العلاقات الإيرانية – العراقية.. أنموذج ناجع لسياسة حسن الجوار

خاص الوفاق: تتّجه العلاقات الايرانية-العراقية في السنوات الأخيرة نحو التطور والتقدم، وحالياً يمكن وصف هذه العلاقات بأنها أنموذج ناجع لتحقيق سياسة حسن الجوار. وعليه، وبعد الحادث المفجع مؤخراً واستشهاد رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية ووزير الخارجية ورفاقهما، اتجهت وفود كثيرة من العراق إلى ايران لتقديم التعازي والترحم على شهداء هذا الحادث.

* محمد علي بك/ مساعد الوزير ومديرعام شؤون الخليج الفارسي في وزارة الخارجية الإيرانية

 

وجسّدت مشاركة كافة المسؤولين العراقيين رفيعي المستوى (متمثلة في رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ورئيس مجلس القضاء الأعلى ورئيس مجلس النواب والعشرات من الشخصيات السياسية والعشائرية العراقية) وكذلك حضور مسؤولين من إقليم كردستان العراق (من ضمنهم الرئيس نيجرفان بارزاني، ورئيس الوزراء مسرور بارزاني ووزير داخلية إقليم كردستان العراق ريبر بارزاني) إلى إيران لحضور مراسم تأبين شهداء الخدمة، وكذلك إعلان الحداد العام من قبل الحكومة العراقية، ناهيك عن مشاركة الآلاف من أبناء هذا البلد والشخصيات الرسمية والعشائرية في حفل تأبين الشهداء الأعزاء في البعثات السياسية والقنصلية الإيرانية الست في العراق، خير دليل على عمق العلاقات الإستراتيجية بين البلدين وتجذّرها.

 

في الواقع العلاقات بين طهران وبغداد مبنیة على أصول ومبادئ أساسية أبرزها:

 

– البلدان يجسّدان العمق الاستراتيجي لبعضهما البعض.

 

– أمن البلدين يتعلق بأمن كل منهما وذلك بسبب الحدود المشتركة الطويلة بينهما.

 

– العلاقات الثنائية الايرانية العراقية هي الضامن للسلام والأمن والاستقرار في المنطقة.

 

– حدود البلدين هي نقطة التقاء وارتباط الشعبين وتمثل حدود الصداقة والأخوة بين الشعبين.

 

– الجمهورية الإسلامية الإيرانية هي الصديق الأوثق والأصدق للعراق في الظروف الصعبة.

 

– تسخير كافة القدرات الاجتماعية والعلمية والثقافية والسياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية في سبيل تحقيق العلاقات الثنائية الوطيدة.

 

وعلى هذا الأساس، يمكن تقييم زيارة الدكتور علي باقري كني وزير خارجية الجمهورية الإسلامية الإيرانية بالوكالة إلى العراق بما يتماشى مع الأهداف التالية:

 

– تقديم الشكر والتقدير لجمهورية العراق شعباً وحكومة على تعاطفها مع الحكومة والشعب الإيرانيين في استشهاد رئيس الجمهورية آية الله السيد إبراهيم رئيسي ورفاقه.

 

– التشاور مع السلطات العراقية في القضايا الثنائية والإقليمية بهدف توسيع العلاقات في كافة المجالات.

 

– استمرار التشاور بين البلدين الداعمين للشعب الفلسطيني واستعراض آخر التطورات في غزة.

 

– التأكيد على استمرار سياسة حسن الجوار التي تنتهجها الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

 

كما تأتي زيارة الدكتور باقري إلى العراق من أجل التأكيد على الاتفاقيات السابقة بين البلدين وإجراء مشاورات لتوسيع العلاقات في كافة المجالات، والتنسيق بينهما لإنجاح إحياء مراسم الأربعين الحسيني لهذا العام.

 

وإن توفير جزء مهم من الطاقة الكهربائية للعراق من قبل الجمهورية الإسلامية الإيرانية ومساهمة القطاع الخاص الايراني في تنفيذ مشاريع مهمة في هذا البلد من حيث تقديم الخدمات الهندسية والفنية عالية الجودة من محطات توليد الكهرباء والملاعب وغيرها، أدى إلى رفع حجم التبادلات الاقتصادية بين البلدين كل عام، واليوم نشهد تبادلاً تجارياً يزيد عن 10 مليارات دولار بينهما.

 

كما أن وجود آلاف الطلبة العراقيين في الجامعات الإيرانية الكبيرة يدل على عمق الروابط العلمية والاجتماعية والتاريخية والثقافية بين البلدين.

 

وقد أظهرت العلاقات المتنامية والمتطورة بين البلدين في السنوات الأخيرة أن العلاقات الإقليمية الثنائية ومتعددة الأطراف ليس من شأنها أن تكون مؤثرة على تحقيق الرخاء الاقتصادي للبلدين وضمان رفاهية الشعبين فحسب، بل يمكن أن تكون صمام الأمان للإستقرار والسلام على المستوى الثنائي والإقليمي والدولي.

 

علاوة على ما سلف، ما جعل البلدين يهتفان بصوت واحد ومدوٍّ حول استتباب العلاقات الثنائية وتأثيرها الإيجابي على الأمن والسلام والاستقرار الإقليميين، هو ما قدّمه كل منهما من شهداء ودماء في سبيل دحر وهزيمة ذلك الوحش الهمجي الإرهابي المُسمى “داعش” وإنهاء وجوده.

 

كما أن إراقة دماء أبناء هذين الشعبين الأعزاء في فجر الثالث من كانون الثاني (يناير) 2020 في بغداد باستشهاد قائدي المقاومة الفريق الشهيد الحاج قاسم سليماني والشهيد الحاج أبو مهدي المهندس، شكّل حجر الأساس لاستقرار هذه العلاقات الاستراتيجية.

 

في الختام، نستطيع أن نؤكد بأن المحاولات الأمريكية اللاهثة لدقّ إسفين في العلاقات الاستراتيجية بين ايران والعراق وإرتكاب الجريمة التاريخية باغتيال قادة المقاومة في بغداد لن تؤتي ثمارها، فإنهما قد قطعا خطوات كبيرة نحو آفاق واعدة وبنّاءة من التعاون المُشترك، وسيعملان على تمكين حدود الصداقة والتضامن ضمن اطار الاحترام المتبادل.

 

 

المصدر: الوفاق/ خاص