في ظل الأزمة الصحية الرهيبة التي تشهدها المنطقة ومع تحذيرات طبية من خطر انتشار شلل الأطفال يحرم كيان الاحتلال أطفال غزة من 4 جولات من التطعيم لتكون بمثابة الرصاصة الأخيرة في جسد هؤلاء الأطفال الذين لا يزالون يصارعون كل الظروف للبقاء والصمود.
وحمّل مدير مستشفى كمال عدوان الدكتور حسام أبو صوفية كيان الاحتلال كل المسؤولية في انتشار فيروس شلل الأطفال لأنه يمنع دخول المعدات اللازمة لحل الأزمة الصحية في قطاع الصرف الصحي، كما ويتعمد الاحتلال منع إدخال مياه الشرب والأغذية الصحية والنظيفة فيما تشكل هذه العوامل مجتمعة وفي ظل غياب التطعيم أرضية مناسبة لانتشار فيروس شلل الأطفال، بالإضافة إلى وجود فيروس الكبد الوبائي داخل مراكز الإيواء في غزة، إلى جانب مئات حالات التلوث المعوي التي ترد على مدار الساعة إلى المستشفيات والمراكز الصحية في غزة.
فيما أعلنت الوزارة، في بيان، عن إجراء فحوصات لعيّنات الصرف الصحي، بالتنسيق مع منظمة “اليونيسف”، حيث أظهرت النتائج وجود الفيروس المسبب لشلل الأطفال، في المجاري التي تجمع وتجري بين خيام النازحين، وفي الأماكن التي يتواجد فيها السكان، نتيجة تدمير البنية التحتية.
وأكدت أن ذلك يمثل “كارثة صحية جديدة”، حيث يوجد ازدحام شديد، مع ندرة المياه وتلوثها بمياه الصرف الصحي وتراكم أطنان القمامة، ومنع الاحتلال من دخول مواد النظافة، ودعت وزارة الصحة إلى وقف الحرب الإسرائيلية فوراً، وتوفير المياه الصالحة للاستخدام، وإصلاح خطوط الصرف الصحي، وإنهاء اكتظاظ الناس في أماكن الإزاحة.
من الجدير بالذكر أن شلل الأطفال يعتبر مرضا فيروسيا شديد العدوى يغزو الجهاز العصبي ويمكن أن يحدث شللاً تاماً في غضون ساعات، وينتشر بالانتقال من شخص لآخر.
الاحتلال يهلع على جنوده
مع الحديث عن معطيات مؤكدة عن انتشار فيروس شلل الأطفال هلع كيان الاحتلال و استنفر وفي هذا الإطار، قال مدير مستشفى كمال عدوان إن جيش الاحتلال أعلن عزمه تطعيم جنوده في غزة بعدما باتت الأخيرة بيئة مناسبة لانتشار الفيروس الذي يصيب -أيضا- الكبار ومختلف فئات المجتمع، في الوقت الذي يحرم أطفال غزة من التطعيم والذين يعتبرون أجساداً هشة أمام هذا الفيروس، وفي هذا السياق، أفادت تقارير عبرية، بأن جيش الاحتلال قرر تطعيم جنوده في قطاع غزة ضد فيروس شلل الأطفال المنتشر في القطاع.
وحسب بيان لقوات الاحتلال “متابعةً للتقارير حول وجود فيروس شلل الأطفال في قطاع غزة، أخذ الجيش عينات للفحص في مناطق متفرقة والتي تم العثور فيها على آثار لفيروس شلل الأطفال المعدي من خلال الشرب أو ملامسة الفم للمياه المتأثرة، وفي أعقاب ورود هذه المؤشرات، تقرر لدى الجيش وبالتنسيق مع وزارة الصحة تطعيم القوات المناوِرة من الفيروس من أجل الحفاظ على صحة الجنود”.
تعطيل المنظومة الصحية
تواصل قوات الاحتلال تعطيل عمل النظام الصحي في غزة، عبر منع دخول الأدوية والمستهلكات والمستلزمات الطبية إليها وذلك بعد أن استهدفت غالبية المنشآت الطبية وسيارات الإسعاف المتواجدة هناك و دمرت المنظومة الطبية بشكل كامل.
وكانت قوات الاحتلال تعمدت تدمير شبكات البنى التحتية، خلال الهجمات على قطاع غزة، منذ بدء الحرب في السابع من أكتوبر من العام الماضي، وأدى ذلك إلى طفح مياه الصرف الصحي لتشكل في كثير من مناطق النزوح بركاً كبيرة فوق الأرض.
وكان العديد من المنظمات الدولية حذر من تفشي الأمراض بسبب عدم القدرة على ضخ مياه الصرف الصحي بعد معالجتها، وبسبب برك مياه الصرف الصحي وسط الأماكن السكنية، جراء استهدافات قوات الاحتلال لشبكات البنى التحتية وتدميرها، ويترافق ذلك مع عدم قدرة بلديات قطاع غزة على إيصال كميات القمامة التي يجري جمعها من المناطق إلى المكبات الرئيسة الموجودة شرق مدينة غزة، وذلك منذ بدء الحرب، ويجري في هذا الوقت تجميعها في مناطق أخرى بديلة قريبة جداً من أماكن تواجد السكان ومراكز الإيواء، ما تسبب بانتشار أمراض معدية، ومنها الجرب، بين سكان القطاع.
الحرب والسرطان وجهان لعملة واحدة
لعل عائلة أبو عمشة مثال حي على المعاناة التي يعيشها مرضى السرطان في غزة في ظل الحرب العدوانية التي يشنها الاحتلال منذ أكتوبر الماضي حيث يكافح أفراد هذه عائلة الذين نهش المرض أجسادهم من أجل البقاء، وسط ظروف قاسية يعيشونها داخل خيمة في أحد مراكز الإيواء.
داخل خيمة من القماش، في أحد مراكز الإيواء وسط قطاع غزة، تجلس الطفلة انشراح أبو عمشة (16عاما)، المصابة بمرض السرطان، تقلب صورها التي اُلتقطت لها وهي على سرير العلاج الذي حرمت منه جراء الحرب المدمرة التي تشنها “إسرائيل” منذ ال 7 من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
لقد دفعت الحرب بالطفلة من غرفة يتوافر فيها جهاز تبريد يتواءم مع وضعها الصحي ويخفف -ولو بالحد القليل- من تداعيات مرضها، إلى خيمة تختزن بداخلها درجات عالية من الحرارة والرطوبة وتنعدم فيها مقومات الحياة.
ومنعت الحرب وإغلاق معبر رفح بشكل شبه كلي منذ بداية الحرب، الطفلة أبو عمشة من استكمال علاجها في الخارج، وتطالب الطفلة، التي انتفخ الجزء الأيسر من وجهها وفقدت عينها بشكل كامل جراء وجود ورمين الأول فوق العين والثاني في الخد، بالعمل على إخراجها من القطاع لاستكمال علاجها وإنقاذها من خطر محقق.
“انشراح”، ليست الفرد الوحيد في عائلة أبو عمشة المصاب بالسرطان، إنما هي واحدة من ثلاثة حيث تعاني والدتها وشقيقتها ذات المرض، فيما يواجه شقيقها مرض زيادة الكهرباء في الدماغ، ويصارع اليوم أفراد العائلة المرض والحرب من أجل البقاء، فيما فقدوا معيلهم الوحيد قبل سنوات بالمرض ذاته.