كيف نختار الأصدقاء؟!

على الإنسان المؤمن أن يختار الصّديق الذي يمكن أن يعيش معه إيمانه بالمستوى الذي ينمّي هذا الإيمان ويرفع منسوبه

2023-01-13

العلامة السيد محمد حسين فضل الله(رض)

نلاحظ أن الكثيرين من الشباب يتأثرون ببعض الأحزاب التي تختلف عن خطهم الفكري وخطهم الإيماني، انطلاقاً من وجود أوضاع عاطفية، سواء كانت تنطلق من علاقات نسائية أو علاقات الصحبة والصداقة وما إلى ذلك، حيث إن العديد من المنتمين إلى هذه الأحزاب، قد تجد ـ من خلال البحث ـ أن انتماءاتهم كانت ناتجة من المؤثرات العاطفية التي عاشوها من خلال هذا الصاحب أو ذاك الصديق.

فعلى الإنسان المؤمن أن يختار الصّديق الذي يمكن أن يعيش معه إيمانه بالمستوى الذي ينمّي هذا الإيمان ويرفع منسوبه. ولذا، لا بدّ له أن لا يصاحب (الجاهل)، لأنه سوف يضله بجهله، وسوف يجعله يعيش الجهل كحالة طبيعية في مفرداتها التي تتحرك فيها حياة الصديق الجاهل، وعليه كذلك أن لا يصادق (الأحمق) الذي لا يعيش التوازن في الأمور، لأنه كما جاء في بعض الكلمات المأثورة: «يضرّك في الوقت الذي يريد أن ينفعك»، وأن لا يصاحب (الفاسق) الذي يجرّه إلى فسقه من خلال طبيعة أجواء الصحبة التي تجعل الإنسان يجامل صاحبه فيما يتحرّك فيه من عادات وتقاليد وأوضاع وأفعال، وأن لا يجعل (الكافر) صديقه بالمعنى الّذي يعيش فيه الانفتاح الكامل على أفكاره، بحيث لا تمثل أفكار الكافر لديه أيّ لون من ألوان الرفض الفكري.

وفي المقابل، فإنّ عليه أن يختار الصديق (العاقل)، الواعي، المؤمن، الذي يعيش إيمانه بعمق، والذي ينسجم معه في تطلّعاته للحياة، حتى لا يعيش المشكلة بين تحركه في الخطّ الذي ينتهجه في الحياة، وبين الخط الذي ينتهجه صديقه الذي يؤثّر تأثيراً مربكاً في هذا المجال.

حذار من أصدقاء السّوء

إنّ خلاصة الفكرة، أن الصديق يترك تأثيراته السلبية والإيجابية من خلال الجانب الشعوري على صديقه، ما يجعل مسألة الصّداقة من المسائل التي تتصل بالمصير الإنساني في كثير من الحالات، وهذا ما نقرأه في قوله سبحانه وتعالى الذي يحدثنا عن بعض مشاهد القيامة التي تنطلق من خلال التجارب التي عاشها الإنسان في الدنيا: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا* يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا* لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا} [الفرقان: 27-29].

إننا ندرس من خلال هذا النموذج الذي يقدمه الله سبحانه وتعالى، الإنسان الذي يعيش الحسرة والندامة في حياته تجاه الخطّ المنحرف الذي تحرك فيه، انطلاقاً من تأثره بصداقة بعض الناس الذين حبّبوا له الضّلال، واستغلوا مشاعره العاطفيّة، فكانت النتيجة أن وصل إلى هذا المصير الذي جعله بعيداً من رحمة الله سبحانه وتعالى.