السيد محمد الطالقاني
الامام محمد الباقر عليه السلام والذي استمرت امامته تسعة عشر عاما عاصر فيها خمسة من حكام بني امية, فكانت مرحلة امامته من أشدِّ المراحل التي مرّت على الامة الإسلاميّة ,حيث اشتعال نار الفتنة بين الأمويين وإشاعة الفساد والصراع العنيف مع العباسيين والذي انتهى بسقوط العهد الأمويّ وبداية العهد العباسيّ.
لقد استغل الامام الباقر عليه السلام هذا الوضع المظطرب حيث الفتن وانشغال الحكام بكرسي الخلافة, وفقدان الأمن وانتشار الخوف ونشوء أحزاب متعددة مختلفة الأهواء, كل حزب يسعى لتحقيق أهدافه, كالحزب الأموي والحزب الزبيري والخوارج , كما نشات التيارات الفكرية والسياسية المنحرفة مثل حركة الغلاة , وحركة المرجئة , وحركة المجبرة , وحركة المفوضة.
ومن هنا قام الامام الباقر عليه السلام بتربية وتهيئة جيلا من الفقهاء والعلماء والمفسرين ليساهم عليه السلام بشكل ايجابي في توعية الامة ضد هذه الانحرافات الفكرية والعقائدية، وتحريك ضمائرها وسعى لرفع شأنها واحياء كرامتها بالبذل المادي والعطاء المعنوي, كما عمل على توسيع القاعدة الشعبية وتسليحها بالفكر السياسي الصحيح من اجل المواجهة العلنية مع النظام الحاكم الجائر, فخرج الشيعة من الانحسار وبدأوا بالتحرك وتدوين علومهم لنشرها إلى جميع أنحاء العالم, حتى روي عنه عليه السلام روايات كثيرة في مجالات شتي كالفقه، والتوحيد، والسنة النبوية، وتفسير القرآن، والأخلاق، وقد بلغ عدد ما روى عنه محمد بن مسلم ثلاثون ألف حديث، كما روى عنه جابر بن يزيد الجعفي سبعون ألف حديث , حتى بدأت المعتقدات الشيعية تتبلور في فترة إمامته، وذلك في مختلف الفروع, فاعتبر المؤسس الأول للثورة العلمية الشيعية الكبرى.
اننا اليوم وفي ذكرى شهادته نجدد العهد مع الامام الباقر عليه السلام بوقوفنا مع مرجعيتنا الرشيدة والتي تعتبر الامتداد الحقيقي للإمامة في مواجهة كل الانحرافات الفكرية والثقافية التي جاءت الينا بسبب الانفتاح والغزو الثقافي ومساهمة الاستكبار العالمي في ايصال هذه الافكار المسمومة الى بلادنا الإسلامية .
وليعلم الجميع ان عراقا تقوده المرجعية لايمكن ان يسقط وينهار وسيكون النصر حليفنا باذن الله تعالى.