من وظائف الأبوين الأخلاقية التي ينبغي عليهما رعايتها دائماً وفــي جميع الأحوال المعاملة على أساس العدل والمساواة بين الأولاد، فلا يفضّلا الولد على البنت أو إيَّاه على سائر إخوته، ولا يودًا أحدهم دون الآخرين، فإن أرادا التقبيل فليقبلا جميع الأولاد، وإن أرادا جلب هدية فليجلباها للجميع.
ومن البديهي أن الأبوين سوف يذوقان طعم التفرقة المرّ بين الأولاد، وسوف تسلب ثقة الأولاد بهما، هذا مضافاً إلى أنهما يشعلان بأيديهما فتيل الحسد والعداء والبغضاء بين أبنائهما، فإنّه لا يتوقع غير ذلك منهم بعد هذا السلوك معهم، فقد روى النعمان بن بشير عن النبي(ص) أنه قال: ((اتقوا الله، واعدلوا بين أولادكم، كما تحبّون أن يبروكم).
أ. العدل بين الذكر والأنثى
لقد كان رسول الله (ص) حسّاساً جداً بالنسبة لما يراه من التمييز والتفرقة في السلوك مع الذكور والإناث، خذ أنموذجاً عملياً لذلك: ما روي عن الحسن قال: بينا رسول الله يحدث أصحابه إذ جاء صبي حتى انتهى إلى أبيه في ناحية القوم، فمسح رأسه، وأقعده على فخذه اليمني، قال: فلبث قليلاً فجاءت ابنة له حتى انتهت إليه، فمسح رأسها وأقعدها في الأرض، فقال رسول الله (ص): ((هلا أقعدتها على فخذك الأُخرى))؟! فحملها على فخذه الأُخرى، فقال: (الآن عدلت).
ب ـ العدل في تقبيل الأولاد
تقبيل الطفل علامة المحبّة والرأفة والتودّد إليه، ولا ينبغي التفرقة هنا: بین الأولاد في التقبيل أيضاً، فقد روي عن النبي(ص) قال: ((إنّ الله تعالى يحب أن تعدلوا بين أولادكم حتى في القبل).
ج العدل في الإهداء بين الأولاد
إن الهدية – وإن كانت من الأمور المادية لكنّها – حاكية عن مدى حب وعلاقة الطرف المقابل الذي يهدي الهديّة، ذلك أنّ المحبّة لو لم تتجلَّ وتبق خبيئة في القلب سرعان ما تزول، وقد ورد في كلمات أهل البيت التأكيد على الإهداء والنحلة والعطية لغرض توثيق المحبّة وإن للأطفال روحاً لطيفةً وحساسة، وعطية الوالدين دليل صدق محبتهم لهم، ولا ينبغي الإفراط والتفريط في ذلك بين الأولاد، فإنّها بذلك تكون سبباً لإفشاء الحسد والخلاف بين الأولاد بدلاً من أن تكون مفيدة ونافعة.