فالعشرات من المصابين بحروق تغطّي نسبة كبيرة من أجسادهم، تزدحم بهم جنبات المستشفى «الأهلي المعمداني» في مدينة غزة، فيما يجتهد ذووهم في محاولات التخفيف عنهم بأي وسيلة. ويمسك الآباء قطعاً كرتونية لتهوئة الجسم المحترق وسط الصراخ، فيما يتنقّل الأطباء والممرضون بين الأسرّة ويوزعون ما هو متوفر من مراهم الحروق.
ووفقاً للممرضة سارة أبو حطب، فإنها لم تشاهد منذ بداية الحرب إصابات كهذه. وتقول : «معظم مصابي مجزرة التابعين، أصيبوا بحروق بنسبة تفوق الـ80%»، لافتة إلى أن «الحروق من الدرجة الثالثة التي اخترقت كل طبقات وأنسجة الجسم ووصلت إلى العظام»، فيما «تحول الإمكانات المحدودة، والشح الحاد في مراهم الحروق الفعّالة والشاش ومغاطس التبريد والمحاليل، دون تقديم الخدمة الطبية المكتملة التي تحتاج إليها الحالات». وتضيف أن «أكثر مصابي المجزرة معرّضون للوفاة في أي لحظة. نحن نحاول التخفيف من آثار الحروق المؤلمة وليس علاجها».
أما الممرض محمد عوض، فقد أكّد أنه وخلال 10 أشهر من العمل المستمر في قسم الاستقبال والطوارئ، شاهد عشرات الآلاف من المصابين بالحروق والبتر، لكنه لم يشاهد بالمطلق مصابين بهذه الشاكلة. ويقول إن «كل الحلول المتوافرة في مستشفيات شمال القطاع غير مجدية، حيث إن المصابين يعانون من التسمم والمضاعفات السريعة»، لافتاً إلى أن «كثيراً ممّن تراهم على الأسرّة بحاجة إلى دخول العناية المركّزة، لكن ضيق الإمكانات يجبرنا على إبقائهم في أقسام المبيت. يُتوفى يومياً عدد من المصابين، فيما لدينا 40 حالة حروق من الدرجات الصعبة للغاية».
وكان جيش الاحتلال قد زعم، في أعقاب اعترافه بارتكاب المجزرة، أنه استخدم فيها قنابل ذكية ومتطورة كي لا تتسبب في إيقاع الأذى بالنازحين أو تدمير المبنى، فيما ذكرت قناة «سي أن أن»، في تحقيق نشرته أخيراً، أن الجيش استخدم «قنابل أميركية ذكية» في تنفيذ الهجوم. ونقلت الشبكة عن خبير الأسلحة، كريس كوب سميث، أن قنبلة «جي بي يو 39» التي تصنعها شركة «بوينغ» هي «ذخيرة عالية الدقة ومصمّمة لمهاجمة أهداف مهمة استراتيجياً»، وقد استُخدمت في عملية مدرسة التابعين. لكن مدير دائرة الإمداد في جهاز الدفاع المدني، محمد المغير، أكّد أن جيش الاحتلال استخدم، في قصف المدرسة والمسجد، ثلاث قنابل أميركية فتّاكة من نوع «أم كي 84» أو «مارك 84» التي تزن أكثر من ألفي رطل (900 كيلوغرام تقريباً) وتصل حرارتها إلى 7 آلاف درجة، وهو ما يفسر حالات الحروق الغريبة التي تتسبب بها.