المختصة بالشؤون التربوية "فاطمة زين الدين" للوفاق:

الهوية الإسلامية رؤية تأصيلية في ضوء التحديات المعاصرة

خاص الوفاق: في النموذج الغربيّ للأسرة، تنتفي الهويّة والقيم والوظائف والأدوار التي ترسم ملامح المجتمع المتديّن، ويصبح الإنسان مجرّد آلة للإنتاج، ليس إلّا. وقد لعبت الفضائيّات ووسائل التواصل دوراً في تقديم أفكار ونماذج وسلوكيّات، جعلت من التماسك الأسريّ عرضةً للأخطار،

2024-09-07

الوفاق/ خاص

سهامه مجلسي

استطاع النموذج الغربيّ الدخول إلى المجتمعات المتديّنة والدول لأسباب عديدة، من أبرزها: تصديق أنّ ما يمتلكه الغربيّ من نظرة تفوّق لنفسه، وأنّ ثقافته هي التي تتمكّن من انتشال المجتمعات من الظلام إلى رحاب الحضارة والتمدّن.

في النموذج الغربيّ للأسرة، تنتفي الهويّة والقيم والوظائف والأدوار التي ترسم ملامح المجتمع المتديّن، ويصبح الإنسان مجرّد آلة للإنتاج، ليس إلّا. وقد لعبت الفضائيّات ووسائل التواصل دوراً في تقديم أفكار ونماذج وسلوكيّات، جعلت من التماسك الأسريّ عرضةً للأخطار، خصوصاً أنّ هذه الوسائل تشغل حيّزاً كبيراً من حياة الأفراد، وتبعدهم عن الأهتمام بأدوارهم الأسريّة، بما تحمله من مضمون هزيل يسلب الأسرة مكانتها الحاضنة للأفراد والقيم، ويجعل منها مجرّد مكانٍ للمنافع والمصالح الفرديّة، وتلبية الرغبات والشهوات، فأضحى كلّ فرد يبحث فيها عمّا يشبع رغباته هذه، فتخلّى عن الوظيفة الأساسيّة في التربية والتنشئة.

وتعد الحرب الناعمة صامتة بطبعها، فلا يُسمع فيها هدير الطائرات وأزيز القذائف ولا حتى أصوات توغل المشاة، أي أنها لا تُحدث ضجيجاً. وبالتالي هي متفلتة من القانون الدولي الذي يدور في إطار حل النزاعات ومفاوضات السلام والهدنة ووقف الأعمال الحربية، بل هي “جيل جديد” من الحروب يتسم بالضبابية والتعقيد، وفي هذا الصدد اجرت صحيفة الوفاق حوارا مع المختصة بالشؤون التربوية فاطمة زين الدين وفيما يلي نص الحوار:

 

في حياة حافلة بالمواقف والشخصيات والأحداث العاصفة التي حدثت في مجتمعاتنا… ماذا علَّمتك الحياة؟

 

الحياة هي دار اختبار وامتحان، حين ننظر للموضوع من هذا الجانب يسهل علينا حينها ان نرى الحياة الدنيا بنظرة مختلفة تساعدنا على تخطي الصعاب والتحديات التي من الممكن ان يمر بها الجميع دون استثناء. وهنا يأتي دور الدين او الحوار الديني والانغماس بالجانب الديني الذي يساعدنا على التعامل مع مواقف الحياة بخلفية اسلامية والأسلام كان واضحاً بتناول كافة الجوانب الحياتية، كما ان القرآن الكريم والسيرة النبوية ومناهج أهل البيت الحياتية التي نستخلصها من سيرتهم واحاديثهم الشريفة توصلنا الى خلاصة وهي أن هذا الدين شامل ولا حاجة لمصادر اخرى لنعرف كيف نتعامل مع الحياة.

 

 

 ما تقييمكم لجدوى ما يسمى بالحوار الدينـي، وهل هو مجرد محاولة لتخدير المسلمين؟

 

بالنسبة لتحديث وتجديد الأسلام فكما تم الذكر في المقدمة بأن القرآن الكريم وحياة أهل البيت هما المصدر الأساس والمرجع الأساس لنحصل على العلوم اللازمة فان مراجعنا العظام هم امتداد لنهج أهل البيت عليهم السلام، وبما ان القرآن هو مرجع شامل وعام وتناول كافة الجوانب فهو كذلك وهذا من اعجازه انه مناسب لكافة الازمنة، اما بالنسبة لبعض التفاصيل المستجدة فهنا دور العلماء العظام الذين يعملون على مواكبة الأحداث والتغيرات لتتماشى الأحكام مع واقعنا مع الحفاظ على قيم ثابتة مبني عليها الاسلام.

 

 وسط التلوث الإعلامي والحرب على القنوات؛ ما هو السبيل إلى النجاة من طوفان الغزو الثقافي والإعلامي الضاغط؟

 

في ظل الحرب الناعمة وبث الكثير من الأفكار المشبوهة، وغير المناسبة، والتي بظاهرها تدعم نظريات اسلامية الا أن بين طياتها خطر يحيط بالمجتمعات. لذلك من واجبنا في هذا الشأن ان نختار بعناية ما يمكن مشاهدته ومتابعته على قنوات التلفاز او الإذاعات او حتى صفحات وسائل التواصل الأجتماعي التي تلعب الدور الأكبر والأهم في هذه المرحلة الحساسة. هذه المرحلة تحتاج الى وعي استثنائي والى ثبات فعلي على ارض الواقع بالقول والفعل.

 

 برزت في عصرنا مؤسسات تربوية زاحمت الأسرة في التربية؛ فهل من سبيل لأن تستعيد الأسرة دَوْرَها المنشود في التأثير والتربية الجادة؟

 

لا مجال لأن يكون هناك بديل عن الأسرة، وهذا ما أكد عليه الاسلام حين تناول كافة جوانب الأسرة، أهميتها، دورها، دور كل فرد من افرادها. وعليه فان المؤسسات التربوية على اختلافها لا يمكن ان تكون بديلا بل هي عامل مساعد للأهل لذلك. ومن هنا تكون المسؤولية كبيرة على عاتق الأهل لتحديد المناهج المعتمدة في هذه المؤسسات. هل هي متناسبة مع قيمنا الإسلامية؟ هل تسير مع الأهل بخط متوازي ام انها تتعارض معهم ببعض النقاط؟ هل تشجع على الحرية بشكل فيه تفريط؟ أم انها معتدلة فلا افراط ولا تفريط؟ من ينتمي الى هذه المؤسسة؟ عندما يجيب الأهل عن هذه التساؤلات ويطمئنوا للاجابات فيمكن ان تكون هذه المؤسسات داعمة، والا فستكون مصدر خطر في العملية التربوية.

 

 

 في عصر العولمة والانفتاح الثقافي والمعلوماتي، هل من سبيل للحيلولة دون وقوع أولادنا فريسة لطوفان الغزو الثقافي الغربي المدمر؟

 

هنا نعود للتأكيد على فكرة وعي الأهل والمتابعة والمراقبة. نحن نربي ابناءنا على القيم الحميدة، ونعطيهم الحب اللازم لكي نكون المؤثر الأول والأكبر بحياتهم، ونكون نحن نموذجا صالحا في سلوكنا وهذه الثلاثة هي المنهج التربوي الخاص بالسيدة الزهراء(ع)، من بعد ذلك يجب ان نكون واعين لكل التحديات من تأثير وسائل التواصل الى رفاق السوء والبيئة التي ممكن ان تكون غير سليمة. ولذلك يتطور دور الأهل تحديداً في مرحلة المراهقة للمراقبة والحذر والتوجيه الدائم بمحبة وحزم.

 

 

ما تقيمكم للدور الذي تقوم به القنوات الفضائية الإسلامية في الدعوة والتربية؟

 

الكثير من القنوات الفضائية تلعب دوراً ايجابياً خاصة اذا اعتادت الأسرة على نمط حياة يلتزم بمتابعة هذه القنوات والبرامج تحديداً بالمناسبات الدينية. هذا يساعد في بناء وتعزيز الجانب الروحي والمعنوي عند ابنائنا. هذا العمر الذي يسهل عملية التربية ويخلق رادعا معينا لدى ابنائنا تجاه الانجراف وراء المغريات. الأبناء دائما بحاجة الى رادع نفسي لأننا كأهل لا نرافقهم بشكل دائم، وهذه القنوات ببرامجها العبادية وفقراتها الغنية تخلق هذا الرادع باذن الله.

 

 

الهجمة الغربية الشرسة المنظمة على ثوابتنا باتت أمراً مستفِزاً لا يطاق؛ فما تفسيركم لهذا العداء للإسلام والمسلمين؟

 

الهجمة الغربية على ثوابتنا ما هي الا حرب ومعركة يرغب الغرب من خلالها السيطرة على أفكار ابنائنا، تغيير هذه الأفكار بما يتناسب مع مصالحهم. العالم بأجمعه يتجه نحو نظام رأسمالي علماني يشجع عليه الكثير من المجتمعات، وفي هذا النظام ما يتعارض مع القيم الاسلامية. وبالتالي فالاسلام وحالة التدين لا تناسب الغرب الذي يرغب بتدمير مجتمعاتنا ثقافيا ومن الثقافة ينطلق الى السيطرة على كافة افراد المجتمع، وبطبيعة الحال فان تغيير حضارة مجتمع تبدأ من الشباب ولذلك التركيز في هذه الهجمة هو على الشباب اليوم. الحرص واجب والتحصين واجب والمواجهة كذلك واجبة.

 

 

إزاء ظاهرة فقدان الهوية الإسلامية والذوبان في ثقافات وعادات وافدة، ما أسباب ذلك، وكيف يكون العلاج؟

 

لا اعتقد بأن من يمتلك بناء قويا ومتينا لهويته الأسلامية ممكن ان يتأثر بالثقافة الغربية او يتغلغل بها. هذه الثقافة تحمل شعارات رنانة ومؤثرة كالسم في العسل، ولذلك في هذه المرحلة ان تحصين الأبناء هو الأساس والأستعانة بالدعاء لحفظ ابنائنا من كل المواجهات الزائفة التي تطال الجميع، والهوية الإسلامية رؤية تأصيلية في ضوء التحديات المعاصرة،

هنا دور الأهل لا يقتصر على الحديث مع ابنائهم حول هذه المخاطر بل في اشراكهم في برامج وانشطة وفعاليات على ارض الواقع لتتعزز لديهم ثقافتنا التي نريد ان نزرعها ونثبتها، والتي اوصى بها اسلامنا الحنيف. وبذلك نصنع من ابنائنا جبهات وحصن منيع في مواجهة الغرب وافكاره.