بتول المنصور
أعتذر من شخص ظلمته إذا كان مهماً في حياتي، فالاعتذار مهارة مطلوبة قد تساعد بالتخلص من الأحقاد الدفينة؛ مما ينعكس إيجاباً على العلاقات في المجتمع فيحسنها مهما كانت مستوياتها، ونظراً لأهمية هذا السلوك وتأثيراته الاجتماعية يمكن الاستفادة من الاعتذار وتطبيقه وفق الترتيب الآتي:
ممارسة تأكيد الذات: يبدأ الاعتذار بشحن الطاقة الإيجابية في النفس أو ما يعرف بـ “تأكيد الذات”، عبر محادثة الروح بإيجابية تحد من التوتر والقلق وترفع مستوى الثقة الداخلية، قد يجدي نفعاً التفكير بالسمات المثالية في الذات والتمعن بسبل التعامل مع الآخرين قبل التوصيف.
تحمل مسؤولية الأذى: أي بكل بساطة الاعتذار عما فعله شخص ما لإظهار مدى تفهم مستوى الخطأ المرتكب لمن اُرتُكِب بحقه، ومن الأفضل التدرب على صيغة الاعتذار الأمثل بحثاً ن أكثر ما يكون مناسباً منها.
الاعتراف بالخطأ: فيجب أن يشعر من تم الخطأ بحقه بالاستعداد لتحمل مسؤولية الخطأ من قبل صاحب السلوك الذي تسبب بإيذاء الآخر، والاعتراف له بأنه تدارك الموقف الذي اكتشف إثره مدى خطأه.
الاعتراف بالتأثير على مشاعر الآخرين: فإذا أكد الشخص المخطئ بحق الآخرين بأنه يدرك مدى تأثير خطأه؛ انطلاقاً من تفهمه سبب الإحساس بالأذى الذي يشعرون به.
المصارحة بالآسف: إذ يجب اختيار عبارات صريحة الاعتذار كأن يقول “أنا آسف”، دون التفكير بأبعاد تلك الكلمة وثقلها على الكرامة الشخصية، المهم هو النتيجة الإيجابية من الاعتذار.
طلب الصفح: مما يجب أن يكون بشكل لطيف للغاية يتقبله الشخص المجروح من التصرف أو يعاني من الأذى جراؤه.
وذلك باستخدام عبارات يستوحى منها مدى أهمية العلاقة أو قبول الاعتذار بالنسبة لمن يعتذر، كأن يقول: (آمل أن تتفهم ظرفي وتصفح عني، لقد أخطأت بحقك بالفعل).
قد تتوفر في بيئات المجتمع على اختلاف مستوياتها أسباب عدة للمشاحنات، لكن سياسة الاعتذار ستكون كفيلة في إصلاح ما يُكسر من العلاقات.
الاعتذار فن يبدأ باللباقة وينتهي بتعافي العلاقات جراء الإيجابية المثيرة للحفيظة الداخلية، والاعتذار اللبق هو الأنفع فيما يلي من الحالات:
فالاعتذار حتى إذا لم تكن متأكداً من وجوبه منك: فكثير من حالات الخصام في المجتمع قد تتطلب منك أن تعتذر بالرغم من يقينك بأنك لست مخطئ، أو أن اللوم في المشكلة لا يقع عليك.
وهي الحالات التي تتخلى بها عن مبدأ الصواب والخطأ في سبيل فهم الشخص الآخر، مما يسميه البعض بـ “ركائز الذكاء العاطفي”.
شفافية وصدق الاعتذار: ففاعلية الاعتذار تبدأ من شفافيته وصدق مضامينه، ولا بد أن يرمي بمعانيه إلى أن سببه هو استدراك مستوى الإهانة الذي تسبب به الشخص المعتذر لمن يعتذر له، وإشعاره بالندم على ما تسبب له من ألم أو جرح وتجنب مثله في المستقبل.
والواقع إنّ الاعتذار الناجح سيتألف من العناصر الأربعة التالية، بحسب ما أجمع عليه بعض علماء النفس:
- الاعتراف بالمخالفة بلغة مقبولة وواضحة بعيدة عن الغموض والمراوغة، أو استخدام أسلوب مبتذل بهدف تقليل شأن الإساءة أو إظهار الذات بصورة الضحية.
- سَلسَلة ما حدث دون تبرير مواقف معينة فيه، فالاستراتيجية الأفضل هي القول الصريح بأنه لا يوجد أي عذر للسلوك الخاطئ.
- إبداء الندم والخجل الشديد وبكل صدق وشفافية.
- تأكيد الاستعداد للتعويض؛ كالقيام بإصلاح ما أتلف خلال السلوك أو استبداله، وقد يقوم مقام هذا إبداء الشاعرية والوعد بالحساسية في المستقبل.
- انتقاء الكلمات الجذابة في الاعتذار: فالكلام الإيجابي أثناء الاعتذار ذو أهمية كبيرة، أما استخدام الكلمات السيئة والأساليب المكررة فسيكون غير مجدي، كأن أقول: “لقد فقدت أعصابي ليلة أمس؛ أنا آسف للغاية”.
الاعتذار قوة وليس ضعف
الاعتذار قوة وليس ضعف فيواجه الكثيرين المصاعب بقول “أنا آسف” رغم بساطة الكلمات إذا لم يقصد بها الاعتراف بالخطأ، لكن الأقوياء هم من ينطقونها اعترلفاً بالأخطاء بلا أية مخاوف.
العنفوان والكبرياء يبعدان الشخص عن المبادرة بالاعتراف بأنه على خطأ، لذا يختار البعض إنهاء العلاقات مهما كان مستواها كونه أسهل من الاعتذار، أو للخشية من الاعتراف بالخطأ.
فالكبرياء تأثيره حاد على الذات وقد يلتهمها من الداخل، ومن الحلول التي تزيد الأمور تعقيداً دفن المشاعر، لكن الحل باستيعاب الصراع ومعالجته.
الشخص الواعي والقوي هو من يبادر بالاعتذار وبصدق، لأنه أعطى روحه وذاته فرصة كبيرة للتفكير المحايد الذي يطالع عبره أسباب الصراع من كافة النواحي.
ففي جميع ظروف المشاجرة جميع أطرافها يطالهم اللوم، ومن يتمكن من التحكم بمهارة النقد الذاتي والاستنباط للأفكار النيرة سيتغلب على الخسائر المحتملة جراء تعنت الكبرياء الشخصي.