عبير شمص
كان استشهاد الرئيس الايراني السيد ابراهيم رئيسي، مناسبةً ليفتح باب النقاش من جديد حول مدى تأثر البلاد بفراغ موقع الرئاسة وكيف ستتغير مقاربة الجمهورية الاسلامية لعدد من الملفات الإقليمية والدولية. وعلى الرغم من أن طهران قد مرت بتاريخ مليء بالتحديات منذ انتصار الثورة الاسلامية ثمانينيات القرن الماضي، أثبتت خلالها أن استراتيجيتها ثابتة وفق المبادئ التي تؤمن بها، إلا أن هناك مَن لا يكف عن اصطياد الفرص لإعادة التعويل من جديد على تغيّرٍ ما في سياستها الخارجية، كوسائل الإعلام التابعة للمنظومة الأميركية الغربية.
ولكن ايران وبقيادة السيد القائد (حفظه الله) الذي أعلن أنه لن يكون هناك أي خلل في عمل البلاد أمنت عبر نظامها المؤسساتي الانتقال السلس للسلطة عملاً بالدستور وفق البند 131، وتولى محمد مخبر النائب الأول للرئيس مهامه، ثم جرى الإعلان عن موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة في 28 حزيران/ يونيو، بعيد ساعات من تأكد نبأ استشهاد رئيسي ووزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان ورفاقهما، لضمان استقرار البلاد السياسي والاقتصادي.
وفي هذا الإطار وللتعرف على تداعيات استشهاد الرئيس الشهيد ووزير خارجيته على المنطقة وخاصة على القضية الفلسطينية التي كانت تأتي في رأس أولويات الرئيس الشهيد ووزير خارجيته الذي أصبح بعرف بوزير خارجية محور المقاومة، التقت صحيفة الوفاق رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة الشيخ ماهر حمود وكان الحوار التالي:
إيران دولة مؤسسات
تأكد للجميع من الموالين أو الخصوم والأعداء أن ايران دولة مؤسسات، وفق الشيخ حمود ، فهي ليست دولة تقوم على أشخاص أو على ردات فعل رغم أهمية دور الأشخاص والقيادات المميزة التي التي تعاقبت على قيادة الجمهورية الاسلامية في كافة المراحل وكافة المجالات، إلا أن فكرة المؤسسات كانت طاغية، فلم نشعر على الإطلاق بأن فراغاً حل في إيران رغم حجم الاغتيالات التي رافقت انتصار الثورة ونذكر منها انفجار مركز الحزب الجمهوري الذي ذهب ضحيته الشهيد بهشتي وحوالي 72 من كبار المسؤولين، وبعد ذلك بشهرٍ واحد تم اغتيال الشهيد رجائي رئيس الجمهورية والرئيس باهنر رئيس الحكومة في ذلك الوقت، واستمرت الثورة ونذكر بأن منافقي خلق قد اعتمدوا أسلوب الاغتيالات لسنوات واستطاعوا قتل عشرات الآلاف من أكان الثورة والقيادات والعاملين فيها، وبالتالي فنحن لا نرى أي تغير سيحصل جراء هذه الحادثة الأليمة رغم أهمية الدور والصفات الشخصية التي اضطلع بها الرئيس الشهيد ووزير الخارجية عبد اللهيان، وبالتالي ما اتسمت به الثورة الاسلامية من دعم للمقاومة ومواجهة السياسة الأمريكية في المنطقة وكافة السياسات التي بنيت عليها فإنما هي ستستمر على الوتيرة نفسها بل حتى أن هذا الحادث سيعطي دفعاً للمزيد من التماسك الداخلي والحزم في السياسة الايرانية لتحقيق أهدافها المعلنة.”
هوية إيران فلسطينية
يؤكد رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الشيخ حمود أنه:” لا شك أن مشاركة ممثلي المقاومة اللبنانية والفلسطينية واليمنية والعراقية في مراسم تشييع الشهداء كان أمراً لافتاً وأشد تعبيراً كلمة رئيس المجلس السياسي لحركة حماس الحاج اسماعيل هنية وكانت كلمة وحيدة في المراسم وكأن إيران تقول أن هذه هويتنا هذا التزامنا هذه أولوياتنا لا يهم ما تفعلون من هجوم من تشويه لصورة هذه الثورة ومن اعتداء غاشم وتواطؤ دولي على حرب الإبادة في غزة بالتالي، هذا الحضور في التشييع شكل فعلاً إعلان هوية مميز ونحيي القادة في إيران على هذا الإخراج لهذا التشييع ولهذا الموقف المميز.”
حضور دولي لافت ..ومشاركات عربية للمرة الأولى
أنه حوالي 98 ممثلاً لدولة حضر التشييع المهيب والتعازي، يقول الشيخ حمود: “ومنها دول تحضر لأول مرة وهذا أمر لافت وكأنها صفعة لأمريكا والتي حاولت أن تعزل إيران وأن تجعلها دولة منبوذة وسمتها مع حلفائها محور الشر إلى اخر ما هنالك من افتراءات، يعني وجود هؤلاء كان أمراً لافتاً ومهماً، أمّا السعودية فهي لم ينضج عندها حتى الآن الموقف فهي تحتار حسب ما يبدو ما بين التطبيع بكل ما فيه من موبقات وبين أن تبقى أو تحاول أن تكون مسجداً للاسلام بالشكل الذي ترسمه وتصوره للعالم الإسلامي. أمّا موضوع مصر والأزهر الشريف ففي الحقيقة نحن عندنا ثقة كبيرة بسماحة الشيخ أحمد الطيب شيخ الجامع الأزهر ورأينا منه كل المحاولات الطيبة لردم الهوة بين المسلمين إلا أنه مكبل بالسياسات المصرية المرتبطة باتفاقية “كامب دايفيد” ومفاعيل هذا الاتفاق المشؤوم ،لكنها تبقى علامة فارقة كما أن مصر من الناحية الرسمية تريد إرسال رسائل للعدو الصهيوني الذي وجه عدة إهانات لمصر في الأشهر الماضية كان أخرها الاستيلاء على معبر رفح.”
إيران دولة شعب ومؤسسات وليس أفراد
قناعتنا الراسخة بأن إيران دولة مؤسسات وليست دولة أشخاص يؤكد الشيخ حمود وذلك على الرغم من قيمة الأشخاص الذين يستلمون هذه المناصب الحساسة ولكن لا أظن أن شيئاً سيتغير بل بالعكس أن هذا الحادث وردة الفعل الايرانية الداخلية وهذا التماسك الداخلي سيزيد من قوة الموقف الايراني فضلاً عن مرحلة ما بعد 7 اكتوبر أكدت أهمية الدور الإيراني للقاصي والداني. فالمرحلة التي أتى فيها السيد الشهيد رئيساً والوزير عبد اللهيان وزيراً كانت مرحلة مميزة من ناحية أن هذين القائدين تماهيا بشكلٍ كامل مع القائد السيد علي الخامنئي(حفظه الله) مما جعل القرارات في ايران تتخذ بسلاسة وبوضوح أكثر من السابق على اعتبار أن هذا الحادث خلق تعاطفاً شعبياً داخلياً وخارجياً فإن الذين سيأتون لانتخاب رئيس جديد للجمهورية أو تعيين وزير خارجية جديد بعد ذلك لن يكون إلا في هذا الخط وسيستمرون في اتباعه ولا أرى على الإطلاق أي مجال للانحراف عن هذا الخط خاصة كما ذكرنا ونؤكد مرة أخرى أن الظروف أثبتت حاجة فلسطين والمنطقة بشكلٍ عام للحكمة التي اتسم بها السيد الشهيد من خلال محاولاته تصفير المشاكل في المنطقة وتحييد الموقف السياسي الإيراني المميز عن الخلافات السياسية الصغيرة التي يعمد إليها بعض الحكام وعن الإشاعات الأمريكية والتحريض الأمريكي المستمر لبعض دول الخليج الفارسي من أجل تخويفها من الأهداف الإيرانية المضمرة كما يزعمون أظن أننا تجاوزنا بسياسة الرئيس الشهيد ووزير خارجيته هذه المرحلة وأصبحنا على أعتاب مرحلة أخرى، وهي تأكيد العلاقات مع الجميع خاصةً أن السياسة الأمريكية أظهرت فشلها في المنطقة ولم تستطع تحقيق أهدافها الكبرى في أي موقع دخلت فيه بشكلٍ واضح أو بشكلٍ مستتر، في سوريا هُزم المشروع الأمريكي وفي العراق وفي اليمن كذلك في لبنان أصبحت ثقة حلفاء ” أمريكا” بها وبسياستها في المنطقة مهتزة ولم تعد أميركا تُملي سياستها على من يدعي أنه هو جزء من سياستها في المنطقة”.