الاقتصاد الإسرائيلي ..كيف ستكون تأثيرات الحرب الشاملة على اقتصاد متزلزل في الأساس؟

وسط مخاوف من تفجر الوضع الأمني أعلنت العديد من شركات الطيران إلغاء رحلاتها إلى تل أبيب حيث أعلنت شركة “طيران أوروبا” الإسبانية، إلغاء جميع رحلاتها إلى "إسرائيل" حتى الأربعاء المقبل، ليرتفع عدد الشركات التي أقدمت على هذه الخطوة إلى 15.

2024-08-06

في الوقت الذي تتركز فيه الأنظار على التداعيات العسكرية والسياسية والأمنية للاغتيالات الإسرائيلية والرد القادم من قبل محور المقاومة تتعاظم آثار الحرب الاقتصادية بالنسبة إلى كيان الاحتلال الاسرائيلي؛ و على مدى عشرة أشهر ألحقت الحرب على غزة أضرارا جسيمة باقتصاد الكيان المحتل، وكبدت مختلف القطاعات الاقتصادية والتجارية والأسواق وفروع العمل خسائر مالية فادحة، بسبب الإجراءات الاقتصادية المختلفة وسياسات حكومة بنيامين نتنياهو خلال هذه الحرب.

 

وفي هذا السياق لا بد من تحليل تأثير التصعيد الأخير على الاقتصاد الإسرائيلي الذي شهد مؤخراً العديد من التطورات بدءً من إلغاء العديد من شركات الطيران رحلاتها إلى “اسرائيل” و انخفاض قيمة الشيكل الإسرائيلي إلى القاع و تراجع المؤشر الرئيس في بورصة تل أبيب وصولاً إلى الهجوم على المحال التجارية و إخلاء الرفوف من السلع الاستهلاكية.

 

 

حركة طيران متوقفة

 

وسط مخاوف من تفجر الوضع الأمني أعلنت العديد من شركات الطيران إلغاء رحلاتها إلى تل أبيب حيث أعلنت شركة “طيران أوروبا” الإسبانية، إلغاء جميع رحلاتها إلى “إسرائيل” حتى الأربعاء المقبل، ليرتفع عدد الشركات التي أقدمت على هذه الخطوة إلى 15.

 

وتعتبر ”طيران أوروبا” (Air Europa) ثالث أكبر شركة طيران في إسبانيا بعد كل من الخطوط الجوية الإيبيرية وخطوط فيولينغ، وقالت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية: “أعلنت شركة طيران أوروبا الإسبانية إلغاء جميع رحلاتها إلى إسرائيل حتى الأربعاء”.

 

ومن بين الشركات التي أعلنت إلغاء رحلاتها من وإلى تل أبيب وسط تصاعد التوترات بين “حزب الله” وإسرائيل، “لوفتهانزا” الألمانية (حتى 9 أغسطس/ آب الجاري) و”دلتا إيرلاينز ” الأمريكية (حتى 6 أغسطس)، و”يونايتد إيرلاينز” الأمريكية (حتى إشعار آخر).

 

إضافة إلى “بريتيش إيرويز” البريطانية (حتى إشعار آخر)، و”طيران الهند” (حتى 8 أغسطس)، والخطوط الجوية الملكية الهولندية “كي إل إم” حتى 26 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل.

 

بجانب “ويز إير” الهنغارية العملاقة منخفضة التكلفة، التي سيؤثر قرارها، حسب تقديرات، على حوالي 15 ألف إسرائيلي في الأيام المقبلة.

 

ونشرت “يسرائيل هيوم” مقطعا مصورا يظهر مطار بن غوريون وقد بدا خاليا من المسافرين، حيث إنه مع فرضية الحرب في الشمال، فإن مطاري بن غوريون وحيفا، سيكونان ضمن بنك أهداف حزب الله، كما ظهر في الفيديو الأخير الذي يكشف أبرز المواقع الحيوية في كيان الاحتلال.

 

من الجدير بالذكر أن شركات التأمين على الطيران ضد مخاطر الحرب كانت قد أصدرت إخطارا بإلغاء الغطاء التأميني لبعض شركات الطيران التي تتخذ من “إسرائيل” مقرا بسبب الصراع في المنطقة، مع بدء سريان بعض الإلغاءات بالفعل.

 

 

مؤشر بورصة تل أبيب إلى القاع

 

تراجع المؤشر الرئيس في بورصة تل أبيب في بداية التعاملات الأسبوعية ، إلى قاع أبريل/ نيسان 2024، على وقع المخاوف من نشوب حرب ضد حزب الله وإيران.

 

وفي بداية جلسات الأسبوع، تراجع مؤشر (TASE 35) بنسبة 2.3 بالمئة إلى 1937 نقطة وهو أدنى مستوى منذ الأسبوع الأخير لأبريل الماضي، حسب بيانات بورصة تل أبيب.

 

كما فاقم الأداء السيئ لمؤشرات وول ستريت في تعاملات الجمعة، من البداية السلبية لبورصة تل أبيب اليوم.

 

 

احتمالات متوقعة

 

ومع تصاعد الحرب، من المتوقع أن تزداد الضغوط على الاقتصاد الإسرائيلي، وستزيد بالتبعية تكاليف الحرب المباشرة التي تقدر بنحو 42 مليار شيكل (11.66 مليار دولار) مع احتمال تجاوز هذه التقديرات بناءً على مدى التصعيد.

 

وفي حال توسع الصراع ليشمل حزب الله في لبنان بشكل مكثف، من المحتمل أن يتفاقم الضرر، ما سيؤدي إلى تراجع في النشاط الاقتصادي عبر عدة قطاعات رئيسية مثل السياحة والتجارة، وقد تتأثر الصادرات الإسرائيلية هي الأخرى بشدة بسبب الاضطرابات الأمنية، ما يؤدي إلى تراجع في حجم التجارة الدولية، كما قد تواجه “إسرائيل” تصنيفات ائتمانية أقل نتيجة زيادة المخاطر السياسية والاقتصادية، ما سيرفع من تكاليف الاقتراض ويؤثر على قدرتها على جذب الاستثمارات الأجنبية، وقد يؤدي تضرر البنية التحتية بالمناطق المتأثرة لتعطيل الإنتاج والخدمات، ما يبطئ من وتيرة التعافي الاقتصادي.

 

 

توتر وخوف

 

يعيش الكيان أياما لا يحسد عليها من التوتر الذي يفتح الباب لجميع الاحتمالات ففي قطاع الكهرباء على سبيل المثال، كشف الرئيس التنفيذي لشركة نوجا لإدارة أنظمة الكهرباء شاؤول غولدشتاين أن انقطاع الكهرباء في “إسرائيل” لمدة 72 ساعة سيجعل العيش مستحيلا، وأن حزب الله يمكنه أن يضرب الشبكة الإسرائيلية بسهولة، هذه التصريحات التي صدرت عن غولدشتاين الأسبوع الماضي في فعالية اقتصادية، لاقت صدى واسعا وصل حد الدعوة إلى إقالته من منصبه.

 

حيث تعاني حكومة الكيان الإسرائيلي من مشكلة مزمنة في صناعة الطاقة، وهي الفشل في تحقيق أهداف الإنتاج من الطاقة المتجددة التي حددتها الدولة لنفسها، حسب ما أوردته هذا الأسبوع صحيفة غلوبس المختصة بالاقتصاد، كما يعاني الكيان من أزمة مركزية في قطاع الطاقة، وهو ما يجعله عرضة للظلام في حال ضرب هذه المنشآت من جانب حزب الله.

 

أما بالنسبة لقطاع السياحة فبعد 10 أشهر من الحرب على قطاع غزة، يعاني هذا القطاع من تراجع بنسبة 80% بحركة السياحة الوافدة، حسب بيانات مكتب الإحصاء الإسرائيلي.

 

وبلغ عدد السياح الذين زاروا الكيان في الشهور الخمسة الأولى من العام الجاري 400 ألف -بما يشمل الزوار من غير السياح لأغراض العمل على سبيل المثال- نزولا من مليوني سائح خلال الفترة المقابلة من 2023.

 

أما في مجال الزراعة، فما تزال المستوطنات المحاذية لقطاع غزة، أو كما يفضل الإسرائيليون تسميتها بـ”سلة غذاء إسرائيل”، مناطق عسكرية مغلقة، رغم تشجيع الحكومة للمستوطنين هناك بالعودة إلى منازلهم.

 

وتتمثل الأزمة الكبرى، والتي تعاني منها حكومة الاحتلال اليوم، أن مناطق الشمال والتي تتميز بتربتها الخصبة، أصبحت منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي، مناطق عسكرية أو أراضي غير قابلة للاستغلال في ظل القصف المتبادل مع حزب الله.