غزة..الأمراض المعدية تطارد الناجين من رصاص الاحتلال الصهيوني

حالات التهاب الكبد الوبائي انتشرت في قطاع غزة وخاصة بين الأطفال، نتيجة نقص النظافة الشخصية والمياه، وتلوّث الغذاء، والاكتظاظ السكاني في مراكز النزوح، وذلك بسبب القيود التي يفرضها جيش الاحتلال الإسرائيلي على كل مقومات الحياة.

2024-08-05

في ظل الصعوبات الكبيرة والقيود المشددة التي يواجهها القطاع الصحي المدمر في القدرة على إدخال الدواء والمعدات الطبية اللازمة للحد من تفشي الأمراض الوبائية والمعدية يستمر تدهور الأوضاع الصحية في غزة فبالأمس شلل الأطفال واليوم التهاب الكبد الوبائي، فقد أثارت القفزة الهائلة لالتهاب الكبد بين أطفال غزة بشكل خاص قلقاً كبيرا، وذلك حسب بيانات وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا التي حذرت من خطر تفشي المرض، بعد أن ارتفعت حالات التهاب الكبد الوبائي “أ” من 85 حالة فقط تم الإبلاغ عنها قبل الحرب، إلى ما يقرب من 40 ألف حالة منذ السابع من أكتوبر الماضي.

 

وحالات التهاب الكبد الوبائي انتشرت في قطاع غزة وخاصة بين الأطفال، نتيجة نقص النظافة الشخصية والمياه، وتلوّث الغذاء، والاكتظاظ السكاني في مراكز النزوح، وذلك بسبب القيود التي يفرضها جيش الاحتلال الإسرائيلي على كل مقومات الحياة.

 

والتهاب الكبد الوبائي “إيه” هو إصابة شديدة العدوى تحدث في الكبد، ويسببها فيروس نتيجة تناول طعام أو شراب ملوّث، أو نتيجة للمخالطة القريبة بشخص حامل للمرض.

 

 

الرعاية الصحية صفر!

 

بعد أكثر من 10 أشهر من العدوان الوحشي على القطاع الجريح أدت القيود الشديدة والحصار الخانق للافتقار إلى أدنى مستويات الرعاية الطبية والتدابير الوقائية، كل ذلك أدى إلى خلق البيئة المثالية لانتشار الاوبئة والأمراض بما في ذلك التهاب الكبد الوبائي وخاصة بين الأطفال في الملاجىء المكتظة التي تعيش فيها الأسر ظروفاً مزرية وغير إنسانية على الإطلاق.

 

فالنازحون الفلسطينيون في القطاع والذين يصارعون آلة الحرب الصهيونية يفتقرون إلى المياه النظيفة ومستلزمات النظافة وإدارة النفايات والصرف الصحي بشكل سليم، ومع استمرار الأزمة بات من الصعب على برنامج الصحة التابع للمنظمة الاستجابة لاحتياجات المرضى.

 

ومن جانب آخر، نقلت صحيفة “نيويورك تايمز” عن منظمة الصحة العالمية أن حوالي 500 من أفراد الطواقم الطبية استشهدوا في غزة خلال الحرب، من مجموع 20 ألفا.

 

وقالت المنظمة: إنه استنادا لتقديرات الحرب، فإن هذه الحصيلة تعني أن العاملين في المجال الطبي في غزة قتلوا واحتجزوا بمعدلات أعلى من سكان غزة بشكل عام، وأكدت أن ذلك يمثل ضربة قاسية لنظام الرعاية الصحية الذي دمرته الحرب، ولأكثر من مرة قالت مؤسسات وبلديات في قطاع غزة: إن الجيش الإسرائيلي يتعمد تدمير شبكات وآبار المياه ومحطات التحلية ما يتسبب بأزمة حادة في توفر مياه الشرب للمواطنين، فضلا عن منع إدخال الوقود الذي بدوره يحد من عمل محطات التحلية المتبقية في القطاع، ولمزيد من التضييق على الأوضاع الإنسانية في القطاع صدّق البرلمان الإسرائيلي (كنيست) بالقراءة الأولى قبل عدة أيام على 3 مشاريع قوانين تقضي بإعلان الأونروا “منظمة إرهابية”، وحظر عملها في كيان الاحتلال الإسرائيلي وسلب الحصانة الممنوحة لموظفيها.

 

 

شح المياه وتلوثها يهددان حياة الأطفال

 

منذ بدأ العدوان الغاشم على غزة وأهلها عاني سكان قطاع غزة من شح مياه الشرب والاستخدام، ما يجعلهم يضطرون إلى استخدام المياه المالحة في الغسيل والاستحمام والتنظيف، وهو ما يشكل مخاطر صحية كبيرة على الغزيين، وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد حذّرت من أن أطفال قطاع غزة يفتقرون لـ 90% من حاجتهم للمياه.

 

وتشير أرقام بلدية دير البلح (وسط قطاع غزة) إلى أن 700 ألف مواطن ونازح معرضون لمخاطر صحية بسبب انقطاع المياه، ومن جهته، يؤكد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أن نحو 700 بئر توقفت عن العمل بسبب استهدافها من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي.

 

فيما دمر الكيان الصهيوني نحو 67% من مرافق المياه والصرف الصحي والبنية التحتية تضررت ، ما أدى إلى النقص الحاد في المياه الأمر الذي يهدد حياة الناس في القطاع الفلسطيني، ومن جهة أخرى وحسب بلدية غزة، فإن الاحتلال الإسرائيلي دمر نحو 126 آلية لخدمة المياه والصرف الصحي، أي ما يعادل 80% من آليات البلدية ولا سيما المتعلقة بجمع النفايات ومعالجة الصرف الصحي وخدمات المياه، ما شكل كارثة صحية مضاعفة في القطاع.

 

وعن التأثيرات الصحية لعدم توافر مياه الشرب النظيفة على الأطفال يشير الأطباء إلى أن أغلب الأطفال هناك يعانون من نزلات معوية مثل الإسهال وأوجاع البطن والقيء والحرارة، بالإضافة إلى انتشار بعض الأمراض في أوساط الغزيين مثل التهاب الكبد الوبائي الذي ظهر في غزة منذ 6 أشهر وتسبب في وفيات، وفيروس شلل الأطفال الذي يعود الآن، رغم انقراضه منذ سنوات.

 

 

أمراض جلدية

 

يعتبر الأطفال في غزة هم الأكثر عرضة لخطر انتقال العدوى المرضية لأنهم يلعبون في الخارج، ويلمسون أي شيء، ويأكلون أي شيء دون غسله ويزيد الطقس الحار من العرق وتراكم الأوساخ التي تسبّب الطفح الجلدي والحساسية، والتي إذا تمّ خدشها تؤدي إلى الالتهابات، وفي هذا السياق أكدت مصادر طبية فلسطينية في قطاع غزة، أن هناك انتشارا واسعا للأمراض الجلدية وخاصة بين الأطفال بسبب جرثومة تصيب الجلد.

 

 

ختام القول

 

تزيد الأمراض والأوبئة التي تفشت في القطاع من معاناة السكان والنازحين الذين نجوا من القصف الوحشي للاحتلال الإسرائيلي، فالحرب الإسرائيلية تسببت بتراكم القمامة في الشوارع ونفاد المواد الصحية والطبية من قطاع غزة، علاوة على فقدان سكان القطاع لأدنى الاحتياجات اليومية والغذاء الصحي والمناسب لهم، الأمر الذي ينذر بكوارث كبرى بعد أن تضع الحرب أوزارها ويبقى السؤال، إن تعافى أطفال غزة من هذه الأمراض والأوبئة الفتاكة كيف سيتعافون من مشاهد الموت التي تحيط بهم من كل جانب؟

المصدر: موقع الوقت