أفادت وزارة الصحة في القطاع، أول من أمس، بارتفاع حصيلة العدوان إلى 40 ألفاً و5 شهداء و92 ألفاً و401 مصاب، مشيرة إلى وجود نحو 10 آلاف من الشهداء والمفقودين تحت الركام وفي الطرقات، حيث تعجز طواقم الإسعاف والدفاع المدني عن الوصول إليهم. وبناءً على هذه الأرقام، فقد قتل الاحتلال، يومياً، نحو 127 فلسطينياً، خلال 314 يوماً من العدوان، فيما يتضح أن 33% من الشهداء هم من الأطفال، و18.4% من النساء، و8.6% من كبار السن.وفي هذا السياق، يشير المدير العام للمكتب الإعلامي الحكومي في غزة، إسماعيل الثوابتة، إلى أن دولة الاحتلال تمارس خطة ممنهجة لإبادة الشعب الفلسطيني، وإيقاع أكبر قدر ممكن من الضحايا والشهداء، فيما تقوم الإدارة الأميركية بمنحها الدعم المالي والعسكري والأسلحة المحرمة دولياً لتنفيذ هذه الإبادة. ويوضح الثوابتة، في تصريح إلى «الأخبار»، أن 40 ألف شهيد هم من وصلوا إلى المستشفيات وجرى توثيقهم في سجلات الشهداء، «ولكن الرقم أكبر من ذلك، ويصل إلى 50 ألف شهيد بسبب وجود نحو 10 آلاف شهيد ما بين مفقود وعالق أسفل أنقاض المنازل المدمرة». كما يشير إلى وجود 92 ألف مصاب «لا يتلقّون الرعاية الصحية المناسبة لأن جيش الاحتلال يستهدف القطاع الصحي الفلسطيني بشكل ممنهج»، إذ أدى القصف الإسرائيلي المتواصل منذ 7 أكتوبر، بحسب الثوابتة، إلى خروج 34 مستشفى و68 مركزاً صحياً عن الخدمة، فضلاً عن تضرر 162 مؤسسة صحية و131 سيارة إسعاف، وتدمير نحو 80% من مقدرات جهاز الدفاع المدني وإمكاناته، لمنع الأخير من الوصول إلى الجرحى والعالقين، بحسب الثوابتة الذي يلفت أيضاً إلى أن العدو يستهدف كل فئات المجتمع، «فقد قتل 885 طبيباً وممرضاً، و168 صحافياً وإعلامياً، و78 ضابط دفاع مدني، وأكثر من 100 من المفكرين والعلماء وأساتذة الجامعات، وأكثر من 500 معلم ومعلمة من معلمي المدارس، وأكثر من 9000 طالب وطالبة من طلبة المدارس والجامعات، فيما يقبع نحو 5000 معتقل في السجون الإسرائيلية».
وبالتوازي، أحكمت قوات الاحتلال حصارها على قطاع غزة منذ أكثر من مئة يوم، من خلال تدمير معبر رفح، المعبر البري الوحيد لسكان القطاع، ما حرم أكثر من 25 ألف مصاب ومريض يحملون تحويلات طبية من السفر لتلقي العلاج في الخارج، بحسب المسؤول الحكومي. وفيما لا يتلقى نحو 92 ألف مصاب الرعاية الصحية المناسبة، أدت الحرب إلى تزايد حالات الوفاة الطبيعية بسبب انتشار الأمراض ونقص الطعام وسوء التغذية. وفي هذا الإطار، يبين ثوابتة أن عدد الوفيات تضاعف 6.5 أضعاف عن حالات الوفاة الطبيعية التي سجّلت قبل الحرب، علماً أن العديد من المنظمات الأممية كانت قد حذرت من حدوث ذلك.
أحكمت قوات الاحتلال حصارها على قطاع غزة منذ أكثر من مئة يوم، من خلال تدمير معبر رفح.
بدوره، يرى الأمين العام لـ«المبادرة الوطنية الفلسطينية»، مصطفى البرغوثي، أن وصول عدد الشهداء إلى 40 ألفاً «أمر صادم ومروّع ولا مثيل له في التاريخ الحديث، وخاصة أن 60% منهم هم من الأطفال والنساء وكبار السن»، موضحاً، في حديثه إلى «الأخبار»، أن هذا الرقم «يشكل ما نسبته 6% من الشعب الفلسطيني في قطاع غزة». ويستهجن البرغوثي «حالة الصمت الدولي» إزاء هذه الإبادة الممنهجة، بالقول: «عندما يكون الشعب الفلسطيني هو الضحية في معادلة الصراع، فلا نرى من العالم سوى كلام فارغ، فيما وصلت وقاحة البعض إلى حدّ التشكيك في الأرقام»، مضيفاً أن هؤلاء الشهداء «ليسوا مجرد أرقام، بل أشخاص يشكلون حياة وذكريات وأحلاماً». وفيما يشير إلى أن الإدارة الأميركية منحت “إسرائيل” منذ بدء حربها أسلحة بقيمة 45 مليار دولار (45 ألف مليون دولار)، فهو يبيّن أن ذلك «يوازي مليون دولار أسلحة مقابل كل شهيد». ويضيف أن ما يجري يمتد إلى «حرب بيولوجية تنشر الأمراض الخطيرة والمعدية مثل التهاب الكبد الوبائي وشلل الأطفال والأوبئة الجلدية».
وكان المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، فولكر تورك، قد وصف يوم الإعلان عن أعداد الشهداء، بأنه «علامة فارقة قاتمة للعالم». وأضاف، في تصريح، أن هذا الوضع «يرجع بشكل كبير إلى الفشل المتكرر من جانب قوات الاحتلال الإسرائيلي في الامتثال لقواعد الحرب»، داعياً إلى «وقف فوري لإطلاق النار، وإطلاق سراح الفلسطينيين المعتقلين تعسفياً، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني». واعتبر رئيس الوزراء الإيرلندي، سيمون هاريس، بدوره، الأمر «وصمة عار على جبين العالم».
وعلى مستوى الدمار الذي لحق بالبنى التحتية في قطاع غزة، فقد خلّفت الغارات الجوية الإسرائيلية أكثر من 42 مليون طن من الأنقاض، وهو حجم كافٍ لملء خط من شاحنات القُمامة يمتد من نيويورك إلى سنغافورة، بحسب تقرير نشرته الأمم المتحدة، أشارت فيه إلى أن عملية إزالة الأنقاض قد تستغرق سنوات وقد تصل تكلفتها إلى 700 مليون دولار، لافتة، في الوقت نفسه، إلى أن أكثر من 70% من مساكن غزة تعرضت لأضرار جسيمة، إلى جانب المستشفيات والشركات. أما حول تكلفة إعادة الإعمار، فنقلت شبكة «بلومبرغ» عن دانييل إيغل، وهو كبير الاقتصاديين في مؤسسة «راند» البحثية في كاليفورنيا، أن «إعادة إعمار غزة قد تكلف أكثر من 80 مليار دولار».
وعلى رغم كل ما تقدم، تظهر الدلائل الميدانية أن الاحتلال لا يزال عاجزاً عن تحقيق أي من أهدافه المعلنة، ولا سيما القضاء على قدرات «حماس» واستعادة الأسرى من القطاع، حيث لا تزال المقاومة قادرة على تنفيذ عملياتها ضد قواته. في المقابل، يواصل العدو إصدار المزيد من أوامر الإخلاء الجديدة للسكان، والتي من شأنها تقليص المنطقة التي يسمّيها زوراً «المنطقة الإنسانية»، إلى 11% فقط من مساحة غزة، وفق الأمم المتحدة. واستهدفت آخر هذه الأوامر دير البلح وخانيونس، وسط قطاع غزة وجنوبه، حيث ادّعى جيش الاحتلال، في بيان، أنه يتم استخدام «المنطقة الإنسانية» هناك لأنشطة مسلحة وإطلاق قذائف صاروخية، داعياً السكان الموجودين في الأحياء الشمالية لخانيونس وشرق دير البلح إلى «إخلائها مؤقتاً والانتقال إلى المنطقة الإنسانية التي تمت ملاءمتها»، على حد زعمه. وفي هذا السياق، تقول «وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين» (الأونروا) إن 9 من كل 10 فلسطينيين في غزة نزحوا قسراً، منذ بدء العدوان.