دور لا يمكن اغفاله في بناء المجتمع

المرأة المسلمة كلمة السر في الريادة الحضارية

المرأة هي المربية الماهرة، العالمة، الفقيهة، المرشدة، المعلمة، الشاعرة، الأديبة، والطبيبة التي تخيط الجراحات النازفة المرئية وغير المرئية،

2023-01-10

فادي محمد الدحدوح

نظرة فاحصة معمقة عبر سجلات التاريخ الحافلة بالأحداث وذكريات العطاء والمجد المشرق، نجد دورا مؤثراً وعظيماً حققته المرأة المسلمة عبر هذه النافذة، فكانت نموذجاً مشرقاً ومجداً من نور في جميع الأدوار المناطة بها داخل وخارج الأسرة، فهي المربية الماهرة، العالمة، الفقيهة، المرشدة، المعلمة، الشاعرة، الأديبة، والطبيبة التي تخيط الجراحات النازفة المرئية وغير المرئية، وصانعة أجيال أزهرت وأثمرت غراسا وأنضجت حضارة مشرقة في العديد من المراحل والعصور.

وبرغم التحديات كافة، ما زالت تسطر المرأة المسلمة عظيم الإنجازات وأعظم معاني التضحية في المجتمع، نراها ليل ونهار تكدح وتكد وتساهم بكل طاقة تمتلكها في رعاية بيتها وأفراد أسرتها، فهي الأم القلب النابض حياة في كل طريق نسلكه، الزوجة الصابرة، الأخت الحانية، القريبة المشاركة، الرفيقة المعلمة، والعنصر الفاعل حياة في المجتمع، مما يجعل الدور الذي تقوم به المرأة في بناء المجتمع لا يمكن إغفاله أو تقليل من قيمته وخطورته.

فعند النظر إلى الرسالة المقدسة التي تؤدى من قبل المرأة العربية بكل معاني الصبر والأمل برغم عظيم الألم ومواجهة جميع التحديات وصولا لتأدية المهام الكبرى المتمثلة برسالة البناء والعطاء، من هنا نستطيع أن نقطف ثمرة بناء الأمة والمجتمع بشكل حقيقي تنموي، وبذلك يتكون الجيل الصاعد الجديد، وينشأ نشأة سليمة، فالمرأة التي تدرك حقيقة وعظيم دورها، وتلتزم بواجباتها على الوجه الأمثل، إنما تؤثر في حركة الحياة في وطنها تأثيراً بالغاً، يدفع به إلى فضاء التقدم والرقي والريادة الحضارية النشطة.

الركيزة الأساسية داخل الأسرة

إذاً فالمرأة هي الركيزة الأساسية داخل الأسرة، والمجتمع، ومن دون تعظيم دور المرأة والاهتمام بها لا يمكن حدوث التنمية الفاعلة في المجتمعات، ومجمل التحديات التي تواجه المرأة العربية كالعنف، الظروف الاقتصادية وغيرها، يتوجب أن يتم العمل من منظور تنموي وبتعاون كامل من كافة الجهات القيادية وصناع القرار ومؤسسات المجتمع لمعالجة تلك التحديات كافة، وتوسيع الدور التنموي للمرأة العربية داخل المجتمع.

وعليه بإمكان المرأة النهوض بشكل أكثر فاعلية وتأثيراً اذا ما أعدت بصورة صحيحة للقيام بدورها المناط بها، لأجل المساهمة في بناء المجتمع بشكل قوي قادراً على التعامل مع متغيرات وظروف الحياة بشكل يحقق التنمية والمساهمة بكفاءة في عملية الإعداد والبناء، ومن هنا جاء سبق وتركيز الاسلام على بناء شخصية المرأة بشكل أصيل متكامل.

إن بروز المرأة العربية في العديد من المنابر الأكاديمية، التربوية، الاجتماعية والاقتصادية وغيرهما يعد في حقيقة الأمر تتويجاً للنجاحات المستمرة التي يتم إحرازها حتى الآن في عملية الكفاح المتواصلة الهادفة إلى تطوير وبناء المجتمع والمشاركة الفاعلة الحقيقية في عملية التنمية الشاملة، من خلال وجود المرأة العربية كعضو فعال في المجتمع العربي عبر فتح بيئة خصبة لعملية تمكين المرأة، وهذه هي المرأة العربية التي تسطر يوماً بعد يوماً ملامح الأفق الجميل، والمجد العظيم، والتضحيات التي تقوم بها بدءً من محيطها الأقرب أسرتها الصغيرة ومروراً بمجتمعها الخارجي ووصولًا إلى العالم أجمع، لتشكل بصمات واضحة في الإبداع والتفوق والريادة في كافة المجالات المجتمعية الثقافية والتربوية والاجتماعية والاقتصادية.

 تضحيات عظيمة وإنجازات كبيرة

لا بد من التأكيد أن تعميق الاهتمام حول قضايا المرأة في البحث العلمي يعتبر مقياسا حقيقيا ومركزيا لقياس تطور المجتمع من عدمه، فحدود تقدم مجتمعاتنا العربية والإسلامية مرهون بتقدم المرأة فيه، فلا يمكن تصور تقدم مجتمعاتنا تاركا وراءه نصفه الثاني في حالة تخلف وضياع وتهميش، وقد أثبتت التجارب الواقعية ما قدمته المرأة العربية من تضحيات عظيمة، وإنجازات كبيرة في العديد من الميادين برغم كل العقبات والتحديات وضعف الإمكانيات، وكم تحملت وصبرت وكافحت من أجل أن تشارك في صناعة حضارة مجتمعية مشرقة وتصنع جيلا واعيا يعزز ويقدر ويحترم المرأة ودورها العظيم في كل مرحلة من مراحل البناء والنهوض.

ويمكنني القول بأن المرأة العربية هي الصورة المشرقة الكاملة عند النظر للمجتمع، ظروفها وأحوالها وخصائصها تنعكس فيها القيم الأساسية التي تحكم حركة المجتمع وتسيير أموره، إنها خط الدفاع الأول، وكلمة السر في البناء والعطاء، ومفتاح الأمان والدفء ومنظومة التربية، وكفي بالأمهات العربيات كنموذج أصيل من شعب رائع، يتحملون كل شيء، يدركون أن الحزن والشدائد لا مفر منها ومستعدون أن يغوصوا فيها ليعبروا إلى الشاطئ الآخر بكل دفء وأمان.