تحت ضغط الحرب على غزة..هل نشهد انهيار قطاع الشركات الناشئة “الاسرائيلي” لعقود قادمة؟

كانت الشركات الإسرائيلية تتطلع إلى زيادة الواردات من تركيا، بعد أن أدت هجمات أنصار الله في اليمن إلى تعطيل التجارة القادمة من البحر الأحمر، ما رفع تكاليف الشحن مع استخدام طرق بديلة أطول.

2024-07-27

في أعقاب تداعيات الحرب التي يشنها كيان الاحتلال الصهيوني على غزة منذ السابع من أكتوبر يشهد القطاع الاقتصادي الإسرائيلي صفعات عديدة كان آخرها القفزة الكبيرة في معدل هروب الشركات الناشئة إلى الخارج والذي قفز من 19.9% في عام 2022 إلى 43.73% عام 2023 وذلك في آخر استطلاع للرأي أجرته الجمعية الإسرائيلية للصناعة المتقدمة ، ويشكل الخوف من المجهول و عدم اليقين تجاه الأوضاع الأمنية في المنطقة لدى مؤسسي الشركات الدافع الأساسي للفرار وتأسيس شركاتهم في الخارج، كما لا يمكن تجاهل أثر خطة التعديلات القضائية التي نفرت رؤوس الأموال من الاستثمار داخل الكيان، الأمران اللذان شكلا صفعتين قويتين لمكانة كيان الاحتلال كعاصمة للشركات الريادية الناشئة، لكن السؤال الذي يطرح نفسه في هذا السياق كيف سيؤثر ذلك على الاقتصاد الإسرائيلي الذي يعيش أياماً لا يحسد عليها ؟

 

 

قفزة كبيرة وهروب من الخسائر

 

بعدما كانت تلقب بأرض التكنولوجيا الناشئة، ها هو الاقتصاد الإسرائيلي يشهد نفورا من قبل المستثمرين وفي هذا السياق أشار الاستطلاع الذي نقلت نتائجه معاريف العبرية ، أنه و بالإضافة للبيانات السنوية المقلقة فإن بيانات الربع الأول للعام الحالي، تظهر أن 62.45% من الشركات الإسرائيلية الناشئة تم تأسيسها في داخل الكيان الإسرائيلي مقابل 37.55% تأسست في الخارج، وقد أجري الاستطلاع حسب الجمعية الإسرائيلية للصناعات المتقدمة بشكل منظم بهدف جمع بيانات واقعية وواضحة عن الشركات المستهدفة، حيث تعكس هذه المشكلة قضية مهمة بالنسبة لنشاط قطاع التكنولوجيا الإسرائيلي والذي يعتمد عليه الاقتصاد الإسرائيلي بشكل كبير.

 

من الجدير بالذكر أن التهديد الذي جسدته مؤخراً المسيرة اليمنية لضرب قلب تل أبيب سوف يدعم فكرة هروب الشركات وخصوصاً بعد ظهور الدفاع الجوي الإسرائيلي عاجزاً عن رصدها ومن قبلها رأينا صواريخ إيران تصل إلى مناطق حيوية في كيان الاحتلال لذلك من المؤكد اننا سنرى بيانات الاقتصادية في الأيام المقبلة موجعة أكثر بالنسبة للمجتمع الإسرائيلي وحكومته الغاصبة.

 

من الجدير بالذكر أن الشركات الناشئة الإسرائيلية قبل بدء الحرب كانت تتخذ خطوات جديّة في نقل مقراتها للخارج نتيجة خطط الحكومة الإسرائيلية لإضعاف القضاء والتخلص تدريجياً من استقلال المحكمة العليا الأمر الذي خلق حالة من عدم اليقين والاضطراب أجبرت العديد من أصحاب الشركات في كيان الاحتلال في الاحتفاظ بجميع أموالها خارج الكيان باستثناء كشوف المرتبات لمدة ثلاثة أشهر نظراً لكونه إجراء مطلوباً من قبل البنك المحلي فحسب.

 

وأظهر استطلاع أجرته مؤسسة “ستارت أب نيشن سنترال” قبل بدأ الحرب أن ما يقرب من 70 في المئة من أكثر من 500 شركة ناشئة شملها الاستطلاع اتخذت خطوات مماثلة لتحويل الأموال والعمالة وحتى مقراتها خارج كيان الاحتلال نتيجة الإجراءات الحكومية، بينما اضطُر البعض الآخر لتسريح موظفين.

 

 

إغلاق حتى إشعار آخر!

 

تشير التقديرات الاقتصادية إلى أنه تحت ضغط الحرب على غزة و تداعياتها من المتوقع إغلاق 60 ألف شركة اسرائيلية خلال عام 2024 وتأتي هذه التوقعات في ظل ارتفاع الفائدة و تكلفة التمويل و النقص الحاد في القوى العاملة و النقص الكبير في حجم الأعمال و العمليات و تعطل الخدمات اللوجستية و الإمدادت و عدم كفاية المساعدة الحكومية حسب صحيفة تايم أوف اسرائيل العبرية.

 

ومن الجدير بالذكر أن نحو 77% من الشركات اضطرت إلى الإغلاق منذ بداية الحرب، والتي تشكل حوالي 35 ألف مؤسسة، يشار إلى أن الحرب على غزة تسببت في مواجهة آلاف من أصحاب الشركات حالات الاستدعاء المفاجئ والمستمر لمئات الآلاف من الموظفين للخدمة الاحتياطية لينضموا إلى القتال في غزة، كما نزح 250 ألف إسرائيلي من منازلهم.

 

ونقلت تايمز أوف إسرائيل عن الرئيس التنفيذي لشركة “كوفيس بي دي آي” يوئيل أمير قوله “لا قطاع في الاقتصاد محصنا ضد تداعيات الحرب المستمر… تتعامل الشركات مع واقع معقد للغاية.. الخوف من تصعيد الحرب إلى جانب عدم اليقين بشأن موعد انتهاء القتال والتحديات المستمرة مثل نقص الموظفين، وانخفاض الطلب، وتزايد احتياجات التمويل، وزيادة تكاليف المشتريات والمشكلات اللوجستية”.

 

 

تكلفة باهظة

 

أشار تقرير لوكالة بلومبيرغ الأمريكية الشهر الماضي إلى أن الحرب التي يشنها كيان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة هي الأكثر تكلفة في تاريخ دولة الاحتلال، وإنها قد تصل إلى 250 مليار شيكل أي ما يعادل 67.5 مليار دولار، بحلول العام المقبل، وأوضحت الوكالة أن الناتج المحلي لكيان الاحتلال تراجع خلال الربع الرابع من من العام الماضي بنسبة 21.7% على أساس سنوي.

 

وجاء في التقرير مقارنة بين ما عاشه اقتصاد الكيان الإسرائيلي في حرب أكتوبر 1973 والحرب الحالية، لافتة إلى أن تل أبيب احتاجت 10 سنوات (أو ما عرف بالعقد الضائع) وخبراء خارجيين من أجل ضبط الاقتصاد جراء حرب 1973 كانت قد استمرت 18 يوما فقط.

 

ولفت التقرير إلى أن الإنفاق العسكري في كيان الاحتلال الإسرائيلي قبل الحرب بلغ 4.5% من الناتج المحلي الإجمالي وكان الأدنى على الإطلاق في تاريخ كيان الاحتلال.

 

وفي يونيو، قفز العجز المالي في الكيان إلى 7.6% من الناتج المحلي الإجمالي على أساس سنوي إلى 146 مليار شيكل (39.77 مليار دولار)، وذلك صعودا من 7.2% في مايو، وفق ما نقلته صحيفة “غلوبس” الإسرائيلية عن المحاسب العام لوزارة المالية يالي روتنبرغ، وزاد العجز بنسبة 1% عن العجز الذي حددته الحكومة لنهاية العام الجاري والبالغ 6.6%.

 

ووصل العجز المالي في كيان الاحتلال إلى 62.3 مليار شيكل (17 مليار دولار) منذ بداية العام الحالي، مقارنة بفائض 6.6 مليارات شيكل (1.8 مليار دولار) في النصف الأول من 2023.

 

وارتفع الإنفاق الحكومي في الكيان منذ بداية العام فوق 300 مليار شيكل (81.72 مليار دولار)، بزيادة 34.2% مقارنة بالفترة المماثلة من العام الماضي.

 

 

الأكثر تضرراً

 

أظهر مسح شمل عينة من 550 شركة في مجموعة قطاعات متنوعة من الاقتصاد الإسرائيلي، سألت “كوفيس بي دي آي” عن نطاق الضرر الذي ألحقته الحرب بأنشطتها، فكانت النتيجة إظهار تراجع المبيعات في 56% من العينة، فيما أثرت التداعيات الاقتصادية الناجمة عن الحرب المستمرة على الفور على الشركات العاملة في قطاعات البناء والزراعة والسياحة والضيافة والترفيه.

 

وأغلقت الكثير من مواقع البناء في كيان الاحتلال بعد منع 85 ألف عامل فلسطيني منذ بداية الحرب، من العمل بها، وأثر النقص الحاد في القوى العاملة بشكل كبير على قطاعي الزراعة، وصناعة البناء والتشييد ما يتسبب في تأخير كبير في المشاريع وتسليم الشقق، يضاف إلى ذلك حظر تركيا التجارة مع كيان الاحتلال، وهو ما جعل مستوردي مواد البناء (الألومنيوم والبلاستيك ومنتجات الأسمنت) يبحثون عن مصادر إمداد بديلة، وهي أكثر تكلفة بسبب ارتفاع تكلفة الإنتاج والنقل.

 

وكانت الشركات الإسرائيلية تتطلع إلى زيادة الواردات من تركيا، بعد أن أدت هجمات أنصار الله في اليمن إلى تعطيل التجارة القادمة من البحر الأحمر، ما رفع تكاليف الشحن مع استخدام طرق بديلة أطول.

المصدر: الوقت