الوفاق
يُعد الكتاب كتاباً توثيقياً يسرد أحداث 258 يومًا قضاها الإمام الخامنئي(دام ظله) في مدينتي إيرانشهر وجّرفت خلال النضال الثوري إبان العهد البهلوي الثاني سنة 1977 و 1978.
ويستند هذا العمل في الدرجة الأولى على خطابات ومذكرات قائد الثورة الإسلامية، ثّم على مذكرات أصدقائه المقربين في ذلك الوقت. ويشير الكتاب في تفاصيله إلى أنّ المنفى لم يقلل من عزيمة ونضال سماحته فحسب بل جعل منه مناضلاً من الدرجة الأولى أيضاً.
في هذا الكتاب يمكن تَلمّس أبعاد شخصيّة السيد القائد بشكلٍ جليّ عبر العودة إلى فترة ما قبل انتصار الثورة ودوره الأساسيّ في ترشيد أحداثها. “في المنفى” هي إحدى الروايات التي تُخبر عن تلك الفترة الزمنيّة، وتُبيّن مقدار التأثير الاجتماعيّ والنهضويّ الذي بلوره سلوك ذلك العالِم المنفيّ. يعود الجزء الرئيس من الرواية إلى مقابلة أجريت مع سماحته، بيَّن خلالها ما جرى في فترة نفيه إلى مدينتَي “إيرانشهر” و”جيرفت”.
وقد اعتقل السيد القائد في خريف 1977م، وبعد ذلك نفي إلى مدينة ايرانشهر، كان النفي وسيلة النظام لكبح نشاطات السيّد القائد، حيث لم تُحجم الاعتقالات والسجن والتعذيب من أنشطته، بل صنعت منه مناضلاً يمارس نضاله بطريقة لا يُمكّن النظام من العثور على وثيقة ضدّه. اتُّخذ القرار، مكان النفي والإقامة الجبريّة لمدّة ثلاثة أعوام في “إيرانشهر”، وهي منطقة حارّة وطقسها جافّ، وغالبيّة أهلها من أبناء السنّة. أول اهتمامات سماحته في “إيران شهر” كان إحياء مسجد آل الرسول (ع)، وهو المسجد الوحيد للشيعة الذي كان مهجوراً طوال السنة. هذا وقد نشأت علاقة طيّبة بين السيد القائد وعلماء الطائفة السنيّة، الذين كان أبناؤها يقيمون العزاء في شهر محرّم. كذلك فكّر سماحته في عددٍ من الأنشطة التي من شأنها إزالة الحواجز النفسيّة بين الطائفتَين، من قبيل إقامة مهرجان مشترك في مولد الرسول (ص) من 12-17 ربيع الأول. وفي نهاية الكتاب أُخبر السيّد القائد أنّ المنفيّين سيتوزّعون على مدن ثلاث، وسيغادرون ليلاً بسبب خشية الشرطة من ردّ فعل أهالي المدينة، وذلك بعد أن اتُخذ القرار بإبعادهم عن “إيرانشهر وصل خبر إعلان اطلاق سراحه، خشي السيّد أن يكون في المسألة مؤامرة تستهدف حياته، فقرّر الخروج ليلاً دون علم السلطة. كانت سفرة العودة ممتعة مليئة بذكرياتٍ جميلة، سمعوا خلالها خبر توجّه الإمام الخمينيّ (قدس) إلى باريس.
من الملفت أنّ هذه المقابلة، التي تنطوي على جوانب من حياة السيد القائد، كانت منذ البداية قد أجريت باللغة العربية، حيث أجراها الدكتور (محمد علي آذرشب أستاذ الأدب العربي) مع سماحته بنيّة نشرها بين الناطقين باللغة العربية. وأمّا بقية الكتاب الذي يحتوي على أحداث تلك الفترة، وعلى أقوال سماحته وأقوال من كانت لهم صلة به في استعراض ذكريات المنفى بالفارسية، فقد تمت ترجمتها إلى اللغة العربية على أمل أن تعم بها الفائدة، وأنّ يتعرف الناطقون باللغة العربية على هذه الحقبة الحساسة والجميلة والملهمة للدروس من حياة السيد القائد . وهنا جدير بنا أن نتقدم بجزيل الشكر وعظيم التقدير للأستاذ الدكتور آذرشب على ملاحظاته السديدة وآرائه الرشيدة، فشكر الله سعيه وأجزل مثوبته .