التعليم عن بُعد.. وسيلة إنقاذ

من الناحية الصحّية فسيتجنّب أضرار الحقيبة المدرسية الثقيلة على العمود الفقري والأكتاف والتي عادة يكون وزنها أثقل من وزن المتعلّم نفسه.

2024-08-09

يُعدّ استخدام المنصات التعليمية – التعليم عن بُعد – وسيلة تعليمية داعمة في ظل أوضاع استثنائية وظروف طارئة، بديلاً جيِّداً حرصاً على سلامة الطلاب ومستواهم التعليمي والتحصيلي بدلاً من تعليق الدراسة والحركة التعليمية.

 

فمن حُسن حظ أبنائنا أنّهم اعتادوا على استخدام التكنولوجيا وأجهزة الحاسوب، لذا يصبح من المناسب لهم هذا النوع من التعليم الذي يوفّر المناهج والمقررات للمراحل الدراسية على الشبكات العنكبوتية بحيث يستطيع الدارس الحصول على المحتوى التعليمي كما أنّه في فصله الدراسي تماماً بأسلوب سلس ومحدّد، خاصّة مع تواجد بعض المعلمين ببث مباشر وتسجيلات مُصوّرة ، فيكتسب المتعلّم كافة المعلومات المتعلّقة بالمادّة وينمّي مهارة التعلم الذاتي لديه ويجعله يعتمد على نفسه، ويستطيع مراجعة دروسه في أي وقت ولعدّة مرّات، فقضاء المتعلّم وقته في التعلّم يبعده عن الاستخدام الضار لشبكة الإنترنت، ويصحح تعامله مع التكنولوجيا ويحفظ عليه وقته من الضياع بما هو غير نافع ومفيد.

أمّا من الناحية الصحّية فسيتجنّب أضرار الحقيبة المدرسية الثقيلة على العمود الفقري والأكتاف والتي عادة يكون وزنها أثقل من وزن المتعلّم نفسه.

 

ولن يقتصر الأمر على الدارس فحسب بل سينعكس إيجاباً على ولي أمره الذي سيسعى بدوره إلى تثقيف نفسه تكنولوجياً حتى يتابع أبناءه من الجانب الدراسي، وكذلك معرفة مستواهم التحصيلي عبر الساعات المكتبية التي تحدّد مع المعلمين.

 

إضف إلى ذلك تقليل تكلفة شراء المستلزمات المدرسية التي أرهقت كاهل ولي الأمر خلال العام الدراسي، فكلّ ما يحتاجه الدارس هو جهاز حاسوب وشبكة اتصال بالإنترنت وهي متوفّرة في كلِّ بيت في زمننا الحالي.

 

هذا وستتعدى إيجابيات استخدام التعليم عن بُعد إلى المستوى البيئي فيخفف بدوره ضغط الازدحام في الطروقات واستهلاك الوقود والتلوث البيئي.

 

أمّا على مستوى الدولة فسيسهم في تخفيض الأعباء المادّية فهذه المنصات تعمل بعدد قليل من المعلمين في مختلف التخصصات وليست مرتبطة بمكان محدّد ولن نكون بحاجة إلى توفير أعداد كبيرة منهم، وبذلك نضمن تخفيف جزء من المصروفات التي ستتكبدها الدولة في حال استجلابهم.

 

إلّا أنّ في مقابل كلّ ما ذكرناه هناك العديد من السلبيات لهذا النوع من التعليم، فمكوث الدارس الطويل وراء الشاشات للتعلّم مضافاً إليه ساعات الترفيه سيؤدِّي إلى مضاعفات صحّية من ناحية، ويخلق جوّ العزلة والرهبة من الاختلاط بالآخر وبالتالي يضعف التواصل مع الأُسرة والمجتمع الخارجي.

 

فضلاً عن غياب جوّ التواصل والتفاعل المباشر بين المعلم والطلاب والمدرسة وممارسة الأنشطة الرياضية والترفيهية، الذي له دور هام في تكوين شخصيات أبنائنا واكتسابهم للمعارف والخبرات الحياتية.

 

وأخيراً.. مهما كانت النتائج إيجابية أم سلبية من وراء التعليم عن بُعد، فهو ليس الأساس ولا البديل الفعلي للتعليم المباشر، بل طريقة مساندة يمكن الاستفادة منها في مواجهة الظروف الطارئة ومستجدات العصر ومتغيراته ووسيلة لإنقاذ العام الدراسي ومستقبل أبناءنا التعليمي.

 

د. غنيمة حبيب كرم

 

الاخبار ذات الصلة