الناقد والإعلامي اللبناني "جهاد أيوب" لـلوفاق:

الشهيد رئيسي تواضع الكبرياء وندّاً للمستكبرين وأميرعبداللهيان دبلوماسية الثقة

أيوب: الشهيد رئيسي كان ندّاً لأعداء الأمة والوطن ولكل مستكبر، وتصرف على أساس إيران أمة ودولة صاحبة حق وقضية، ولم ينكسر أمام دول الإستعمار.

موناسادات خواسته

 

 

مرّت الأيام كمرور السحاب، ولكن الألم باقٍ في القلوب بعد استشهاد الرئيس رئيسي ورفاقه، ونحن اليوم على أعتاب أربعينية شهداء الخدمة، أجرينا حواراً مع الناقد السينمائي والإعلامي اللبناني الأستاذ جهاد أيوب الذي له كثير من النشاطات وتكرّس إسمه كناقد بفعل تراكم الخبرة والحضور في الكثير من المقامات المستحقة للنقد.

بَصمَته المهمة في عالم الصحافة والإعلام تتحدث عنه، ينقلنا بحروفه المصقولة بالحقيقة والنقد البناء إلى زمن ذهبي بكل ما فيه من نجاحات وخفقات وجوارح، يُعرف بصدقه وجرأته ونقده الموضوعي، قدّم خلال خمسين عاماً مسيرة متفردة في مجال الصحافة والإعلام، وأغنى المتلقي بكل ما هو ثمين، وفيما يلي نص الحوار:

 

 

الشهيد رئيسي نموذج رئيس الأمة ومناصر لفلسطين

 

 

 

بداية طلبنا من الأستاذ جهاد أيوب لكي يتحدث لنا عن مدى معرفته بالشهيد آية الله رئيسي، ورأيه عن الصورة التي رسمها عن إيران في المجتمع الدولي، فقال: ومَن منّا لا يعرف الشهيد رئيسي؟، قبل أن يصل إلى مرتبة الشهادة عندما كان رئيساً عرفناه من خلال تواضعه، وكبرياء حضوره، وعنفوان تصرفاته، وشموخ مواقفه… كانت الأخبار تصلنا مع كل زائر عاد من الجمهورية الإسلامية الإيرانية… هو مفتاح السمعة النظيفة، وبالتأكيد حينما إستلم الرئاسة أبهرنا من خلال ما حصده من أصوات الشعب والمؤمنين والمستضعفين لكن هذا لا يكفي، فقد قدّم تجربة سياسية ودبلوماسية غنية بالمواقف والوضوح، ونستطيع القول رغم السنوات القليلة من مهامه، وهو كان يرفض أن يقال “وظيفة”، بل واجب، نعم الشهيد رئيسي قام بواجبه الذي التزم به خير التزام، وعبّر بدقة عن كيفية أن يكون ابن الأرض وصديق الناس، لذلك نجح بتفوق في مهامه، حفر عميقاً في نفوس وذاكرة الشعب الإيراني وكل محب للجمهورية الإسلامية، حتى الأعداء يدركون قيمة إنفتاح فكر صاحب العمامة السوداء التي يسكنها الإخضرار… خافوا من وضوحه، ووضوح الصورة معه، وهابوه لكونه رئيس جمهورية حرة ولكونه يضع النقاط على حروف العزة والمواقف والعمل!

 

حينما استلم الشهيد آية الله السيد إبراهيم رئيسي الرئاسة فرض علينا من خلال المتابعة نموذجاً لرئيس أمة وليس حالة عابرة، شجاع وجرأته واضحة، وصلب بقوة إيمانه بدولته ومشروعه والحق الذي اكتشفه واعتقده ومارسه، لذلك لا يخشى في الحق لائمة!

 

كان ندّاً لأعداء الأمة والوطن ولكل مستكبر، وتصرف على أساس إيران أمة ودولة صاحبة حق وقضية، ولم ينكسر أمام دول الإستكبار، ولم يكن كما زعامات دول تجعل من أوطانها ملعباً للمستكبرين، وهذا ما جعله مناصراً لفلسطين قلباً وروحاً وجيشاً وسلاحاً ودعماً ومقاتلين!

 

نعم الشهيد رئيسي نقل صورة مشرقة حاسمة نظيفة إلى العالم عن إيران المسؤولة، عن الثورة المشرقة بالعمل والفعل والقول والوعد… حضوره من خلال مواقفه جعل للإلتزام قيمة، وأكد للجميع أن للدبلوماسية الإيرانية مصداقية لم تعتدها الدول للأسف، وهذا ما يميز الدبلوماسية الإيرانية منذ انطلاق الثورة إلى اليوم، وآية الله السيد رئيسي خير من أبرز هذه الصورة.

 

 

خادم الشعب وداعم المقاومة

 

وعندما سألناه عن رأيه حول الخدمة التي قام بها الشهيد آية الله رئيسي في المنطقة ومحور المقاومة في مختلف المجالات الثقافية والسياسية وغيرها، قال أيوب: في الحقيقة المصاب جلل، ومصيبه أكبر من العين، والحديث عن خدماته وإنجازاته تحتاج إلى حالة نفسية لا يشوبها الحزن، ولكن إحتراماً لكل ما قدّمه لأوطاننا ولإنساننا نختزل البوح بأن هذا السيد كان شريكنا في شرب الماء، وخلال تناولنا طعامنا، والسد المنيع الذي جابه التحدي معنا، ووقف إلى جانبنا حينما الأشقاء وأبناء العم والخال غدروا بنا، وكان السيف والرمح والراية.

 

نستطيع القول أن الشهيد رئيسي من أكثر الداعمين للمقاومة ومحورها، هو ليس مؤمناً بالسلاح فقط، بل كان يهمه إنسان المقاومة وبيئتها وأرضها… في كل جلساته العامة والخاصة هو مقاوم من الطراز الأول، وهو المستمع والداعم، وهو السياسي المقاوم والمحاور المهذب، ورغم كل ما لديه من قوة الجمهورية كي يسند طلباته عليها كان متواضعاً يبحث عن جديد يخدم فيه المقاومة وأهلها.

 

إن هذا النمط من السمات لم نعرفها من قبل أبرزت ثقافة المرجعية في لعبة السياسة والقيادة… لقد قرب المسافات، ولم نشعر بأن اللغة والجغرافيا بعيدة… السيد الجليل شهيد ليلة ولادة الإمام علي بن موسى الرضا(ع) الذي أحبه وخدم ضريحه، فكان الثامن في الرئاسة والإمام الرضا(ع) الثامن بين أحباب فكرنا وديننا، إن هذا وعد الله له، وشرفه بذلك حباً وجميلاً لكل ما قدّمه وفعله… رئيسي هو خادم الشعب ومناصر المستضعفين وبائع سجادة الصلاة في صغره والمقاتل الشرس في شبابه دفاعاً عن دين محمد(ص)، وشغل الرئاسة فحقق إنجازاته العديدة في الداخل والخارج فسقط شهيداً كما يليق بالمؤمنين الشرفاء.

 

وأهم ما قام به الشهيد رئيسي التزامه بدولة الدستور، ومعه كان الدستور حاضراً، ومرجعه في كل عمله، ولكن إيمانه بولاية أهل البيت(ع) جعله مخلصاً للإنسان، وهذا أهم الإنجازات لشخصية مؤثرة تفاخر بكونها جندي الحاج الشهيد قاسم سليماني.

 

 

وزير خارجية محور المقاومة

 

وفيما يتعلق بالدكتور اميرعبداللهيان ونشاطاته في مجال السياسة الخارجية في المنطقة، هكذا أبدى رأيه قائلا: وزير خارجية محور المقاومة بامتياز الدكتور عبداللهيان التقيناه وتشرفنا بمشاهدته عن قرب، شخصية مبتسمة، واضحة، شفافة، وذكية، هو غزال الطلة الممشوقة، وفكر مبني على قواعد صلبة، ومهذب في كل مؤتمراته، ولا يجامل في ردوده، لكنه يجيب بذكاء دبلوماسي، وهو الدبلوماسي المخضرم، يدرك جيداً حساسية المنطقة، ومهامه كسفير في أكثر من دولة وموقع جعلته يتفهم طبيعة الشعوب، ومتمكناً من زرع استراتيجية.

 

وأنا كلبناني أدرك قيمة هذا المخضرم، وهذا المؤمن الوفي، وهذا الذي كان يمثل المقاومة أينما كانت، بصراحة وجوده يؤكد أن شعار الدولة التي حملت شعار المستضعفين كان بصمة واقعية وخاصة لهذا الشعار… في كل مؤتمراته الكثيرة في لبنان كنا نشعر أنه لبناني الموقف والحضور، ومن خلال سبع زيارات إلى لبنان كان جليساً  كالكتاب العميق، ويسأل عن أحوالنا، هو من منابع الإنسانية باقتدار، وفي استشهاده خسرنا سنداً وجبلاً يشبه جبال لبنان.

 

كان الشهيد أمير عبداللهيان يقول: “أنا جندي مخلص للشهيد قاسم سليماني”… لذلك هو نصير المقاومة ومحورها، وستشهد الأيام على بصماته وليس بصمة واحدة زرعها فينا.

 

 

دبلوماسية النجاح والتواصل

 

وحول التأثير الإيجابي للسياسة الخارجية الإيرانية في المنطقة خلال فترة وزارة الدكتور اميرعبداللهيان، قال جهاد أيوب: إستطاع الشهيد أميرعبداللهيان أن ينقل الدبلوماسية الإيرانية إلى النجاح والتواصل مع الجميع ضمن خصوصية الجمهورية، شارك في أن تكون الجمهورية مستقلة بقرارها، وجعل كل فريق في محور المقاومة أن يكون مستقلاً في اخذ القرار الذي يخدم موقعه وبلده، وهذه لم تحصل في تاريخ الدول والشعوب، والشهيد عبداللهيان نجح في أن يقدم حضارة الجمهورية في التعامل مع من معها ومع محور المقاومة ومع الدول!

 

كما أن حركته المكوكية لا تهدأ، وتنطلق من جدية الحضور ومصداقية الكلام ودقة التنفيذ، والأهم لا تخاف ماذا سيقول أو يفعل في الغرف المغلقة، إنه يرتدي العفة في المصداقية، ودبلوماسية الأخلاق، لذلك علاقاته مع الجميع لا تقع في بئر عدم الثقة، وحركته الدبلوماسية هنا وهناك تشهد على صحة ما أقول…

 

 

السياسة أخلاق

 

وفي نهاية حوارنا عندما طلبنا من الناقد والإعلامي اللبناني لكي يعبّر لنا عن رأيه حول أن الشهيدين رئيسي وأمير عبداللهيان لم يختصا بإيران فقط، بل كان الشهيد رئيسي رئيس جمهورية المقاومة والشهيد عبداللهيان وزير خارجية المقاومة، قال أيوب: هذا كلام حقيقي وواقعي، إن إيران الثورة لا تعرف الخيانة، ولا تغدر بمن يكون معها، وهي بقمة الوفاء، وهذا انعكس على دور الشهيد رئيسي والشهيد عبداللهيان وكانا يعتبران أنفسهما خادما الجمهورية الإسلامية والناس ومحور المقاومة، وهذه نقطة حساسة جعلتهما حاضران بثقلهما وعلومهما وثقافتهما وأفعالهما… لذلك نجحا وقدما رقياً في السياسة، لأن الآخرين علّمونا أن السياسة فن الكذب، بينما الشهيد رئيسي والشهيد عبداللهيان أكدا أن السياسة أخلاق… وبالطبع هذه ثوابت الجمهورية الإسلامية الإيرانية، لهذا نجحت في كل التحديات التي مرت بها، وشهادة قادة الدولة والمسؤولية أوضحت أن الجمهورية الإسلامية مؤسسات عميقة لخدمة دولة الثورة.

 

 

كثافة الحضور الشعبي في مراسم التشييع

 

وأخيراً يختتم الأستاذ جهاد أيوب كلامه مشيراً إلى مراسم تشييع الشهداء قائلا: من الواضح للمتابع أن غالبية الحشود الجماهيرية المليونية التي شاركت في تشييع الشهيد ابراهيم رئيسي ورفاقه الشهداء من جيل الشباب، وهذه ظاهرة تتطلب الدراسة لكون الشباب يصنعون المستقبل ويثبتون المنهج والفكر !وكثافة الحضور الشعبي هذا لم يحدث في تشييع أي رئيس في العالم!

 

 

 

المصدر: الوفاق/ خاص