يحدث أن ينصرف ذهنك إلى التفكير بشأن هدف تود بلوغه.. تفكر وتخطط ثم تفكر وتخطط ثم تتخذ القرار (سأنفذ الآن).. (سأنفذ غدا).. يمر الآن ويمر الغد ولا شئ يحدث.. بداية الأسبوع القادم.. الشهر القادم.. العام القادم.. تمر الشهور.. تمر الأعوام.. ولا سفن تبحر إلى جزيرة أهدافك المعزولة.. وربما تفكر في هدفك ولا تقرر شيئا.. فتظل تفكر وتخطط.. وربما تتخذ بعض الخطوات.. لكن سرعان ما تتوقف ولا تواصل المسير.. وربما تقرر من البداية ألا تنفذ.. فيتربع هدفك على عرش مملكة أحلامك المفقودة.. وبينما أنت عالق في وحل أفكارك.. يظهر لك فجأة إعلان السيد إكس.. مدرب النجاح الشهير في مدينتك.. (هيا أقبل، إنها دروس النجاح، دروس الأمل، معنا تحقق أهدافك).. تشعر بحماسة ويدب الأمل فيك من جديد.. تذهب مسرعا وفي يدك دفترك ناشدا وصفة النجاح.. يستقبلك السيد إكس بإبتسامته العريضة.. وبسمت الواثقين يعطيك الوصفة الرائعة من أربع خطوات: حدد هدفك/ إفعل شيئا/ قيم خطواتك/ حاول من جديد.. تشعر بحماسة أكبر.. تنطلق إلى حياتك وتبدأ في التنفيذ: اليوم الأول، الثاني، الأسبوع الأول، الثاني، الشهر الأول، الثاني.. وفجأة تتوقف.. تنظر إلى المرآة وتسأل نفسك.. يا إلهي أين أنا؟ كيف أصبحت؟ لماذا لا أنجح؟!
وصفتك كانت أربع خطوات.. قال لك حدد هدفك فإذ بك الآن ترى ضبابا زاغت فيه كل الأهداف.. قال لك إفعل شيئا.. فإذ بك تفعل وتفعل ولكنه ركض على آلة الركض.. لا يصل بك إلى أي مكان.. قال لك قيم خطواتك.. وإذ بك تشعر بالفشل الذريع.. قال لك أعد المحاولة.. وها أنت تحاول وتحاول.. ولا جديد تحت الشمس.. في كل مرة تعود إلى حيث بدأت.. في كل مرة تعود بخفي حنين.. كلا يا سيد إكس.. لقد أخطأت التقدير.. ما كان عميلك بحاجة لخطة نجاح بقدر حاجته لأن تعلمه كيف يتخلص من موانع النجاح.. كيف يسمح لنفسه بأن ينجح.. كلمة السر كانت ولم تزل.. السماح بالنجاح.
إذا سنحت لك الفرصة يا عزيزي أن تزور مدينة أفكارك العامرة.. ستكتشف أنها مقسومة إلى منطقتين.. الأولى صغيرة جدا وتعرفها جدا تسمى المنطقة الواعية.. والأخرى كبيرة جدا وتجهلها جدا جدا.. تسمى المنطقة اللاواعية.. إن رغباتك تقف خلفها جملة أسباب تدفعك نحوها تسمى الأسباب الدافعة.. وهي تسكن في المنطقة الواعية لديك.. بينما هناك جملة أخرى من أفكار ومعتقدات وسلوكيات معتادة غير متعمدة.. تراكمت داخلك عبر السنين.. تعيقك عن رغباتك وتحول دون نجاحك تسمى بالاسباب المانعة.. وهذه لا تعرف عنها شيئا.. حيث تقبع في المنطقة اللاواعية من إدراكك.. وعندما تقبل على فعل أمر ما.. فإنك حقيقة واقع بين قوتين.. قوة الدوافع وقوة الموانع.. وعقلك أكبر آلة وزن.. يقوم في كل وقت بالموازنة بين القوتين ليتخذ القرار..
فإذا رجحت كفة أسبابك الدافعة انطلقت نحو الهدف.. واذا رجحت اسبابك المانعة امتنعت وتجمدت في مكانك.. وربما تكون قد اتخذت بعض الخطوات واقترب نجاحك.. فإذ بأسبابك المانعة تصرخ في وجهك (قف!).. ما يجعلك تضرب المكابح بعنف.. وتحجم في اللحظات الأخيرة عن بلوغ الهدف.. لأنك تخاف.. تخاف دون وعي من مواجهة الموانع القابعة في غياهب نفسك الداخلية.. ونحن البشر نفعل أي شئ حتى نتجنب الإحساس بالخوف.. إن الإعراض عن النجاح هو ما يحدث عندما يكون رأيك عن ذاتك شديد السلبية.. وتغرق في حديثك الهدام مع نفسك وهرائك العقلي..
ولتدرك أكبر قدر من النجاح.. فأنت بحاجة ماسة للتعرف على محتويات ذلك المخزن السري لأفكارك.. تحتاج لأدوات تمكنك من تعطيل الموانع.. تحتاج لمعرفة ذاتك الحقيقية لتعرف ما يتناسب مع تلك الذات.. إن الناس يعلقون دون نجاح.. لأنهم يريدون بلوغه على مستوى إدراكهم الواعي.. فيما توجد جحافل أسبابهم المانعة في النطاق اللاواعي منه.. نعم.. هناك ملايين من الدولارات تنفق سنويا على برامج النجاح حول العالم.. ولم يزل عدد الناجحين على هذا الكوكب لا يتجاوز نسبة الثلاثة بالمئة.. وذلك لأن أغلب معلمي النجاح قد إفترضوا منذ البداية أن لدينا أسبابا دافعة للنجاح تفوق تلك المانعة لتحقيقه.. إذا كنت تحجم عن النجاح فأنت لا تعاني حقيقة من مشكلة كيف تحققه.
يقول خبير النجاح نواه سانت جون أن السلوك هو تصرف تفعله بدافع شئ آخر.. ولا يتم تغيير السلوك على مستوى السلوك.. أنت لا تفعل شيئا بلا سبب.. لابد من الوصول للدوافع التي تسبب أو تمنع السلوك.. إسأل نفسك: ما هي الخسائر المترتبة على نجاحك في أمر ما؟.. الراحة؟ المال؟ عزة النفس؟ دفء العائلة؟ هل سيكلفك الأمر مواجهة الآخرين؟ كسر خجلك؟ ومن إجاباتك ستعرف ماذا تحتاج.. هل مزيدا من شجاعة الرفض.. هل اكتساب مهارة الطلب.. تحمل المسئولية.. استبدال الأهداف.. التخلص من ركامك العاطفي.. العفو عن ماضيك.. التقدير لحاضرك.. شيئا من التبسيط.. تعلم مهارات جديدة.. وعندما تتخلص من الأسباب الكامنة وراء خوفك.. ستدرك دورك في الحياة.. ستزداد ثقتك بنفسك.. ستسمح لنفسك بجنى المزيد من المال.. ستنعم بعلاقات أفضل مع نفسك ومع الآخرين.. وستشعر بالسعادة والترابط والبهجة والحماس والحب.. بإختصار ستنجح!
عزيزي.. أنت لا تعوق نفسك عن النجاح لأنك تجهل كيف تحققه.. ولكنك تعوق نفسك لأن أسبابك اللاوعية التى تمنعك تفوق أسبابك الواعية التى تحثك عليه. لست بحاجة إلى ما يدلك على النجاح بقدر حاجتك للتخلص مما يمنعك عنه.. حان الوقت لترفع قدمك عن المكابح.. حان الوقت لتنجح.
الاخبار ذات الصلة
- ديسمبر 6, 2024
- ديسمبر 6, 2024
- ديسمبر 3, 2024
- ديسمبر 3, 2024