أن تونس لها الحق في تعزيز علاقاتها مع الدول الأخرى، بما في ذلك القوى المناهضة للغرب”.

 

 

منذ أن رفض السيد سعيد قرض صندوق النقد الدولي بقيمة 1.9 مليار دولار بسبب “الظروف غير المواتية”، تضاءلت فرص تونس في الحصول على المساعدات، وحتى السعودية لم توافق على المساعدة إلا بشرط قبول تونس لشروط صندوق النقد الدولي، كما وضعت قطر مصالحة قيس سعيد مع حزب النهضة الإسلامي شرطاً للإقراض.

 

 

لكن قيس سعيد قام مؤخراً بسجن كل قيادات حزب النهضة (المقربة من جماعة الإخوان المسلمين)، بما في ذلك زعيمها التاريخي راشد الغنوشي، وأخيراً، فإن مساعدة الإمارات العربية المتحدة تواجه أيضاً معارضةً من الجزائر، التي لها تأثير كبير على تونس، ولها علاقات متوترة مع الإماراتيين.

 

وفي هذه الحالة، لا يبدو من الصعب على تونس التقرب من طهران، وخاصةً أن بعض أقارب قيس سعيد تربطهم علاقات قديمة مع الجمهورية الإسلامية.

 

حيث ينتمي شقيق قيس سعيد، المعروف بنوفل سعيد، الذي يلعب دور مستشار غير رسمي لكن مؤثر للرئيس، إلى تيار “اليسار الإسلامي” الذي يتغذى على أعمال المفكر الإيراني علي شريعتي، ودفاع نوفل سعيد عن طهران ليس جديداً.

 

وعندما كانت الحرب الأهلية السورية في ذروتها، قال إن المتمردين ضد الرئيس بشار الأسد هم “إرهابيون ولدوا من مؤامرات أمريكية وسعودية، يعملون ضد سوريا وروسيا والنهضة الإيرانية”، وعلى هذه الخلفية، إذا تأكد توجه قيس سعيد نحو إيران، فسيتبين من أين ينبع.

 

يُذكر أن قائد الثورة في إيران التقى مؤخراً بالسيد قيس سعيد رئيس الجمهورية التونسية، وأعرب عن سعادته بنشوء علاقات متجددة بين إيران وتونس نتيجة زيارة رئيس هذا البلد، وأضاف: إن وجود شخصية فاضلة وأكاديمية مثل السيد “قيس سعيد” على رأس تونس، هو فرصة لهذا البلد لإظهار وجه جديد وجيد بعد سنوات من الحكم الاستبدادي، وقطع العلاقات مع العالم الإسلامي.

 

وتابع: الشعب التونسي يتمتع بموهبة كبيرة في التقدم والمضي قدماً، ونأمل أنه مع خطة السيد قيس سعيد، سيتم خلق الوحدة اللازمة بين مختلف الاتجاهات في تونس، وتوفير الأرضية لمزيد من التقدم.

 

أ.ش

المصدر: موقع الوقت