نحو إضراب تضامني عالمي معهم:

فصول الحرب الوحشية على الأسرى تتكشّف

 إزاء حالة الصمت العالمي تجاه ما يحصل بحق الأسرى في سجون الاحتلال، ينوي الفلسطينيون تفعيل حركة التضامن والإسناد الشعبية لهؤلاء، وتحديداً على المستوى الدولي. وفي هذا الإطار، أُعلن تخصيص يوم عالمي، هو الثالث من آب، لنصرة قطاع غزة والأسرى.

وعليه، سيشهد السبت المقبل إضراباً شاملاً فلسطينياً وعالمياً، يسعى القائمون عليه إلى حشد الكل الفلسطيني خلف المطالبة بإنقاذ الأسرى ووقف حرب الإبادة الإسرائيلية على القطاع، وتفعيل كل الأدوات المتاحة لحث العالم على اتخاذ خطوات حاسمة وجادة في ذلك الاتجاه. ولذا، سيرافق الإضرابَ تحرّك عالمي جرى التنسيق له عبر المؤسسات والأطر المختلفة، وسيأخذ شكل تظاهرات ووقفات وتعطيل من العمل في مراكز المدن على امتداد العالم ومخيمات اللجوء، توازياً مع مسيرات شعبية في مختلف المدن والبلدات والمخيمات في الضفة الغربية، من المرجح أن تتطور في بعض المراكز إلى مواجهات على الحواجز العسكرية.ويأتي ذلك فيما تتكشّف، يوماً بعد يوم، فصول الجرائم الإسرائيلية بحق الأسرى، والتي باتت تفوق قدرة العقل على تصوّرها، وآخرها ما كُشف عن تعريض أسير (زعمت قناة «كان» الإسرائيلية أنه الضابط المسؤول عن جباليا في «كتائب القسام»، وأن مسؤولية اعتقاله نُقلت بشكل استثنائي من مصلحة السجون في معتقل «عوفر» إلى الجيش) في معسكر «سدي تيمان»، لاغتصاب جماعي وحشي أدى إلى إصابته بالشلل. وتحوّل المعسكر المذكور، والذي قالت «القناة الـ13» الإسرائيلية إن 30 تحقيقاً فُتح في وفاة أسرى فيه من بين 75 ملف تحقيق مع جنود ارتكبوا مخالفات في الحرب، إلى مثال لأفظع أشكال الانتهاكات والتعذيب، إلى حدّ بات يوصف معه بأنه «أقسى من أبو غريب وغوانتنامو». ورغم تضارب الأنباء عن عدد من استشهدوا داخله، فإن مصادر إسرائيلية تحدثت عن أكثر من 36 شهيداً هناك، وهو ما دفع مؤسّسات حقوقية إسرائيلية إلى تقديم التماس إلى المحكمة العليا لإغلاق «سدي تيمان».

 

وبرزت، في الأيام الماضية، شهادات مروّعة عن التعذيب الجنسي في السجون، ومن بينها ما نقله المحامي خالد محاجنة عن الأسير الصحافي، محمد عرب، من أن هناك حالات اغتصاب، من بينها تعرّض ستة أسرى لاعتداءات جنسية من الجنود أمام أعين رفاقهم، واستشهاد 6 آخرين أثناء التعذيب. ومن جملة الشهادات التي نُقلت عن عرب، اغتصاب شاب من قطاع غزة يبلغ من العمر 27 عاماً، بإجباره على النوم على بطنه وجعل الكلاب البوليسية تهجم عليه، ثم اغتصابه بواسطة مطفأة الحرائق، فضلاً عن تعرية معتقل آخر بشكل كامل وضرب مؤخّرته وأعضائه التناسلية بصعقات كهربائية. وتفصّل مسوّدة مسرّبة من تقرير «الأونروا» حول التعذيب في «سديه تيمان»، نشرتها صحيفة «نيويورك تايمز»، بعض الحالات المشابهة، مشيرة إلى أن أسيراً يبلغ من العمر 41 عاماً، قال إنّ المحقّقين «أجبروني على الجلوس على شيء مثل عصا معدنية ساخنة وشعرت بالنار»، مضيفاً أنّ «أسيراً آخر مات بعد أن وضعوا العصا الكهربائية في شرجه». ويلفت أسير آخر إلى أنه أُجبر على الجلوس على كرسي موصول بالكهرباء، مضيفاً أنه تعرّض للصدمة في كثير من الأحيان، إلى درجة أنه بدأ بالتبول بشكل لا يمكن السيطرة عليه في البداية، وتوقف بعد ذلك عن التبول لأيام عدة. وأفاد أيضاً بأنه أُجبر على ارتداء حفاضات، لمنعه من تلويث الأرض.

وفي وقت سابق، نشر «المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان» شهادات جديدة لنساء أُفرج عنهن، تكشف حجم المعاناة التي تعيشها المعتقلات. إذ قالت سيدة تبلغ من العمر 44 عاماً، وجرى اعتقالها من داخل مدرسة تابعة لـ«وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين» (الأونروا)، أواخر كانون الأول الفائت، إنها تعرضت للضرب برفقة نساء أخريات على يد مجندات جيش الاحتلال، وهن عاريات بالكامل، فيما أكدت سيدة أخرى أن جنود العدو هدّدوها بالاغتصاب إذا لم تُطع أوامرهم، وتسجّل مقطعاً مصوراً تهاجم فيه حركة «حماس». ونشرت صحيفة «هآرتس»، بدورها، شهادات عن أن أفراد الوحدة الذين اعتقلوا أمس في سجن «سديه تيمان»، شاركوا في عدة حوادث عنيفة في الأشهر الأخيرة. وعلى سبيل المثال، قال جندي خدم في المعسكر إن الوحدة استخدمت العنف ضد المعتقلين، قائلاً: «في إحدى المرات أمروا الجميع بالاستلقاء على الأرض، وألقوا على الفور قنبلة صوتية في وسط الزنزانة، ثم ركلوهم بعنف». وجاء في الشهادة أيضاً أن الجنود كانوا في بعض الأحيان يسحبون المعتقلين جانباً ويعتدون عليهم بعنف، وقالوا: «لقد ضربوهم بالهراوات، ورأيت أسناناً وضلوعاً مكسورة».

 

وكشفت «هيئة شؤون الأسرى والمحررين»، من جهتها، قبل يومين، أن سبعة أسرى حاولوا الانتحار داخل معتقل «عوفر»، بسبب سوء الظروف الاعتقالية ووحشية السجّانين واستهدافهم الأسرى بسلاح التجويع والإهمال الطبي. ونقلت عن محاميها أن إدارة المعتقل ما زالت مستمرة في حملتها الشرسة ضد المعتقلين منذ السابع من تشرين الأول 2023، بل أصبحت تبتكر طرقاً ووسائل جديدة لتضييق الخناق عليهم وقتلهم ببطء. وبيّن المحامي أن أحد المعتقلين في «عوفر» تعرّض للحرق أثناء استحمامه، بسبب اضطراره إلى الاستحمام بمياه شديدة السخونة ولم يتم علاجه، علماً أنّ التحكم بالمياه ودرجة حرارتها يكون عبر إدارة المعتقل.

 

المصدر: الاخبار