حافظت جبهات القتال، خلال الأيام الثلاثة الأخيرة، على وضعيتها المعتادة؛ إذ يواصل جيش العدو عمليته البرية في مدينة رفح، والتي سيطر على مساحات واسعة منها، ووسّع انتشاره على كامل محور «فيلادلفيا» فيها، بينما ينفذ عمليات توغل جراحية من محور «نتساريم» وسط غزة، في اتجاه الأحياء المتاخمة للمحور في شمال القطاع وجنوبه، وتحديداً الزيتون والشيخ عجلين وتل الهوا شمال وادي غزة، والزهراء ومخيم النصيرات في الوسط. كذلك، كثف جيش الاحتلال من عمليات الاغتيال والمجازر الجماعية، وتحديداً في مدينة غزة وأحياء الشجاعية ومخيم الشاطئ ومخيم جباليا شمال القطاع، ونفذ أمس عدداً من هذه المجازر، والتي راح ضحيتها نحو 50 شهيداً.
وفيما تتسم طبيعة الغارات في هذه المرحلة من الحرب بأن لا خطوط حمراً فيها، قصف الاحتلال، في غضون الأيام الثلاثة الماضية، خمسة مراكز إيواء، وعيادة صحية، وتجمعات مواطنين في الشوارع، ومنازل مكتظة بالنازحين.في المقابل، أظهر القتال في مدينة رفح، مستوىً عالياً من الندية والعناد؛ فبعد استخدام «كتائب القسام»، للمرة الأولى، صواريخ «السهم الأحمر» الصيني الصنع، بكل ما حملته تلك الرسالة من دلائل، نفذت، أمس، عملية شديدة التعقيد، إذ تمكنت، بعد رصد طويل لحركة الآليات في حي تل السلطان غرب مدينة رفح، من تحديد شارع محدد تعبره الآليات الإسرائيلية بشكل يومي، ليقوم المقاومون بحفر نفق سريع من تحت أحد المنازل القريبة، حتى منتصف الشارع الذي تمر منه الآليات. واستخدم المقاومون ألغاماً إسرائيلية لم تنفجر في تفخيخ النفق، وفور مرور آلية من فوق أسفله، تمكنوا من تدميرها بشكل كلي. وأظهرت مقاطع فيديو نشرها الإعلام العسكري لهذه العملية، تمكن «القسام» من تغطية مسرح الحدث بكاميرات مراقبة، وتسجيل العملية منذ بدء الرصد حتى تفجير الآلية بشكل كلي.
كذلك، نفذت «سرايا القدس» عمليات استحكام مدفعي طاولت تحشدات الجنود القريبة من معبر رفح، وبثت مشاهد لعمليات الرصد الطويلة والدقيقة، قبل أن يشرع مقاوموها في دك نقاط العدو بالعشرات من قذائف «الهاون» من عدد كبير من الاتجاهات في وقت متزامن. أما «كتائب المجاهدين»، فأعلنت تمكن مقاوميها من قصف مستوطنة «العين الثالثة» في غلاف غزة الجنوبي بوابل من الصواريخ. واللافت في عملية «القسام» الأخيرة، أنها تأتي في الوقت الذي يعلن فيه جيش الاحتلال أنه يستعد لإنهاء هجومه على رفح، حيث تزيد هذه العمليات المسجلة من حرج جيش العدو وتظهر كذبه وزيف ادعاءاته، وفق ما يظهره التوثيق المرئي الذي كان حاضراً في كل المجهود القتالي في الأيام الأخيرة.