أكاديمي وباحث في الشؤون الإستراتيجية "طلال عتريسي" للوفاق:

الشهيد رئيسي كان يُنفّذ بشكل دقيق وواضح دعم محور المقاومة

عتريسي: إيران من أهم وأبرز الدول التي وقفت إلى جانب المقاومة الفلسطينية، وطالبت بشكل قوي بوقف إطلاق النار، وأعلنت دعمها لحق المقاومة في تحرير أرضها.

2024-07-03

موناسادات خواسته

 

استشهد آية الله سيد ابراهيم رئيسي ورفاقه في حادث تحطم الطائرة المفجع، واعتصرت القلوب ألماً وحسرة باستشهاد شهداء الخدمة، فما هو صدى هذا الحادث الأليم في العالم العربي؟ وماذا قالوا عن الشهيد رئيسي ورفاقه الشهداء؟ لكي نحصل على الإجابة، أجرينا حواراً مع الأستاذ ومدير قسم الدراسات الاستراتيجية بالجامعة اللبنانية الدكتور طلال عتريسي، أكاديمي وباحث في الشؤون الإستراتيجية، وباحث ومستشار علمي للعديد من المؤسسات التربوية، الإجتماعية، الثقافية، والسياسية.

 

صدرت له مؤلفات ودراسات عدة في قضايا اجتماعية وتربوية وسياسية، وعُيّن عميداً للمعهد العالي للدكتوراه في الآداب والعلوم الإنسانية والاجتماعية من العام 2014م حتى العام 2016م، ولديه نشاطات كثيرة، وفيما يلي نص الحوار:

 

 

خصوصيات ومميزات الشهيد رئيسي

 

بداية طلبنا من الدكتور طلال عتريسي لكي يتحدث لنا عن الشهيد رئيسي والصورة التي رسمها عن إيران في المنطقة، فقال: الصورة التي قدمها الشهيد رئيسي هي صورة مزدوجة، أولاً هو قدّم أنموذجا عن شخصية الرئيس الذي يعيش حياة بسيطة، ومتواضعة ولا يتأثر بالموقع الذي وصل إليه، هذه مسألة مهمة، سواء بالنسبة للشعب الإيراني أو إلى بقية العالم، لأن النماذج الأخرى ليست كذلك، وهو يقدّم هذا النموذج الذي ينسجم مع المدرسة التي أسسها الإمام الخميني(رض)، والتي يعيشها القائد أيضاً السيد الامام الخامنئي، هذه صورة مهمة وتلفت النظر، وتثير التحليلات والإشارات والتوجهات.

 

الصورة الثانية هي صورة التعبير عن سياسات إيران الخارجية كرئيس للجمهورية، وسياسات إيران الداخلية أيضاً، وعلى المستوى الداخلي الشهيد رئيسي عُرف بالتزامه القانوني وبسيرته ففي محاربة الفساد، وفي إحقاق الحق والعدل، وفي تكريس الوحدة الداخلية بين الأطياف الإيرانية المختلفة، وعلى الصعيد الخارجي، الشهيد رئيسي قام بتثبيت وتحقيق استراتيجية الجمهورية الإسلامية في العلاقة مع دول الجوار، وفي تحقيق هذا التقارب بين إيران والدول العربية والإسلامية، كما أكد الشهيد رئيسي على إلتزام إيران بقضية فلسطين، وكانت دائماً من أولويات كل تحركات الشهيد رئيسي وخصوصاً بعد معركة طوفان الأقصى، وهذه هي خصوصيات ومميزات الشهيد رئيسي في السنوات القليلة الثلاث التي كان فيها في موقع رئاسة الجمهورية.

 

 

دعم القضية الفلسطينة

 

وفيما يتعلق بالخدمة التي قام بها الشهيد رئيسي في المنطقة ومحور المقاومة في مختلف المجالات الثقافية والسياسية وغيرها، قال الدكتور عتريسي: الشهيد رئيسي كان له مواقف ثابتة، خصوصاً بالنسبة إلى محور المقاومة، ويجب أن نؤكد هنا أنّ ما قام به الشهيد رئيسي هو إلتزام باستراتيجية الجمهورية الإسلامية وهذا ما نؤكد عليه دائماً، أن أي رئيس للجمهورية الإسلامية في إيران يُفترض أن يلتزم بثوابت السياسة الخارجية الإيرانية وبثوابت رؤية إيران للمنطقة، ولدورها في المنطقة، ونحن نعرف أن دعم حركات المقاومة ودعم المستضعفين، هو جزء من هذه الإستراتيجية للجمهورية الإسلامية الإيرانية.

 

الشهيد رئيسي كان يُنفّذ بشكل دقيق وواضح والتزام سياسي وأخلاقي ومبدئي، بدعم محور المقاومة، خصوصاً وأن ما حصل قبل ثمانية أشهر من عملية جرئية وقوية في طوفان الأقصى، استدعى أن يكون لإيران حضور ودور قوي في دعم حركة حماس وحركات المقاومة في فلسطين، وتأييد هذه العملية وتوفير كل أشكال الدعم السياسي والدبلوماسي وكل أنواع الدعم الأخرى، وقد شاهدنا طوال الأشهر الأخيرة حركة إيران ورئيس الجمهورية ووزير الخارجية في المحافل العربية والإسلامية والدولية لدعم القضية الفلسطينة، كانت إيران من أهم وأبرز الدول التي وقفت إلى جانب المقاومة الفلسطينية، وطالبت بشكل قوي بوقف إطلاق النار، وأعلنت دعمها لحق المقاومة في تحرير أرضها، لهذا السبب ارتبط اسم الجمهورية الإسلامية والشهيد رئيسي ووزير خارجيته بمعركة طوفان الأقصى وهذا طبعاً استمرار واستكمال لسياسة الجمهورية الإسلامية منذ إنتصار الثورة إلى اليوم في دعم حركات المقاومة وفي دعم قضية فلسطين.

 

 

لبنان يشعر بالخسارة بعد استشهاد الرئيس ورفاقه

 

بعد ذلك سألنا من الأكاديمي اللبناني عن الأجواء في لبنان بعد  انتشار خبر استشهاد الرئيس ورفاقه، فقال: حقيقة أن لبنان شعر بالخسارة حقيقية باستشهاد الرئيسي ولوزير خارجيته حسين أميرعبداللهيان، ومظاهر الحزن كانت موجودة في معظم المناطق اللبنانية، خاصة في الأوساط التي تؤيد المقاومة وتعتبر إيران دولة صديقة وحليفة، وفي معظم هذه المناطق رُفعت صور الشهيد رئيسي والشهيد عبداللهيان، ورُفعت اللافتات التي تقدّم العزاء للجمهورية الإسلامية، وعندما فتحت السفارة في بيروت أبوابها لتقبّل العزء، كانت الآلاف الذين أتوا من كل المناطق، حتى على المستوى الرسمي حضر مختلف الأطراف السياسية، وقدّموا واجب العزاء وهذا الأمر يعكس من جهة أهمية دور إيران وحضور إيران في لبنان وفي المنطقة، ويعكس أهمية شخصية الشهيد الرئيسي، خاصة وأن قسم كبير من اللبنانيات واللبنانيين تعرّف على الشهيد أميرعبداللهيان مباشرة، لأنه أتى إلى لبنان عدّة مرّات وفي كل مرّة كان يجتمع بالأطراف السياسية والفلسطينية والمثقفين والإعلاميين، بحيث أصبح وجوده معروفاً والكثير من اللبنانيين يعرفه ولهذا شعروا بخسارة حقيقية بسبب هذا الحادث، لبنان كان بشكل كبير شريك في هذا الحزن وفي التعبير عنه إثر هذا الحادث.

 

 

الشهيد أميرعبداللهيان وعلاقات حسن الجوار

 

وفيما يتعلق بالدكتور أميرعبداللهيان ونشاطاته في مجال السياسة الخارجية بالمنطقة، يعتقد الباحث والأكاديمي اللبناني أن الوزير أمير عبداللهيان في سياسته الخارجية في المنطقة كان يعبّر تماماً عن التزام بثوابت واستراتيجية الجمهورية الإسلامية، ويقول: لهذا السبب كان ينشط بمختلف البلدان لتقريب وجهات النظر ولتطوير العلاقات الإيرانية العربية والإسلامية، وفي عهده حصل تقارب مع دول اسلامية وعربية مع ايران، بعدما كانت هذه العلاقات متوترة أو بعيدة، وتمارس أطوار سلبية على المستوى الإعلامي ضد إيران، وهذا بفضل وضوح الرؤية لهذه السياسة الخارجية، وبفضل شخصيته وثباته وقدرته على التواصل مع الآخرين، وهذه مسألة مهمة، يعني شخصية وزير الخارجية وشخصية الرئيس مهمة، في الإقناع والدبلوماسية وفتح آفاق الأفكار والعلاقات، وأبرز ما عُرف في هذا المجال، كان موضوع تطوير علاقات إيران مع دول الخليج الفارسي خاصة المملكة السعودية، والنقطة الأهم هي قضية فلسطين، كان الشهيد أميرعبداللهيان يتحرك في المحافل الدولية، والأمم المتحدة، وفي المؤتمرات الدولية، في اللقاءات على المستويات العربية والإسلامية، لنقل وجهة نظر إيران ولطلب بإصدار المواقف لدعم قضية فلسطين وللقيام بالممارسات المطلوبة لدعم الشعب الفلسطيني، هذا طبعاً كان يُنظر إليه، ليس فقط كان نتاج للوزير أميرعبداللهيان، وهذا أمر مهم، هو كان يلتزم به، لكنه قدّم صورة أيضاً، عن سياسة إيران وعن الجمهورية الإسلامية في إيران، هذه هي الصورة التي تشكّلت عن الوزير أميرعبداللهيان على مستوى شخصيته التي إستطاع من خلالها أن يكون حاضراً في كل المجالات والمناسبات والمؤسسات، وفي نفس الوقت إستطاع أن يؤكد على سياسة الجمهورية الإسلامية وثوابتها الخارجية في علاقات حسن الجوار، في سعي إلى أمن المشترك بين هذه الدول، في الإبتعاد عن الوصاية الخارجية وفي دعم قضية فلسطين بشكل رئيسي.

 

 

تطوير العلاقات مع دول الجوار

 

أما حول التأثير الإيجابي للسياسة الخارجية الإيرانية في المنطقة خلال فترة وزارة الدكتور أميرعبداللهيان، قال عتريسي: فترة الوزير أميرعبداللهيان والذي هو جزء من عهد الشهيد رئيسي، نستطيع أن نقول أن علاقات إيران مع دول الجوار ومع العالم تطورت، صحيح أن هذه العلاقات كانت تسير في هذا الإتجاه، يعني هذا التطور لم يبدأ من الفراغ ولم يبدأ من نقطة الصفر، بل هو تتويج لمسار بدأته الجمهورية الإسلامية، وكانت تلتزم به وتريد أن يتحقق، في تطوير العلاقات مع دول الجوار، ونزع فتيل التوتر معها.

 

الوزير أميرعبداللهيان نجح في تطوير هذا الإتجاه، وفي تثبيته وفي تحقيقه عملياً، وعندما تتحقق التقارب الإيراني السعودي، هذا إنجاز، لكل المرحلة الرئاسية والوزارة الخارجية، في هذه الفترة، وعندما يتم تطوير العلاقات ممع روسيا والصين، هذا أيضاً يعد في مصلحة الوزارة الخارجية ورئاستها الجمهورية، وكذلك الأمر بالنسبة إلى تطوير العلاقة مع حركات المقاومة وفصائل الفلسطينية، في مرحاة الوزير أمير عبداللهيان، وحركته الدائبة واالمتواصلة مع دول عدة في المنطقة من الهند وباكستان والتواصل مع الدول العربية مثل المصر والمغرب، التي كانت العلاقات معها شبه مقطوعة، استطاع الوزير أميرعبداللهيان أن يُعيد وصل هذه العلاقات، على قاعدة دعم فلسطين والبحث عن حلول لمشكلة غزة ووقف القتال وإرسال المساعدات، وهذا كان أمر واضح أنه ترك تأثيرات إيجابية على النظرة إلى السياسة الخارجية الإيرانية وفتح آفاق جديدة وممكنة في التواصل مع إيران، وحتى في إعادة علاقات لاتزال مقطوعة لغاية اليوم.

 

 

وزير المقاومة

 

وحول أنه يُقال أن الشهيد رئيسي ووزير الخارجية لم يختصون بإيران، بل كانا رئيس جمهورية المقاومة ووزير خارجية المقاومة، هكذا يبدي الدكتور عتريسي عن رأيه: نعم، يمكن أن نقول بأن الوزير الخارجية أميرعبداللهيان والرئيس رئيسي خصوصا في الأشهر الثمانية الماضية كانا بحق يعبّران عن قضية فلسطين، لأن أولوية نشاطهما وحركتهما كانت قضية فلسطين، وما أطلقه البعض على الوزير أميرعبداللهيان أنه وزير خارجية المقاومة لقد كان محقاً لأنه كما أشرنا كان يتحرك في كل المحافل الدولية والإقليمية والعربية والإسلامية، بعنوان فلسطين، وبعنوان الدفاع عن الشعب الفلسطيني، وعن غزة والمطالبة بوقف إطلاق النار، وبإرسال المساعدات، وبتشكيل موقف عربي وإسلامي موحّد لإدانة العدوان، والدفاع عن فلسطين وإرسال المساعدات، والشعب الفلسطيني يعرف الوزير أميرعبداللهيان، الذي التقلى بكل الفصائل وفي كل المناسبات التي كان يأتي فيها إلى لبنان، وبدون أي مبالغة هو الوزير الوحيد الذي كانت قضية فلسطين هي الأولوية في كل تحركاته، يعني عندما نقارنه مع أي وزير خارجية آخر، في أي دولة عربية أو إسلامية، لم نجد مثل هذه الأولوية، ولم نجد مثل هذا الوضوح والثبات في دعم قضية فلسطين، وفي دعم المقاومة تحديداً، لهذا السبب، نعم، الوزير أميرعبداللهيان بحق هو وزير المقاومة، وهو وزير استراتيجية الجمهورية الإسلامية، التي أكّدت دائماً على دعم المقاومة، وعلى الثبات إلى جانبها، وإلى حقها في الدفاع عن نفسهافي مواجهة هذا الإحتلال الذي يجب أن يزول.

 

 

المصدر: الوفاق/ خاص