أمل محمد شبيب
الشهيد الوزير حسين أمير عبداللهيان دبلوماسيّ عالميًّ مجاهد تعرفه كلّ أوساط قيادات جبهة المقاومة في دول المحور، من لبنان إلى سورية مرورًا باليمن والعراق وصولًا الى فلسطين. لم يكن وزيراً للخارجية الإيرانية فحسب، بل وزيراً نائباً عن المنطقة، مدافعاً شرساً عن حقوق الشعوب، مناصراً للقضية الفلسطينية.
دبلوماسي من الطراز الرفيع، تحلى بالحنكة، وبروح المسؤولية العالية، إلى جانب النفحة الإنسانية العظيمة التي كان يمتلكها ويتميّز بها، هو الوزير الذي عُرف بثقافته العالية، وبفكره المتقدم وذو الحركة الدائمة في زيارات ولقاءات مكوكية قام بها إلى دول المنطقة، شكّلت حركة دبلوماسية نشطة للخارجية الإيرانية، خصوصًا في ملف المطالبة بوقف الحرب على غزّة مؤخرًا.
عبداللهيان المدافع الشجاع عن فلسطين
أثبتت جولات الوزير الشهيد بعد “طوفان الأقصى” علاقة قوية للشهيد بفلسطين، فهو المدافع عن الحق أينما كان، ووضع نصب عينيه القضية الفلسطينية، وكان يتابع بدقة أحوال المقاومة في لبنان والعراق واليمن وسورية، وكان المحامي عنها في كلّ مؤتمر واجتماع، فظلّ المحارب الشجاع عن قضاياه حتّى الرمق الأخير، فهو الوزير الذي كان ينتمي إلى مبادئ ثورة الإمام الراحل روح الله الخميني (قدس سره)، التي تقف إلى جانب القضية الفلسطينية، وقد التزم الراحل الشهيد بسياسة الثورة المتواصلة منذ عقود، حتّى آخر لحظات حياته”.
وعلى الرغم من محاولات طمس القضية الفلسطينية بعد اتفاقيات التطبيع التي شهدتها بعض دول المنطقة مع الكيان الصهيوني المؤقت، ومحاولات تحويل فلسطين الى قصة تاريخية، بقي موقف الجمهورية الإسلامية الإيرانية ثابت وداعم لقضية فلسطين، وهذا ما شهدناه في مواقف وزير الخارجية الشهيد عبد اللهيان المشرّفة في الوقوف الى جانب فلسطين وقدّمها كأحد ثوابت الثورة الإسلامية والنظام الإسلامي في إيران، وهذا ما برز أيضاً في صوت الشهيد أمير عبداللهيان الذي كان قوياً جداً في الدفاع عن الشعب الفلسطيني المظلوم، وكان دائماً يطالب بتبني موقف إنساني دولي ضد الإبادة الجماعية التي يرتكبها النظام الصهيوني ضد غزة، ومن أبرز أعماله كانت رحلاته الدولية التي شملت عواصم العراق ولبنان وسوريا وقطر، وقد صرح صراحة بذلك وتحدث في تصريحاته عن فتح جبهات جديدة ضد الاحتلال الإسرائيلي في ظل التطورات الخطيرة التي يشهدها قطاع غزة بعد عملية طوفان الأقصى؛ حيث ترتكب قوات الاحتلال الصهيوني أبشع الجرائم بحق المدنيين، وخاصة الأطفال والنساء في غزة، وتقوم بتدمير كافة البنى التحتية في غزة، وقصف المستشفيات، وتدمير المنازل، وارتكاب جرائم بحق الصحفيين.
هذا الدور البارز والفريد والشجاع والعادل للجمهورية الإسلامية الإيرانية لعبه الشهيد أمير عبد اللهيان، وتسبب حضوره الفاعل والمؤثر في المحافل الدولية في إحداث ضجة كبيرة، وتشكلت موجة من ردود الفعل المناهضة لجرائم نظام الاحتلال في العالم، وهذا الثبات والشخصية الشجاعة والمهارة العالية التي كان يتمتع بها الشهيد أمير عبد اللهيان جعلت الكثيرين يطلقون عليه لقب وزير محور المقاومة، فهو مقاوم فلسطين أولاً ومدافع عن أحرار العالم ثانياً.
ولأن الشهيد عبد اللهيان كان جزءاً أساسياً من صناعة القرار السياسي في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، كانت هوية هذا الرجل الدبلوماسي المقاوم واضحة جداً لصالح الحق ولصالح المستضعفين ولصالح أهله وإخوانه وأخواته في غزة وفلسطين، فقد وسّع قلمه وكلمته وأدواته الدبلوماسية في وجه العدو المشترك للأمة وهو الكيان الصهيوني، وفي ذلك انسجام واضح مابين مستويات صناعة القرار، على مستوى قيادة الجمهورية الإسلامية الإيرانية وعلى مستوى صناعة القرار وتنفيذ القرار، فكان صاحب رأي واضح وهوية واضحة ومنسجم بكلماته وخطاباته وآراءه وأفكاره فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وفيما يتعلق بطوفان الأقصى بالتحديد، إذ كان يرى في المقاومة أملاً لعزة الأمة وتحريرها من براثن العدوان الصهيوني.
الوزير المحب للبنان… وزير المقاومة ككل
لا يختلف حبه وتعلّقه وإهتماماته بفلسطين والقضية عن حبه وتعلقه وإهتماماته بلبنان وبالمقاومة وشعبها، فللبنان مكانة خاصة في قلب عبداللهيان، وتجلّى ذلك في وقوفه الى جانب الحق اللبناني، وإلى جانب الشعب ومقاومته في صراعه مع العدوّ الصهيوني لتحرير أرضه، وقد سعى عبداللهيان لبناء العلاقات الثنائية بين طهران وبيروت في جميع المجالات المشتركة، وسعى لتعزيز التعاون والمساعدة بين البلدين الشقيقين، وما قام به الشهيد عبداللهيان من جهود في السنوات الأخيرة لتفعيل دور المقاومة ومن أجل توحيد صفوفها، وخلق ساحة واسعة على صعيد المنطقة لمواجهة العدوّ المتربّص بالأمة الإسلامية، ومواجهة ما يقوم به من جرائم ضدّ الشعوب، ظهر بشكل واضح في السياسة الناجحة التي اعتمدها خلال السنوات الثلاث حتى لحظة استشهاده، فهو وزير المقاومة ومحورها ككل، وليس فقط وزير ايران فحسب.