الدكتور: السيد علي السيد قاسم

معاملة الإمام الرضا(ع) مع المسلم وغيره

الهدف الأساسي للإمام عليه السلام من القيام بالمناظرات کان إظهار نهج اهل البیت علیهم والعمل على تنقیة العقیدة الإسلامیة

قال الدكتور السيد علي السيد قاسم في ندوة أقامها المؤتمر العالمي للإمام الرضا(ع) والحوار بين الأديان: فقد أرضى هذا الإمام الهمام الامام الرضا(ع) ربّه بالعبادة و الطاعة و امتلک قلوب الناس حتی الذین لم یلتزموا بإمامته و کانوا یختلفون معه في الدین بمحبته لهم و بحُسن خُلُقه و تواضعه معهم.

و إلی هذا المعنی أشار إبراهیم  ابن العباس في حدیثه عنه علیه السلام « ما رأیتُ و لاسمعتُ بأحد أفضل من أبي الحسن الرضا علیه السلام و شاهدتُ منه ما لم أشاهده من أحد ، ما رأیته جفا أحد بکلام قط و لارأیته قطع علی أحد کلامه حتی یفرغ منه و ما ردّ أحد عن حاجة قَدِر علیها و کان دائم التبسّم یبادل السیّئة بالحسنة و کان اذا خلا و نُصبت الموائد اجلس علی مائدته ممالیکه و موالیه حتی البوّاب و السائس و عندما کان یُقال له لماذا ماجعلت لهؤلاء مائدة خاصة ، کان یقول علیه السلام إن الرب تبارك وتعالى واحد والأب واحد والأم واحدة والجزاء بالأعمال »

و قد ورد عن بْنِ أَبِي اَلضَّحَّاكِ ، و هو من أرسله المأمون العباسي لاصطحاب  الرضا علیه السلام من المدینة المنورة إلی خراسان و کان آن ذاک مرکز الخلافة العباسیّة حیث قال :« والله مارأیتُ رجلا کان اتقی لله و لاأکثر ذکرًا له في جمیع أوقاته و لا أشد خوفا لله عزّ و جل و کان لاینزل بلدا إلّا و قصده الناس یستفتونه في أمور الدين و یستنصحونه لدنیاهم  فیجیب حتّی الصغیر منهم بکل محبة و تواضع. فلمّا وردتُ به علی الخلیفة العباسي ، المأمون ، سألني عن حاله في طریقه فأخبرته بما شاهدته منه في لیله و نهاره ، فقال المأمون أماعلمت أنّ هذا هو خیر أهل الأرض و أعلمهم و أعبدهم ».

انطلاقا ممّا ذکرنا فنحن نجد أنّ المُقَوِّمات الحضاریة التي بنی علیها الإمام الرضا علیه السلام بنیان حضارة الأمّة و منظومتها الفکریة و العلمیة من خلال الإجابة علی أکثر من 18000 شبهة وإشکال في المناهج و المباني و المنظومات الفکریة و العقدیة و العلمیة  و شتّى العلوم و رکّز علی نشر علوم آل البیت علیهم السلام حیث استفاد من ولایة العهد لنشر و توضیح الشبهات التي کانت سائدة في ذلک العصر لإحیاء معالم الدین .

الهدف الأساسي للإمام عليه السلام من القيام بالمناظرات کان إظهار نهج اهل البیت علیهم والعمل على تنقیة العقیدة الإسلامیة من کل الشوائب و الشبهات التي تثار حولها خصوصا بعد أن اختلط الحق بالباطل و لهذا أسّس الإمام الرضا علیه السلام الحوار بین الحضارات و الأدیان و الثقافات علی اختلاف مذاهبها و اتّجاهاتها الفکریّة و العقدیة و صحّح عشرات المفاهیم الاستراتیجیّة التي حُرِّفَت أیّام الرشید و ماقبله و حیث أنّ الرسالة الذهبیة للإمام الرضا علیه السلام تُعتبر مرجِعا علمیاً في علم الطب في تلک الفترة خاصة مع الطفرة العلمیّة والفکریّة  جرّاء حرکة الترجمة و النقل الذي شهده عصر المأمون العباسي.

و لهذا یمکننا القول أنّه لولا حرکة الإمام الرضا علیه السلام و منظومته الفکریّة و حرکته التصحیحیّة لما وصل الإسلام الصحیح حتی یومنا هذا . أخیرا مایجری الیوم من تحدیّات للعقیدة الإسلاميّة لیس ببعید عمّا جری في عصر أهل البیت علیهم السلام لکن الأسالیب الیوم تختلف کثیرا عن السابق و هذا الأمر یحتاج إلی شخصیّات رسالیّة تدافع عن النهج و لیس عن الشخص لأنّنا الیوم و للأسف الشدید نجد الکثیر من المتصدین لهذاالأمر یدافعون عن العقیدة من منطلق شخصيّ لیس من منطلق رساليّ و حواراتهم مع الأخرین لیست لإثبات الدین بل لإثبات الذات و هذا الخطر الحقیقي الذي یواجه الإسلام و المسلمین و الإنسان الذي یبحث عن ذاته فیکون المتصدي بعیدا کل البعد عن النهج المحمّدي الأصیل و أهل بیته الطاهرین و یُساهم بشکل کبیر في تشویه صورة الإسلام.