القناص لم يقتل إرادته؛

فادي ديب .. قصة جريح فلسطيني في الألعاب البارا أولمبية

 لطالما كانت إرادة الشعب الفلسطيني بوصلة للتحدي وتجاوز الألم في مختلف الميادين.

2024-08-31

فعلى مدار عقود من الاحتلال وممارساته الهمجية، لم تنجح أساليبه في قمع الإرادة والأمل، والأمثلة تكفي لملء بر فلسطين وبحرها.

وقصة فادي ديب ما هي إلا طريق سار فيه يافعاً يحمل علم فلسطين في وجه البندقية وهزم الإصابة ليتابع كفاحه في الرياضات الخاصة.

من غزة إلى باريس

==============

في صباح يوم الجمعة من شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2001، كان الشعب الفلسطيني يكتب بدمائه وحجارة أطفاله إحدى صفحات التحرر ويذكرها العالم بـ الانتفاضة الثانية. يومها، كان فادي شاباً غزّياً يرزح تحت قبضة الاحتلال الصهيوني ولم يكن من حيلة للمقاومة حينها سوى التظاهرات والاشتباك مع الآليات العسكرية بحجارة وحديد.

في تلك اللحظة من التاريخ، تغيرت حياة فادي إلى الأبد بفعل رصاصة من قناصة الاحتلال أصابت عموده الفقري حرمته السير طوال حياته.

ابن “حي الشجاعية” لم تنتهِ قصته هنا، فالرصاصة التي تقعدك لن تقتلك، وما زال من الإرادة بقية لمتابعة أحلامه وشق طريقه في الرياضة التي أحبها منذ طفولته.

تابع فادي حلمه في كرسي متحرك، ومارس أنواعاً متعدّدة من الرياضات التي تلائم حالته، بدءاً بكرة الطاولة، ثم بعض ألعاب القوى البدنية، ثم تحول إلى كرة السلة واحترافها.

وكان أول فلسطيني محترف في لعبة كرة السلة في الكراسي، وانتقل إلى أحد أندية تركيا، وتوّج مسيرته الاحترافية بلقب مع نادي أيك أثينا بكرة السلة على الكراسي.

معركة جديدة لإظهار الحقيقة

===============

لم يتغلب العمر والإصابة على فادي، وتابع بعد الثلاثين من عمره مشواره الرياضي، وانتقل إلى رياضات ألعاب القوى، وتخصّص بمسابقة رمي الجلة، ليحظى في عقده الرابع من العمر، بفرصة تمثيل دولة فلسطين في دورة الألعاب البارا أولمبية بباريس 2024، ويحمل شرف رفع العلم الفلسطيني في المحفل الرياضي، بصفته اللاعب الوحيد في البعثة الفلسطينية بعد استشهاد لاعب السباحة البارا أولمبية جهاد التتر، وحرمان سائر اللاعبين من التأهل بفعل الحرب وتدمير البنى التحتية والحصار.

تأتي مشاركة الديب وسط ظروف الحرب الهمجية التي يشنها الاحتلال على الشعب الفلسطيني منذ ما يقارب العام، وطالت هذه الحرب عائلة الديب التي استُشهد منها 17 فرداً.

وفي رسالته التي وجهها إلى غزة والعالم، قال فادي في معرض تصريحات إعلامية: “أطلب إلى الله أن يسمح لي بأن أنقل أصواتكم ورسائلكم ومعاناتكم إلى العالم الذي يرى ويغمض عينيه، وكأن ما يسيل ليس دماً، بل ماء.

وعلى الرغم من المعاناة، فإننا كشعب فلسطيني لدينا أحلام وطموحات وأهداف، والشيء الوحيد الذي نحتاج إليه هو حقوق الإنسان كما في سائر الدول.

امنحونا الحقوق نفسها وليكن هذا العالم مكاناً أفضل، أعيدوا إلينا حقوقنا وأرضنا، لا نحتاج إلى أي شيء آخر، إن الدفاع عن القضية الفلسطينية يعني، قبل كل شيء، الدفاع عن إنسانيتنا”.

يدخل فادي الديب منافسات رمي الجلة البارا أولمبية تصنيف F55 اليوم الاحد الأول من أيلول/سبتمبر المقبل.

الجدير ذكره أن المشاركات الفلسطينية في الألعاب البارا أولمبية بدأت منذ عام 2000 في دورة سيدني، وحصد فيها أبطال فلسطين 3 ميداليات بواقع فضية وبرونزيتين.

 

المصدر: الميادين