الفوضى في الأراضي المحتلة… ماذا فعل الرعب من انتقام المقاومة بالصهاينة؟

بسبب الخوف من رد فعل محتمل على اغتيال قادة المقاومة، قرر الجيش الصهيوني منع خروج القوات من القواعد العسكرية، كما أفادت وسائل الإعلام العبرية بوجود حالة طوارئ، وإلغاء إجازات جميع الوحدات العسكرية البرية والبحرية والجوية، وجميع المؤسسات التدريبية.

2024-08-04

أثارت التحذيرات المتكررة من إيران وحزب الله اللبناني حول توجيه ضربات قوية للكيان الصهيوني انتقامًا من اغتيال فؤاد شكر، قائد حزب الله في بيروت، وإسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الذي تم اغتياله في طهران، حالةً من الرعب بين الصهاينة.

 

وأعلنت هيئة الإذاعة والتلفزيون الرسمية للكيان الصهيوني أنه بعد اغتيال فؤاد شكر وإسماعيل هنية، تم رفع مستوى التحذير في الأراضي المحتلة، حيث أصبح نظام الدفاع الجوي في حالة تأهب، للتصدي لأي تهديد قد يأتي من الشمال أو الجنوب أو الشرق أو الغرب.

 

وبسبب الخوف من رد فعل محتمل على اغتيال قادة المقاومة، قرر الجيش الصهيوني منع خروج القوات من القواعد العسكرية، كما أفادت وسائل الإعلام العبرية بوجود حالة طوارئ، وإلغاء إجازات جميع الوحدات العسكرية البرية والبحرية والجوية، وجميع المؤسسات التدريبية.

 

 

سلطات تل أبيب في المرمی

 

نظرًا لأن هناك حديثًا عن أن عمليات إيران وحزب الله ستختلف بشكل كبير عما كانت عليه في السابق، وأن قاعدة “العين بالعين” ستصبح ساريةً، فإن المسؤولين رفيعي المستوى في تل أبيب ليسوا في مأمن أيضًا.

 

وفي هذا السياق، قامت وكالة الأمن الداخلي الإسرائيلية (شاباك) بزيادة مستوى الحماية لرئيس الوزراء نتنياهو ووزرائه، خوفًا من ردود فعل إيران، كما طلبت شاباك من نتنياهو ووزراء الحكومة عدم التواجد في الأماكن التي لا تتمتع بالأمن الكافي.

 

وقد طُلب من نتنياهو أيضًا الحصول على موافقة مسبقة من شاباك، قبل أي سفر يقوم به هو أو الوزراء، بالإضافة إلى ذلك، تتحدث وسائل الإعلام العبرية عن زيادة مستوى الاستعداد بسبب ردود فعل حزب الله وإيران، وهروب المستوطنين إلى الملاجئ.

 

ووفقًا لصحيفة معاريف، أصدرت قيادة الجبهة الداخلية تعليمات للمصانع الواقعة على بعد 40 كيلومترًا من الحدود مع لبنان، بتفريغ أو تأمين خزانات الأمونيا، وذلك لمنع حدوث تسرب غاز خطير قد يؤثر على البيئة وسلامة الناس.

 

وفي هذا السياق، أوقف مصنع الأمونيا “شتراوس” في “عكا” أنشطته، حاليًا، هناك 30 مصنعًا، العديد منها تعمل في قطاع المواد الغذائية، وتستخدم الأمونيا في عمليات الإنتاج والتبريد.

 

بالإضافة إلى ذلك، أضافت وزارة الاقتصاد 50 فرعًا من سلسلة متاجر فيكتوريا إلى قائمة الفروع التي ستظل مفتوحةً، وتحتوي على مخزون كافٍ في حالات الطوارئ، تقع هذه الفروع بالقرب من ملجأ أو منطقة محمية، ويتوافر بها طاقم عمل يمكنه الاستمرار في تقديم الخدمة عند حدوث أي طارئ.

 

وقد أفادت وسائل الإعلام الإسرائيلية في الأيام الأخيرة، بأن المستوطنين الإسرائيليين قد تدفقوا على المتاجر لشراء المواد الأساسية وتخزين الطعام لعدة أسابيع، کما أن الخوف والهلع في الأراضي المحتلة من ردود فعل محور المقاومة أصبحا واسعي النطاق، لدرجة أن شركات الطيران الأجنبية ألغت رحلاتها إلى تل أبيب، فبالإضافة إلى شركة لوفتهانزا الألمانية، قامت خطوط الطيران السويسرية والنمساوية، وكذلك شركات دلتا إيرلاينز الأمريكية وشركة الطيران الهندية، بإلغاء جميع رحلاتها إلى تل أبيب.

 

 

لا يوجد مكان آمن للصهاينة

 

بالإضافة إلى المواطنين الإسرائيليين، يعيش دبلوماسيو هذا الکيان في مختلف أنحاء العالم، في حالة من الرعب بسبب احتمال انتقام إيران، وقد أفادت قناة 12 التلفزيونية الإسرائيلية بفرض إجراءات أمنية مشددة في سفارات هذا الکيان، خوفًا من هجمات إيرانية.

 

وأشارت القناة إلى أنه تم توجيه السفارات لتكون في حالة تأهب قصوى، وطُلب من الدبلوماسيين الابتعاد عن الأماكن المزدحمة، ورغم أن نتنياهو والمسؤولين الأمنيين الإسرائيليين يطمئنون المواطنين بعدم القلق وأن الجيش سيحميهم، إلا أن الإسرائيليين المذعورين يقضون ساعات مليئة بالقلق والتوتر.

 

وقد قال مقدمو برنامج “كان” الإسرائيلي، مخاطبين عمدة تل أبيب: “أنت لا تقلق بشأن صواريخ الإيرانيين، والحوثيين، وحزب الله، العالم كله ضدنا، وقد حذرونا جميعًا وغردوا ليبتعدوا عن تل أبيب”.

 

من جانبه، أبدى رئيس بلدية تل أبيب رون هولداي، قلقه قائلاً: “أنا في حالة قلق شديد، لقد كنا في حالة حرب لمدة 300 يوم، والصواريخ بدأت تصل إلى تل أبيب، ولا نعرف إلى أين نحن ذاهبون”، وفي هذه الأثناء، يسعى العديد من السكان للعثور على تذاكر طيران للخروج من الأراضي المحتلة.

 

ووفقًا للتقارير، فإن مطار بن غوريون يعجّ بالعديد من المسافرين، الذين يسعون لمغادرة الأراضي المحتلة بسبب الأوضاع غير المستقرة هناك، ومع ذلك، فإن حركة الهروب من الأراضي المحتلة قد أدت إلی مشاكل لشركات الطيران.

 

وقد أعلنت صحيفة نيويورك تايمز سابقًا أن شركات الطيران لوفتهانزا، سويسرا، النمسا، الهند، بالإضافة إلى شركتي الطيران الأمريكيتين دلتا ويونايتد، قد ألغت جميع رحلاتها إلى تل أبيب.

 

من جهة أخرى، أعلنت خطوط الطيران الإيطالية ITA Airways عبر موقعها الإلكتروني، عن إلغاء جميع الرحلات إلى تل أبيب حتى السادس من أغسطس الحالي.

 

کما أن جميع الإدارات في الأراضي المحتلة تعيش في حالة حرب، حيث عقد رؤساء النظام الصحي، بما في ذلك مسؤولي وزارة الصحة وممثلي صناديق التأمين الصحي والمستشفيات، اجتماعات في الأيام الأخيرة للاستعداد لمواجهة الحرب، مع تركيز خاص على المنطقة الشمالية.

 

ووفقًا لإعلان وزارة الصحة الإسرائيلية، أعدّ المتخصصون خطط الطوارئ التي تشمل القوى البشرية الطبية، حالة المجمعات المحصنة، المعدات الطارئة، الحماية السيبرانية، مجموعات الصحة النفسية وطرق العمل، لرفع مستوى الخدمات بشكل عاجل، کما تم إعداد قوائم لإخلاء المرضى، أي نقلهم، عادةً في ظروف معقدة، إلى مناطق آمنة عند الحاجة.

 

من ناحية أخرى، أرسلت بلدية القدس المحتلة رسائل تحتوي على تعليمات للسكان للاستعداد لحالات الطوارئ، وقد ألغى رئيس بلدية حيفا جميع الفعاليات التي لا يمكن حمايتها.

 

وأعلنت قيادة الجبهة الداخلية للکيان الصهيوني للصهاينة: “اضبطوا أجهزة الراديو الخاصة بكم على أحد هذه الترددات، واستقبلوا التنبيهات بتنسيق موجة صامتة، ولا تبث المحطات أي برامج بخلاف تنبيهات الصواريخ الواردة”.

 

وقررت حكومة نتنياهو، خوفاً من الإضرار بشبكة الاتصالات في حالة وقوع هجوم محتمل من قبل حزب الله وإيران، توزيع هواتف تعمل عبر الأقمار الصناعية على الوزراء وكبار المسؤولين.

 

 

تضرر الاقتصاد

 

يعمل الجيش الإسرائيلي، خوفًا من استهدافه من قبل مجموعات المقاومة، على القيام بدوريات جوية وبحرية قرب منصات الغاز.

 

وقد تزايدت الحماية حول هذه المنصات بشكل كبير، بعد الهجوم الذي شنته القوات الجوية على ميناء الحديدة في اليمن قبل أسبوعين، والذي تزامن مع إطلاق طائرة مسيرة مفخخة من قبل أنصار الله أصابت مركز تل أبيب.

 

فإذا تعرضت منشآت الطاقة التابعة للکيان الصهيوني للأذى، وواجهت عملية إمداد النفط والغاز صعوبات، فإن الأوضاع داخل الأراضي المحتلة ستصبح أكثر تعقيدًا، ما أثار قلق الصهاينة.

 

من جهة أخرى، ساهم الخوف من هجوم إيران في التأثير السلبي على مؤشر “بورصة إسرائيل”، حيث أفادت وسائل الإعلام العبرية بأنه نتيجةً للتوترات بين الکيان الصهيوني وإيران، أدت عمليات البيع الكبيرة من قبل المستثمرين إلى انهيار بورصة تل أبيب.

 

ووفقًا للتقارير، منذ بداية العدوان العسكري على غزة، والهجمات التي شنها محور المقاومة على الأراضي الفلسطينية المحتلة، تكبدت 45 ألف مشروع تجاري خسائر.

 

ويأتي انهيار الأسهم في البورصة في الأراضي المحتلة، في وقت لم تقم فيه إيران وحزب الله بأي عمل سوى التحذير من الانتقام لدماء شهداء المقاومة، وفي حال تنفيذ عمليات واسعة، من المتوقع أن تلحق أضرار كبيرة بالاقتصاد المتأزم للکيان الصهيوني.

 

على مدار السنة الماضية، وبسبب السياسات الطموحة التي اتبعها المتطرفون في تل أبيب، تراجع العديد من رجال الأعمال اليهود عن الاستثمار في الأراضي المحتلة، وقد اعترفت وسائل الإعلام العبرية بأن أكثر من 80 مليار دولار قد خرجت من “إسرائيل” مع تولي الحكومة المتطرفة برئاسة نتنياهو.

 

وبالتالي، مع تصاعد التوترات وزيادة عدم الاستقرار في الأراضي المحتلة، ستواجه تل أبيب مشكلة هروب رأس المال وتفاقم الأزمات المالية، وهذه القضية ستكون مكلفةً بشكل خاص للجيش، الذي يحتاج إلى دعم مالي، في وقت يستمر فيه الصراع في غزة والجبهة الشمالية.

 

 

تل أبيب تستنجد بالحلفاء

 

سلطات تل أبيب المتشددة، التي تدرك جيدًا أبعاد رد الفعل العسكري الإيراني ومجموعات المقاومة، قد لجأت إلى حلفائها للوقوف بجانب الصهاينة في مواجهة جبهة المقاومة.

 

ووفقًا لمصدر أمني في تل أبيب، فقد صرح في حديث مع القناة 12 العبرية بأن “إسرائيل” تعمل على التنسيق مع الدول الصديقة لرصد أي هجوم إيراني، كما حدث في أبريل الماضي.

 

إن شركاء الکيان الصهيوني يعملون على تعزيز قواتهم في المنطقة لمساعدة تل أبيب في الدفاع عن نفسها، في حال تعرضت لهجوم إيراني، وفي الأيام الأخيرة، صرح المسؤولون في واشنطن بأنهم يسعون لتقليل التوترات في المنطقة، لكنهم أكدوا أنهم سيدافعون عن الکيان الإسرائيلي، ويُقال إن الولايات المتحدة قد أرسلت سفنها الحربية نحو شرق البحر الأبيض المتوسط، وزادت من مستوى تأهب قواتها في الخليج الفارسي.

 

وقال جون كيربي، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، في مقابلة مع قناة إم إس إن بي سي: إنه يجب أخذ تصريحات المسؤولين الإيرانيين بشأن الانتقام من “إسرائيل” على محمل الجد، وقد أثبتت إيران حتى الآن أنها تمتلك القدرة والإرادة للهجوم على “إسرائيل”.

 

كما أفادت صحيفة نيويورك تايمز بأن واشنطن تستعد لإرسال قوات إضافية إلى الشرق الأوسط، خوفًا من نشوب حرب شاملة، وحتى الحكومة الأمريكية طلبت من دبلوماسييها مغادرة “إسرائيل” على الفور.

 

وفي تقرير نشرته صحيفة أكسيوس يوم الجمعة الماضي، أُعلن أن الولايات المتحدة ستبذل قصارى جهدها لاعتراض الهجمات الإيرانية، وأكد المسؤولون الاستخباراتيون الأمريكيون أن على “إسرائيل” أن تستعد لعدة أيام من التتبع للصواريخ الإيرانية، حيث ستكون الهجمات الإيرانية أكبر من حيث الحجم والمدة.

 

كما أفادت هيئة الإذاعة والتلفزيون الإسرائيلية بشأن نوع رد الفعل الإيراني ومجموعات المقاومة: “نتوقع أن تقوم إيران بهجوم واسع النطاق خلال الأيام القليلة القادمة، باستخدام مئات من الصواريخ والطائرات المسيرة، والجميع في حالة تأهب”.

 

وأوضح عمدة تل أبيب في تصريحاته، أن أنظمة الرادار في جميع أنحاء المنطقة، وليس فقط في تل أبيب، متواجدة أيضًا في السعودية، والأردن، وأفريقيا، بما في ذلك الأنظمة المثبتة على السفن الحربية، وکلها في حالة تأهب، وتأتي جميع هذه الإجراءات الاحترازية من الحلفاء العرب لأمريكا و”إسرائيل” لمراقبة أي هجوم محتمل من اليمن نحو تل أبيب”.

 

في عملية “الوعد الصادق” التي جرت ردًا على الهجوم الإسرائيلي على القنصلية الإيرانية في دمشق، تعاونت الدول الغربية مع بعض المتعاونين العرب لاعتراض عدد من الصواريخ والطائرات المسيرة الإيرانية، بهدف تقليل الخسائر لدى الصهاينة.

 

ونظرًا لأن العملية هذه المرة قد تتم من عدة جبهات وبأبعاد أوسع، فإن أنظمة القبة الحديدية وغيرها من أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية ستواجه تحديات كبيرة، لذا لجؤوا مرةً أخرى إلى الدول الغربية وبعض الشركاء العرب في المنطقة، عسى أن ينجوا من هذه المعركة التي أقحموا فيها أنفسهم.

 

وعلى عكس ما يتصوره المسؤولون الصهاينة، فإن الوضع هذه المرة مختلف، حيث قام نتنياهو بتجاوز جميع الخطوط الحمراء التي وضعتها إيران وحزب الله، ما يجعل الخروج من هذا الموقف دون تكبد تكاليف كبيرة أمرًا مستحيلًا، وهو ما قد يهزّ حتى أسس وجود هذا الکيان.

 

دونالد ترامب، مرشح الحزب الجمهوري الأمريكي في الانتخابات الرئاسية، حذّر من أنه في حال خسارته مرةً أخرى في هذه الانتخابات، فإن وجود الکيان الصهيوني سيكون مهددًا، وقد دعا ترامب اليهود الأمريكيين إلى التصويت له في انتخابات نوفمبر، مؤكدًا أنه في حال عدم دعمهم له، فإن “إسرائيل” ستتعرض للدمار على يد أعدائها.