خليل نصر الله
ليس سراً أن كتائب المقاومة الفلسطينية العسكرية في الضفة الغربية المحتلة، والتي تنتمي إلى مختلف فصائل المقاومة، أُعِدّت بشكل دقيق.
لم يكن بدء عمليات إطلاق الرصاص قبل عام باتجاه دوريات الاحتلال، والعمليات في عمق الاراضي المحتلة فورة مرحلية وتنتهي، إنما مقدمة لتطوّر أعمال المقاومة.
من يراقب مشهد الأراضي المحتلة، منذ ما بعد معركة “سيف القدس” التي هدفت إلى جمع الساحات ضمن نطاق عملها وردها، يتبين له أن أرضية المقاومة المسلحة أعدت وعبر مراحل طويلة، وأن المعادلة التي فرضت يومها كانت دافعًا وربما إيذانًا ببدء العمل المسلح في الضفة الغربية وتصاعده.
من خلال متابعة مسار العمليات العسكرية، يتضح أن إعدادًا كبيرًا قد أنجز لمجموعات ليست بقليلة من المقاتلين، وتم تجهيزهم بما يلزم لضرب أهداف إسرائيلية مع عمليات الإشغال الدائمة المتمثلة باستهداف دوريات عسكرية ومستوطنات بالرصاص وبشكل شبه يومي.
في إحصاءات صدرت في الكيان، يتضح أن منسوب العمليات في العام ٢٠٢٢ مقارنة بالأعوام السابقة قد زاد وبشكل مضاعف، وأن مسار العمليات يجري بشكل تصاعدي.
مؤخرًا، حاول الاسرائيليون وأد الأمر عبر عمليات واسعة، شملت مختلف مناطق الضفة، وتركزت في نابلس وجنين. مارس العدو الاقتحامات ونفذ عمليات اغتيال لمقاومين، وتحدثت أوساطه عن إنجازات، لكن النتيجة كانت عكس أهدافه شبه المعلنة، خاصة مع ظهور كتائب عسكرية جديدة، وازدياد وتيرة العمليات.
يتصدى المقاومون لعمليات الاقتحام بشكل منظم، ويفشلون الكثير منها، وهو أمر ليس بسهل أمام إمكانات العدو العسكرية والاستخبارية الكبيرة. وتبين المشاهد والمقاطع المصورة التي توثق بعض العمليات الفدائية أن المقاومة طورت من عملها وبدأت تكتسب خبرات عالية، وأن بوادر حرب أدمغة قد بدأت. إلى جانب ذلك، بيّنت بعض العمليات العسكرية تنسيقًا كبيرًا بين مختلف كتائب المقاومة العسكرية التي تتواجد في مناطق مختلفة، وهو أمر ليس بسهل ويحتاج إلى إمكانات عالية وإدارة ذات خبرات، والأمر ربما توفر.
في المرحلة الحالية، يتضح بعد عدة عمليات ، آخرها مشهد توثيقي لعبوة جنين – شارع حيفا، التي استهدفت ناقلة جند إسرائيلية، كانت ضمن عداد دورية عسكرية مؤللة منسحبة من منطقة كفردان، ثم إمطارها بالرصاص، يتضح أن المقاومة انتقلت الى مرحلة أكثر تطورًا سيتوقف عندها الاسرائيليون بدقة.
المقاومة في الضفة في تطور وتصاعد، وهو أمر ينذر بأيام صعبة أمام المؤسسة الأمنية الاسرائيلية، خاصة في ظل حكومة “نتنياهو” التي وصفها السيد حسن نصر الله بحكومة المجانين.
وبدقة أكثر، فإن الأراضي الفلسطينية وخاصة الضفة الغربية والقدس المحتلتين، أمام عمل مقاوم مسلح لا ينحصر ضمن ردات الفعل إنما الإقدام والمبادرة، وهو منظم بشكل يأخذ بعين الاعتبار عامل الزمن، وأن المواجهة طويلة، وهو ما يعني أن في جعبة المقاومة الكثير من المفاجآت، وأن حرب أدمغة قد بدأت، ونحن لا نبالغ .
