بعد انقطاع التعليم في غزة...

جامعات في القطاع تُفعّل الدراسة عن بُعد

جامعات فلسطينية في قطاع غزة تقرر استئناف الدراسة عن بعد، بهدف مساعدة الطلبة الراغبين باستئناف تعليمهم الجامعي، بعد انقطاع التعليم الجامعي في القطاع لأكثر من عشرة أشهر.

2024-08-06

بعد انقطاع التعليم الجامعي في قطاع غزة لأكثر من عشرة أشهر، وغياب أفق انتهاء العدوان، قررت جامعات فلسطينية في القطاع استئناف الدراسة عن بعد، بهدف مساعدة الطلبة الراغبين باستئناف تعليمهم الجامعي، ووضع تصوّر للعملية التعليمة في حال حدوث تهدئة أو وقف لإطلاق النار.

 

تستيقظ الطالبة بيسان أبو ناصر كل صباح لتمشي عدداً من الكيلومترات بهدف الوصول إلى أقرب مقهى حتى تتمكن من الحصول على خدمة الانترنت وتحميل محاضرات الأسبوع كاملة، مشيرة إلى أنها التحقت ببرنامج ماجستير القانون في جامعة الأزهر قبل العدوان على غزة بعام ونصف، وكانت الأمور تجري على ما يرام، إلى أن أتى الطوفان وتوقفت الحياة بشكل كامل.

 

لم يتبق لبيسان سوى 3 مقررات دراسية ورسالة الماجستير، لذلك عندما أصدرت الجامعة إعلان العودة إلى الدراسة، سارعت بالالتحاق كي تنهي تلك المقررات، متأملة أن تتوقف الحرب عما قريب حتى تتمكن من إكمال الرسالة.

 

تذهب بيسان إلى المقهى برفقة زوجها مروان، والذي يستعد لإتمام دراسة الدكتوراه الخاصة به، لكن ما يشغل بالها هو الامتحانات المقبلة، فهناك هاجس لدى كل غزّي بهجوم بري مباغت لمنطقة سكنه، حتى ولو كان يسكن ضمن الملاجئ الأمنة التي حددتها قوات الاحتلال جنوب وادي غزة، مؤكدة أن من يراهن على صدق الاحتلال خاسر، فالجميع تحت مرمى النار.

 

وكان محمد عبده، طالب الهندسة الإلكترونية في الجامعة الإسلامية قد أبدى ارتياحه في إثر رسالة وصلته على هاتفه الذكي تخبره بإمكانية العودة إلى الدراسة، قائلاً: “سئمت من وقت الفراغ الذي أقضيه من دون أي فائدة، والحسرة التي تتملكني عندما أفتح جهازي اللوحي وأجد نفسي غير قادر على إنجاز بعض الخطوات التي كنت قد أتقنتها بعد قضاء سنوات ما بين الجامعة والدورات التدريبية، خاصة أنني على أبواب التخرج”.

 

يسكن محمد في مدرسة لإيواء للنازحين تكتظ بالأصوات والظروف الطاردة للبيئة التعليمية المناسبة، مردفاً: “ما يشكل ضغطاً لدي هو مصادفة أن يكون مدرس المقرر لا يسكن في القطاع، فيدير من مكانه الآمن العملية التدريسية، واضعاً وقتاً مؤقتاً لحل الاختبار، في ظل مخاطر انقطاع الانترنت، بالتالي احتمال رسوبي بالمادة قائم طوال الوقت”.

 

ويلفت محمد إلى أنه تقدم إلى إدارة الجامعة ببعض الاعتراضات والملاحظات، وهي بدروها أبدت تعاونها مع طلبتها لضمان استمرار نجاح التجربة الأولى، وتشجيع المزيد من الطلبة المتخوفين من العودة مجدداً إلى الدراسة، مع اشتداد وطأة الإبادة الجماعية في غزة يوماً.

 

وعلى عكس سابقيه، أفاد الطالب مصطفى يوسف من جامعة الأقصى بأن وضع الشمال في قطاع غزة غير مستقر، ففي كل يوم هناك نزوح مفاجئ من منطقة إلى أخرى وانقطاع الانترنت لأيام متواصلة، واجداً نفسه عاجزاً عن استكمال دراسته أو حتى التركيز في مضمون ما يطالع، بالتالي انعدام الفائدة من المحاولة برمتها.

 

ومصطفى، كحال العديد من الطلبة في جامعات القطاع، قرروا عدم العودة إلى الدراسة في ظل ضبابية الوضع الحالي، وازدياد التكلفة المادية التي سترهق عائلاتهم، في الوقت الذي تشتد به المجاعة على شمال قطاع، موفراً ثمن شحن الجهاز اللوحي أو بطاقة الانترنت كي يدفعها لعلبة فول تسد جوع العائلة طوال اليوم، مع عدد من أرغفة الخبر إن وجدت في السوق.

 

بدورها، علقت شرين الضاني، المحاضرة وعضو مجلس إدارة الهيئة التدريسية لكلية علم الاجتماع في جامعة الأزهر، أنه بعد أن دمر الاحتلال الإسرائيلي كافة المؤسسات التعليمة في أولى أيام العدوان كان واضح أنه يريد إيصال رسالة للشعب الفلسطيني بمنعه من حقه في مواصلة التعليم، فليس من الصدفة ضرب مواقع الجامعة في الشمال وفي مركز المدينة والجنوب في آن واحد.

 

وتكمل شرين، أنه بعد مرور عدة أشهر من الحرب، ومحاولة الطلبة العودة إلى التعليم، خاصة بعد محاولتهم لتسجيل في جامعة بيرزيت في الضفة الغربية ومواجهتهم عقبات عديدة، أبرزها عدم وجود أشخاص للتواصل والتنسيق معهم، لذلك وجدت الجامعة أنها أولى بتلك المهمة، كونها تعيش ما يعايشه الطلبة وتتفهم المتطلبات والصعوبات القائمة.

 

واستحضرت الجامعة، بحسب شيرين، خطة التدريس في فترة كورونا خاصة أن النظام قائم بالفعل، ويمكن لكل من المحاضرين والطلبة استخدامه والاستفادة منه، بالأخص أولئك الذين على أبواب التخرج، أو من غادروا قطاع غزة بالتزامن مع الهجوم على المدينة المحاصرة، مشيرة إلى أن الجامعة بحاجة إلى تلك الرؤية حتى لو انتهى العدوان، توفيراً للوقت وللاستفادة من العقبات وتذليلها.

 

وتردف أنه ليست جميع المقررات تصلح أن ينهيها الطالب عن بعد، فهناك مقررات عملية تم تأجيلها لإنهائها فيما بعد، وقد اتُخذ القرار بعد إجراء العديد من المقابلات مع الطلبة والاستماع إليهم، لاتخاذ قرار إمكانية التسجيل ضمن مقاعد الدراسة الالكترونية أم لا، تجنباً للرسوب، كما أن العودة ذاتها تم التصويت عليها من قبل الطلبة أنفسهم للتأكد من نجاح الأمر.

 

أما بالنسبة لنظام المؤقت في الامتحانات، فتؤكد أنه تم إلغاؤه حتى يتمكن الطلاب من استكمال امتحاناتهم في ظل انقطاع الانترنت المتواصل، مشيرة إلى أن هناك تسهيلات للطلبة الذين تُقتحم مناطقهم برياً، إذ يمكنهم إعادة اختبارهم مع الحفاظ على دراسة المقرر المتفق عليه كاملاً، وتحديد يوم مناسب للطرفين، مع التأكيد أن التسهيلات لا تعني بالمطلق التساهل مع الطالب أو منحه درجة ليست من حقه.

 

بدوره، أفاد المحاضر في الكلية الجامعية للعلوم التطبيقية حمودة الدهدار، بأنّ تجربة التعليم عن بعد قد تظلم بعض الطلبة بسبب عدم تكافؤ الظروف ما بين الشمال والجنوب أو في المنطقة ذاتها، ولاصطدامهم بالعديد من العقبات، أبرزها تدمير البنى التحتية للكهرباء والانترنت بشكل كلي، وغلاء أسعار الشحن يوماً بعد يوم، مما يعني عدم القدرة على حضور المحاضرات، ومناقشة محتواها لاجتياز الاختبار فيما بعد.

 

وشكك الدهدار بالفائدة العلمية التي قد يحصلونها الطلبة تحت نيران الطيران والمدفعية وقذائف الدبابات، في ظل الحالة النفسية المتردية لقاطني المدينة المحاصرة، لافتاً إلى أن ما يمكن أن تقدمه الجامعة هي إصدار شهادة للطلبة المتخرجين ومناقشة مشاريع التخرج التي أوقفتها الحرب.

المصدر: الميادين

الاخبار ذات الصلة