العالم الدرزي:

الإمام الرضا(ع) أبرز الناس حفاظاً على كرامتهم

کان الإمام الرضا علیه السلام من أبرز رجال عصره في الحفاظ علی کرامة الناس و حفظ حقوقهم و احترامهم علی اختلاف تنوّعهم و عقائدهم.  و في ذلک ذکر إبراهیم بن العبّاس الحدیث المفضّل في سماحة السیّد ، في حدیثه عنه..

2023-01-15

قال رئيس مدرسة الإشراق الدينية في لبنان الشيخ كامل العريضي في ندوة إلكترونية أقامتها العتبة الرضوية: الکرامة هي حق الفرد في أن تکون له قیمة و أن یُحترم لذاته و أن یُعامل بطریقة أخلاقيّة . الکرامة هي جوهر کل الأخلاقیّات و القوانین و الأنظمة و الدساتیر .

و في شرح مفهوم الكرامة الإنسانية قال: هي تعني أن نعامل الإنسان علی أنّه غایة بنفسه و لیس وسیلة أو أداة فالإنسان لیس شیئا و من هنا وجب التمییز بین مفهوم الإنسان و مفهوم الشيء و هي مبدأ ثابت لاینقص و لایجوز التنازل عنه تحت أي ظرف من الظروف و بأي سبب من الأسباب.  و یعتبر البعض أنّ لمفهوم الکرامة الإنسانیة بعدین إثنین.

وأردف: أولهما موقعه المتمیّز کفرد في المجتمع یستحقّ التکریم و التشریف و یتوجّب علیه الواجبات و احترام الآخرین ، و ثانیهما قیمته الداخلیّة کإنسان مستقل بذاته عن المجتمع. في البعد الأول یتأثر الإنسان بقیم المجتمع و الدین و الأعراف و التقالید التي یعیشها المرء في موطنه ، أمّا في البعد الثاني فیتجاوز البعد الوطني و الإقلیمي إلی النقاط العالمي کفرد في الإنسانيّة حیث تتکون لدیه الکرامة العالمیّة التي تدفعه للدفاع عن قضایا عالمیّة مُحقّة قد تضر البشریّة.

ثانیا الکرامة في القرآن الکریم: مایُمیّز القرآن الکریم لیس أنّه کتاب مقدّس عند المسلمین فقط ، بل مایتضمنه في آیاته الشریفة من قیم و أخلاقیّات و مفاهیم عابرة بحلول الزمان و المکان . و کلّما تقدّم العلم و تطوّر الإنسان یتبیّن له عظمة هذا القرآن و موضوعنا قید المناقشة إحداها. لقد عالجت الکثیر من الآیات الکریمة مفهوم الکرامة الإنسانیّة و هي علی سبیل الإختصار أولا، تکریم الإنسان بأنّه خلیفة الله في الأرض کما قال تعالی « وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا  »

وأشار إلى الشخصية المقدسة للإمام الرضا عليه السلام وقال:  کان الإمام الرضا علیه السلام من أبرز رجال عصره في الحفاظ علی کرامة الناس و حفظ حقوقهم و احترامهم علی اختلاف تنوّعهم و عقائدهم.

و في ذلک ذکر إبراهیم بن العبّاس الحدیث المفضّل في سماحة السیّد ، في حدیثه عنه «  ما رأیتُ و لاسمعتُ بأحد أفضل من أبي الحسن الرضا علیه السلام و شاهدتُ منه ما لم أشاهده من أحد ، مارأیته جفا أحد بکلام قط و لارأیته قطع علی أحد کلامه حتی یفرغ منه و ما ردّ أحد عن حاجة قَدِر علیها و کان دائم التبسّم یبادل السیّئة بالحسنة و کان اذا خلا و نُصبت الموائد اجلس علی مائدته ممالیکه و موالیه حتی البوّاب و السائس و عندما کان یُقال له لماذا لاتفرت لهؤلاء مائدة خاصة ، کان یقول علیه السلام إن الرب تبارك وتعالى واحد والأب واحد والأم واحدة والجزاء بالأعمال».

في إشارة إلى أنّ الكرامة ليس مفهوماً مقتصراً في البشر قال: واسمحوا لي أن أشیر إلی أنّ الکرامة الإنسانيّة و الحفاظ علیها یستجلب الرفق و اللین بالحیوان أیضا لذلک أوصی سیّدنا الشیخ الفاضل أبوهلال محمّد و هو أحد مرجعیّاتنا الدینیّة إنّ في الوصایا من أجل الرفق بالحیوان حیث کان یقول لتلامیذه « علی صاحب الحیوان ثلاثة شروط ، لایجوّعه و لایعطّشه لایحمّله فوق طاقته یجب علیه کسوته فإذا عمل الإنسان حیوانه بهذه الحالات الثلاث أکل تعب حیوانه حلالاً و إن قَصّر في واحدة منها أکل تعب حیوانه مکفولا أي الحرام » و من جملة آدابه رضي الله عنه أنّه کان یُحرّم الدعاء بالضرر حتّی علی الحیوان. أذً الکرامة الإنسانیّة هي مصانة و محفوظة في الدین کما في کثیر من الدساتیر و الشرع الدوليّة و هي الطریق اللنافع للفرد و المجتمع و هذا ماأکّد علیه الأنبیاء الکرام و الأئمة الأطهار و أهل الفضل و العلم و الفکر.