شهداء الإعلام

“يوم النصر “… فلسطين ستتذكّر إسماعيل ورامي

نقلت كاميرات «الجزيرة» المجزرة، من دون أن تعلم أن الغول والريفي هما المستهدفان. ثم خرج الصحافي أنس الشريف معلناً الخبر الحزين.

2024-08-04

يواصل العدو الصهيوني استهداف الصحافيين الذين ينقلون المجازر التي يرتكبها في غزة منذ عشرة أشهر. قبل أيام استُهدف مراسل قناة «الجزيرة» إسماعيل الغول وزميله المصوّر رامي الريفي، ليرتفع عدد الشهداء إلى 155 صحافياً، وسط صمت وتواطؤ عالميين حيال المجزرة المستمرّة

 

وفي اليوم الـ 299 من تغطيته للعدوان الصهيوني على غزة، التحق مراسل قناة «الجزيرة» إسماعيل الغول (1997-2024) بقافلة الشهداء مع زميله المصوّر رامي الريفي.

 

«إسماعيلان في طريقهما إلى الجنان». هكذا وُصف استشهاد الغول، بعدما قُتل عمداً على يد العدو الصهيوني قبل الانتهاء من واجبه المهني من أمام منزل القيادي الشهيد في حركة «حماس» إسماعيل هنية.

 

منذ الصباح الباكر، حزم الغول أمتعته وتوّجه نحو منزل هنية في مخيم الشاطئ الذي دمّره العدو. وقف الصحافي على أنقاض المنزل ونقل الصورة من هناك، ليتحوّل الغول من ناقل للخبر إلى الخبر بحدّ ذاته، بعدما استهدفه العدو بصاروخ هو وزميله الريفي أثناء انتهائهما من عملهما.

 

نقلت كاميرات «الجزيرة» المجزرة، من دون أن تعلم أن الغول والريفي هما المستهدفان. ثم خرج الصحافي أنس الشريف معلناً الخبر الحزين، مؤكداً على أنّ أشلاء الصحافيين قد تطايرت من كل حدب وصوب، وانفصل رأس إسماعيل عن جسده.

 

«لا أخجل أن أقف أمام الكاميرا وأقول أنا جائع، يسألني الكثير من الأطفال عن شيء يأكلونه، وهم لا يعلمون أنّي مثلهم لا أنام الليل من الجوع. أنا الشهيد، يوم النصر تذكروني». عبارة قالها الغول مراراً مباشرة على الهواء.

لم يكن إسماعيل الغول مجرّد صحافي عادي ينقل الجرائم التي يرتكبها العدو الصهيوني ضد أهل القطاع، بل إنّ ابن الـ 26 ربيعاً، كان بمنزلة الصورة الحقيقية لصحافيّي غزة. كانت ملامحه متعبة وحزينة لكن مكلّلة بالصبر.تنقّل بين عشرات المجازر التي ارتكبها العدو، واعتُقل مرات عدة، لكنه لم يستسلم.

ولد الغول في مخيم الشاطئ في شمال مدينة غزة، وهو متزوج ولديه طفلة واحدة صغيرة تدعى زينة. وكشفت صفحات السوشال ميديا بأن الغول لم ير ابنته منذ انطلاق العدوان، بعدما نزحت ووالدتها إلى مناطق أخرى حفاظاً على حياتهما.

تخرّج الغول مع شهادة بكالوريوس في الصحافة والإعلام، وعمل كمراسل لصحيفتي «فلسطين» و«الرسالة» الفلسطينيتين. ومع بداية العدوان، انضم إلى فريق «الجزيرة» ولفت الانتباه بتغطياته الإنسانية المؤثرة، وصدق العبارات التي يستعملها لوصف الوضع في غزة.

 

حمل لواء نقل صورة معاناة أهل القطاع بعدما خرج منها زميله الصحافي وائل الدحدوح الذي يتواجد في قطر للعلاج من إصابة تعرّض لها في نهاية العام الماضي. استمر الغول في العمل وسط نيران العدو، ولم يتأخر يوماً عن الخروج برسالة مباشرة بعد كل مجزرة. رغم صغر سنّه وخبرته المتواضعة في الصحافة، تحوّل بسرعة إلى أهم الصحافيين الذين برعوا في تغطية أخبار غزة.

وكانت للغول مسيرة حافلة بالنضال والمقاومة. فقد اعتقله العدو أثناء اقتحامه «مجمّع الشفاء الطبي» في منتصف شهر آذار (مارس) الماضي. وبعد ساعات، أُفرج عنه، وواصل عمله المهني.

 

مع استشهاد الغول، ارتفع عدد الصحافيين الشهداء إلى أكثر من 150 صحافياً من مختلف وسائل الإعلام العربية والعالمية. ومنذ اندلاع العدوان، استهدفت الكيان الصهيوني الصحافيين بشكل ممنهج، في محاولة للتعتيم على جرائمها في القطاع بعدما نجح هؤلاء في تحريك الرأي العام العالمي بالصور الدموية بحق الأطفال والنساء الآتية من القطاع.

في المقابل، ليست المرة الأولى التي يستهدف فيها العدو صحافيين يعملون في «الجزيرة». في بداية العام الحالي، استشهد الصحافي حمزة وائل الدحدوح (1996-2024) وزميله المصور مصطفى ثريا أثناء قيامهما بواجبهما في مناطق في غرب غزة، إلى جانب استشهاد المصوّر سامر أبو دقة (1978-2023) أثناء تواجده مع زميله وائل الدحدوح في منطقة خان يونس. كما استهدف العدو عائلة المراسل السابق لـ «الجزيرة» وائل الدحدوح وقتل زوجته وولديه وحفيده، إلى جانب صحافيين آخرين من وكالات عربية وأجنبية.

على الضفة نفسها، كان تعليق مراسل «الجزيرة» أنس الشريف على منصة X مؤثراً ناعياً زميله بالقول «سألت شقيق الشهيد الحبيب إسماعيل الغول ما هي رسالتك للعالم، فجاء جوابه موجعاً ومحزناً: أي عالم؟». من جانبه، نعى وائل الدحدوح زميله بتغريدة على منصة x قائلاً: «هذا هو حالنا وحال شعبنا، شهيد ينعاه شهيد، وينقل خبره شهيد، ويكفّنه شهيد، ويصلي عليه شهيد، ويلحده شهيد ومنهم من ينتظر أن يكون شهيداً».

 

 

المصدر: الوفاق/ وكالات