الدكتور: السيد علي السيد قاسم

معاملة الإمام الرضا(ع) مع المسلم وغيره

الهدف الأساسي للإمام عليه السلام من القيام بالمناظرات کان إظهار نهج اهل البیت علیهم والعمل على تنقیة العقیدة الإسلامیة

2023-01-10

قال الدكتور السيد علي السيد قاسم في ندوة أقامها المؤتمر العالمي للإمام الرضا(ع) والحوار بين الأديان: فقد أرضى هذا الإمام الهمام الامام الرضا(ع) ربّه بالعبادة و الطاعة و امتلک قلوب الناس حتی الذین لم یلتزموا بإمامته و کانوا یختلفون معه في الدین بمحبته لهم و بحُسن خُلُقه و تواضعه معهم.

و إلی هذا المعنی أشار إبراهیم  ابن العباس في حدیثه عنه علیه السلام « ما رأیتُ و لاسمعتُ بأحد أفضل من أبي الحسن الرضا علیه السلام و شاهدتُ منه ما لم أشاهده من أحد ، ما رأیته جفا أحد بکلام قط و لارأیته قطع علی أحد کلامه حتی یفرغ منه و ما ردّ أحد عن حاجة قَدِر علیها و کان دائم التبسّم یبادل السیّئة بالحسنة و کان اذا خلا و نُصبت الموائد اجلس علی مائدته ممالیکه و موالیه حتی البوّاب و السائس و عندما کان یُقال له لماذا ماجعلت لهؤلاء مائدة خاصة ، کان یقول علیه السلام إن الرب تبارك وتعالى واحد والأب واحد والأم واحدة والجزاء بالأعمال »

و قد ورد عن بْنِ أَبِي اَلضَّحَّاكِ ، و هو من أرسله المأمون العباسي لاصطحاب  الرضا علیه السلام من المدینة المنورة إلی خراسان و کان آن ذاک مرکز الخلافة العباسیّة حیث قال :« والله مارأیتُ رجلا کان اتقی لله و لاأکثر ذکرًا له في جمیع أوقاته و لا أشد خوفا لله عزّ و جل و کان لاینزل بلدا إلّا و قصده الناس یستفتونه في أمور الدين و یستنصحونه لدنیاهم  فیجیب حتّی الصغیر منهم بکل محبة و تواضع. فلمّا وردتُ به علی الخلیفة العباسي ، المأمون ، سألني عن حاله في طریقه فأخبرته بما شاهدته منه في لیله و نهاره ، فقال المأمون أماعلمت أنّ هذا هو خیر أهل الأرض و أعلمهم و أعبدهم ».

انطلاقا ممّا ذکرنا فنحن نجد أنّ المُقَوِّمات الحضاریة التي بنی علیها الإمام الرضا علیه السلام بنیان حضارة الأمّة و منظومتها الفکریة و العلمیة من خلال الإجابة علی أکثر من 18000 شبهة وإشکال في المناهج و المباني و المنظومات الفکریة و العقدیة و العلمیة  و شتّى العلوم و رکّز علی نشر علوم آل البیت علیهم السلام حیث استفاد من ولایة العهد لنشر و توضیح الشبهات التي کانت سائدة في ذلک العصر لإحیاء معالم الدین .

الهدف الأساسي للإمام عليه السلام من القيام بالمناظرات کان إظهار نهج اهل البیت علیهم والعمل على تنقیة العقیدة الإسلامیة من کل الشوائب و الشبهات التي تثار حولها خصوصا بعد أن اختلط الحق بالباطل و لهذا أسّس الإمام الرضا علیه السلام الحوار بین الحضارات و الأدیان و الثقافات علی اختلاف مذاهبها و اتّجاهاتها الفکریّة و العقدیة و صحّح عشرات المفاهیم الاستراتیجیّة التي حُرِّفَت أیّام الرشید و ماقبله و حیث أنّ الرسالة الذهبیة للإمام الرضا علیه السلام تُعتبر مرجِعا علمیاً في علم الطب في تلک الفترة خاصة مع الطفرة العلمیّة والفکریّة  جرّاء حرکة الترجمة و النقل الذي شهده عصر المأمون العباسي.

و لهذا یمکننا القول أنّه لولا حرکة الإمام الرضا علیه السلام و منظومته الفکریّة و حرکته التصحیحیّة لما وصل الإسلام الصحیح حتی یومنا هذا . أخیرا مایجری الیوم من تحدیّات للعقیدة الإسلاميّة لیس ببعید عمّا جری في عصر أهل البیت علیهم السلام لکن الأسالیب الیوم تختلف کثیرا عن السابق و هذا الأمر یحتاج إلی شخصیّات رسالیّة تدافع عن النهج و لیس عن الشخص لأنّنا الیوم و للأسف الشدید نجد الکثیر من المتصدین لهذاالأمر یدافعون عن العقیدة من منطلق شخصيّ لیس من منطلق رساليّ و حواراتهم مع الأخرین لیست لإثبات الدین بل لإثبات الذات و هذا الخطر الحقیقي الذي یواجه الإسلام و المسلمین و الإنسان الذي یبحث عن ذاته فیکون المتصدي بعیدا کل البعد عن النهج المحمّدي الأصیل و أهل بیته الطاهرین و یُساهم بشکل کبیر في تشویه صورة الإسلام.